عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة عن أحكام السهر
قديم بتاريخ : 26-05-2016 الساعة : 03:42 PM

خُطبة عن أحكام السهر

الْحَمدُ للهِ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا)
القائلِ : (فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ)
وتبارَكَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا .
أمَّا بَعدُ :
فإنَّ اللهَ جَعَلَ الليلَ والنهارَ آيتينِ لِكَمَالِ نَفْعِ العبادِ وقيامِ مَصالِحِهم .
قَالَ تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)
وقَالَ عزَّ وَجَلّ : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
فَتَصَرُّفُ الناسِ في مَعَاشِهِم إنَّما يَكونُ غَالِبًا في النهارِ، وسَكَنُهُم وراحَتُهُم في الليل .
قَالَ القُرطبيُّ : (لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ) يُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَعَاشِ . اهـ .
ولَمّا كَانَ الليلُ سَكَنا ، كَانَ انتشارُ الهوامِّ والشياطينِ في الليلِ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ- أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا . رَوَاهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ .

أيُّها المؤمِنونَ
ما أنْ تأتيَ إجازةٌ حتى تنْقَلِبَ حياةُ كثيرٍ مِن الناسِ ، فَيَتَحوَّلُ لَيْلُهم إلى نَهارٍ وَنَهَارُهُم إلى سُباتٍ ، ويَطولُ السَّهَرُ ، وتُضَيَّعُ الصَّلَوَاتُ ، ويَدْخُلُ فِئامٌ مِنَ الناسِ تَحْتَ وصْفِ : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) وتَحْتَ وَصْفِ : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) .

عِبادَ اللهِ :
السَّهَرُ يَخْتَلِفُ حُكْمُه باختلافِ ما يَكتَنِفُهُ مِن عَمَلٍ :
فإنْ كَانَ فيما يُقرِّبُ إلى اللهِ ، ولا يَتَرتَّبُ عليهِ إضاعةُ حقٍّ ولا تفريطٌ في واجِبٍ ؛ فهو مُسْتَحَبٌّ .

ففي حديثِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ ، وصَحَّحَه الألبانيُّ والأرنؤوطُ .
وفي حديثِ ابنِ مسعودِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا سَمَرَ بَعْدَ الصَّلاةِ - يَعْنِي: الْعِشَاءَ الآخِرَةَ -، إِلاَّ لأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ، أَوْ مُسَافِرٍ. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ . وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ ، وقَالَ الأرنؤوطُ : حَسَنٌ لِغَيرِهِ .
قَالَ الإمامُ الترمذيُّ : وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي السَّمَرِ بَعْدَ صَلاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ ؛ فَكَرِهَ قَوْمٌ مِنْهُمُ السَّمَرَ بَعْدَ صَلاةِ العِشَاءِ ، وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى العِلْمِ ، وَمَا لا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الحَوَائِجِ ، وَأَكْثَرُ الحَدِيثِ عَلَى الرُّخْصَةِ .اهـ.
قَالَ المبارَكْفُورِيُّ في شرحِ الترمذيِّ:
وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا : أَنْ تُحْمَلَ أَحَادِيثُ الْمَنْعِ عَلَى السَّمَرِ الَّذِي لا يَكُونُ لحاجَةٍ دِينيةٍ ، ولا لِمَا بُدَّ مِنَ الْحَوَائِجِ . وَقَدْ بَوَّبَ الإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابٌ السَّمَرُ فِي الْعِلْمِ . قَالَ الْعَيْنِيُّ : نَـبَّهَ عَلَى أَنَّ السَّمَرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لا يَكُونُ مِنَ الْخَيْرِ ، وَأَمَّا السَّمَرُ بِالْخَيْرِ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ ، بَلْ هُوَ مَرْغُوبٌ فِيهِ . اهـ .

