السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل لدي سؤال وإعذرني على كثرة أسألتي لكننا بحاجه إلى العلم :
سؤالي ياشيخ هل يجوز في الدعاء الإلحاح أكثر من ثلاث مرات
كأن يقول يارب ادخلني الجنه او اغفرلي ويكررها 10 مرات او أي عدد أم هذا بدعه ؟
لأني قرأت أن سنة الرسول ان يدعو الشخص ثلاثا.
فأنا ياشيخ أطيل في الدعاء والتضرع فإن ذلك يدخل على قلبي سرور وانشراح فأتأمل كلمات الدعاء اكثر بكثرة تكرار الدعوه فتخرج من قلب .
وهل يجوز أن يلح العبد بأسماء الله مرات كثيره كأن يقول :
ياعظيم ياكريم
ياعظيم ياكريم ياعظيم ياكريم ياعظيم ياكريم ياعظيم ياكريم
أدخلني الجنه أدخلني الجنه أنت أكرم الأكرمين انت أكرم الأكرمين وأنت الراحمين
فهل في مثل هذا الدعاء اعتداء او بدعه؟
ولو كان الشخص مستمرا بهذه الصيغه كل يوم ؟
وياشيخ أثناء قراءتي الفاتحه للرقيه أكرر الآيات أكثر من مره كأن أقول(إهدنا الصراط المستقيم) وأكررها وأتمعن كلماتها وفي نيتي طلب الهدايه وطلب الشفاء فهل يجوز ذلك ياشيخ ؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا دَعَا ثَلاَثًا . وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاَثًا . كما في صحيح مسلم .
قال النووي : فيه استحباب تكرير الدعاء ثلاثا . اهـ .
وهذا لا يَعني الاقتصار على الثلاث ، بل لو زادّ فهو مِن باب الإلحاح على الله .
ويدلّ على التكرار والزيادة عن الثلاث ما جاء في قصة هَدْم ذِي الْخَلَصَة ، وفيها أن جرير بن عبد الله رضي الله عنه بَعث رجلا يُبشِّر النبي صلى الله عليه وسلم بِهَدْم الصنم ، فلمّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جَمَل أجْرب ! قال : فَبَرَّك النبي صلى الله عليه وسلم على خَيل أحْمَس ورِجالها خَمْس مرَّات . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر في فوائد هذه القصة : وأنه كان يدعو وِترا ، وقد يُجاوز الثلاث ، وفيه تخصيص لعُموم قول أنس : " كان إذا دعا دعا ثلاثا " ؛ فيُحْمَل على الغالب ، وكأن الزيادة لمعنى اقتضى ذلك . اهـ .
ويُشرَع تكرار الدعاء والإلحاح على الله فيه ، فإن الله عَزّ وَجَلّ يُحِبّ الْمُلِحّين في الدعاء ، مع الإجمال في الطَّلَب ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا اللّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطّلَبِ ، فَإِنّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتّقُوا اللّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطّلَبِ . خُذُوا مَا حَلّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ .
فإن معنى " أجمِلوا في الطلب " : اعتدلوا ولا تُفرِطوا فيه ، وأن لا يتكلَّف الإنسان في ذكْر تفاصيل الدعاء التي يُكتَفَى عنها بالإجمال .
وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ألِظُّوا بِـ يا ذا الجلال والإكرام . رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى والحاكم ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . وصححه الألباني والأرنؤوط .
قال ابن الأثير : معنى ألِظوا : إلْزَمُوه ، واثْبُتوا عليه ، وأكْثِروا مِن قَوله والتلفّظ به . اهـ .
وقد أثنى الله على خَليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأنه أوّاه (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : الأوَّاه : الذي يُكثِر الدُّعاء . رواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير في التفسير .
وتكرار الدعاء ، واللَّهَج بأسماء الله الحسنى في الدعاء عَمِل به السلف .
وقد روى ابن بشكوال في كتاب " المستغيثين بالله " بِسَنَدِه إلى الليث بن سعد قال : حَجَجْتُ سنة ثلاث عشرة ومائة ، فأتيت مكة ، فلما أن صَلّيت العصر رَقيت أبا قُبيس ، فإذا أنا بِرَجُل جالس وهو يدعو ، فقال : يا رب يا رب حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رَبّاه حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رب حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا الله يا الله حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا حي يا حي حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رحيم حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا ارحم الراحمين حتى انقطع نفسه .
وفي آخر القصة سأل الليث عن هذا الدَّاعِي ، فقيل له : جعفر بن محمد (الصادق) .
وذَكَره ابن الجوزي في " صِفة الصفوة " .