|
|
المنتدى :
قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس
نشرت موقِعًا إباحيًا وندمت وتُبت وأخشى أن لا تُقبَل توبتي
بتاريخ : 07-11-2012 الساعة : 11:34 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته , أطال الله عمرك شيخنا وأدامك في خدمة الإسلام وبعد : يا شيخ قبل فترة وفي لحظة ضعف إيمان أعطيت شخصا عنوان موقع إباحي بعد أن ضللني واعتقدت أنه فتاة , ولكن بعد خروجي من مقهى الانترنت تذكرت عظم ذنبي وحاولت جاهدا البحث عن هذا الشخص بواسطة برنامج "سكايب" الذي تحادثنا بواسطته لكنني لم أجده , والآن كلما عزمت على التوبة النصوح تذكرت هذا الذنب وانتكست على رأسي وخفت ألا تقبل توبتي فأعدل عنها في كل مرة , ولكنني حاولت تدارك الأمر فقمت و لا أزال بتحميل كل ما أستطيع من دروس و مواعظ وفلاشات و محاضرات وغيرها حول المواقع الإباحية وخطرها على الدين و حتى الصحة , و سأقوم بنشرها في أكبر عدد من المنتديات والمدونات طمعا في التكفير ولو قليلا عن ذنبي و إيصال هذه المادة لأكبر عدد من المشاهدين علها تساهم في إرشادهم وهدايتهم , فهل يمكن أن يكون هذا مما سيكفر عن ذنبي , وهل هناك من طرق أخرى للتكفير -علما أن الشخص ليس من دولتي و يعيش في دولة أخرى- ؟؟
أغثني يا شيخ , أرجوك يا شيخ فرج عن قلبي قليلا , والله أنا في ظلمة .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
قد قَرَن الله عزَّ وَجَلّ بين التوبة والإصلاح في مواضع كثيرة .
والتوبة تهدم ما قبلها .
وفي الحديث : الندم توبة . رواه الإمام أحمد .
وما تفعله أنت مِن إصلاح وإرشاد ونَشْر للخير ، هو مِن باب " إن الحسنات يُذْهِبن السيئات . وقد قال عليه الصلاة والسلام : إذا أسأت فأحسن . رواه الإمام أحمد .
ولا يتلاعب بك الشيطان ، فتَتْرك التوبة بسبب ذلك الذَّنْب ، فإن الإنسان قد يعمل الذَّنْب فيكون سَبَبًا في دخوله الجنة !
وتذكرت الآن مَقُولَة للصحابي الجليل أبي أيوب رضي الله عنه ، إذ قال : إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ، يَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، وَيَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ وَقَدْ أَخْطَرَتْهُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَفْرَقُ مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ آمِنًا .
وأخرى للتابعي الجليل سعيد بن جُبير رحمه الله ، إذ قال : إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا ، وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ ، فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا .
وثالثة لأبي حَازِمٍ رحمه الله إذ قال : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ مَا عَمِلَ حَسَنَةً قَطُّ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ مَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَطُّ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْهَا .
ومِن نِعْمة الله على العَبد : أن يتذكّر الذنْب ، وأن يُكثِر مِن الأعمال الصالحة ؛ لأن الحسنات تُذهب السيئات
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه - في يوم صُلح الحديبية - : فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ فَقُلْتُ : أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا ؟
قَالَ : بَلَى .
قُلْتُ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟
قَالَ : بَلَى .
قُلْتُ : فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا ؟!
قَالَ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي.
قُلْتُ : أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ ؟
قَالَ : بَلَى ، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ ؟
قَالَ : قُلْتُ : لا !
قَالَ : فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ .
قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَ عُمَرُ : فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالا . رواه البخاري .
وضِدّ ذلك : نسيان الذّنْب ، الذي يُؤدّي إلى نسيان العبد نفسه ، بل وجَهَالة قَدْرِه .
قال ابن القيم رحمه الله وهو يَذكُر عقوبات الذّنُوب :
وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا : أَنَّهَا تُنْسِي الْعَبْدَ نَفْسَهُ، وَإِذَا نَسِيَ نَفْسَهُ أَهْمَلَهَا وَأَفْسَدَهَا وَأَهْلَكَهَا.
فَإِنْ قِيل َ: كَيْفَ يَنْسَى الْعَبْدُ نَفْسَه ؟ وَإِذَا نَسِيَ نَفْسَهُ فَأَيُّ شَيْءٍ يَذْكُرُ ؟ وَمَا مَعْنَى نِسْيَانِهِ نَفْسَهُ ؟
قِيلَ: نَعَمْ يَنْسَى نَفْسَهُ أَعْظَمَ نِسْيَانٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) .
فَلَمَّا نَسُوا رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ نَسِيَهُمْ وَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) .
فَعَاقَبَ سُبْحَانَهُ مَنْ نَسِيَهُ عُقُوبَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَسِيَهُ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَنْسَاهُ نَفْسَهُ .
وَنِسْيَانُهُ سُبْحَانَهُ لِلْعَبْدِ : إِهْمَالُهُ ، وَتَرْكُهُ ، وَتَخَلِّيهِ عَنْهُ ، وَإِضَاعَتُهُ ، فَالْهَلاكُ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنَ الْيَدِ لِلْفَمِ .
وَأَمَّا إِنْسَاؤُهُ نَفْسَهُ ، فَهُوَ : إِنْسَاؤُهُ لِحُظُوظِهَا الْعَالِيَةِ ، وَأَسْبَابِ سَعَادَتِهَا وَفَلاحِهَا ، وَإِصْلاحِهَا ، وَمَا تَكْمُلُ بِهِ بِنَسْيِهِ ذَلِكَ كُلِّهِ جَمِيعِهِ فَلا يَخْطُرُ بِبَالِهِ ، وَلا يَجْعَلُهُ عَلَى ذِكْرِهِ، وَلا يَصْرِفُ إِلَيْهِ هِمَّتَهُ فَيَرْغَبُ فِيهِ ، فَإِنَّهُ لا يَمُرُّ بِبَالِهِ حَتَّى يَقْصِدَهُ وَيُؤْثِرَهُ .
وَأَيْضًا فَيُنْسِيهِ عُيُوبَ نَفْسِهِ وَنَقْصَهَا وَآفَاتِهَا ، فَلا يَخْطُرُ بِبَالِهِ إِزَالَتُهَا .
وَأَيْضًا فَيُنْسِيهِ أَمْرَاضَ نَفْسِهِ وَقَلْبِهِ وَآلامَهَا ، فَلا يَخْطُرُ بِقَلْبِهِ مُدَاوَاتُهَا، وَلا السَّعْيُ فِي إِزَالَةِ عِلَلِهَا وَأَمْرَاضِهَا الَّتِي تَئُولُ بِهَا إِلَى الْفَسَادِ وَالْهَلاكِ ، فَهُوَ مَرِيضٌ مُثْخَنٌ بِالْمَرَضِ ، وَمَرَضُهُ مُتَرَامٍ بِهِ إِلَى التَّلَفِ ، وَلا يَشْعُرُ بِمَرَضِهِ ، وَلا يَخْطُرُ بِبَالِهِ مُدَاوَاتُهُ ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ .
فَأَيُّ عُقُوبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ أَهْمَلَ نَفْسَهُ وَضَيَّعَهَا، وَنَسِيَ مَصَالِحَهَا وَدَاءَهَا وَدَوَاءَهَا، وَأَسْبَابَ سَعَادَتِهَا وَفَلاحِهَا وَصَلاحِهَا وَحَيَاتِهَا الأَبَدِيَّةِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ ؟
وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَوْضِعَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ أَكْثَرَ هَذَا الْخَلْقِ قَدْ نَسُوا حَقِيقَةَ أَنْفُسِهِمْ وَضَيَّعُوهَا وَأَضَاعُوا حَظَّهَا مِنَ اللَّهِ ، وَبَاعُوهَا رَخِيصَةً بِثَمَنٍ بَخْسٍ بَيْعَ الْغَبْنِ ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَهُمْ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَيَظْهَرُ هَذَا كُلَّ الظُّهُورِ يَوْمَ التَّغَابُنِ ، يَوْمَ يَظْهَرُ لِلْعَبْدِ أَنَّهُ غُبِنَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ لِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ ، وَالتِّجَارَةِ الَّتِي اتَّجَرَ فِيهَا لِمَعَادِهِ ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَتَّجِرُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لآخِرَتِهِ .
وهنا :
أمارس العادة السرية وأشاهد المواقع الإباحية ، وكل ما تُبت عُدت للذنب فهل توبتي مقبولة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7900
احْمِل عَنّي ذَنْبًا
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5862
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|