العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب قسم الخُطب المنبرية
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة (الانزلاق في الفِتَنِ) .. وحديثٌ عن التهاونِ في التكفير واستباحة الدماء
قديم بتاريخ : 09-03-2015 الساعة : 08:12 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

الخُطبة بصيغة mp3



وعلى موقع اليوتيوب



الحمدُ للهِ الذي جَعَلَ في كلِّ زمانِ فترةٍ مِنَ الرُّسُلِ بقايا مِنْ أهْلِ العِلْمِ يَدعونَ مَنْ ضَلَّ إلى الْهُدَى ، ويَصْبِرونَ مِنْهُمْ عَلَى الأذَى ويُبَصِّرُونَ بنورِ اللهِ أهلَ العَمَى ، فَكَمْ مِنْ قَتيلٍ لإبليسٍ قَدْ أَحَيْوه ، ومِنْ ضَالٍ جاهِلٍ قَدْ هَدَوْهُ ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ وأَقْبَحَ أثرَ النَّاسِ عَليْهُمْ يَنْفُونَ عنْ كِتَابِ اللهِ تأويلَ الجاهلِينَ ، وتحريفَ الغَالِينَ ، وانتحالَ المبطلينَ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ : ولولا ضَمانُ اللهِ بِحِفْظِ دِينِهِ وتكفّلُهِ بِأنْ يُقيمَ لَهُ مَنْ يُجَدِّدُ أعلامَهُ ، ويُحيىَ مِنْهُ مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلونَ ، ويُنعِشَ مَا أَخَمَلَهُ الجاهلِونَ ، لهُدِّمَتْ أَرْكَانُهُ وَتَدَاعَى بنيانُهُ ، وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمينَ . اهـ .

أيُّها الْمُؤمنونَ
إنَّ مِنْ سُنَنِ اللهِ : سُنّةَ التدافُعِ ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) ، وقَالَ عزَّ وَجَلّ : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
قَالَ الإمامُ السمعانيُّ : وَقَولُهُ: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) القَوْلُ الْمَعْرُوفُ أَنَّ الدّفْعَ هَاهُنَا هُوَ دَفْعُ الْمُجَاهدينَ عَنِ الدَّينِ، وَعَنْ سَائِرِ الْمُسلمينَ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: عَمَّنْ لا يُصَلِّي بالمصلِّي ، وَعَمَّنْ لا يُجَاهِدُ بالْمُجَاهِدِ ، وَعَمَّنْ لا يَعْلَمُ بِمَنْ يَعْلَمُ . اهـ .
وإنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ أنَّهُ لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّةِ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

ومِنَ الضروراتِ الْخَمْسِ التي تكفّلَتِ الشريعةُ بِحِفْظِها : الدِّينُ ، ولِذَا شُرِعَ الْجِهادُ مَعَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ ؛ لِحِمايةِ حَوْزةِ الدِّينِ .
قَالَ الإمامُ البخاريُّ : بابٌ الجِهَادُ مَاضٍ مَعَ البَرِّ وَالفَاجِرِ . لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ .
قَالَ الْمُهَلَّبُ : استدلالُ البخاريْ صَحيحٌ أنَّ الجهادَ ماضٍ مَعَ البَرِّ والفاجِرِ إلى يومِ القيامةِ ، مِنْ أَجْلِ أنَّهُ أبْقَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخْيرَ في نَواصي الخيلِ إلى يومِ القيامةِ . وَقَدْ عَلِمَ أنَّ مِنْ أَئمتِهِ أئمةَ جَوْرٍ لا يَعدِلون ، ويستأثرِونَ بِالْمَغانِمِ ؛ فأوْجَبَ هذا الحديثُ الغزوَ مَعَهُمْ ، ويُقَوّي هذا الْمَعنى : أمْرُهُ بالصلاةِ وراءَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ مِنَ السلاطينِ، وأمْرُهُ بالسَّمْعِ والطَّاعَةِ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حبشيًا . اهـ .
وقَالَ الحافِظُ العراقيُّ : وَفِيهِ بُشْرَى بِبَقَاءِ الْجِهَادِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . اهـ .

ويومَ أنْ كانتِ الأمَّةُ تغزو أعْدَاءَها كَانَتْ في عِزٍّ وقُوَّةٍ ومَنَعَةٍ .
ويوْمَ أنْ تَرَكَتِ الجهادَ ذلَّتْ وغُزِيَتْ في عُقْرِ دَارَهَا ، وأذلَّهَا أَعْدَاؤهَا ، واحْتَلُوا أَرَاضِيها ، بَلْ وَجُزْءً مِنْ مُقدّسَاتِها .

إلاّ أنَّ هَذَا القِتالَ لا بُدَّ لَهُ مِن عِلْمٍ يُرسِّخُهُ ، وحِكمَةٍ تَضْبِطُهُ ، وإلا أَصْبَحَ فِتنةً وَفَسَادا .
قَالَ الإمامُ البخاريُّ : بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ وَهُمْ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَهُوَ دالٌّ عَلَى أهميةِ الفِقْهِ في الدِّينِ لِمَنْ يُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ الفِقْهَ في الدِّينِ قَسِيمًا للجِهَادِ ، كَمَا في قولِهِ تَعَالى : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) .
قَالَ ابنُ الجوزي : وَكُلُّ مَنْ فَاتَهُ العِلْمُ تَخَبَّط . اهـ .
ويدلُّ عَلَى أهميةِ الفِقْهِ في الجهاد : قولُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : الْخَيْلُ لِثَلاثَةٍ ؛ لِرَجُلٍ أَجْرٌ ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ ؛ فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا (هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ وَيُطَوَّلُ لَهَا لِتَرْعَى) ، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ .
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا وَلا ظُهُورِهَا ؛ فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ .
وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ وِزْرٌ فَهُوَ رَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلامِ ؛ فَهِيَ وِزْرٌ عَلَى ذَلِكَ . رَوَاهُ البخاريُّ ومُسْلِمٌ .

قَالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : فَالْخَيْلُ الْمُعَدَّةُ لِلْجِهَادِ هِيَ الَّتِي فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ، وَمَا كَانَ مُعَدًّا مِنْهَا لِلْفِتَنِ وَسَلْبِ الْمُسْلِمِينَ فَتِلْكَ كَمَا قَالَ ابنُ عُمَرَ: خَيْلُ الشَّيْطَانِ !
وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحْتَ رَايَةِ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنَ الأَئِمَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ . اهـ .

فَمَنْ لَمْ يَتَّقِ ويَفْقَهْ وَقَعَ في عَظائمِ الأمورِ بِاسْمِ الجهادِ .
ولا أدلَّ عَلَى ذَلِكَ : مِنْ وُلُوغِ بَعْضِ الشبابِ في دِمَاءِ الْمُسلمينَ بِدَعْوَى الْجِهادِ ، وبتأويلاتٍ فَاسِدَةٍ .

ودِمَاءُ المسلمينَ عَظيمةٌ شَدِيدةُ الخطورةِ ، بَلْ هِيَ أشدُّ حُرْمَةً مِنَ الكَعْبَةِ ، وهي حفرةٌ مِنْ حُفَرٍ النيرانِ .

وَقَدْ عَظَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شأنَ الدِّمَاءِ ، فقَالَ : لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ . رَوَاهُ الترمذيُّ والنسائيُّ ، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا . رَوَاهُ البخاريُّ .
وَمَعَ ذلِكَ لو قِيلَ لِشابٍّ مُتحمِّسٍ : اقْتُلْ مُسْلِمًا ؛ لَقَتَلَهُ مُتأوِّلا ، أَوْ غَيرَ متأوِّلٍ .
ولَوْ قِيلَ لَهُ : نُريدُ هَدْمَ الكعْبَةِ وَنَبنِيها عَلَى قواعِدِ إبراهيمَ ؛ لاسْتَعْظَمَ ذلِكَ ، أشدّ مِنْ أيِ جَريمةٍ .
وقَدْ تَبَرّأَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَنْ خَرَجَ عَلَى أمتِّهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا وفاجِرَها ! فقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا ، وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا ، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وَمَا أوْقَعَ كَثيرًا مِنَ الشبابِ في الدمَاءِ والاقتتالِ إلاّ التأويلاتُ الفاسِدَةُ .
وَقَدْ جَاءَ التحذيرُ في الكتابِ والسُّنَةِ مِنْ مُشابَهةِ بني إسرائيلَ الذين استحلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ بِأدْنَى الْحيلِ .
فَأخْبَرَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ عَنْ مَسْخِ وهلاكِ أصحابِ الْحِيَلِ بقولِهِ : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) ، فعُوقِبوا بِالْمَسْخِ والعَذَابِ الْمُستَمِرِّ ، فقَالَ اللهُ عزَّ وجلَّ بعد ذَلِكَ : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) .
وقَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَملُوهَا فَبَاعُوهَا . رَوَاهُ البخاريُّ ومُسْلِمٌ .
وسيكونُ مِثْلُ ذَلِكَ في هذِهِ الأُمَّةِ ، كَمَا في قولِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . رَوَاهُ البخاريُّ .
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : إنَّمَا ذَاكَ ، إذَا اسْتَحَلُّوا هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالتَّأْوِيلاتِ الْفَاسِدَةِ .
فَإِنَّهُمْ لَوْ اسْتَحَلُّوهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الرَّسُولَ حَرَّمَهَا كَانُوا كُفَّارًا، وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أُمَّتِهِ وَلَوْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّهَا حَرَامٌ لأَوْشَكَ أَنْ لا يُعَاقَبُوا بِالْمَسْخِ كَسَائِرِ الَّذِينَ لَمْ يَزَالُوا يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ . اهـ .

وبالتأويلاتِ الفاسِدَةِ : اسْتُحِلّتِ الدِّماءُ ، وفَرِحَ بذلِكَ الأعداءُ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ : وَيَكْفِي الْمُتَأَوِّلِينَ كَلامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالتَّأْوِيلاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كَلامُ اللَّهِ ؛ أَنَّهُمْ قَالَوا بِرَأْيِهِمْ عَلَى اللَّهِ، وَقَدَّمُوا آرَاءَهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ ، وَجَعَلُوهَا عِيَارًا عَلَى كَلامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَوْ عَلِمُوا أَيَّ بَابِ شَرٍّ فَتَحُوا عَلَى الأُمَّةِ بِالتَّأْوِيلاتِ الْفَاسِدَةِ ، وَأَيَّ بِنَاءٍ لِلإِسْلامِ هَدَمُوا بِهَا ، وَأَيَّ مَعَاقِلَ وَحُصُونٍ اسْتَبَاحُوهَا ؛ لَكَانَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . فَكُلُّ صَاحِبِ بَاطِلٍ قَدْ جَعَلَ مَا تَأَوَّلَهُ الْمُتَأَوِّلُونَ عُذْرًا لَهُ فِيمَا تَأَوَّلَهُ هُوَ ، وَقَالَ: مَا الَّذِي حَرَّمَ عَلَيَّ التَّأْوِيلَ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ ؟
إلى أن قَالَ ابنُ القيَّمِ : فأصْلُ خَرَابِ الدِّينِ والدُّنيا إنَّمَا هُوَ مِنَ التأويلِ الذي لَمْ يُرِدْهُ اللهُ ورسولُه بِكلامِه ، ولا دَلَّ عَلَيْهِ أنَّهُ مُرَادُه .
وَهَلْ اخْتَلَفَتِ الأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلاَ بِالتَّأْوِيلِ ؟
وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلاّ بِالتَّأْوِيلِ ؟
وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلاّ بِالتَّأْوِيلِ؟ . اهـ .

أيُّهَا المؤمنونَ :
للهِ الأمرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْد ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا ) .
أخْبَر سَعْدُ بنُ أبي وقّاصٍ رضيَ اللّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ ، حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلاً ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاَثًا ، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً ، سَأَلْتُ رَبِّي : أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

فَقَدْ جَعَلَ أقوامٌ بَأسَ الأمَّةِ بَيْنَهَا ، وأفْرَحُوا بِذلَكَ أَعْدَاءَهَا ، وأضْعَفوا بذلِكَ شَوكَتَهَا .. واقْتَتَلُوا فِيمَا بينَهُمْ ، واستباحُوا دِمَاءَ بَعْضِهِم ؛ كلُّ ذلِكَ بالتأويلِ الفاسِدِ ، والفتاوى الْمُتهوِّكَةٍ ، وقِلّةِ العِلمِ والإيمانِ .
ولا حَولَ ولا قُوّةَ إلا بِاللهِ العليِّ العظيمِ .

الثانية :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الصَمَدِ ، حَمْدًا لا يُحْصِيهِ الْعَدَدُ ، وَلا يَقْطَعُهُ الأَبَدُ ، وَكَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُحْمَدَ ، وَكَمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ ، وَكَمَا هُوَ لَكَ عَلَيْنَا حَقٌّ

أيُّها المؤمنونَ :
لا يُظنُّ أنَّ ما سبَقَ تَهْوينا مِنْ أمْرِ الجهادِ وشأنِ القِتالِ ، ويكْفِي في شأنِهِ ما وَردَ في نُصوصِ الوحيين كقولهِ تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ( 21 ) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( 22 ))
ويكفي أنَّ الجِهادَ ذروةُ سَنامِ الإسلامِ وأحدُ مبانيهِ العِظامِ ـ وقَدْ وَرَدَ في الجِهادِ مِنَ النُّصوصِ ما لَمْ يرِدْ في بعضِ أركانِ الإسلامِ وكَانَ الصَّحابةُ يرونَ أنَّ الجِهادَ أفضلُ العملِ ، ويكفي في شأنه أنَّ السلفَ اخْتَلَفوا في الجهادِ : هَلْ هُوَ مِن أركانِ الإسلامِ أوْ لا ؟
قَالَ ابنُ رجَبٍ : وقَدِ اختلفَ ابنُ عُمَرَ وعبدُ اللهِ بنُ عَمروِ بنِ العاصٍ في عَدِّ الجهادِ مِنْ فرائضِ الإسلامِ ، فَعَدَّهُ عبدُ اللهِ بنُ عَمروٍ مِنْهَا بَعْدَ الحجِّ، وأنْكَرَ ذلِكَ ابنُ عُمَرَ عَلَيْهِ، وقَالَ: فرائضُهُ تنتهي إلى الحجِّ .
وعَدَّ حذيفةُ بنُ اليمانِ الجهادَ مِنَ سِهامِ الإسلامِ، والأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وأَضَافَهُمَا إلى مباني الإسلامِ الخمسِ، وجَعَلَهَا ثمانيةَ سِهَامٍ . اهـ .

وَقَدْ جَعَل اللهُ عِزّةَ هَذِهِ الأمَّةِ في الجهادِ في سبيلِ اللهِ . ولا يَسْتَقِيمُ أمْرُ هذا الدِّين إلاّ بإقامةِ هذهِ الشعيرةِ العظيمةِ . (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) .
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : فَالْكِتَابُ يَهْدِي ، وَالسَّيْفُ يَنْصُرُ ، وَكَفَى بِرَبِّك هَادِيًا وَنَصِيرًا . وَلِهَذَا كَانَ قِوَامُ النَّاسِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَهْلِ الْحَدِيدِ ، كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ : صِنْفَانِ إذَا صَلَحُوا صَلَحَ النَّاسُ: الأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ . اهـ .

وإنَّمَا المقصودُ : التنبيهُ عَلَى ما يُرْتَكبُ تَحْتَ دَعَاوَى الجِهَادِ ، والجِهَادُ مِنْهَا بَرَاءٌ .
فَقَدْ شَدَّدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَولَ لأسامةَ بنِ زيدٍ حِينَ قَتَلَ مُشْرِكا بَعْدَ أنْ قَالَ لا إلِهَ إلاَّ اللهُ .
قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ عَنْهُ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ؟ قُلْتُ : كَانَ مُتَعَوِّذًا ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ . رَوَاهُ البخاريُّ ومُسْلِمٌ .
زادَ الإمامُ مُسْلِمٌ : قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ : وَأَنَا وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ - يَعْنِي أُسَامَةَ - قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ .
وإنَّ مِنَ الفِتْنةِ : أنْ يَفْرَحَ القاتِلُ بِقَتْلِ أخيهِ الْمُسلِمِ ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا .
قَالَ خَالِدُ بْنُ دِهْقَانَ : سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الْغَسَّانِيَّ، عَنْ قَوْلِهِ: "اعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ " قَالَ: الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي الْفِتْنَةِ، فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ ، فَيَرَى أَنَّهُ عَلَى هُدًى ، لا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، يَعْنِي مِنْ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "فَاعْتَبَطَ" : يَصُبُّ دَمَهُ صَبًّا .

وواللهِ لَوْ جَلَسَ الرَّجُلُ في بَيتِهِ ، ولم يُجَاهِدْ في سبيلِ اللهِ ؛ لَكَانَ خَيْرًا مِمَنْ أَمْضَى عُمَرَهُ في الجهادِ ، ثُمَّ سَفَكَ الدَّمَ الحرَامَ .
فإنَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وأدَّى الفَرَائضَ ، خَيرٌ مِمَنْ جَاهَدَ في سبيلِ اللهِ وارْتَكَبَ العظائمَ .
يَدلُّ على الأوَّلِ :
قَولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ ، وَصَامَ رَمَضَانَ ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا . رَوَاهُ البخاريُّ .
ويَدلُّ على الثاني :
ما جَاءَ عَنِ امْرَأَةِ أَبِي السَّفَرِ ، وَقَدْ دَخَلَتْ على عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَقَالَتْ : بِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ جَارِيَةً إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَابْتَعْتُهَا مِنْهُ بِسِتِّ مِائَةٍ ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ ، أَوْ بِئْسَ مَا اشْتَرَى ! أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاّ أَنْ يَتُوبَ . رَوَاهُ عبدُ الرَّزَّاقِ ، وَقَوَّاه ابنُ الجوزي وابنُ القيمِ .
قَالَ ابنُ بطّالٍ : مَعْنَى ذَلِكَ - واللهُ أعْلَمُ - أنَّ مَنْ جَاهَدَ في سبيلِ اللهِ فَقَد حَارَبَ عنِ اللهِ ، ومَنْ فَعَلَ ذلِكَ ثُمَّ استباحَ الرِّبَا ، فَقَدْ استحَقَّ محاربةَ اللهِ ، وَمَنْ أرْبَى فَقَدْ أَبْطَلَ حَرْبَهُ عَنِ اللهِ . اهـ .
فإذا كَانَ هَذَا في مُعاملَةٍ مَاليَّةٍ مُحرَّمَةٍ ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ مِنْ أكْبَرِ الكبائرِ وأَعْظَمِ الذنوبِ ؛ وَهُوَ استباحةُ دماءِ المسلمينَ ، بتأويلاتٍ فاسِدَةٍ ؟؟

ولا أعْلَمُ ذَنْبا بَعْدَ الشِّرْكِ بِاللهِ وَرَدَ فِيهِ مِنَ التَّشْديدِ ما وَرَد في سَفْكِ الدَّمِ الحرامِ .
بَلْ جَعَلَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِينَ الشِّرْكِ ، كَمَا في قولِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلاَّ الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا ، أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والنسائيُّ . وَهُوَ حديثٌ صَحِيحٌ .

قَالَ ابنُ بطَّالٍ : وأما إثِمُ الدمِ الْحَرَامِ ، فَقَدْ عَظَّمَه اللهُ في غَيْرِ مَوْضعٍ مِنْ كِتابِهِ ، وعَلَى لِسَانِ رَسُولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتّى قَالَ بعضُ الصَّحَابَةِ : إنَّ القَاتِلَ لا توبةَ لَهُ . اهـ .

أيُّها المؤمِنونَ
ما تَنضَحُ بِهِ وسَائلُ التواصُلِ اليومَ مِنْ دَعوةٍ إلى القَتْلِ ، واستباحَةِ دَمِ الْمُخالِفِ مِنَ المسلمينَ ؛ إنَّمَا هُوَ جَريمةُ العَصْرِ ، وَهُوَ خِلافُ العَدْلِ الذي أمَرَ اللهُ بِهِ عِنْدَ اقتتالِ طائفتينِ مِنَ المسلمينَ .
معَ ما فيهِ مِنْ إشاعةِ الفوْضى ، والافتئاتِ على الحُكْمِ والقَضَاءِ ، وتجرئةِ السُّفهاءِ ، والاستِهانةِ بشأنِ الدِّماءِ .

قَالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : إِذَا كَانَ دَمُ الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ يَحْرُمُ بِالأَمَانِ ، فَمَا ظَنُّكَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يُصْبِحُ وَيُمْسِي فِي ذِمَّةِ اللَّهِ ! كَيْفَ تَرَى فِي الْغَدْرِ بِهِ وَالْقَتْلِ ؟ . اهـ .

اللهُمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَزِلَّ ، أَوْ نَضِلَّ ، أَوْ نَظْلِمَ ، أَوْ نُظْلَمَ ، أَوْ نَجْهَلَ ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا .


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقاطع فيديو عن .. التكفير وأسبابه وشبهاته والرد عليها نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 03-04-2016 08:30 AM
خُطبة جمعة عن .. (تحريم الدماء والاعتداء) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 20-01-2015 10:28 AM
خُطبة (الانزلاق في الفِتَنِ) .. وحديثٌ عن التهاونِ في التكفير واستباحة الدماء نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 11-02-2014 03:22 AM
إجلال ذي الجلال راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 17-09-2012 11:32 PM
سؤال لأهل العلم حول التكفير في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 02-04-2010 12:24 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى