محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي كيف تغرب الشمس في عين حمئة ؟ والعلم اكتشف أن الأرض كروية تدور حول الشمس من مسافات
قديم بتاريخ : 19-03-2010 الساعة : 11:10 AM

جزاك الله أخي الشيخ على ما تقدمه للأمة من أعمال
وأشكرك أخي الكريم
السؤال : شبهة للعلمانيين يقولون : إن السنة فيها أحاديث تتعارض مع العلم ومع العقل, على سبيل المثال روى (عن أبي ذر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار عليه برذعة أو قطيفة، وذلك عند غروب الشمس فقال لي : يا أبا ذر هل تدرى أين تغيب هذه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم .
قال : فإنها تغرب في عين حمئة تنطلق حتى تخرّ ساجدة لربها تحت العرش ، فإذا حان وقت خروجها أُذن لها فتخرج فتطلع فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها ، فتقول : يارب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعي من حيث غربت .
ثم يقولون : كيف تغرب الشمس في عين حمئة ؟ والعلم اكتشف أن الأرض كروية تدور حول الشمس من مسافات تبلغ ملايين الكيلومترات , كيف تغرب في عين حمئة والأرض أصغر من الشمس أضعاف ؟ مضاعفة بحيث إن الأرض لو قربت من الشمس فسوف تكون كتلة من رماد بسبب الحرارة العالية , لذا فيستحيل غروبها في عين حَمِئـة .
يطعنون فينا يا شيخ بأحاديث مثل هذه .
فماذا نقول فيها وفيهم ؟



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً : الواجب أن تُعرض العقول على النصوص ، ولا عكس . لأن الذي يعرض النص على عقله قد جعل عقله حاكما على عقل محمد صلى الله عليه وسلم ، بل حاكما على الوحي

أرأيت كيف حكّموا عقولهم في القرآن ؟ لأن ذِكر العين الحمئة وارِد في القرآن في سورة الكهف - وسأعود إلى هذه النقطة - فإذا لم يَقْبَلوا ذلك - لِعَيْب في عقولهم - ردّوا نصوص الوحيين ، وهذا فعل الزنادقة

فإنه ما من نقل صحيح يُخالف العقل السليم ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقرره الشاطبي رحمه الله

قال الإمام الشاطبي رحمه الله : الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول ، والدليل على ذلك من وجوه :
أحدهما : أنها لو نَافَتْها لم تكن أدلة للعباد على حكم شرعي ولا غيره لكنها أدلة باتفاق العقلاء فدل أنها جارية على قضايا العقول وبيان ذلك أن الأدلة إنما نصبت في الشريعة لتتلقاها عقول المكلفين حتى يعملوا بمقتضاها من الدخول تحت أحكام التكليف ولو نافتها لم تتلقها فضلا أن تعمل بمقتضاها وهذا معنى كونها خارجة عن حكم الأدلة ويستوي في هذا الأدلة المنصوبة على الأحكام الآلهية وعلى الأحكام التكليفية

والثاني : أنها لو نافَتْهَا لكان التكليف بمقتضاها تكليفا بما لا يطاق وذلك من جهة التكليف بتصديق ما لا يصدقه العقل ولا يتصوره بل يتصور خلافه ويصدقه فإذا كان كذلك امتنع على العقل التصديق ضرورة وقد فرضنا ورود التكليف المنافي التصديق وهو معنى تكليف ما لا يطاق وهو باطل حسبما هو مذكور في الأصول

والثالث : أن مورد التكليف هو العقل وذلك ثابت قطعا بالاستقراء التام حتى إذا فُقِد ارتفع التكليف رأسا وعد فاقده كالبهيمة المهملة وهذا واضح في اعتبار تصديق العقل بالأدلة في لزوم التكليف فلو جاءت على خلاف ما يقتضيه لكان لزوم التكليف على العاقل أشد من لزومه على المعتوه والصبي والنائم إذ لا عقل لهؤلاء يصدق أو لا يصدق بخلاف العاقل الذي يأتيه ما لا يمكن تصديقه به ولما كان التكليف ساقطا عن هؤلاء لزم أن يكون ساقطا عن العقلاء أيضا وذلك مناف لوضع الشريعة فكان ما يؤدي إليه باطلا

والرابع : أنه لو كان كذلك لكان الكفار أول من ردّ الشريعة به لأنهم كانوا في غاية الحرص على رد ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كانوا يفترون عليه وعليها فتارة يقولون ساحر وتارة مجنون وتارة يكذبونه كما كانوا يقولون في القرآن سحر وشعر وافتراء وإنما يعلمه بشر وأساطير الأولين .

بل كان أولى ما يقولون إن هذا لا يعقل ، أو هو مخالف للعقول ، أو ما أشبه ذلك . فلما لم يكن من ذلك شيء دل على أنهم عقلوا ما فيه وعرفوا جريانه على مقتضى العقول إلا أنهم أبَوا من اتِّباعه لأمور أُخَر حتى كان من أمرهم ما كان ولم يعترضه أحد بهذا المدعى فكان قاطعا في نفيه عنه

والخامس : أن الاستقراء دل على جريانها على مقتضى العقول بحيث تصدقها العقول الراجحة وتنقاد لها طائعة أو كارهة ، ولا كلام في عناد معاند ، ولا في تجاهل مُتَعَام وهو المعنى بكونها جارية على مقتضى العقول ، لا أن العقول حاكمة عليها ، ولا مُحَسِّنة فيها ولا مُقَبِّحَة . وبسط هذا الوجه مذكور في كتاب المقاصد في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام ..

ثم قرر رحمه الله أن ما تتوهمه العقول تعارضا فإنه ليس لأمر في النصوص وإنما هو لفساد في العقول ! ولا يجوز رد شيء من الأحاديث بدعوى مخالفة العلم

ثانياً : دعوى مخالفة العِلم فهذه دعاوى فجّـة
فإن من المعاصرين من ردّ حديث : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينـزعه ، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء . رواه البخاري .
ردّه بعض العقلانيين المعاصرين بدعوى مخالفة العِلم ، وبأن الطب لم يعرف ذلك . وما هي إلا سنوات وأثبت الطب هذه المعجزة النبوية ! فرُدُّوا على أعقابهم خاسرين !

فما يُرَد اليوم على أنه حقيقة علمية يُنقض غدا بحقيقة علمية ! وأذكر أنني دَرَسْتُ في مادة الجيولوجيا أن عالما اسمه ( جاليليو ) قَرَّر أن الشمس ثابتة وأن الأرض هي التي تدور !
وأنه عندما قرّر هذه ( الحقيقة ) وُجِد من ضحك منه وسخر به ! ثم اكتشف العلم الحديث ! أن ما قرره هذا العالِم هو الصحيح ! [ هذا ما كنا نَدْرسه ] !!
وهو مُخالِف تماما لصريح القرآن في قوله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) . ولقوله تعالى : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان ) قال ابن كثير : أي يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب .

عجيب والله !
أن نردّ النصوص بدعوى مخالفة العِلم - مثلا - ونَقْبَل خبر كافر ! ونستسيغ ردّ النصوص ولا نستسيغ أن نرد ما يُسمى حقيقة عِلمية ! علما بأن رد ما يُسمى بـ ( حقائق علمية ) أصبح مُستساغاً عند الغَرْب ! لأن ما يزعمونه حقائق علمية ليست قطعية الثبوت ، فتأمل هذا جيداً !

ونحن لا يهمنا أثبت الطبّ أو نَفَى ، أو أثبت العِلم الحديث أو نَفَى طالما ثبتت عندنا النصوص . ونقول كما قال الإمام الشافعي : آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الإمام الزهري : من الله الرسالة ، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ ، وعلينا التسليم .ولذلك قال الإمام الطحاوي : ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام .
وقال ابن أبي العزّ :
فالواجب كمال التسليم للرسول ، والانقياد لأمره ، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق ، دون أن نُعارِضه بخيال باطل نسميه معقولا ، أو نحمله شُبهة ، أو شَكّا ، أو نُقدِّم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم ! اهـ .

وكم هي الأمور التي أُخِذت مأخذ التسليم عند الغرب ثم جاء من علمائهم من نقضها ؟؟؟ أذكر أن أحد الكُتّاب عندهم فَـنّـد زعمهم بالصعود إلى سطح القمر ! وفَـنّــد ذلك بأدلة عقلية !

منها :
1 - أن الرجل الذي يُزعَم أنه نزل على سطح القمر يمشي ! على سطح القمر مع انعدام الجاذبية !

2 - أنه لما ركز علم أمريكا أصبح يُرفرف ! مع انعدام الجاذبية !

3 - أن رائد الفضاء لما نزل من المركبة كانت هناك آلة تصوير خارجية تصوّره !

فمن الذي صعد قبله ووضع آلة التصوير ؟؟؟ إلى غير ذلك مما ردّ به ما يُزعم أنه حقيقة ، بل ويؤخذ مأخذ التسليم ! ولا يحتمل النقاش ولا الردّ !

قال سيد رحمه الله :
لا يجوز أن نُعَلِّق الحقائق النهائية التي يذكرها القرآن أحيانا عن الكون في طريقه لإنشاء التصور الصحيح لطبيعة الوجود وارتباطه بخالقه , وطبيعة التناسق بين أجزائه . . لا يجوز أن نعلق هذه الحقائق النهائية التي يذكرها القرآن ، بفروض العقل البشري ونظرياته , ولا حتى بما يسميه "حقائق علمية " مما ينتهي إليه بطريق التجربة القاطعة في نظره .

إن الحقائق القرآنية حقائق نهائية قاطعة مطلقة . أما ما يصل إليه البحث الإنساني - أيا كانت الأدوات المتاحة له - فهي حقائق غير نهائية ولا قاطعة ; وهي مقيدة بحدود تجاربه وظروف هذه التجارب وأدواتها . . فمن الخطأ المنهجي - بحكم المنهج العلمي الإنساني ذاته - أن نعلق الحقائق النهائية القرآنية بحقائق غير نهائية . وهي كل ما يصل إليه العلم البشري !اهـ .

أعود للقضية الأولى
في عين حمئة
وفي قراءة في عين حامية

أعود للقضية الأولى
أما حديث أبي ذر رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس : تدري أين تذهب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يُقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها . يقال لها : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) .

وفي رواية عند مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما : أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخرّ ساجدة فلا تزال كذلك ، حتى يُقال لها : ارتفعي ، ارجعي من حيث جئت ، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ، ارجعي من حيث جئت ، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش ، فيقال لها : ارتفعي ، أصبحي طالعة من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون متى ذاكم ؟ ذاك حين : ( لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) .

وهذا حق يؤمن به كل مؤمن بالله واليوم الآخر ، وأما صفته وكيفيته فلا نعلمه لأنه أمر غيبي .

وأما معنى في عين حمئة وفي قراءة في عين حامية، قال الله عز وجل عن ذي القرنين : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْن حَمِئَة)
أولاً : من ردّ الحديث فقد ردّ الآية ، ومن رد الآية فقد كفر بالله العظيم .

ثانياً : إنما ردّها من أُتِــيَ من سوء الفهم
وكم من عائب قولا سليما *** وآفته من الفهم السقيم !
لأنهم ظنوا أن الشمس تغطس وتغوص في العين الحامية ! وهذا لم يقُل به أحد من المفسِّرين - فيما علِمتُ -

ثالثاً : هذا يؤكّد على قضية هامة ، وهي أن من لا يُحسن العلوم الشرعية لا يجوز له الكلام في نصوص الوحيين .
قال الشاطبي رحمه الله :
ودعوى الملحدين على القرآن والسنة : التناقض والمخالفة للعقول ، وضَمُّوا إلى ذلك جهلهم بحكم التشريع ، فخاضوا حين لم يؤذَن لهم في الخوض ، وفيما لم يَجُزْ لهم الخوض فيه ، فتاهُوا ، فإن القرآن والسنة لما كان عربيين لم يكن لينظر فيهما إلا عربي ، كما أن من لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نظر حتى يكون عالما بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء من الشريعة . اهـ .

رابعاً : تفسير الآية
معنى الآية عند جمهور المفسرين : أن ذا القرنين بلغ مغرب الشمس فرأى منظر الشمس كأنها تغرب في البحر
قال القرطبي :
وقال القفال : قال بعض العلماء : ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا حتى وصل إلى جرمها ومسَّها ، لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض و، هي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض ، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة ، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق فوجدها في رأى العين تغرب في عين حمئة ، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ، ولهذا قال ( وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) ولم يُرِد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم ، وقال القتبي : ويجوز أن تكون هذه العين من البحر ، ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها ، فيُقام حرف الصفة مقام صاحبه ، والله أعلم . اهـ .

وقال الشنقيطي في أضواء البيان :
فالمعنى أنها حارة وذلك لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها وملاقاتها الشعاع بلا حائل ، ولا منافاة بين القراءتين حق قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : وجدها تغرب في عين حمئة ، أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه .

وقال :
ومن هذا المعنى قول تبع الحميري فيما يؤثر عنه يمدح ذا القرنين :
بلغ المشارق والمغارب يبتغى *** أسباب أمْـر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها *** في عين ذي خلب وثأط حرمد
والخلب ـ في لغة حمير ـ الطين والثأط الحمأة والحرمد الأسود . اهـ .

ومن قبله قال الفخر الرازي في التفسير الكبير المسمى ( مفاتح الغيب ) : ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها ، ولا شك أن الشمس في الفلك وأيضا قال : (ووجد عندها قوما) ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود ، وأيضا الشمس أكبر من الأرض بمرّات كثيرة فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض ؟ إذا ثبت هذا فنقول : تأويل قوله : (تغرب في عين حمئة) من وجوه :
الأول : أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يَبقَ بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وَهْدَة مظلمة ، وإن لم تكن كذلك في الحقيقة ، كما أن راكب البحر يَرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم يَرَ الشطّ ، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر ، هذا هو التأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره .

الثاني : أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها ، فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار ، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية ، وهي أيضا حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء ، فقوله : (تغرب في عين حمئة) إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر وهو موضع شديد السخونة .

الثالث : قال أهل الأخبار إن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء والحمأة ، وهذا في غاية البعد ، وذلك لأنا إذا رصدنا كسوفا قمريا فإذا اعتبرناه ورأينا أن المغربيين قالوا : حصل هذا الكسوف في أول الليل ، ورأينا المشرقيين قالوا : حصل في أول النهار ، فعلمنا أن أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق ، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد ووقت الظهر في بلد آخر ووقت الضحوة في بلد ثالث ووقت طلوع الشمس في بلد رابع ونصف الليل في بلد خامس ، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار ، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يُقال إنها تغيب في الطين والحمأة كلاما على خلاف اليقين ، وكلام الله تعالى مبرأ عن هذه التّهمة ، فلم يبق إلا أن يُصار إلى التأويل الذي ذكرناه . ثم قال تعالى : (ووجد عندها) قوما الضمير في قوله : (عندها) إلى ماذا يعود ؟
فيه قولان :
الأول : أنه عائد إلى الشمس ، ويكون التأنيث للشمس لأن الإنسان لما تخيل أن الشمس تغرب هناك كان سكان هذا الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس .
والقول الثاني : أن يكون الضمير عائدا إلى العين الحامية ، وعلى هذا القول فالتأويل ما ذكرناه . اهـ .

وفي تفسير الجلالين :
(حتى إذا بلغ مغرب الشمس ) موضع غروبها (وجدها تغرب في عين حمئة) ذات حمأة ، وهي الطين الأسود ، وغروبها في العين ، في رأي العين ، وإلا فهي أعظم من الدنيا (ووجد عندها) أي العين . اهـ .

وأما سجود الشمس تحت العرش فهذا ثابت في الحديث ، وهو أمر غيبي لا نعلم كيفيته . فإذا كنا لا نعلم أشياء في أنفسنا ، فكيف بأمور غُـيِّبت عنا ؟! ولو كان للعباد مصلحة في معرفة هذا السجود لأخبروا بكيفيته

ولذلك قسّم ابن القيم رحمه الله العِلم إلى عِلم ممنوح ، وعلم ممنوع ، فالممنوح ما فيه مصلحة للعباد ، والممنوع ، كعلم الغيب ما لا مصلحة للعباد فيه ، بل المصلحة في إخفائه عنهم ، كما في الآجال .

فوجب التصديق بخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعدم ردّ شيء منه .وعدم الالتفات إلى شُبهات العلمانيين والعقلانيين . أما شُبهة القوم في رد الأحاديث الصحيحة فإنما جاء من تبلّد في العقول ! ولو تأملوا في الأحاديث الصحيحة لما ردّوها

ويُقال فيها ما قيل فيما سبق ، والقاعدة :
وكم من عائب قولا سليما *** وآفته من الفهم السقيم

وهنا :
سؤال عن قول الشيخ ابن باز : من قال : أن الشمس ساكنة والأرض تجري يسفك دمه
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6635

ما صحة الاستنتاج للطواف حول الكعبة أنها حركة دائرية ضد عقارب الساعة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=755

موضوع حِساب سرعة الضوء مِن القرآن الكريم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=579


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إذا كانت الأرض كروية فكيف نفسر جريان الشمس التي أخبر الله عنه ؟ منصور قطينه قسـم الفتـاوى العامـة 1 18-05-2016 12:02 AM
حديث: ((لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس...)) طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 0 04-02-2016 06:42 PM
هل يجوز إطلاق اسم عباد الشمس على نبات دوار الشمس ؟ راجية العفو قسـم المحرمـات والمنهيات 0 11-07-2013 12:38 AM
كيف نوفق بين هذا الحديث و بين من يقول بأن الأرض كروية *المتفائله* قسـم السنـة النبويـة 0 21-03-2010 10:49 PM
كيف الجمع بين سجود الشمس تحت العرش ، مع أن الشمس لا تغرب طيلة 24 ساعة ؟ راجية العفو قسـم السنـة النبويـة 0 12-02-2010 01:18 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 09:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى