_______
وهناك بيت شعر فليتك تحلو..... فقد سمعت احدهم يقوله عن الله عزوجل
جزاكم الله خيرا
الجواب/
ظاهر اللفظ لا يجوز
ولكن إذا كان المقصود أن المؤمن في هذه الدنيا قد سُخِّرت له الأرض والجبال والبحار والسماء ، ويُقصد بها ما ارتفع ، أو سكانها من الملائكة فهذا لا إشكال فيه .
قال الله تبارك وتعالى ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )
قال ابن القيم رحمه الله في هذه الآية :
فسبحان من ألبسه [ يعني الإنسان ] خِلَعَ الكرامة كلَّها ؛ من العقل والعلم والبيان والنطق والشكلِ والصورةِ الحسنة والهيئةِ الشريفة والقدِّ المعتدل واكتسابِ العلوم بالاستدلال والفكر واقتناص الأخلاق الشريفة الفاضلة من البر والطاعة والانقياد ، فكم بين حاله وهو نطفةٌ في داخلٌ الرحم مستودعٌ هنا وبين حاله والـمَلَكُ يدخل عليه في جنات عدن ( فتبارك الله أحسنُ الخالقين ) .
وقال أيضا :
فالدنيا قرية ، والمؤمن رئيسها ، والكلُّ مشغولٌ به ، ساع في مصالحه ، والكلُّ قد أُقيم في خدمته وحوائجه ؛ فالملائكة الذين هم حملة عرش الرحمن ومن حوله يستغفرون له ، والملائكةُ الموكّلون به يحفظونه ، والموكلون بالقطر والنبات يسعون في رزقه ويعملون فيه ، والأفلاك مُسخرةٌ منقادةٌ دائرةٌ بما فيه مصالحه ، والشمسُ والقمرُ والنجومُ مسخراتٌ جارياتٌ بحسابِ أزمنته وأوقاته وإصلاح رواتبِ أقواته ، والعالم الجوي مسخرٌ له برياحه وهوائه وسحابه وطيره وما أُودع فيه ، والعالم السفلي كلُّه مسخرٌ له مخلوق لمصالحه ؛ أرضُه وجبالُه وبحارُه وأنهارُه وأشجارُه وثمارُه ونباتُه وحيوانُه وكلُّ ما فيه كما قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لَّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ )
وابن الجوزي يقول : يا مختار الكون ! وما يعرف قدر نفسه ! أما أسجدت الملائكة بالأمس لك ؟
وأما قول :
فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك ترضى والأنام غِضابُ
إذا صحّ منك الوِدّ فالكلُّ هيّن *** وكل الذي فوق التراب تُرابُ
فقد قال ابن القيم :
قال بعض السلف : لَمُصانعة وجه واحد أيسر عليك من مصانعة وجوه كثيرة . إنك إذا صانعت ذلك الوجه الواحد كفاك الوجوه كلها .
وقال الشافعي رضي الله عنه : رضا الناس غاية لا تدرك ، فعليك بما فيه صلاح نفسك فالزمه .
ومعلوم أنه لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره ، ولقد أحسن أبو فراس في هذا المعنى إلا أنه أساء كل الإساءة في قوله ، إذ يقوله لمخلوق لا يملك له ولا لنفسه نفعا ولا ضرا :
فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
والله تعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد