|
|
المنتدى :
تزكية النفس وما يتعلق بها
كيف يوطن الداعية نفسه على قبول النقد وعدم الخوف منه ؟
بتاريخ : 30-06-2020 الساعة : 08:14 AM
غالبا ما يتعرض الداعية للنقد فكيف نوطن أنفسنا على قبوله وعدم الخوف منه حتى وإن كان جارحا أو مُؤلِمًا ؟
_____________________________________
الجواب :
نُوطِّن أنفسنا على قبول النقد بأمور ، منها :
الأول : أن النقد سواء كان هادفا أو جارِحا ، هو مِن وسائل تصحيح المسار .
وسبقت الإشارة إلى هذا هنا :
فضل أعدائي عليّ !
http://saaid.net/Doat/assuhaim/198.htm
الثاني : أن مَن قَدّر أن يسلم مِن كلام الناس فهو واهِم !
وذلك أنه ما سلِم أحد مِن النقد والأذى حتى الأنبياء .
فقد أُوذي رسولنا وقُدوتنا صلى الله عليه وسلم ، وتعرّض عليه الصلاة والسلام للنقد الآثِم ، فقال له رجل : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ . فقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه : فَقَال : فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حزم : مَن قَدّر أنه يَسْلَم مِن طَعن الناس وعَيبهم فهو مجنون !
الثالث : أن نعلم أننا مهما حاولنا الكمال أننا لا نسلم مَن النقص ، فإذا عَرَفْنا أنفسنا عَلِمْنا أن الناقد بصير ، وأنه ما أتى بِكلّ ما يَعْرِفه عن أنفسنا !
زَحَم سَالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رَجُلاً ، فقال له الرجل : ما أراك إلاَّ رَجُل سوء ! فقال له سالم : ما أحسبك أبْعَدْت !
الرابع : أن مَن سَكَت سَلِم ، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس !
ومَن دعا إلى الله فَلَه نصيب مِن ميراث النبوة ، ولا بُدّ أن يأخذ نصيبه مِن " أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ " .
وعلى قَدْر الأذى يكون الأجر .
فهذا مما يُصبّر المسلم على النقد .
الخامس : أن يتأمّل الداعي إلى الله جَلَد الفجّار مع أنهم لا يرجون أجرا ولا ثوابا !
وقد قال الله عزّ وجلّ عن الكفار : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ) .
وكان عمر رضي الله عنه يقول : اللهم إني أعوذ بك مِن جَلَد الفاجِر وعَجْز الـثِّقَة .
والفجّار والفُسّاق والكفار يصبرون على كل شيء مع أنهم لا يرجون الله والدار الآخرة .
ورأيت مرة عجائز مِن نساء الغرب يَصْبِرن على الحر والبرد ومَشَقَّة الـتَّنَقُّل في بعض الدول ، في سبيل التنصير ! أفلا يصبر أهل الحق مع يقينهم بأنهم على الحق ؟!
ومِن عَجبٍ ما قاله الإمام أحمد رحمه الله عن صبره في محنته وبلائه .
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : كنت كثيرا أسمع والدي يقول : رَحِم الله أبا الهيثم . غَفَر الله لأبي الهيثم . عَفَا الله عن أبي الهيثم .
فقلت : يا أبتِ من أبو الهيثم ؟ فقال : لَمَّا أُخْرِجت للسياط ومُدّت يداي ، إذا أنا بِشَابٍ يَجْذِب ثوبي مِن ورائي ويقول لي : تعرفني ؟ قلت : لا . قال : أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار ! مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ، وصَبَرْتُ في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا ، فاصْبِر أنت في طاعة الرحمن لأجْل الدِّين . قال : فضُربت ثمانية عشر سوطا بدل ما ضُرِب ثمانية عشر ألفا ، وخرج الخادم فقال : عَفَا عنه أمير المؤمنين .
وقوّى قَلْبَه رَجُلٌ مِن الأعراب .
قال الإمام أحمد رحمه الله : ما سمعت كلمة منذ وَقَعْتُ في هذا الأمر أقْوَى من كلمة أعرابي كَلَّمَنِي بها في رَحبة طَوق . قال : يا أحمد إن يَقتلك الحق مُتّ شَهيدًا ، وإن عِشت عِشتَ حميدًا ، فَقَوَّى قلبي .
المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|