وإن كَانَ السَّهَرُ فيما لا فائدةَ فيه ؛ فهُوَ مَكْرُوهٌ .
فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ كَرِهَ السهرَ ، ففِي حديثِ أبي بَرْزَةَ الأسلميِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا. رَوَاهُ البخاريُّ ومُسلِمٌ .
وفي حديثِ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَدَبَ لنا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَرَ بعدَ العِشاءِ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وابنُ ماجَه ، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ ، وقَالَ الأرنؤوطُ عنْ إسنادِ أَحْمَدَ : حَسَنٌ لِغَيْرِهِ .
قَالَ أبو عُبيدٍ : جَدَبَ السَّمَرَ يَعني : عَابَهُ وذَمَّـه . اهـ .
قَالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وَأَهْلُ الْعِلْمِ لا يَرَوْنَ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا.
وقَالَ : وكَانَ عُمرُ بنُ الخطابِ يُشَدِّدُ في ذلِكَ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : لا يَجُوزُ السَّمَرُ بعد العشاءِ إلاَّ لِمُصَلِّي أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ مُذَاكِرٍ بِعِلْمٍ .
وقَالَ النوويُّ : وَسَبَبُ كَرَاهَةِ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى السَّهَرِ ، وَيُخَافُ مِنْهُ غَلَبَةُ النَّوْمِ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ أَوِ الذِّكْرِ فِيهِ أَوْ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ فِي وَقْتِهَا الْجَائِزِ أَوْ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ أَوِ الأَفْضَلِ ؛ وَلأَنَّ السَّهَرَ فِي اللَّيْلِ سَبَبٌ لِلْكَسَلِ فِي النَّهَارِ عَمَّا يَتَوَجَّهُ مِنْ حُقُوقِ الدِّينِ وَالطَّاعَاتِ وَمَصَالِحِ الدُّنْيَا. قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْمَكْرُوهُ مِنَ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ هُوَ مَا كَانَ فِي الأُمُورِ الَّتِي لا مَصْلَحَةَ فِيهَا، أَمَّا مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَخَيْرٌ فَلا كَرَاهَةَ فِيهِ ، وَذَلِكَ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ ، وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ ، وَمُحَادَثَةِ الضَّيْفِ وَالْعَرُوسِ لِلتَّأْنِيسِ، وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَأَوْلادَهُ لِلْمُلاطَفَةِ وَالْحَاجَةِ،وَمُحَادَثَةِ الْمُسَافِرِينَ بِحِفْظِ مَتَاعِهِمْ أَوْ أَنْفُسِهِمْ ، وَالْحَدِيثُ فِي الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ ، وَالشَّفَاعَةِ إِلَيْهِمْ فِي خَيْرٍ ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالإِرْشَادُ إِلَى مَصْلَحَةٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ فَكُلُّ هَذَا لا كَرَاهَةَ فِيهِ . اهـ .
وإنْ كَانَ السَّهرُ في أمْرٍ مُحرَّمٍ ، أوْ على أمْرٍ مُحرَّمٍ ؛ فهُوَ مُحَرَّمٌ ، فإنْ ترتّبَ عليه تضييعُ الفرائضِ ، أوْ الجمْعُ بَينَ الصلواتِ ؛ فهُوَ مِن كبائرِ الذنوبِ .
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رَحِمَهُ اللهُ : تأخيرُ الصلاةِ عن غيرِ وَقتِها الذي يَجِبُ فِعْلُها فيه عَمْدًا مِنَ الكبائرِ ، بَلْ قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ . اهـ .



أيُّها المؤمِنونَ :
تَنَوَّعَ الناسُ في السَّهَرِ :
فمِنَ الناسِ مَنْ جَعَلَ الليلَ مَطيّةً له إلى الدارِ الآخرةِ؛ فقامَ مِنه ما يَنْتَفِعُ به قَلْبُه وقَالَبُه ، دِينُه وبَدَنُه .
وفي الحَديثِ : عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الجَسَدِ . رَوَاهُ الترمذيُّ ، وحسّنه الألبانيُّ .
ومع ذلِكَ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَديِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يسَهرَ الليلَ كُلَّـه في قيامِ الليل .
قَالَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : لا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ ، وَلا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ . رَوَاهُ مسلمٌ .

قَالَ ابنُ القيِّمِ : وَأَمَّا فُضُولُ الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ لَهُمْ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا هُوَ مِنْ أَفْضَلِ السَّهَرِ وَأَحْمَدِهِ عَاقِبَةً، وَهُوَ السَّهَرُ الْمُتَوَسِّطُ الَّذِي يَنْفَعُ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ، وَلا يَعُوقُ عَنْ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ . اهـ .

ومِنَ الناسِ مَن أمضَى ليلَه أوْ جُزءا مِنه فيما فيهِ فائدةٌ مِن تعلُّمِ عِلْمٍ أوْ مُذاكَرَةٍ ، أو مُراجَعَةٍ ، ونحوِ ذلِكَ .
ومِنْهُم مَنْ قَضَى ليلَهُ فيما لا فائدةَ فيه .
ومِنهُم مَنْ أضاعَهُ في معصيةِ اللهِ ومَا يَضُرُّ دِينَهُ وبَدَنَه .

ولِيُعْلَمَ أنَّ الليلَ جُزءٌ مِنْ أعْمَارِنا ، وَسَوْفَ نُسألُ عنْ أعمارِنا فيما أفنيْنَاهَا.
وللسَّهَرِ مَضارٌّ صِحِّيَّةٌ ، وقد ذَكَرَ ابنُ القيِّمِ أنَّ الصُّدَاعَ يَكُونُ عَنْ أَسْبَابٍ عَدِيدَةٍ ، وذَكَرَ مِنْها: مَا يَحْدُثُ مِنَ السَّهَرِ وَعَدَمِ النَّوْمِ . اهـ .


ومِنْ مضَارِّ السَّهَرِ :
عدمُ انتظامِ النومِ ، والنومُ فيما يُكْرَهُ مِن الأوقاتِ
قَالَ عبدُ اللهِ بنُ عمروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: النَّوْمُ ثَلاثَةٌ: فَنَوْمٌ خُرْقٌ ، وَنَوْمٌ خُلُقٌ، وَنَوْمٌ حُمْقٌ , فَأَمَّا نَوْمَةُ الْخُرْقِ فَنَوْمَةُ الضُّحَى ، يَقْضِي النَّاسُ حَوَائِجَهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ , وَأَمَّا نَوْمَةُ خُلُقٍ فَنَوْمَةُ الْقَائِلَةِ نِصْفِ النَّهَارِ , وَأَمَّا نَوْمَةُ حُمْقٍ فَنَوْمَةٌ حِينَ تَحْضُرُ الصَّلَوَاتُ . رواه الطحاوي في " شرح مُشكل الآثار" والبيهقي في الشُّعب .

ومِنْ مضَارِّ السَّهَرِ : فَوَاتُ دُعاءِ الْمَلَكِ لِمَنْ بَاتَ طاهِرًا .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا. رَوَاهُ ابنُ حِبانَ. وقَالَ ابنُ حَجَرٍ : سَنَدُهُ جَيِّدٌ .

ومِنْ مَضَارِّ السَّهَرِ : أنْ مَنْ سَهِرَ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ وفضْلٌ عظيمٌ .
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ . رَوَاهُ البخاريُّ .

الخطبة الثانية :



أما بعد :
فإن الناس اسْتَمْرأوا السَّهَر وألِفُوه حتى صارَ يُعابُ مَن يَنامُ مُبَكِّرا ، فيُوصَفُ بِنَومِ الدَّجاج !
وكَمْ مِن الأوقاتِ تَضِيعُ بِسببِ السَّهر ، بلْ كَمْ مِن الفَرَائضِ تُضيَّعُ بِسببه؟

وإذا مَرَرتَ بِشَبابٍ يَسْهَرُونَ ويَلْهُونَ ويَعبثونَ ، فَكَلَّمْتَهُم أوْ ناصَحْتَهم ، أجابُوكَ : بِأنَّهم في فراغٍ ، فَمَاذا يَصنعونَ ؟!

مَرَّ شُرَيْحٌ بِقَوْمٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ: مَالَكُمْ ؟ قَالَوا : فَرَغْنَا يَا أَبَا أُمَامَةَ . قَالَ: مَا بِهَذَا أُمِرَ الْفَارِغُ .

عِبادَ اللهِ :
إنَّما أُمِرَ الفارِغُ بِطاعَةِ اللهِ .
قَالَ ابنُ كثيرٍ : قَوْلُهُ : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) أَيْ: إِذَا فَرغْتَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَشْغَالِهَا وَقَطَعْتَ عَلائِقَهَا، فَانْصَبْ فِي الْعِبَادَةِ، وَقُمْ إِلَيْهَا نَشِيطًا فَارِغَ الْبَالِ، وَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ النِّيَّةَ وَالرَّغْبَةَ .
وقَالَ في قولِهِ تَعَالى : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) أَيْ: فِي الْعِبَادَةِ . (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قَالَ الثَّوْرِيُّ: اجْعَلْ نِيَّتَكَ وَرَغْبَتَكَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ . اهـ .
أيها المؤمنون :
كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يقولُ : إنِّي لأكْرَهُ أنْ أَرَى أحَدَكُم فَارِغا سَبَهْللاً لا في أمْرِ دُنيا ولا في أمْرِ آخِرَةٍ .
وقَالَ ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ما نَدِمْتُ على شيءٍ نَدَمِي على يومٍ غَرَبتْ شَمْسُه ، نَقَصَ فيه أجَلِي ولم يَزِدْ فيه عَمَلِي .

قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ عَلَى الْعُلَمَاءِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى عَمَلٍ لا أَزَالُ مِنْهُ لِلَّهِ عَامِلا، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَ عَلَيَّ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلاَّ وَأَنَا عَامِلٌ لِلَّهِ تَعَالَى . فَقِيلَ لَهُ: قَدْ وَجَدْتَ حَاجَتَكَ، فَاعْمَلِ الْخَيْرَ مَا اسْتَطَعْتَ، فَإِذَا فَتَرْتَ أَوْ تَرَكْتَهُ فَهِمَّ بِعَمَلِهِ، فَإِنَّ الْهَامَّ بِعَمَلِ الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ .
أيُّها الكِرامُ :
اغتنموا أوقاتَكُمْ ، وأصلِحُوا أولادَكم ، واحفَظُوا عَلَيْهِم أوقاتَهم ، فإنَّ صَلاحَ الوَلَدِ غنيمةٌ في الدُّنيا وفي الآخِرَةِ .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم تقسيم الزكاة فيُخرَج نِصفها بداية الشهر والنصف الآخَر نهاية الشهر ؟ راجية العفو إرشـاد الزكـاة والصدقـة 0 21-09-2013 05:48 PM
صمت 5 من شوّال و انتهى الشهر , هل عليّ شيء؟ راجية العفو إرشــاد الـصــوم 0 17-07-2013 01:26 AM
ما هي أحكام عدة المطلقة ؟ عبق إرشـاد المـرأة 0 29-03-2010 01:23 PM
ما هي صورة الْـتَّـوَرُّق وحكمه الشرعي ؟ محب السلف إرشـاد المعامـلات 1 19-02-2010 09:50 AM
امرأة أسقطت وهي في الشهر الثالث من الحمل هل تعتبر نفساء ؟ محب السلف قسم الأسرة المسلمة 0 05-02-2010 07:26 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 05:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى