العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب قسم الخُطب المنبرية
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة عن آثار الذنوب
قديم بتاريخ : 24-08-2015 الساعة : 08:07 AM

الْحَمدُ للهِ مُعِزِّ مَن أطاعَه ، ومُذِلِّ مَن عصَاه .
والصلاةُ والسلامُ على نبيِّه ومُصطفَاه ، وعلى آله وصحبه ومَن والاه .
أمَّا بعدُ :
فإنَّ للطَّاعةِ مِنَ البركةِ ما يَبْقَى حتى بعدَ موتِ صاحِبِها ، كما قَالَ سبحانَهُ : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا) .
وفي قصةِ موسى معَ الخَضِرِ : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) .

وإنَّ للمعصيةِ ضررًا وشؤمًا يَلْحَقُ صَاحِبَها ولو بَعدَ الموتِ ، كما قَالَ سبحانَهُ عنْ آلِ فرعونَ: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)
وقَالَ تعالى عنْ بني إسرائيلَ : ( فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) .

قَالَ ابنُ القيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ :
هَلْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ إِلاَّ سَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي ؟
ما الذي أخرجَ الأبوينِ مِنَ الجنّةِ دارِ النَّعيمِ والبهجَةِ والسرورِ ، إلى دارِ الآلامِ والأحزانِ والمصائبِ ؟
وما الذي أخرجَ إبليسَ مِنْ ملكوتِ السماءِ وطَرَدَه ولَعَنَه ، ومَسَخَ ظاهرَه وباطنَه فَجَعَلَ صورتَهُ أقبحَ صورةٍ وأشنَعَها ، وباطِنَه أقبحَ مِنْ صورتِه وأشْنَعَ ، وبُدِّلَ بالقربِ بُعدًا وبالرحمةِ لَعْنَةً ، وبالجمالِ قُبْحًا ، وبالجَنَّةِ نارًا تلظى ، وبالإيمانِ كُفرا ، وبِموالاةِ الوليِّ الحميدِ أعظمَ عداوةٍ ومُشاقّةٍ ، وبِزَجَلِ التسبيحِ والتقديسِ والتهليلِ زَجَلَ الكفرِ والشِّركِ والكَذِبِ والزورِ والفُحْشِ ، وبِلِبَاسِ الإيمانِ لِبَاسَ الكفرِ والفسوقِ والعصيانِ ، فهانَ على اللهِ غايةَ الهوانِ ، وسَقَطَ مِنْ عينِهِ غايةَ السقوطِ ، وحَلَّ عليه غضبُ الربِّ تعالى فأهْوَاهُ ، ومَقَتَهُ أكبرَ المقتِ فأرْدَاهُ ، فَصَارَ قَوّادًا لكُلِّ فاسقٍ ومُجرمٍ . رَضِيَ لنَفْسِهِ بِالقيادةِ بَعْدَ تِلْكَ العِبادةِ والسِّيادةِ ! فَعِيَاذًا بِكَ اللهمَّ مِنْ مخالفةِ أمرِك ، وارتِكَابِ نَهْيِك .
وما الذي أغرقَ أهلَ الأرضِ كلَّهُم حتى علا الماءُ فوقَ رؤوسِ الجبالِ ؟ وما الذي سَلَّطَ الريحَ على قومِ عادٍ حتى ألقتْهُم مَوتى على وجهِ الأرضِ كأنَّهُم أعجازُ نخلٍ خاويةٍ . ودَمَّرَتْ ما مَرَّتْ عليه مِنْ ديارِهم وحروثِهم وزروعِهم ودوابِّهم ، حتى صاروا عبرةً للأممِ إلى يومِ القيامةِ ؟
وما الذي أرْسَلَ على قومِ ثمودَ الصيحةَ حتى قَطّعَتْ قلوبَهم في أجوافِهم ، ومَاتوا عَنْ آخِرِهِم ؟
وَمَا الذي رَفعَ قُرى اللوطيةِ حتى سَمِعَتْ الملائكةُ نَبِيحَ كلابِهم ، ثُمَّ قَلَبَهَا عَليهِم فَجَعَلَ عاليَها سافِلَها فَأهَلَكَم جميعا ، ثم أتْبَعَهُم حجارةً مِنَ السماءِ أمْطرَها عليهم ، فَجَمَعَ عليهم مِنَ العُقوبةِ ما لم يَجْمَعْهُ على أُمّـةٍ غيرِهم ؟ ولإخوانِهِم أمثالُها ، وما هيَ مِنَ الظالمينَ ببعيد .
وما الذي أرسلَ على قومِ شُعيبٍ سحابَ العذابِ كالظُّلَلِ فلما صَارَ فوقَ رؤوسِهِم أمْطرَ عَليهِم نارًا تلظى ؟
وما الذي أغْرقَ فِرعونَ وقومَه في البحْرِ ، ثم نَقَلَ أرواحَهم إلى جهنمَ ؛ فالأجسادُ للغَرَقِ ، والأرواحُ للحَرَقِ ؟
ومَا الذي خَسَفَ بِقارونَ ودارِهِ ومالِهِ وأهلِه ؟
وما الذي أهلكَ القرونَ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ بأنواعِ العقوباتِ ودمَّرها تدميرا ؟
وما الذي بعثَ على بني إسرائيلَ قومًا أُولِي بأسٍ شديدٍ فجاسُوا خلالَ الديارِ ، وقَتَّلُوا الرِّجَالَ ، وسَبَوا الذراريَ والنِّساءَ ، وأحرَقُوا الديارَ ونَهَبُوا الأمَوالَ ، ثم بَعَثَهُم عَليهِم مرةً ثانيةً فأهْلَكُوا ما قَدَرُوا عليه ، وتَبَّرُوا ما عَلَو تتبـيرا ؟ اهـ .
إنَّها الذنوبُ المهلكاتُ . قَالَ سبحانَهُ: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ) وقَالَ عَزّ وَجَلّ : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) .
وَصَدَقَ اللهُ : (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) .

رَوَى الإمامُ أحمدُ في الزُّهدِ عَنْ جُبيرِ بنِ نُفيْرٍ قَالَ : لَمَّا فُتِحَتْ قبرصُ فُـرِّقَ بين أهلِها فبكى بَعضُهم إلى بعضٍ ، ورأيتُ أبا الدرداءِ جالسًا وَحْدَه يَبْكي ، فَقُلتُ : يا أبا الدرداءِ ! ما يُبْكِيكَ في يومٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه ؟ قَالَ : ويحَك يا جبيرُ ؛ ما أهْونَ الخلقَ على اللهِ إذا أضاعوا أمرَه . بينا هِيَ أمةٌ قاهرةٌ ظاهرةٌ لَهُمُ الملكُ ، تَرَكُوا أمْرَ اللهِ فَصَارُوا إلى ما ترى .

عبادَ الله :
لَيسَ هُناكَ أحدٌ بَيْنَه وَبَيْنَ اللهِ نَسَبٌ ، ولِذا قَالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: مَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يَسرِعْ بِهِ نَسَبُهُ . رَوَاهُ مسلمٌ .
فَعَمَلُ المسلمِ هُوَ حَسَبُه وَنَسَبُه ، وَهُوَ فَخْرُهُ وَشَرَفُه في الدُّنيا والآخِرَةِ ، وبِهِ نجاتُه وسلامَتُه .

أيّها المؤمنون :
إنَّه لو لَمْ يكُنْ مِنْ شُؤمِ المعصيةِ إلا أنَّ صَاحِبَها وإنْ مَضَى في الغابرينَ ، وذهَبَ في الذّاهبينَ لا يَزالُ يُكتبُ عليه إثْمُها ، ويَجري عليه عَذابُها ، إذا كانتْ متعديةً .
قَالَ النبيُّ ﷺ : لا تُقْتَلُ نفسٌ ظُلْما إلاَّ كانَ على ابنِ آدمَ الأولِ كِفلٌ مِنْ دمِهَا ؛ لأنَّه أولُ مَنْ سَنَّ القتلَ . رَوَاهُ البخاريُّ ومسلمٌ .

وَمِثْلُهُ : آثامُ الْمُغنّينَ والمُغنّياتِ ، ومَنْ يَنشُر السُّوءَ والكَذِبَ ، وسائرُ أهلِ المعاصي الذين لا تزالُ معاصِيهُم بينَ الناسِ عَبْرَ الوسائلِ المرئيةِ والمسموعةِ ، فإنَّه كُلما اْسْتَمَعَها مُسْتَمِعٌ أو شاهَدَها مُشاهِدٌ كُتِبَ عَليهِم مِثْلُ آثامِ مَنْ استمعَ أو شاهَدَ ، ويتوبُ اللهُ على مَنْ تَابَ .
يدلُّ على ذلِكَ قولُهُ ﷺ : مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ . رَوَاهُ مسلم .

عبادَ الله :
إن للمعصيةِ أثارًا يُرِيها اللهُ عِبادَه لعلهم ينتهون .
قال الله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ نُقْصَانُ الْبَرَكَةِ بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ كَيْ يَتُوبُوا .
وَقِيلَ: الْفَسَادُ الْقَحْطُ وَقِلَّةُ النَّبَاتِ وَذَهَابُ الْبَرَكَةِ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ : ومِنْ آثارِ الذنوبِ والمعاصي أنها تُحدِثُ في الأرضِ أنواعا مِنَ الفسادِ في المياهِ والهواءِ والزرعِ والثمارِ والمساكنِ .
وقال : وَكُلَّمَا أَحْدَثَ النَّاسُ ظُلْمًا وَفُجُورًا، أَحْدَثَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الآفَاتِ وَالْعِلَلِ فِي أَغْذِيَتِهِمْ وَفَوَاكِهِهِمْ، وَأَهْوِيَتِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ، وَأَبْدَانِهِمْ وَخَلْقِهِمْ، وَصُوَرِهِمْ وَأَشْكَالِهِمْ وَأَخْلاقِهِمْ مِنَ النَّقْصِ وَالآفَاتِ مَا هُوَ مُوجَبُ أَعْمَالِهِمْ وَظُلْمِهِمْ وَفُجُورِهِمْ . اهـ .
وإنَّ مِنْ شؤمِ المعصيةِ ما يلي :
أولاً: أنَّ المعصيةَ تُورِثُ صاحِبَها وحشةً في القلبِ ، وتَكونُ سببًا في حِرْمانِ العِلْمِ والتوفيقِ
وذلِكَ أنَّ القَلبَ بيْتُ الربِّ – تعظيما وإجلالاً – فإذا عُمِّرَ بَغيرِ ذِكْرِ مولاه أظلَمَ ، وبِقَدْرِ إعراضِ العبدِ عنْ ذِكْرِ اللهِ يكونُ لَديهِ مِنَ الضّنْكِ وضيقِ الصّدرِ وانقباضِ النَّفْسِ ، وإنْ انطَلَقَ صاحبُها في الحياةِ فَهُوَ غيرُ سعيدٍ ، لأنَّ التّقيَّ هُوَ السعيدُ .
قال ابنُ عباسٍ رضيَ اللّهُ عنهما : إنَّ للحسنةِ نورا في القلبِ ، وزَيْنا في الوَجْهِ ، وقوةً في البَدَنِ ، وَسِعَةً في الرِّزْقِ ، وَمحبةً في قلوبِ الخلْقِ ، وإنَّ للسيئةِ ظُلمةً في القلْبِ ، وشينا في الوَجْهِ ، وَوَهْنا في البَدَنِ ، ونقصا في الرِّزْقِ ، وبُغْضَةً في قلوبِ الخلقِ .

ثانيا : أنَّ صاحِبَ المعصيةِ تَلعنُه حتى البهائمَ ، بِخَلافِ صاحِبِ الطاعَةِ .
قَالَ مجاهدٌ في تفسيرِ قَولِه تعالى : (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ) قَالَ : إنَّ البهائمَ تلعنُ عصاةَ بني آدمَ إذا أشتدّتِ السنةُ وأمْسَكَ المطرُ ، وتقولُ : هَذَا بشؤمِ معصيةِ ابنِ آدمَ .
ولَمّا مُرَّ على النبي ﷺ بِجَنَازةٍ قال: مستريحٌ ومُستراحٌ منه" قَالُوا : يا رسولَ اللهِ مَا المستريحُ والمستراحُ مِنهُ؟ فقَالَ : العبدُ المؤمنُ يَستريحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنيا ، والعبْدُ الفَاجِرُ يَستريحُ مِنهُ العِبادُ والبلادُ والشَّجَرُ والدَّوابُ" رواه البخاري ومسلم .

ثالثا : حِرْمانُ الطاعةِ ، وذلك أنَّ الطاعةَ قُربةٌ إلى الْمَلِكِ الديَّانِ ، فَلا يَجِدُ عبدٌ لذةَ الطاعةِ إلا بابتعادِهِ عنِ المعصيةِ ، ولِذَا قَالَ سُبْحانَه في المنافقينَ : (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) .
قَالَ الفضيلُ : إذا لمْ تقْدِرْ على قيامِ الليلِ ، وصيامِ النهارِ ، فاعلمْ أنَّكَ مَحرومٌ مُكبَّلٌ كبَّلتْكَ خطيئتُكَ .
وقَالَ شابٌ للحسنِ البصريِّ : أعياني قيامُ الليلِ ، فقَالَ : قيَّدتْكَ خطاياك .
قِيلَ لِوُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ: يَجِدُ حَلاوَةَ الْعِبَادَةِ مَنْ يَعْصِي اللهَ؟ قَالَ: لا ، وَلا مَنْ هَمَّ بِالْمَعْصِيَةِ .

رابعا : أنَّ المعاصيَ سببٌ لِهوانِ العبدِ على ربِّه وهوانِه على الناس، فلا عِزّةَ إلا في طاعةِ العزيزِ سبحانَه .
وكَتَبَتْ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا إلى معاويةَ : أمَّا بَعْدُ ، فإنَّ العامِلَ إذا عَمِلَ بمعصيةِ اللهِ عَادَ حامِدُه مِنَ النَّاسِ ذامًّا .
قَالَ الحسنُ البصريُّ عَنِ العُصاةِ : هانُوا عليهِ فَعَصَوه ولو عـَزُّوا عَليْهِ لَعَصَمَهُم.
وقَالَ مُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ : إنَّ الرَّجُلَ ليَذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَجِدَ لَهُ في قَلْبِهِ وَهْـنا .
وقَالَ الفضيلُ بنُ عِياضٍ : ما يؤمِّنُكَ أنْ تَكونَ بارزتَ اللهَ تعالى بِعَمَلٍ مَقَتَكَ عليه فَأغْلَقَ عَنْكَ أبوابَ المغفرةِ وأنْتَ تَضْحَكَ .
وقَالَ الحسنُ : ما عصى اللهَ عبدٌ إلا أذلَّهُ اللهُ .
وقال المعتَمِرُ بنُ سليمانَ : إنَّ الرّجُلَ ليُصيبُ الذَّنْبَ في السِّرِّ فيُصبِحُ وَعَليْهَ مَذلَّتُهُ .
قَالَ عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ :
رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوبَ
وقـد يورِثُ الذُّلَّ إدمانُـها
وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ
وخيـرٌ لنفسِكُ عِصيانُـهـا

خامسا: أنَّ المعصيةَ إذا أحاطَتْ بِصاحبِها أدخَلَتْهُ النارَ ، قَالَ سُبْحَانَهُ : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وإنَّ الذنوبَ إذا اجتَمَعتْ أهلكتْ صاحِبَها ، كَمَا قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : إياكُمْ وَمُحقِّراتِ الذنوبِ، فإنَّهنُّ يَجتمعْنَ على الرَّجُلِ حتى يَهلِكْنَهُ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ .
قال ابنُ القيِّمِ :
واعلمْ أنَّ العقوباتِ تَختلِفُ ؛ فتارّةً تُعَجَّلُ ، وتَارّةً تؤخَّرُ ، وتارَّةً يَجمعُ اللهُ على العاصِي بينَهما ، وأشدُّ العقوباتِ العقوبةُ بِسَلْبِ الإيمانِ ، ودونَها العقوبةُ بِمَوْتِ القلْبِ ، وَمَحْوِ لَذَّةِ الذِّكْرِ والقِراءةِ والدُّعَاءِ والمناجَاةِ مِنْه ، وربّما دَبَّتْ عقوبةُ القلبِ فيه دَبِيبَ الظُّلْمَةِ إلى أنْ يمتلئَ القلبُ بِهما ، فتَعْمَى البصيرةُ ، وأهونُ العقوبةِ ما كَانَ واقعا بالبَدَنِ في الدنيا ، وأهونُ منها ما وَقَعَ بالمالِ ، ورَبما كانتْ عقوبةُ النَّظَرِ في البَصِيرَةِ أو في البَصَرِ أو فيهما. اهـ .

سادسا : أنَّ الذنوبَ تخونُ صاحبَها في أحْلَكِ الظروفِ ، وأصْعبِ المواطِنِ ، خَاصَةً عِنْدَ الموتِ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ : وَمِنْ عقوباتِها - أيِ المعاصِي - أنَّها تخونُ العبدَ أحوجَ ما يكونُ إلى نفْسِهِ ، وثَمَّ أمرٌ أخْوفُ مِنْ ذلِكَ وأدْهَى وأمرُّ ، وهُوَ أنْ يَخونَهُ قلبُهُ ولِسَانُهَ عِنْدَ الاحتضارِ والانتقَالِ إلى اللهِ تعالى، فَربما تعذَّرَ عليه النُّطقُ بالشَّهادَةِ . اهـ.
وَهَلْ تُهزمُ الجيوشُ ، وتَذِلُّ الأممُ إلاَّ بالذنوبِ والمعاصِي .
وَهَلْ أصَابَ الصحابةُ مَا أصَابَهم يومَ أُحُدٍ وحُنينٍ إلاَّ بِشؤمِ الْمُخالَفةِ ؟
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ، (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) .
فهؤلاءِ الأخيارُ الأبرارُ أصَابَهم ما أصَابَهم بذنبٍ واحِدٍ ، فَمَا بالُ مَنْ جَمَع المئينَ
يا نَاظِرًا يرنو بِعينيّ راقــدِ
ومُشاهِدًا للأمْرِ غيرُ مشاهِدِ
تَصِلُ الذنوبَ إلى الذنوبِ وتَرتَجِي
دَرْجَ الجنانِ ونَيْلَ فوزِ العابِدِ
أنسيتَ ربَّكَ حِينَ أَخْرَجَ آدَمَـا
مِنْهـا إلى الدُّنيا بِذنبٍ واحِدِ
قال عبدُ اللهِ بنُ المدينيِّ : خَرَجْنَا مع إبراهيمَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حسنٍ ، فَعَسْكَرْنا بِبَاخَمْرا ، فطُفْنا ليلةً ، فَسَمِعَ إبراهيمُ أصواتَ طنابيرَ وغِنَاءٍ ، فَقَالَ : ما أطْمَعُ في نَصْرِ عَسْكَرٍ فيه هذا !

وقَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رَحِمَهُ اللهُ : لَمَّا ظَهَرَ النِّفاقُ والبِدَعُ والفجورُ المخالِفُ لِدِينِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ سُلِّطتْ عليهمُ الأعداءُ فَخَرَجَتِ الرومُ النصارى إلى الشامِ والجزيرةِ مرةً بَعْدَ مرةٍ ، وأخذوا الثغورَ الشاميَّةَ شيئا بَعْدَ شيءٍ إلى أنْ أخذوا بيتَ المقْدِسِ في أواخِرِ المائةِ الرابعةِ ، وَبَعْدَ هذا بمدةٍ حاصروا دِمَشْقَ ، وَكَانَ أهلُ الشامِ بأسوأِ حالٍ بينَ الكُفَّارِ النَّصارى والمنافقينَ الملاحدةِ إلى أنْ تَولّى نورُ الدِّينِ الشهيدِ وَقَامَ بما قَامَ بِهِ مِنْ أمْرِ الإسلامِ وإظهارِهِ والجهادِ لأعدائِهِ . اهـ .

سابعا : أنَّ الذنوبَ مِنْ أعظمِ أسبابِ ذهابِ البَرَكةِ مِنَ الأموالِ ، بَلْ ومِن حياةِ النَّاسِ عموما .
ففي صحيحِ مسلمٍ مِنْ حَديثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ وما يَكونُ بَعْدَهُ مِن خُروجِ يأجوجَ ومأجوجَ ، ثمَّ قَالَ :
ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ : أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ .
وقد أثَّرتْ المعاصي حتى في الحجَرِ الأسودِ .
وفي الحديثِ : " نَزَل الحجرُ الأسودُ مِنَ الجَنَّةِ وَهُوَ أشدُّ بياضا مِنَ اللبَنِ ، فَسَوّدتْهُ خطايا بني آدمَ " . رَوَاهُ الترمذيُّ ، وَقَالَ : حَديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ : ومِنْ تأثيرِ معاصِي اللهِ في الأرضِ مَا يَحِلُّ بها مِنَ الخَسْفِ والزلازلِ ويَمحَقُ بركَتَهَا ... وقَدْ ذَكَرَ الإمامُ أحمدُ في مُسنَدِهِ في ضِمْنِ حديثٍ قَالَ: وُجِدتْ في خزائنِ بعضِ بَني أميةَ حِنطةٌ الحبةُ بِقَدْرِ نواةِ التمرةِ ، وهي في صُرةٍ مكتوبٌ عليها : كَانَ هذا يَنْبُتُ في زَمَنٍ مِنَ العدلِ .

ثامنا : أنَّ الذنوبَ تُغطِّي القلبَ ، حتى تَنقِلَبَ عليهِ الحقائقُ ، فلا يَعْرِفُ معروفًا ولا يُنكِرُ مُنكَرًا .
قَالَ ﷺ : تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا ، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ ، مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا ، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ . رَوَاهُ مُسلِمٌ .

وقال ابن مسعود : إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُنْكَتُ حَتَّى يَصِيرَ قَلْبُهُ لَوْنَ الشَّاةِ الرَّبْدَاءِ . رواه ابنُ أبي شيبة .

وتَكونُ الذنوبُ بِمثابةِ الغِطاءِ على القلبِ ، فلا يَذكُرُ اللهَ عَزّ وَجَلّ ، ولا يَتَذَكّرُ الدَّارَ الآخِرَةَ ، فيُحْجَبُ قَلبُه في الدُّنيا عَنْ رَبِّه ، ثُمَّ يَحجِبُه ربُّهُ جلّ جلاله عنْ رؤيةِ وجهِهِ الكريمِ : (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ) .

تاسعا : أنَّ الذُّنوبَ والمعاصيَ سَبَبٌ في زوالِ النِّعَمِ
قَالَ سُبْحانَهُ وبِحَمْدِهِ : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)

عاشرا : وَمِنْ شُؤمِ المعصيَةِ أنَّها تَكونُ سببًا في عذابِ القبرِ ، فَقَدْ مَرَّ النبيُّ ﷺ على قَبْرَيْنِ فقَالَ : أمَا إنَّهُما ليُعذَّبَانِ وَمَا يَعذَّبَانِ في كبيرٍ ، ثمَّ قَالَ : بَلَى ؛ أمَّا أَحَدُهُما فَكَانَ يَمشي بالنميمةِ ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَولِهِ . رَوَاهُ البُخاريُّ وَمُسلِمٌ .


الخطبة الثانية :

ومِنْ عقوباتِ المعاصي في الآخِرَةِ :
ما يَكونُ مِن عذابِ المتكبّرينَ ، قَالَ ﷺ:‍ يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ . رَوَاهُ أحمدُ والترمذيُّ ، وهُوَ حَديثٌ حَسَن .
وَثَمَّةَ سؤالٌ يَرِدُ أحيانًا : لماذا يَتَنعَّمُ الكفّارُ في هذه الحياةِ الدنيا ، ولا تُصيبُهم هذه العقوباتُ ؟
وجوابًا عنه أقولُ :
أولا : لا يَخفى على كلِّ ذي لُبٍّ ما يُصيبُهم مِنْ كوارِثَ وزلازِلَ وأعاصِيرَ وفيضاناتٍ وغيرِها مِما هُوَ مُشاهَدٌ وواضِحٌ .
ثانيًا : أنَّ الكُفَّارَ عُجِّلتْ لهم طيّباتُهم في هذه الحياةِ ، قَالَ الحقُّ تَبَارَكَ وتَعَالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) .
وصحَّ عنِ النبيِّ ﷺ أنَّهُ قَالَ : الدُّنيا سِجْنُ المؤمنِ، وَجَنَّةُ الكافِرِ . رَوَاهُ مسلِمٌ .
وإذا كَانَ الأمرُ كذلِكَ فإنَّ الكُفَّارَ يَعيشونَ جَنّتَهُم في هذه الحياةِ الدُّنيا ، وما يُصيبُهم مِنْ أمراضٍ وكوارِثَ وغيرِها إنّما هِيَ بَعْضُ عقوباتِهِم ، بخلافِ المسلمِ فإنَّ ما يُصيبُهُ في هذه الحياةِ الدُّنيا إنما هو كَفّارةٌ لذنوبِهِ وتمحيصٌ ةرِفْعةٌ لِدرجاتِه .
وقَالَ النبيِّ ﷺ : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا . رَوَاهُ مسلمٌ .
واللهُ سُبْحانَهُ وتعالى لا يَظْلِمُ مِثقَالَ حَبةٍ مِنْ خَرْدَلٍ : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
وما يُصيبُ الناسُ مِنْ مَصائبَ وكوارِثَ وأمْرَاضٍ إنما هُوَ بِمَا كَسبتْ أيديهِم ، وَهُوَ مُؤاخذةٌ لَهم بِبَعْضِ مَا كَسَبوا ، كَمَا قَالَ سُبحانَهُ : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) .

جمادى الآخرة - 1434 هـ

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جُمعة عن .. (آثار قسوة القلب) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 02-12-2015 09:43 PM
محاضرة ( آثار الذنوب على الفرد والمجتمع ) محب السلف قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 20-03-2010 07:42 PM
محاضرة ( آثار المعاكسات ) راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 09-03-2010 11:16 PM
آثار في الاستغاثة!!! ناصرة السنة قسـم العقـيدة والـتوحيد 1 08-03-2010 06:19 PM
بخصوص فتوى آثار الرسول صلى الله عليه وسلم *المتفائله* قسـم المحرمـات والمنهيات 0 25-02-2010 10:17 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى