[راجية العفو]

السلام عليكم ورحمة الله.,. ما هي مواضع إلقاء السلام ؟ وهل صحيح أن السلام إنما يكون في الورود (أي القدوم) على القوم أو الشخص .. وأنه لم يرد شيء يقال في الانصراف، ولا يشرع السلام في هذا الموضع ..؟ ثم إذا كان كذلك، فماذا يقال عند الانصراف؟ وما حكم قول "في أمان الله" عندها؟




الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذا غير صحيح ، فقد جاء الحثّ على السلام عند اللقاء وعند الانصراف .
ففي حديث أبي هريرة أن رجلا مَرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس ، فقال : السلام عليكم . فقال : عشر حسنات . فَمَرّ رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله . فقال : عشرون حسنة . فَمَرّ رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فقال : ثلاثون حسنة . فقام رجل من المجلس ولم يُسَلِّم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أوشك ما نَسِي صاحبكم ! إذا جاء أحدكم المجلس فليُسَلِّم ، فإن بَدَا له أن يجلس فليجلس ، وإذا قام فليسلم ، ما الأولى بأحقّ مِن الآخرة . روى البخاري في " الأدب المفرد " . وصححه الألباني .

ورواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى بِلَفْظ : إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فَلْـيُسَلِّم ، فإذا أراد أن يقوم فَلْـيُسَلِّم ، فليست الأولى بأحق مِن الآخرة .

ومِن مواضع السلام :
عند الالتقاء ، وعند تجدَّد اللقاء
وعند المرور على الناس
وعند الدخول على القوم
وعند الخروج من المجلس
وعند دُخول المسجد
وعند دُخول البيت

ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : إذا لَقِي أحدكم أخاه فَلْـيُسَلِّم عليه ، فإن حَالت بينهما شجرة أو جِدار أو حَجَر ثم لَقِيه فَلْـيُسَلِّم عليه أيضا . رواه أبو داود . وصححه الألباني .

وعند البخاري في " الأدب المفرد " من طريق ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكونون مجتمعين فتستقبلهم الشجرة ، فتنطلق طائفة منهم عن يمينها وطائفة عن شمالها ، فإذا الْتَقَوا سَلَّم بعضهم على بعض .

وفي حديث المسيء صلاته : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلامَ . رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : خَرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى قباء يُصلي فيه . قال : فجاءته الأنصار فَسَلَّمُوا عليه وهو يُصَلِّي . قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يَرُدّ عليهم حين كانوا يُسَلِّمُون عليه وهو يصلي ؟ قال : يقول هكذا ، وبَسَط كَفَّـه . رواه أبو داود والترمذي ، وصححه الألباني .

وفي حديث صهيب رضي الله عنه أنه قال : مررت برسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يُصلي فَسَلَّمْتُ عليه ، فَرَدّ إشارة . رواه أبو داود والترمذي والنسائي ، وصححه الألباني .

وقال عليه الصلاة والسلام لأنس بن مالك : يا بني إذا دَخَلْتَ على أهلك فَسَلِّم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك . رواه الترمذي .
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : إذا دخلتَ على أهلك فسَلِّمْ عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة .

وقال عليه الصلاة والسلام : يُسَلِّم الصغير على الكبير ، والْمَارّ على القاعد ، والقليل على الكثير . رواه البخاري .
وقال : يُسَلِّم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير . رواه البخاري .

ويجوز أن يُسلِّم الماشي على الراكب .

روى البخاري في " الأدب الْمُفرَد " مِن طريق حصين عن الشعبي ، أنه لَقِي فارِسًا فبدأه بالسلام ، فقلت : تبدأه بالسلام ؟ قال : رأيت شريحا ماشِيًا يَبدأ بالسلام .

بل شُرِع للإنسان أن يُسلِّم على نفسه وعلى عِباد الله الصالحين .
قال تعالى : (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) : هي المساجد ، يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
وروى عبد الرزاق من طريق عمرو بن دينار أن ابن عباس كان إذا دخل المسجد قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا دخل بيتا ليس فيه أحد ، قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
وقال مجاهد : إذا دَخَلْتَ المسجد فَقُل : السلام على رسول الله . وإذا دَخَلْتَ على أهلك فسلِّمْ عليهم ، وإذا دَخَلْتَ بيتًا ليس فيه أحد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

وفي الآية أقوال أخرى ذَكَرها ابن جرير الطبري رحمه الله .

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد