العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي لا أدري
قديم بتاريخ : 24-11-2014 الساعة : 08:39 PM


كثُر قول السلف " لا أدري " فيما لا يعلمون ، وكانوا لا يَتَحَرَّجُون مِن قول : " لا أدري " .

وقدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أُمِر أن يقول : (مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) .
وفي حديث أُمَّ الْعَلاَءِ رضي الله عنها قالت : اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً ، فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا ، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ؟ فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي - وَأَنَا رَسُولُ اللهِ - مَا يُفْعَلُ بِي . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا . رواه البخاري .

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : وا بَردها على كبدي ، ثلاث مرات ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، وما ذاك ؟ قال : أن يُسأل الرجل عمّا لا يعلم فيقول : الله أعلم . رواه الدارمي .
وقال ابن القيم : وذَكَر البيهقي عن علي رضي الله عنه قال : خمس إذا سافر فيهن رجل إلى اليمن كُنّ فيه عوضا مِن سَفَرِه : لا يخشى عبدٌ إلاّ ربه ، ولا يخاف إلاّ ذَنْبه ، ولا يستحي مَن لا يعلم أن يتعلم ، ولا يستحي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم ، والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم فليقل : " الله أعلم " ، فإن الله قال لِنَبِيِّه : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) . اهـ .

وروى الدارمي مِن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عُمر : أن رجلا سأله عن مَسألة ، فقال : لا عِلْم لي بها ، فلما أدبر الرجل قال ابن عمر : نِعْم ما قال ابن عمر ! سُئل عمَّا لا يَعْلَم ، فقال : لا عِلْم لي به .

وروى الطبراني في " الأوسط " وابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق نافع عن ابن عُمر قال : العِلْم ثلاثة : كتاب نَاطِق ، وسُنَّة ماضية ، ولا أدري .

وروى ابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق عقبة بن مسلم قال : صَحِبْت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا ، فكان كثيرا ما يُسأل ، فيقول : " لا أدري " ، ثم يَلْتَفت إليّ ، فيقول : أتَدري ما يُريد هؤلاء ؟ يُرِيدُون أن يَجْعَلُوا ظهورنا جِسْرًا إلى جهنم !

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قال : نَزَلَتْ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ صِيَامَ رَمَضَانَ فَيَفْتَدِي مِنْ كُلِّ يَوْمٍ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ . قُلْتُ لَهُ : كَمْ طَعَامُهُ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : طَعَامُ يَوْمٍ .

وقال سعيد بن جبير : سألني يهودي مِن أهل الْحِيرة : أي الأجلين قَضى موسى ؟ قلت : لا أدري حتى أقدم على حَبْر العَرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فَعَل . رواه البخاري .

وقال ابن عبد البر : قال ابن وَضَّاح : وسُئل سحنون : أيَسع العَالِم أن يقول : " لا أدري " فيما يَدْرِي ؟ فقال : أما مَا في كِتاب قائم أو سُنة ثابتة فلا يَسَعه ذلك ، وأما ما كان مِن هذا الرأي فإنه يَسَعه ذلك ؛ لأنه لا يَدْري أمُصِيب هو أم مُخْطِئ .

وقال الشعبي : لا أدري نصف العلم . رواه الدارمي .

وروى ابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : سُئل سعيد بن جبير عن شيء ، فقال : لا أعلم ، ثم قال : وَيل للذي يَقول لِمَا لا يَعْلَم : إني أعْلَم .

وقال : وذَكَر ابنُ وهب أيضا في كتاب " المجالس " قال : سَمِعْت مالِكًا يقول : ينبغي للعَالِم أن يَألَف فيما أشْكَل عليه قول : " لا أدري " ؛ فإنه عسى أن يُهَيَّأ له خَيْر .

قال الإمام مالك رحمه الله : ما شيء أشدّ عليّ مِن أن أُسْأل عن مسألة من الحلال والحرام ؛ لأن هذا هو القَطْع في حُكْم الله ، ولقد أدركت أهل العِلم والفقه بِبَلَدِنا وإن أحدهم إذا سُئل عن مسألة كأن الموت أشْرَف عليه ، ورأيت أهل زماننا هذا يَشتهون الكلام فيه والفتيا ، ولو وَقَفوا على ما يَصيرون إليه غدا لَقَلَّلُوا مِن هذا ، وإن عمر بن الخطاب وعَلِيًّا وعامة خيار الصحابة كانت تَرِد عليهم المسائل - وهم خير القَرن الذى بُعِث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم - وكانوا يَجْمَعُون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويَسألون ، ثم حينئذ يُفْتُون فيها ، وأهل زماننا هذا قد صار فَخْرهم الفُتيا ؛ فَبِقَدْر ذلك يُفْتَح لهم مِن العِلم .

وقال الإمام النووي في " مقدّمة المجموع " :
وروينا عن السَّلف وفُضلاء الْخَلف مِن التوقُّف عن الفُتيا أشياء كثيرة معروفة نَذْكُر مِنها أحْرُفا.
وروينا عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال : أدركت عشرين ومائة مِن الأنصار مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسْأل أحدهم عن المسألة فَيَرُدّها هذا إلى هذا ، وهذا إلى هذا ، حتى تَرْجِع إلى الأول .
وفي رواية : ما مِنهم مَن يُحَدِّث بِحَدِيث إلاَّ وَدّ أن أخاه كَفَاه إياه ، ولا يُسْتَفْتَى عن شئ إلاَّ وَدّ أن أخاه كَفَاه الفُتْيا ...
وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان : إِذَا أَغْفَلَ العَالِمُ ( لاَ أَدْرِي ) أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ ...
وعن الشافعي وقد سُئل عن مَسألة فلم يُجِب ، فقيل له ، فقال : حتى أدري أن الفَضْل في السكوت أو في الجواب .
وعن الاثرم : سَمِعت أحمد بن حنبل يُكْثِر أن يقول : لا أدري .
وعن الهيثم بن جميل : شَهِدْت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين منها لا أدري .
وعن مالك أيضا أنه ربما كان يُسأل عن خمسين مسألة فلا يُجِيب في واحدة منها .
وكان يقول : مَن أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يَعْرِض نفسه على الجنة والنار ، وكيف خلاصه ، ثم يُجِيب .
وسئل عن مسألة ، فقال : لا أدرى . فقيل : هي مسألة خفيفة سهلة ! فغضب ، وقال : ليس في العِلْم شَئ خفيف . اهـ .

وقال الشاطبي في " الموافقات " : قال موسى بن داود : ما رأيت أحدا مِن العلماء أكثر أن يقول: " لا أحسن " من مَالِك ، وربما سمعته يقول : " ليس نُبْتَلى بهذا الأمر ، ليس هذا بِبَلَدِنا " ، وكان يقول للرجل يسأله : اذهب حتى أنظر في أمرك ...
وسأل رجل مالِكًا عن مسألة - وذَكَر أنه أُرْسِل فيها مِن مسيرة ستة أشهر مِن المغرب - فقال له : أخبر الذى أرسلك أنه لا عِلْم لي بها . قال : ومَن يعلمها ؟ قال : مَن عَلَّمَه الله .
وسَأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ؛ فقال : ما أدري ، ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سَمِعنا أحدًا مِن أشياخنا تكلم فيها، ولكن تَعُود فلما كان مِن الغد جاء وقد حَمَل ثقله على بَغْله يقوده ، فقال : مسألتي ! فقال : ما أدري ما هي . فقال الرجل : يا أبا عبد الله ! تَرَكْتُ خَلْفي مَن يقول : ليس على وَجه الأرض أعْلم منك . فقال مالك غير مُسْتَوحِش : إذا رَجَعْت فأخبرهم أني لا أُحْسِن .
وسأله آخر فلم يُجِبه ، فقال له : يا أبا عبد الله أجبني . فقال : ويحك ، تريد أن تَجْعَلَني حُجّة بينك وبَيْن الله ؟ فأحتاج أنا أوَّلاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أُخَلِّصُك .
وسُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها : " لا أدري " .
وسُئل مِن العراق عن أربعين مسألة ؛ فما أجاب منها إلاَّ في خَمْس ...
وقال : سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي أن يُورِث العَالِم جُلَسَاءه قَول : " لا أدري " .
وكان يقول في أكثر ما يُسأل عنه : " لا أدري ".

قال عمر بن يزيد : فقلت لِمَالِك في ذلك ؛ فقال : يَرْجِع أهل الشام إلى شامِهم ، وأهل العراق إلى عِراقهم ، وأهل مِصر إلى مِصرهم ، ثم لعلي أرجع عما أُفْتِيهم به . قال: فأخبرت الليث بذلك ، فبكى ، وقال : مالك - والله - أقوى مِن الليث ، أو نحو هذا .

وسئل مَرَّة عن نَيِّف وعشرين مسألة ؛ فما أجاب منها إلاَّ في واحدة ، وربما سئل عن مائة مسألة فيجيب منها في خمس أو عَشر، ويقول في الباقي: " لا أدري " .
والروايات عنه في " لا أدري " ، و" لا أُحْسِن " كثيرة ؛ حتى قيل : لو شاء رجل أن يملأ صحيفته من قول مالك " لا أدري" لَفَعل قبل أن يُجِيب في مسألة .
وقيل : إذا قُلت أنت يا أبا عبد الله : " لا أدري " فَمَن يَدْرِي ؟ قال : ويحك ! أعَرَفْتَنِي ؟ ومَن أنا ؟ وإيش مَنْزِلَتي حتى أَدْرِي ما لا تَدْرُون ؟ ثم أخذ يَحْتَجّ بِحَديث ابن عمر . وقال : هذا ابن عمر يقول " لا أدري " ؛ فمن أنا ؟ وإنما أهْلَك الناسَ العُجْبُ وطَلَبُ الرياسةِ ، وهذا يَضْمَحِلُّ عن قليل .
وقال مرة أخرى : قد ابْتُلِي عُمر بن الخطاب بهذه الأشياء ؛ فلم يُجِب فيها ، وقال ابن الزبير: لا أدري ، وابن عمر: لا أدري .

وسُئل مالك عن مسألة ، فقال : " لا أدري " ، فقال له السائل : إنها مسألة خفيفة سَهْلة ، وإنما أرَدْت أن أُعْلِم بها الأمير - وكان السائل ذا قَدر - فَغَضِب مالِك ، وقال : مَسألة خَفيفة سَهلة! ليس في العِلْم شيء خفيف ، أما سمعت قول الله تعالى : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) ؛ فَالْعِلْم كُلّه ثَقيل ، وبِخَاصة ما يُسأل عنه يوم القيامة .
قال بعضهم : ما سَمِعْت قطّ أكثر قَولاً مِن مالك : " لا حول ولا قوة إلا بالله "، ولو نشاء أن ننصرف بألواحنا مملوءة بقوله : " لا أدري ، إِنْ نَظُنُّ إِلاّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ " ؛ لَفَعَلْنَا.

ولنا في أسْلافِنا أُسوة وقدوة ..
وإذا كان أسْلافُنا أكثروا مِن قول " لا أدري " مع وَفْرة علومهم ، وسَعة فَهمهم ، وتَبَحُّرِهم في العلوم ، فينبغي أن نكون أكثر منهم في قولها ، وأجرأ على قولها ! وأن لا نأنَف مِن قَول " لا أدري " ، و " لا أعلم " ، وليس في ذلك نَقْص ولا غضاضة ، بل هو مِن كَمَال الشخص ونُبلِه .

وإنها لَتَرِد عليّ المسألة فأرْجِيها أيامًا حتى أبحث لها عن جَواب في أقوال وفتاوى ثِقات العلماء ، أو أسأل عنها بعض مشايخنا .

الرياض 11 / 1 / 1432 هـ .

وسبق :
التحذير مِن القول على الله بغير عِلْم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15126


الرياض 11 / 1 / 1432 هـ .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لا أدري عبد الرحمن السحيم اكتب سؤالك هنا 0 24-11-2014 08:39 PM
هل أخرج الزكاة على المال كله ؟ شواطئ التائبين إرشـاد الزكـاة والصدقـة 1 04-03-2010 07:06 AM
هل يجوز قص الشعر مدرج تحت الاذن؟ ناصرة السنة إرشـاد المـرأة 0 01-03-2010 05:05 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى