عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي ما الأسباب المعينة على تقبّل القضاء والقَدَر والرّضا به ؟
قديم بتاريخ : 19-10-2016 الساعة : 07:52 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله شيخي الفاضل
أريد أن أعرف منكم الوسائل والأسباب المعينة على تقبل والرضا بالقضاء والقدر ، حتى لا نقع في السخط والغضب من الله ؟
وكيف نصل يا شيخ أن الله تعالى يعيننا ويقوينا في الشدائد ونرضى بالقدر ؟
وجزاكم الله خيرا


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير .

مِن أكبر أسباب الرضا عن أقدار الله :
1 - أن يَعلم المسلِم أن ما أصابه لم يَكُن ليُخطئه ، وما أخطأه لم يَكُن ليُصيبه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2 – أن يَعلم الإنسان أن الله أرحَم به مِن أرحم الناس به ، وهي الأم ، كما في الصحيحين .
3 – أن يَنظر الإنسان إلى ما أصابَه على أنه خير له ؛ فإن الله عزَّ وجَلّ ما يَقضي للعبد قضاء إلاّ كان خيرا له .
4 – وأن يَتيقّن أن ما صَرَف الله عنه أكبر مما أصابه ، وأن الله لو يُؤاخِذ عباده بِما كَسَبَت أيديهم لَهَلَكوا ، كما قال تبارك وتعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) .
وأن ما أصابه مِن مُصيبة إنما هو بسبب بعض ذنوبه ، وأن الله يَعفو عن كثير : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) .
5 – أن يتذكّر الأجر العظيم الذي أعدّه الله للصابِرين ، كما قال تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) .
وما يُخلِفه الله عليه إذا صبر واحتَسَب وقال ما أُمِر به .
قالت أم سلمة رضي الله عنها : سَمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ما مِن عبدٍ تُصيبه مُصيبة ، فيقول : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ، اللهم أجرني في مُصيبتي ، وأخلف لي خيرا منها ، إلاّ أجره الله في مُصيبته ، وأخلف له خيرا منها .
قالت : فلما تُوفّي أبو سلمة ، قلت : كما أمَرَني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف الله لي خيرا منه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : المؤمن مأمور عند المصائب أن يَصبر ويُسَلِّم ، وعند الذنوب أن يَستغفر ويَتوب . قال الله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) ، فأمَرَه بالصبر على المصائب ، والاستغفار مِن الْمَعَائب . اهـ .

وتكون زيادة اليقين بِزيادة الإيمان بالله ، وذلك بالإكثار مِن العَمَل الصالح ؛ لأن مِن أعظم أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى : العَمل الصالح .
قال الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) .
وقال تعالى عن الصلاة وأعمال الْبِرّ : (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) .

ومِن هنا كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه أعظم الناس ثَبَاتا ؛ لِمَا وَقَر في قَلبِه مِن تصديق ، وصَدَّقَه عَمَله .

وهذا يَحتاج إلى قَسْر النَّفْس على الرِّضا وعدم السخط ، ويحصل هذا بالتعوّد ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتصبر يصبره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِن الصبر . رواه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما العِلْم بالتَّعَلُّم ، وإنما الْحِلْم بالتَّحَلّم . مَن يَتَحَرّ الخير يُعْطَه ، ومَن يَتَّقّ الشَّرَّ يُوقَه . رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني .

وأن يُعوّد الإنسان نفسه على الرضا والتسليم لأقدار الله تعالى ، وإذا نَزَل به بلاء أو مُصيبة أن يقول ما أمَرَه الله به (قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ، وأن يقول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، ويُكثر مِن قول : حسبنا الله ونعم الوكيل .

قال ابن القيم : نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَقول عند جَرَيان القَضاء ما يَضَرّه ولا ينفعه ، وأمَرَه أن يَفعل مِن الأسباب ما لا غِنى له عنه ، فإن أعْجَزَه القَضاء قال : حسبي الله ، فإذا قال حسبي الله بعد تَعَاطي ما أمَره مِن الأسباب قالَها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول . اهـ .

ومما يُعين على ذلك :
1 - أن يَعلم الإنسان أن التَّسخّط لا يُعيد مفقودا ، ولا يَردّ قضاء ، وإنما يَجلب شقاء !
ولذلك : مَن رَضِي عن الله وأقدارِه ؛ فَلَه الرِّضا ، ومَن سَخِط فعليه السّخط .

قال ابن القيم : قال بعض الحكماء : العاقل يَفعل في أول يوم مِن المصيبة ما يَفعله الجاهل بعد أيام ، ومَن لم يَصبر صَبر الكرام سَلا سُلُو البهائم ..
وقال الأشعث بن قيس : إنك إن صَبَرْتَ إيمانا واحتسابا وإلاَّ سَلَوْتَ سُلُوّ البهائم . اهـ .

2 - أن الله يُحبّ أن يُرضى عنه وعن قضائه .
ومَتى رَضِي المؤمن بِقَضاء الله كُتِب له الأجر العظيم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مات وَلد العبد قال الله لملائكته : قَبَضْتم وَلَد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قَبضتم ثَمَرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حَمِدَك واسْتَرْجَع . فيقول الله : ابنوا لِعَبدي بَيْتًا في الجنة وَسَمُّوه بَيت الْحَمْد . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وحسّنه الألباني بِمَجموع طُرُقه .

وقد أوْصَى النبي صلى الله عليه وسلم بِوَصِيّة جامِعة : وهي التسليم لله عزَّ وجَلّ ، والرضا عن أقدارِه ..

قال رجل : يا رسول الله ، أيّ العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله وتصديق ، وجهاد في سبيل الله ، وحج مبرور ، قال الرجل : أكثرتَ يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فَلِين الكلام ، وبَذْل الطعام ، وسَمَاح وحُسن خُلق ، قال الرجل : أريد كَلمة واحدة ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب فلا تَتَّهِم الله على نفسك . رواه الإمام أحمد .
وفي رواية له : لا تَتَّهم الله في شيء قَضَى لك به .

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : إن الله إذا قَضى قَضاء أحب أن يُرْضَى به .

وقال ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ رضي الله عنه : لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير مِن أن يقول لأمْر قضاه الله : ليت هذا لم يكن .

وقال ذو النون : ثلاثة مِن أعلام التَّسليم : مُقابلة القضاء بالرضا ، والصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء .

وسبق الجواب عن :
كيف نزرع في القلب القناعة بما كتبه الله لنا أو علينا حتى نعلم أن ما كتبه الله خير لنا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12874

ما علاج اليأس والإحباط في الإسلام ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14698

هل ثمرات الاستغفار تتحقق في الدنيا أم قد لا تتحقق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13632

ما صِحة حديث : " عَجِب ربنا مِن قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ " ، وما معناه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9801

قوله تعالى : (فإن مع العسر يُسرا) هل هذا لجميع الخلق البر والفاجر ؟ وهل كل عسر له يُسر؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14020

أعاني مِن مشكلات في حياتي الشخصية ، فماذا أفعل ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=819

ما هو التمكين الذي يأتي بعد الابتلاء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16740

توجيه لأهل البلاء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16193

أنا غير سعيدة وأموري دائما متعسرة ، وكل شيء أتمناه يتأخر أو لا يتحقق ، فما النصيحة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18810

هل عفْوي عمّن ظلمني سبب لتفريج همومي ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10956

أعاني من هموم وذلك بِشكل شبه يومي ، فما النصيحة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16865

إذا دعا المؤمن ربه بصالِح عمله ولم يُستجَب له ، فهل يكون عمله غير مقبول ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13475

صيغة دعاء الاسترجاع عند المصيبة : اللهم أجرني في مصيبتي " أجرني " هل ننطقها بـ أُجُرْنِي أم بـ أَجِرْني ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7160

ما الفرق بين قول ابن مسعود في ذمّ الاعتراض على القَضاء وبين قول مريم (ياليتني مت قبل هذا)؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15511

حكم تسخّط الأقدار
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18917

ما معنى الإيمان بالقدر ؟ وهل الإنسان مسير أو مخير ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3720

هل كل ما أعمله مُقدّر عليَّ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4486

كيف يفرق المرء بين العقاب من الله والابتلاء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2083


ومَقال :
الحَمد لله .. ماتَ ابني
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6166

وخُطبة جُمعة : الصلاة وفوائدها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12160

خُطبة جُمعة عن .. (الرضا عن الله)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13874

وخُطبة جمعة .. يا صاحب الْهَمّ
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16867

خُطبة جُمعة : مِن أسبابِ الثباتِ
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12272

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأسباب المانعة من الشفاعة طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 0 13-02-2016 07:18 PM
إذا قال المسلم (اللهم تقبّل مِن فلان) هل يأخذ مثل أجر عمله ؟ نسمات الفجر إرشـاد الأدعـيــة 0 05-03-2015 10:04 PM
وضع تحت مسمى الخواطر اللعينة فما حكم اللعن هنا ؟ *المتفائله* قسم الأسرة المسلمة 0 22-11-2012 03:44 AM
هذا الموضوع قيم ولكن وضع تحت مسمى الخواطر اللعينة فما حكم اللعن هنا ؟؟ بنت خويلد قسـم العقـيدة والـتوحيد 1 25-03-2010 07:25 AM
أرشدوني إلى ما يُحبب إليّ ربي ، ويُحببني إلى ربي ، والأمور المعينة على ذلك . ناصرة السنة قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 27-02-2010 07:04 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:27 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى