عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : تزكية النفس وما يتعلق بها
افتراضي تأخر حصولي على عمل ، ولديّ استفسارات بخصوص العمل والرزق
قديم بتاريخ : 05-11-2016 الساعة : 11:54 AM

تأخر حصولي على عمل ، ولديّ استفسارات بخصوص العمل والرزق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظك الله تعالى ..
هذا سؤال ليس اعتراض والعياذ بالله، وإنما اريد شرح بعض الأمور المهمة عن الرزق، أنا تخرجت من الكلية وحصلت على دبلوم في الهندسة المكيانيكة، ولقد تسرعت في اختيار هذا التخصص لأن العمل في الهندسة يحتاج إلى مجهود وانا صحيا لا استطيع .
بعد ما انتهيت وبعد سنوات طويلة تقريبا اربع سنوات حصلت على عمل في ميكانيا ولكن لم استمر إلا شهور وجاءني مرض بسبب المجهود الزائد ثم خرجت من هذا العمل ودرست طباعة وكمبيوتر .
البعض يعاتبني دراسة هذا التخصص، ولكن قدر الله وما شاء فعل، بعد ما خرجت من هذا العمل كل ما أُقدم مكان لا أُقبل .
ولقد استقمت قبل أربع سنوات ولله الحمد، ونسأل الله الإخلاص في ذلك، وأحب اتّباع السنة، والتقصير موجود، وربما ما أصابني بسبب الذنوب والمعاصي . فأكثرت من الاستغفار وزادت الهموم والمشاكل أكثر ، وأنا اشرح حالي هنا ، وأريد العلاج رعاك الله .
لقد قمت بفتح مجموعات بريدية دعوية وهن أربع ، ادعوا فيها وانشر فيها الخير ، ولكن في هذه الفترة أصابني الكسل والخمول بسبب العمل .
فيا فضيلة الشيخ اعتذر على الإطالة ، ولكن أحببت أوضّح أكثر، ما الحل لمشكلتي ؟
ليس أعجابا بالنفس والعياذ بالله: ولكن يا شيخ نرى الكثير من الناس وهم مقصرين في العبادات والطاعة ولكن تتيسر أمور معيشتهم ؟؟ حتى أحيانا أخشى أن الله غير راض عني .
أمور تُراودني وأعلم أنها خطأ ، ولكني أريد شرح وتعمق في هذه المسألة ، وكيف أغيّر مِن حالي ؟ أريد أن أعمل ولكن كل ما أُقدّم في مكان ما يصير ، حتى الوالدة قالت ربما هذا حسد ،والله أعلم .
كذلك يا شيخ ، هل أرفض مثلا عمل جاءني بسبب الشدة طول مدة العمل لأني أحب الدعوة وأريد التفرغ للدعوة ، بمعنى أبحث عن عمل يكون ساعته قليلة حتى أتفرّغ للعمل الدعوي ، وجدت عمل ولكن ساعات العمل طويلة جدا مما يجعلني أُغلق المجموعات الدعوية بسبب العمل .
فهل إذا جاءني عمل وساعات العمل طويلة أعمل به وأترك الدعوة في الإنترنت أو أصبر حتى أحصل على عمل يكون أقل ساعات عمل وأتفرّغ للدعوة ؟
أ.
أرجو توضيح هذه المسألة .
واعتذر لكم على الإطالة وهذا السؤال يهمني ومسبب لي إزعاج وتفكير في العمل .
والله المستعان

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحفظك الله ورعاك .
وأسأل الله لك العون والتوفيق
وأسأله أن يَكفيك بحلاله عن حرامه ، وأن يُغنيك بِفضله عمّن سواه ، وأن يَصبّ عليك الخير صَـبّا .

أولاً : لا بُـدّ أن نعلم عِلم يقين أن الله هو الرزّاق ، وأن الأرزاق بيده سبحانه وتعالى ، لا يُعجّلها حرص حريص ، ولا بخل بخيل ، غير أن الإنسان مأمور بِفعل الأسباب من السعي في طلب الرزق ، والغدو والرّواح ، إلى غير ذلك .
حتى قال العلماء : لو ركب الإنسان الهواء فارًّا مِن رزقه لتبِعه !
وفي الحديث : " أيها الناس اتقوا الله وأجْمِلُوا في الطلب ، فإن نَفْسا لن تموت حتى تَستَوفِي رِزقها وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأجْمِلوا في الطلب ، خُذُوا ما حَلّ ودَعوا ما حَرُم " . رواه ابن ماجه .

ثانيا : مسألة سعة الرزق وضيقه لا علاقة لها بالتقوى والطاعة ، لأن الله يُعطي الدنيا من يُحب ومن لا يُحبّ .
ولذا قال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الله يُعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

والناظر في حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يَجِد أنه عانَى من الفقر ، حتى رَبَط الحجر على بطنه ، ليكون أُسوَة لأمّته .
قال أبو طلحة رضي الله عنه : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حَجَر حَجَر ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حَجَرين . رواه الترمذي .

وكان عليه الصلاة والسلام يَمرّ عليه الشهر تلو الشهر ولا يُوقَد في بيته نار .
قالت عائشة رضي الله عنها لعروة : يا ابن أختي ! إنْ كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ، ثلاثة أهلّة في شهرين وما أُوقِدتْ في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار . قال عروة : فقلت : يا خالة ما كان يُعيّشكم ؟ قالت : الأسودان التمر والماء ، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم ، فيسقينا . رواه البخاري ومسلم .

فأكْرَم الخلق على الله زَوَى الله عنه الدنيا ، ولو أراد أن تتبعه جبال الدنيا ذهبا وكنوزها لَكَان له ذلك .
جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك يَنْزِل فقال : جبريل إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة ، فلما نزل قال : يا محمد أرسلني إليك ربك ، قال : أفَمَلِكا نَبِيًّا يجعلك ، أو عبدا رسولا ؟ قال جبريل : تواضع لِرَبك يا محمد . قال : بل عَبدا رَسولا . رواه الإمام أحمد .

ثالثا : يُمكِنك العمل في بعض المجالات التي ليست عملا رسميا حتى يتوفّر لك العمل المناسب ، من مثل : التعاون مع بعض دور النشر لتطبع بعض البحوث ، والإعلان في الكليات والمعاهد عن استعدادك لطباعة البحوث والنشرات مُقابِل سعر أقل من أسعار المكتبات .
وهكذا ..
فهذا قد لا يُكلّفك سوى طابعة لأنك تملك الجهاز .

رابعا : كثيرا ما نلجأ إلى الأسباب ، وينسى كثير من الناس مُسبب الأسباب سبحانه وتعالى .
الْجَأ إلى الله ، انطرح بين يديه ، تضرّع إليه ، ألحّ في الدعاء أن يُيسِّر لك أمورك .
فقد يبتلي الله عز وجلّ العبد ليسمع تضرّعه ، ويَنطرح بين يديه .

قال ابن القيم رحمه الله :
فإذا كان كلُّ خيرٍ أصله التوفيق ، وهو بِيَـدِ الله لا بِيَـدِ العبد ، فمفتاحه الدعاء والافتقار وصِدقِ اللجَأ والرَّغبة والرَّهبة إليه ، فمتى أَعطَى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يُفتَح له … وما أُتي من أُتي ، إلاّ مِن قِبَل إضاعةِ الشُّكر ، وإهمالِ الافتقار والدعاء ، ولا ظَفِرَ من ظَفِر – بِمَشيئة الله وعَونه – إلاّ بقيامه بالشكر وصِدق الافتقار والدعاء . اهـ .

خامسا : مَن تَرَك شيئا لله عوّضه الله خيرا مما تَرَك .
روى الإمام أحمد عن وَكِيع قال : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءِ ، قَالا : أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا : هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ؟ قَالَ: نَعَمْ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلاّ بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ .
وفي رواية لأحمد : إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللهِ إِلاّ أَعْطَاكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ .
وفي رواية له : إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءً لِلَّهِ إِلاّ آتَاكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ .
قال الهيثمي : رواه كله أحمد بأسانيد ، ورجالها رجال الصحيح .
وصححه الألباني والأرنؤوط .

والعبد يَطلب العِوض مِن الله ، وليس العبد هو مَن يُحدِّد نَوع العِوض .

قال ابن القيم : إنما يَجد المشقّة في ترك المألوفات والعوائد مَن تَركها لِغير الله ، فأمّا مَن تركها صادقا مخلصا مِن قَلبه لله فإنه لا يَجد في تركها مَشقّة إلاّ في أول وَهلة لِيُمْتَحَن : أصَادِق هو في تركها أم كاذب ؟ فإن صَبر على تلك المشقة قليلا استَحَالَت لَذّة .

قال ابن سيرين : سَمعت شُرَيحا يَحلف بالله ما تَرك عبد لله شيئا فَوَجَد فَقْدَه .

وقولهم : " مَن تَرك لله شيئا عوّضه الله خيرا منه " حق ، والعِوض أنواع مُختلفة ، وأجَلّ ما يُعوَّض به : الأُنس بالله ، ومَحبته ، وطُمأنينة القلب به ، وقُوّته ونشاطه ، وفَرحه ورِضاه عن رَبّه تعالى . اهـ .

سادسا : قد يُصرَف الإنسان عمّا يَطلبه ؛ ويكون خيرًا له ؛ لأن الإنسان لا يَدري أين تكون الخيرة .
أو يُؤخَّر ما يَطلبه ، ويكون خيرا له أيضا ؛ لِمَا يُقرِّبه إلى الله عَزّ وَجَلّ ، ويُفتَح له مِن أبواب الذلّ والافتقار إلى الله عَزّ وَجَلّ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : قال بعض السلف : يا ابن آدم . لقد بُورِك لك في حاجة أكْثَرْتَ فيها مِنْ قَرْعِ باب سيِّدك .
وقال بعض الشيوخ : إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه ، فيفْتَح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحبّ معه أن يُعجّل قضـاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك ؛ لأن النفس لا تريد إلا حظّها ، فإذا قُضْيَ انْصَرَفَتْ . اهـ .

وسبق الجواب عن :
لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية أموالاً طائلة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5579

أكثرت مِن الطاعات بعد البلاء فوسوس لي الشيطان أنَّ عملي ليس خالِصا لله
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11162

كلما أكثرت من الاستغفار زادت مشاكلي ، فما توجيهك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2180

رُبَّ امرئ حَـتْـفُـه فيما تَمَـنّـاه !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6511

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استفسارات عن زيارة الأهل للميت وشعوره ببكائهم وعن إهداء ثواب العمل له نسمات الفجر قسـم الجـنـائـز 0 26-10-2016 01:25 AM
ابنتي تعاني من تأخر في النمو العقلي فهل تجب عليها الصلاة ؟ أم سارة قسم الأسرة المسلمة 0 21-12-2013 03:11 PM
عليّ كفارة حلف عن أيمان متعددة ، ولديّ مال أشتري به حاجيّاتي ، فكيف أكفّر عنها ؟ راجية العفو قسـم الفقه العـام 0 04-11-2013 03:13 PM
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم يتحدّث عن سبب تأخر النصر راجية العفو صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 04-01-2013 10:53 PM
استفسارات ونقاش حول صفات الله تعالى ومنهج السلف فيها وهل هي معلومة المعنى ؟ عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 07-03-2010 05:35 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى