[راجية العفو]

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم / حفظكم الله وزادكم علمًا
سألت إحدى الأخوات هذا السؤال





اقتباس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقتباس:





ماحكم



اللبس المزركش زركشة بسيطة او به رسم بسيط رغم انه فضفاض وبه شروط الحاجب الشرعي كله؟؟




هل حرام ام مكروه او لا حرام ولا مكروه؟؟







وبارك الله فيكم وجزاكم خيرًا


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

القصد مِن الحجاب الستر والعفاف ، وليس مُجرّد لبس نوع من الثياب ، أو لون مِن الألوان ، فإذا كان اللبس مُزركشا أو مُطرّزا أو مُلفِتا للنظر بأي شَكل مِن الأشكال ، كان في حقيقته نوع من التبرّج ، وليس هو الحجاب المطلوب شرعا .

لأن التبرُّجُ هو إظهارُ الزينةِ للأجانِب ..
وسواء كان ذلك بإظهار ألوانِ الثيابِ ، أو كان بِزركشات وتَطْريزات ، أو كان بِلُبْسِ ما يَصِفُ أو يَشِفّ ..
أو كان بأصوات الْحُلِيّ وما شابهها ، أو بِرَوائحِ العُطُورِ وما يُلْحَقُ بها .
كلُّ ذلك مِن صُوَرِ التبرُّج ..
قال العلاّمةُ القاسمي : والتبرّجُ : فُسِّرَ بِالتَّبَختُرِ والتَّكَسُّرِ في المشي ، وبإظهارِ الزينةِ ، وما يُسْتَدْعَى به شَهوةُ الرَّجُل . وبِلُبْسِ رقيقِ الثِّيَابِ التي لا تُوارِي جَسَدَها ، وبِإبداَءِ مَحاسِنَ الْجِيدِ والقَلائدِ والقُرْط . وكلُّ ذلكَ مما يَشْمَلُهُ النَّهْي ، لِما فيهِ مِن المفسَدَةِ والتَّعَرُّضِ لِكَبِيرة .
وإليكِ – حَماكِ الله - طائفةً من أقوالِ المفسِّرين في معنى التبرّج
قال مجاهد في قوله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) قال : كانتِ المرأةُ تخرجُ تمشي بين يدي الرِّجَالِ فَذَلِكَ تبرجُ الجاهلية .
وقال قتادةُ (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) : يقول : إذا خَرَجْتُنّ من بُيوتِكُنَّ ، وكانت لهنَّ مِشْيَةٌ وتَكَسَّرٌ وتَغَنُّج ، فَنَهَاهُنَّ اللهُ عن ذلك .
وقال مقاتلُ بنُ حَيَّان : التبرجُ أنها تُلْقِي الخمارَ على رأسِهَا ولا تَشُـدُّه فَيُوارِي قَلائدَها وقُرْطَها وعُنُقَها ، ويبدو ذلك كلُّه منها ، وذلك التبرُّجُ ، ثم عَمَّتْ نِساءِ المؤمنين في التبرُّج .
وهذا يَدلُّ على عمومِ الآية .
وقال ابنُ أبي نُجيح : التَّبرُّج : التَّبَخْتُر .

وقال ابن جُزيّ : (وَلا تَبَرَّجْنَ) التبرُّجُ إظهارُ الزينة . (تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) أي مثلَ ما كان نساءُ الجاهليةِ يَفْعَلْنَ من الانكشافِ والتعرضِ للنظر .

وقال ابنُ عاشور : التبَرُّجُ : إظهارُ المرأةِ مَحَاسِنَ ذاتِها وثيابَها وحُلِيَّها بِمَرْأى الرِّجَال .
وقال في مَوضع آخر : والتبرُّجُ : التَّكَشُّف .
وقال أيضا : فالتبرُّجُ بِالزِّينَةِ : التَّحَلِّي بِمَا لَيسَ مِنْ العَادَةِ التَّحَلِّي بِهِ في الظَّاهِرِ مِنْ تَحْمِير وتَبْيِيض ، وكَذَلِكَ الألوانَ النادرة .

ولَمَّا أذِنَ اللهُ تبارك وتعالى للكبيراتِ في السِّنِّ أن يَضَعَنَ ثِيابَهُنَّ قَيَّد ذلك بِعَدَمِ التبرُّجِ ، فقال جلّ جلاله : (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَات بِزِينَة) ثم قال عز وجلّ : (يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) .

وقد سُئل شيخنا العثيمين رحمه الله عن العباءات النسائية التي تكون مُطَرَّزة ، وعليها زخارف على الكمين ومِن أسفلها ؟
فأجاب رحمه الله :
أرى أن الأولى أن تقتصر النساء على العباءة السابقة ، لأنها أستر وأبعد عن الفتنة ، أما العباءات التي ظهرت حديثا ، فإذا لم يكن فيها تطريز يَلفت النظر ، أو قيطان تتدلى ، أو ضيق يُبَيِّن حَجم الجسم ، فأرجو ألا يكن بها بأس، مع أنني والله أستثقل أن أقول ذلك ؛ لأني أخشى أن يكون بابًا لِشَرّ أكبر .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد