إن شَرِب الإنسان ثم دعا ، أو دعا ثم شَرِب ، ففي الأمر سَعَة ، وكل هذا وارِد عن العلماء .
ولا يتلفّظ بالنية ، إنما يتلفّظ بالدعاء ، أو يتلفّظ بِما شُرب ماء زمزم مِن أجله .
وما زال العلماء يشربون ماء زمزم يطلبون بركته .
وكان بعض العلماء يشرب ماء زمزم بِنيّة الاستزادة من العلم والفهم والحفظ .
روى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " مِن طريق الحسن بن عيسى قال : رأيت ابن المبارك دخل زمزم فاستقى دَلْوا ، واستقبل البيت ، ثم قال : اللهم أن عبد الله بن المؤمل حَدّثني عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ماء زمزم لِمَا شُرِب له . اللهم أني اشربه لعطش يوم القيامة ، فَشَرِب .
وقد سئل ابن خزيمة : من أين أُوتيت العِلم ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لِمَا شُرب له ، وإني لَمَّا شَربتُ سألت الله علما نافعا .
وقال الحاكم : شَرِبْتُ ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حُسن التصنيف .
,قال ابن عساكر : سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد البلخي يحكي عن بعض شيوخه - وأظنه أبا الفضل بن خيرون - أن أبا بكر الخطيب كان يذكر أنه لَمَّا حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله عز وجل ثلاث حاجات آخِذًا بِقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له . فالحاجة الأولى أن يُحَدِّث بتاريخ بغداد ببغداد ، والثانية أن يُمْلِي الحديث بجامع المنصور ، والثالثة أن يدفن إذا مات عند قبر بشر الحافي . ثم ذَكَر ابن عساكر أن هذه الثلاث قُضيت له .
وقال ابن حجر : شَرِبت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ .
وشَرِب السيوطي من ماء زمزم لأمور منها : أن يَصِل في الفِقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني ، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر .
وقد ذَكَر السخاوي في " الضوء اللامع " في ترجمة محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف أبو الخير العمري ، قال : كان أبوه تاجرا ، فمكث أربعين سنة لا يُولد له ، ثم حج فَشَرِب ماء زمزم بِنِيّة وَلَد عالِم ، فَوُلِد له هذا بعد صلاة التراويح مِن ليلة السبت خامس عشر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ... ونشأ بها فحفظ القرآن وأكمله سنة أربع وستين ، وصَلَّى به في التي بعدها .
والتَّضرُّع : هو التذلُّلّ والمُبالَغة في السُّؤال والرَّغْبة . كما قال ابن الأثير .
وإن كان المقصود : التضلع ، فهو الإكثار مِن الشرب حتى يتمدد جنبه وأضلاعه .
وحديث : آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم . رواه الطبراني والدراقطني ، وهو حديث ضعيف .