العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسام القـرآن والسنـة قسـم السنـة النبويـة
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

 
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي ما معنى حديث: ‏الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار ؟
قديم بتاريخ : 01-10-2016 الساعة : 10:15 PM

ما معنى حديث : ‏الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ وبارك الله في جهودكم وجعلها في ميزان حسناتكم
ما معنى هذا الحديث : قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: ‏الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء مِن الجفاء ، والجفاء في النار ؟
وجزاكم الله خيرا

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

معناه : أن الحياء شُعبة مِن الإيمان ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : الحياء شعبة من الإيمان . رواه البخاري ومسلم .
ولأن الحياء لا يأتي إلاّ بِخير ؛ فقد مَرّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهُ ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : مَرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رَجُل وهو يُعَاتِب أخَاه في الْحَياء يقول : إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضَرّ بِك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دَعْه ، فإن الحياء من الإيمان .
قال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ .

وما كان مِن خِصال الإيمان ، وكان علامة على الإيمان ؛ فإنه يَقود صاحبه إلى الجنة ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : والإيمان في الجنة .

قال ابن الأثير : " الحياء مِن الإيمان " جَعل الحياء ، وهو غريزة ، من الإيمان ، وهو اكتساب ؛ لأن المستحيي ينقطع بِحيائه عن المعاصي ، وإن لم تكن له تَقيّة ، فصار كالإيمان الذي يَقطَع بينها وبينه ، وإنما جَعله بعضه لأن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به ، وانتهاء عمّا نَهَى الله عنه ؛ فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان . اهـ .

وقال الطِّيبِي : قوله : " والإيمان في الجنة " جَعَل أهل الإيمان عَيْن الإيمان ، دلالة على أنهم تَمَحَّضُوا منه ، وتَمَكّنوا مِن بعض شُعَبه الذي هو أعلى فَرْع منه ، كما جُعل الإيمان مَقَرًّا ومُبَوّأ لأهله في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) لتَمَكّنهم مِن الإيمان واستقامتهم عليه . اهـ .

ولأن الحياء يَحجُز عن كل فعل قبيح ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن مما أدرك الناس مِن كلام النبوة الأولى : إذا لم تَستح فاصنع ما شِئت . رواه البخاري .

قال ابن الأثير : فيه إشعار بأن الذي يردع الإنسان عن مُواقعة السوء هو الحياء ، فإذا انْخَلَع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة ، وتَعاطي كل سيئة . اهـ .

وقال ابن دقيق العيد : قوله صلى الله عليه وسلم : " الحياء من الإيمان" معناه : أنه لَمّا كان يمنع صاحبه مِن الفواحش ، ويَحْمِل على البر والخير ، كما يمنع الإيمان صاحبه مِن ذلك ويَحْمِله على الطاعات ؛ صار بِمَنْزِلة الإيمان ، لِمُسَاواتِه له في ذلك . اهـ .

وعكس ذلك : البَذاء الذي هو مِن الْجَفاء .

قال ابن الأثير : البَذاء بِالْمَدّ : الفُحش في القَول . وفلان بَذيّ اللسان .
وقال : والجفاء : ترك الصِّلة والبِرّ . اهـ .
وقال المناوي : أي : الطرد والإعراض ، وترك الصِّلة والبِرّ . اهـ .

وقال القاضي عياض : وفي حديث المتعة : " إنّك لَجِلْفٌ جَافٍ " هما بمعنى ، كَرّر اللفظ للتأكيد ، أي : مُتباعِد عن الصِّلَة ، وفَعل الجميل ، ورِقّة الطَّبْع . اهـ .

وقال النووي : والجافي هو الغليظ الطبع ، القليل الفَهم والعلم والأدب ؛ لِبُعْدِه عن أهل ذلك . اهـ .

وقال الملاّ علي قارئ : والبذاء : بِفتح الباء ، خِلاف الحياء ، والناشئ منه الفحش في القول ، والسوء في الخلق . " مِن الجفاء " : وهو خلاف البِرّ الصادر منه الوفاء . " والجفاء " أي : أهله التارِكُون للوفاء ، الثابتون على غَلاظة الطبع ، وقساوة القلب . " في النار " : إمّا مُدّة ، أو أبدا ؛ لأنه في مُقابل الإيمان الكامل ، أو مُطْلَقه ؛ فَصَاحِبه إمّا مِن أهل الكُفْران ، أو الكُفْر . اهـ .

فالفُحش في القَول ، وترك الصِّلة والبِرّ ؛ مِن القسوة والغِلْظَة ، وهذه تقود صاحبها إلى النار – نسأل الله السلامة والعافية - ، ولذا كان " الجفاء والغِلْظَة في النار " ، أي : صاحب الجفاء والملازِم له ؛ لا يُعطي مِسكينا , ولا يَعطِف على فقير ، ولا يَرحم صغيرا ، ولا يُوقِّر كبيرا ، ولا يَصِل قريبا ، ولا يَعرف لذي حقّ حقّه .

والله عزَّ وجَلّ لا يُحب الفاحش ولا بَذِيء اللسان .

وما اختار الله عزَّ وجَلّ لِنبِيِّه صلى الله عليه وسلم إلاّ أكمل الأخلاق وأفضلها وأعلاها .
قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : لم يَكُن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحِشا ولا مُتَفَحِّشا . رواه البخاري ومسلم .

وروى البخاري مِن طريق عطاء بن يسار قال : لَقيت عبدَ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قلت : أخبرني عن صِفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صِفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحِرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سَمّيتُك المتوكل ، ليس بِفَظّ ولا غَليظ ، ولا سَخّاب في الأسواق ، ولا يَدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر .

ولذا : كان أقرب الناس إلى صاحب الْخُلُق العظيم ، أصحاب الأخلاق الْحَسَنَة .
قال عليه الصلاة والسلام : إن مِن أحَبّكم إليّ وأقربكم مِنِّي مَجْلِسًا يوم القيامة أحَاسِنكم أخلاقا . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .

وإنما تُمْدَح الأخلاق الفاضلة ، وتُذمّ الأخلاق المرذولة ؛ لِيَتخلّق المسلم بِكُلّ خُلُق فاضل ، ويتجنّب كل خُلُق مرذول .

قال ابن القيم : وهو سبحانه وتعالى رَحيم يُحب الرحماء، وإنما يَرْحَم مِن عباده الرحماء، وهو سِتِّير يُحب مَن يَستر على عباده ، وعَفوّ يُحِبّ مَن يعفو عنهم ، وغفور يُحِبّ مَن يَغفر لهم ، ولطيف يحب اللطيف من عباده ، ويُبغض الفظّ الغليظ القاسِي الجعظري الجوَّاظ ، ورفيق يحب الرفق ، وحليم يُحب الْحِلم ، وبَرٌّ يُحِب البِرّ وأهْله ، وعَدْل يُحِب العدل ، وقابل المعاذير يُحب مَن يَقبل معاذير عباده ، ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجودا وعدما ؛ فمَن عَفا عَفا عنه ، ومَن غَفَر غَفَر له ، ومَن سامَح سامَحه ، ومن حاقَق حاقَقَه، ومَن رَفَق بعباده رَفَق به ، ومَن رَحِم خلقه رَحِمه ، ومَن أحسن إليهم أحسن إليه ، ومَن جَاد عليهم جَاد عليه ، ومن نفعهم نفعه ، ومَن سَترهم سَتره ، ومَن صَفَح عنهم صَفَح عنه ، ومَن تَتَبَّع عورتهم تَتَبَّع عورته ، ومَن هَتَكَهم هَتكه وفَضَحَه ، ومَن مَنعهم خيره منعه خيره ، ومن شاق شاقّ الله تعالى به ، ومَن مَكَر مَكَر بِه ، ومَن خادَع خَادَعَه ، ومَن عامَل خَلْقَه بِصِفة عامَلَه الله تعالى بتلك الصفة بِعَيْنِها في الدنيا والآخرة .
فالله تعالى لعبده على حَسب ما يكون العبد لِخَلْقِه . اهـ .

ويَتّفِق العقلاء على أن خِصال الخير والبِرّ والصِّلَة والرحمة بالْخَلْق : مِن أعظم أسباب النجاة في الدنيا قبل الآخرة ، ولذا اسْتَدَلّت خديجة رضي الله عنها بِجَمِيل خِصال النبي صلى الله عليه وسلم على أن الله لا يُخْزِيه ، فهدّأت رَوعه بِقولها : كلا . أبشِر ، فو الله لا يُخْزِيك الله أبدا ، والله إنك لَتَصِل الرَّحم ، وتَصْدق الحديث ، وتَحمل الكّلّ ، وتَكْسِب المعدوم ، وتُقْري الضيف ، وتُعين على نوائب الحق . رواه البخاري ومسلم .


وسبق الجواب عن :
كلمة عن صِفة الحياء ومعناها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11992

ما معنى قوله تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14614

ما حكم تساهل المرأة في فُحش الكلام ؟ وما هي صفات المسلمة التقيّة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18454

ومقالات بعنوان :
تَمْـشِي عَلَى استِحيَـاء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6402

الآداب مع جناب الوهاب
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9250

ظاهرة الفُحش والتفحّش ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7660

لكن قلبك في القساوة جازَ حدّ الصخر والحصباء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7861

والله تعالى أعلم .

محرم 1437 هـ


رد مع اقتباس
 

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما الفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق ؟ والثمرة المترتبة على ذلك؟ راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 06-09-2016 01:57 PM
صحة حديث عن شفاعة أهل الجنة لبعض أهل النار ناصرة السنة قسم أراشيف الفتاوى المكررة 0 03-09-2012 05:28 AM
ما معنى الإيمان بالقدر؟وهل الإنسان مسير أو مخير؟ محب السلف قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 21-02-2010 11:29 PM
أحس بضعف الإيمان لا أدرى مالسبب وأريد الجنة؟ راجية العفو إرشـاد الشـبـاب 0 21-02-2010 02:00 PM
صحة حديث عن شفاعة أهل الجنة لبعض أهل النار ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 21-02-2010 10:56 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 10:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى