طالبة علم
مشرف
رقم العضوية : 765
الإنتساب : May 2015
الدولة : دار الفناء
المشاركات : 880
بمعدل : 0.27 يوميا

طالبة علم غير متواجد حالياً عرض البوم صور طالبة علم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي نِعْمَة الله عَلى هذه الأُمَّـة (لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم)
قديم بتاريخ : 10-10-2015 الساعة : 11:35 PM

نِعْمَة الله عَلى هذه الأُمَّـة

لقد أنْعَم الله على هذه الأمّـة بِنِعَمٍ كثيرة ..
وقد تكرر في القرآن ذِكْر أحوال الأُمَم الماضية .. ومِن أغْراض ذلك التِّكْرار التَّذْكِير بِامْتِنان الله على هذه الأمَّـة أنْ رَفَع الله عنها الآصَار والأغْلال التي عَلى الأُمَم السَّالِفَة ..
وفي آخِر آية مِن سُورَة البَقَرَة : (رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) ..
وفي الحديث : قال الله : قَد فَعَلْتُ . رواه مسلم .
فالمؤمِنون دَعوا الله ربّهم أن لا يَحْمِل عليهم إصْرًا كالذي حَمَل على الأمم السالفة ، فاسْتَجَاب الله للمؤمنين .. وأنْزَل الآيات تُتْلَى في هذا الشأن ليُعلَم فضل الله ، وتتبيَّن مِنَّـته على هذه الأمَّة ..
ذلك أن الضِّدّ يُظهِر حُسْنه الضِّدّ .. وبِضِدِّها تتبيَّن الأشياء ..

ومِن تِلك الـنِّعَم التي أنْعَم الله بها على هذه الأمَّة .. نِعْمَة الـتَّوبَة ..
تلك العِبادة الغَائبة في دُنيا كَثير مِن الناس .. بل كثير مِن الناس لا يستَحضِر أصْلاً أنها عِبَادة ! فَضلاً عن أن يَتَقَرَّب بِها !

حينما تتأمّل سِياق أخْبار بني إسرائيل في الكِتَاب الْمُبِين تَجِد أنَّ الله لم يَقْبَل توبة طائفة منهم إلا بِإزْهَاق الأنفُس ..
وَقَفْتُ طويلا مع قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ..
وقَفْتُ مُتأمِّلا ..
كم مرّة سمعنا وقرأنا هذه الآية ؟!
كم مرّة اسَتَوْقَفَتْنَا هذه الآية لِنَتَأمَّل عِظَم نِعْمَة الله .. وكَبِير مِنَّـته علينا ؟
قرأت هذه الآية – بِحَمْدِ الله كثيرا – وسَمِعْتُها كَثِيرًا .. إلاّ أن القُرْآن لا تنقضي عجائبه .. ولا تَزِيغ بِه الأهْواء ، ولا تَلْتَبِس بِه الألْسِنَة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يَخْلَق عَلى كَثْرَة الرَّدّ ..
وقَفْتُ مُتأمِّلا .. شاكِرًا لِرَبِّي وحامِدًا ..
ماذا لَو لَم يَكن من الذَّنْب والـتَّقْصِير تَوبة ؟!
ماذا لَو لَم يكن توبة إلا بِقَتْل الـنُّفُوس ، وإزهاق الأرْوَاح ؟!

ودَعُونا نَقِف مع ما رُوِي عن بني إسرائيل – من باب : حدِّثُوا عن بني إسرائيل – فيما يَحتَمِل التَّحْدِيث ..
يُرْوَى أنَّ يُوشِع بن نُون خَرَج عليهم وهُم مُحْتَبُون ، فَقَال : مَلْعُون مَن حَلَّ حَبْوَتَه ، أوْ مَدَّ طَرْفَه إلى قَاتِله ، أو اتَّقَاه بِيَدٍ أوْ رِجْل ؛ فَمَا حَلَّ أحَدٌ مِنْهم حَبْوَتَه حَتى قُتِل مِنهم - يَعْنِي مَن قُتِل - وأقْبَل الرَّجُل يَقْتُل مَن يَلِيه ..
قال ابنُ عبّاس رضي الله عنهما : أمَرَ مُوسَى قَوْمَه عَن أمْرِ رَبِّـه عَزَّ وَجَلّ أن يَقْتُلُوا أنْفُسَهم . قال : وأخْبَر الذين عَبَدُوا العِجْل فَجَلَسُوا وقَام الذين لَم يَعْكُفُوا عَلى العِجْل فأخَذُوا الْخَنَاجِر بأيْدِيهم وأصَابَتْهُم ظُلْمَة شَدِيدَة فَجَعَل يَقْتُل بَعْضُهم بَعْضًا ، فَانْجَلَتِ الظُّلْمَة عَنْهم وقَد جَلَوا عَن سَبْعين ألَفَ قَتِيل ، كُلّ مَن قُتِل مَنْهم كَانَتْ لَه تَوْبَة ، وكُلّ مَن بَقِي كَانَتْ لَه تَوْبَة .
وقال سعيد بن جُبير ومُجاهِد : قَام بَعْضُهم إلى بعض بالْخَنَاجِر يَقْتُل بَعْضُهم بَعْضًا لا يَحْنُوا رَجُلٌ عَلى قَرِيب ولا بَعِيد ، حتى ألْوَى مُوَسى بِثَوبِه فَطَرَحُوا مَا بأيْدِيهم ، فَكَشَف عَن سَبْعِين ألفَ قَتِيل .

لقد وُضِع السَّيْف على الرِّقاب .. وسالتِ الدِّمـاء .. وأُزْهِقَتِ الأنْفُس .. وقُتِل العدد الكبير .. كُل ذلك مِن أجْل تحقّق التوبة .. ونَيْل رِضا الله ..
والله إنه لَمَشْهَد عجيب .. يَقِف له شَعْر الرأس .. ولا ينقضي مِنه العَجَب ..
وأن يَكون ذلك الاسْتِسْلام مِن أقْوَام سَارَعُوا إلى الشِّرْك بالله .. لكنّهم سُرْعان ما نَدِمُوا ..
وأن يَكون ذلك الانْقِيَاد مِن أقْوَام عُرِفُوا بِكثْرَة الْمُخالَفَة ..

كان ذلك في بني إسرائيل .. وسِيق في التَّنْزِيل للتحذير مِن مَسَالِك القَوم .. ولِبيَان نِعْمَة الله على هذه الأمَّـة .. وإظْهَار فضل هذه الأمَـة أيضا على سائر الأُمم ..

في هذه الأُمَّـة .. ليس بَيْن الإنسان وبين التَّوبَة .. إلا الـنَّدَم ..
إذا كان الذَّنْب بين الإنسان وبين ربِّـه ..
ولذا جاء في الحديث : الـنَّدَم تَوْبَة . رواه الإمام أحمد وغيره .
وذلك لأن الـنَّادِم يَحْمِلُه ذلك الـنَّدَم على أمُور :
الإقلاع عن الذَّنْب .
العَزْم على عَدم العَوْدَة فيه .
الاستغفار لِمَا مضَى .

وقال عليه الصلاة والسلام : ويَتُوب الله على مَن تَاب . رواه البخاري ومسلم .

قال سفيان بن عيينة : التَّوبَة نِعْمَة مِن الله أنْعَم الله بِهَا على هذه الأُمَّـة دُون غَيرها مِن الأُمم ، وكانَتْ تَوْبَة بَني إسْرائيل القَتْل ..

وقد أخْبَر الله أنه يُحِبّ الـتَّوابِّين ..
وذلك لِمَا يَظْهَر مع كَثْرَة الـتَّوبَة مِن معنى اسْم " الـتَّوَّاب " ..
ولأن طبيعة بني آدم الخطأ بل كثْرَة الخطأ ..
وفي الحديث : " كُلّ بَني آدَم خَطَّاء ، وخَيْر الْخَطَّائين التَّوابُون " رواه الترمذي وابن ماجَه.

فتُقابَل كثرة الخطايا بِكثرة التوبة .. فيَكون المسلم توّابا ..

ولأن التوبة سبيل الفلاح (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

وتارِك التوبة ظالِم (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ..

ونَحن في شَهْر الخير .. وموسم المؤمنين ..

والكُلّ يبحث عن أسباب الفَلاح ..
ويَلْتَمِس مَوَاطِن النَّجَاح ..
وداعِي الشَّرّ قد غَاب – أو كَاد –
ورُؤوس الشياطين قد صُفِّدَتْ وقُيِّدَتْ ..
ولم يَبْق أمَام الْمُسْلِم إلاَّ أن يَتوب إلى الله .. وأن يَعُود إلى الله ..
ليَرَى مِن حُسْن صَنِيع الله بِه ..
ويَرى إقْبَال مَولاه عليه ..
ألَم يُخْبِر مَن لا يَنْطِق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم – أن ربّه قال عَن عَبْدِه : وإن تَقَرَّب إليَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا ، وإن تَقَرَّب إليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إليه بَاعًا ، وإن أتَاني يَمْشِي أتَيْتُه هَرْوَلة . رواه البخاري ومسلم . ؟

قِف مُتأمِّلا في غِنَى ربّ العِزَّة عَن عِباده .. وفَقْرِهم إليه ..
ومع ذلك يَفْرَح رَبُّـنَا تَبَارَك وتَعَالى بِتَوبَة عَبْدِه إذا تَاب ..
ومِن الْمُتقَرِّر عَقْلاً وشَرْعًا : أنَّ الله لا تَنْفَعُه طَاعة الطَّائعِين .. ولا تَضُرُّه مَعْصِيَة العَاصِين ..

الغَنِيّ في عُلاه .. والعَزيز في عِزِّه وسُلْطَانه .. يَتَودَّد ويَتَحَبَّب إلى عِبَادِه .. !
هذا – والله – مَثَارُ الْعَجَب ! ومُنْتَهى الكَرَم ..

قال ابن القيم :
ليس العَجَب مِن مَمْلُوك يَتَذَلَّل لله ويَتَعَبَّد لـَه ، ولا يَمَلّ مِن خِدْمَتِه مَع حَاجَتِه وفَقْرِه إليه، إنَّمَا العَجَب مِن مَالِكٍ يَتَحَبَّب إلى مَمْلُوكِـه بِصُنُوف إنْعَامِـه ، ويَتَوَدَّد إليه بأنْوَاع إحْسَانه ، مَع غِنَـاه عَنه ..
كفى بك عزًّا أنك له عَبْد *** وكَفَى بِكَ فَخْرًا أنه لَك رَبّ . اهـ .

والتوبة عِبَادة .. بل ومِنَّـةٌ ربَّانية .. لا تَخْتَصّ بالعُصَاة وأصْحَاب الْجَرَائم وأرْبَاب العَظَائم
وإنما هي مِنَّـة الله عَلى خِيرَتِه مِن خَلْقِه .. بل عَلى أفْضَل خَلْقِ الله .. فقد امْتَنّ الله بِنِعْمَة التَّوبَة على سَيِّد وَلَدِ آدَم – محمد عليه الصلاة والسلام – .

قال تعالى : (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) الآية ..

يقول ابن القيم رحمه الله بَعْد أن سَاقَ هَذه الآيَة :
هذا مِن أعْظَم مَا يُعَرِّف العَبْد قَدْر التَّوبَة وفَضْلها عِنْد الله ، وأنَّها غَاية كَمَال الْمُؤمِن ، فإنه سُبْحَانه أعْطَاهم هَذا الكَمَال بَعْد آخِر الغَزَوَات ، بَعْد أن قَضَوا نَحْبَهم ، وبَذَلُوا نُفُوسَهم وأمْوَالَهم ودِيَارَهم لله ، وكان غَاية أمْرِهم أن تَابَ عَليهم ، ولِهَذا جَعَل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْم تَوْبة " كَعْب " خَيْر يَوْم مَـرّ عَليه مُنْذ وَلَدَته أُمُّـه إلى ذَلك اليَوم ، ولا يَعْرِف هَذا حَقَّ مَعْرِفَته إلاَّ مَن عَرَف الله ، وعَرَف حُقُوقه عَليه ، وعَرَف مَا يَنْبَغِي لَه مِن عُبودِيته ، وعَرَف نَفْسَه وصِفَاتِها وأفْعَالها ، وأنَّ الذي قَامَ بِه مِن العُبُودية بالنِّسْبة إلى حَقّ رَبِّـه عَليه كَقَطْرَةٍ في بَحْر ، هذا إذا سَلِم مِن الآفَات الظَّاهِرَة والبَاطِنة ؛ فَسُبْحَان مَن لا يَسْع عِبَاده غَيْر عَفْوِه ومَغْفِرَته وتَغَمّده لَهم بِمَغْفِرَته ورَحْمَته ، ولَيْس إلاَّ ذَلك أو الْهَلاك . اهـ .

ومِن حسَنَات التَّوبَة .. أن السَّيئَات تُبَدَّل إلى حَسَنات ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعْلَم آخِر أهْل الْجَنَّة دُخُولاً الْجَنَّة ، وآخِر أهْل النَّار خُرُوجًا مِنها ؛ رَجُلٌ يُؤتَى بِه يَوْم القِيَامَة فيُقَال : اعْرِضُوا عَليه صِغَار ذُنُوبِه وارْفَعُوا عَنه كِبَارَها ، فتُعْرَض عليه صِغَار ذُنوبه فيُقَال : عَمِلْتَ يَوْم كَذا وكَذا كَذَا وَكَذَا ، وعَمِلَتْ يَوْم كَذَا وكَذَا كَذا وَكَذا ، فَيَقُول : نَعَم ، لا يَسْتَطِيع أن يُنْكِر ، وهو مُشْفِق مِن كِبَارِ ذُنُوبَه أن تُعْرَض عليه ، فيُقَال له : فإنَّ لك مَكَان كُلّ سَيئة حَسَنة ، فَيَقُول : رَبِّ ! قَد عَمِلْتُ أشْياء لا أرَاها هَهُنَا ! فَضَحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَواجِذُه . رواه مسلم .

وفي التَّنْزِيل : (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ..

فهذا نِدَاء إلى تَصْحِيح هَذا الْمَفْهُوم حَوْل هَذه العِبَادَة العَظِيمَة ..
واسْتِغلال أوْقَات الرَّحَمات .. والـتَّعَرّض للـنَّفَحَات ..
وفي الحديث : " افْعَلُوا الْخَيْر دَهْرَكم ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله ، فإنَّ لله نَفَحَات مِن رَحْمَتِه يُصِيب بِهَا مَن يَشَاء مِن عِبَادِه " . رواه الطبراني ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني ، وإسْناده رِجاله رِجال الصحيح غير عِيسى بن موسى بن إياس بن البكير ، وهو ثقة . والحديث حسَّنَه الألباني .

فَبَادِر أيُّها الكَرِيم
وسَارِعِي أيّتُها الكَرِيمَة
دُونَكُم شَهْر التَّوبَة والغُفْرَان والعِتْقِ من النِّيرَان ..
دُونَكُم طُرُق الأجْر مُتَنَوِّعَة .. وأبْوَاب التَّوبَة مُشْرَعَة
فالبِدَار البِدَار قَبْل أن يُغلَق البَاب ..
وقَبْل أن يُحَال بَين القَلْب وسُلُوك الصِّرَاط ..
أمَا عَلِمْتَ أيُّها الكَرِيم أن هُناك مَن تَمَنَّى التَّوبَة .. ولكن حِيلَ بَيْنَهُم وبَيْن ما يَشْتَهُون .. جزاءً وِفَاقا ..
قَال رَبُّ العِزَّة سُبْحَانه : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) .. قال الْحَسَن البَصْرِي : مَعْنَاه مِن الإيـمَان والتَّوْبَة والرُّجُوع إلى الإنَابَة والعَمَل الصَّالِح ، وذلك أنـَّهُم اشْتَهَوه في وَقْت لا تَنْفَع فِيه التَّوْبَة .

أمَا سَمِعْتَ بِقِصَّة جَبَلَة بن الأيْهَم ؟
كَان مِن مُلُوك النَّصَارَى فَأسْلَم في أيَّامِ عُمَر ، وحَجَّ مَعه ، فَبَيْنَما هو يَطُوف بِالكَعْبَة إذْ وَطئ إزَارَه رَجُلٌ مِن بَنِي فِزَارة ، فَانْحَلَّ إزِارُه فَرَفَع جَبَلةُ يَدَه فَهَشَم أنْفَ الفِزَارِيّ ، فَاسْتَعْدَى عَلَيه عُمَر ، فَاسْتَحْضَرَه عُمَر فَاعْتَرَف ، ثم طَلَبَه للقِصَاص فَاسْتَنْكَف واسْتَكْبَر ! وسَألَ عُمَر أن يُمْهِلَه لَيْلَتَه تِلك ، فَلَمَّا ادْلَهَمّ الليل رَكِب في قَوْمِه ومَن أطَاعَه وسَارَ إلى الشَّام ثُم دَخَل بِلادَ الرُّوم ورَاجَع دِينَه دِينَ السُّوء ، أي أنه ارْتَدَّ عَن دِين الإسلام .
ولَمَّا بَدَا له أن يَعُود حِيْلَ بَيْنَه وبَيْن مَا أرَاد ، فَكَان مِمَّا قَال :
تَنَصَّرتْ الأشْرافُ مِن عَارِ لَطْمةٍ *** ومَا كَان فِيها لَو صَبَرْتُ لَهَا ضـَرَرْ
تكنّفني فيهـا اللجـاجُ ونَخْوةٌ *** وبِعْتُ بها العَينَ الصَّحِيحةَ بالعَـوَرْ
فَيَا لَيْت أُمِّي لَـم تَلِدْنِي ولَيْتَني *** رَجَعْتُ إلى القَول الذي قَالَه عُمـرْ
ويَا لَيْتَنِي أرْعَى الْمَخَاض بِقَفْرةٍ *** وكُنْتُ أسَيرًا في رَبِيعَـة أوْ مُضَـرْ
ويَا لَيْتَ لي بالشَّام أدْنَى مَعْيِشةٍ *** أجْلِس قَومِي ذَاهِب السَّمْع والبَصَر
أدِين بِمَا دَانُوا بِه مِن شَرِيعـة *** وقَد يَصْبِر العَوْد الكَبِير عَلى الدَّبَـر

وكَان جَبَلَة بَعْدَ ذَلِك إذا سَمِع هَذه الأبْيَات تُغَنَّى له بَكَى حتَّى يَبُلّ لِحيَته ..

فالبِدَار البِدَار .. قبل أن يُحَال بَيْنَك وبَيْن التَّوبَة ..
وقَبْل أن يُغلَق بَاب التَّوبة ..
وقَبْل أن تَتَمَنَّى الأوْبَـة ..

وليكَن الْحِدَاء في هذه الأيام – حُداء عُمير بن الحمام - :

رَكْضًا إلى الله بِغَيْر زَاد *** إلاَّ الـتُّقَى وعَمَل الْمَعَاد
والصَّبْر في الله عَلى الْجِهَاد *** وكُلّ زَاد عُرْضَة للنَّفَاد
غير الـتُّقَى والبِرِّ والرَّشَاد ...

هَنِيئا لَك أيُّها التَّائب ..
وهَنِيئا لكِ أيَّـتُـها التَّائبَة ..
والله يحفظك ..

فضية الشيخ عبد الرحمن السحيم
الرياض 13/9/1427 هـ



محب العلم
عضو نشيط
رقم العضوية : 766
الإنتساب : May 2015
المشاركات : 63
بمعدل : 0.02 يوميا

محب العلم غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب العلم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : طالبة علم المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-10-2015 الساعة : 06:05 PM

ارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
ونفع الله بكم الاسلام والمسلمين
ووفقنا الله واياكم لكل ما يحبه ويرضاه

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيرة سيدة نساء العالمين (لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم ) طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 4 28-11-2020 04:16 PM
فيديو .. كلمة عن أحكام الشتاء لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 03-12-2015 01:16 AM
فتاوى الصِّيام والقِيام لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم نسمات الفجر إرشــاد الـصــوم 0 27-06-2014 03:33 AM
سلبية وإيجابية تدخل الأهل بين الزواج بين لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم راجية العفو صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 04-01-2013 11:30 PM
نِعْمَة الله عَلى هذه الأُمَّـة راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 11-03-2010 01:35 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 03:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى