|
|
المنتدى :
قسم القـرآن وعلـومه
ما الفرق بين الآيتين (ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا) وَ (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا)
بتاريخ : 01-12-2012 الساعة : 12:19 AM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل بارك الله فيك وجزاك خيراً
ما الفرق في التفسير بين الآيتين التالية
في سورة العنكبوت آية ( 66) (لِيَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَـٰهُم وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)
وفي سورة الروم آية (34) (لِيَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَـٰهُم فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)
جزاك الله خيراً وأثابك الجنة
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .
قال الخطيب الإسكافي في " درّة التَّنْزِيل وغرّة التأويل " : قوله تعالى : (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) .
وقال في سورة الروم : (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) .
وقال قبلها في سورة العنكبوت : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) .
للسائل أن يسأل فيقول : ما بال الآية في سورة العنكبوت وحدها خُصّت بِقَوله : (وَلِيَتَمَتَّعُوا) ، وجاءت الآيتان الأخريان بِلَفظ الأمْر على معنى التهديد ، وهو (فَتَمَتَّعُوا) ؟
والجواب أن يُقال : إن الآية الأولى افتتحت بِخِطاب الشاهد ، فأجْرَى قوله : (فَتَمَتَّعُوا) على هذا اللفظ ، والآية الأخيرة افْتُتِحَت بالإخبار عن الغائب ، وهو قوله : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ، ومرّ سائر الأفعال في هذه الآية على ذلك ، ولم يكن لها نظير في لفظها تردّ إليه فأجْرَى قوله : (وَلِيَتَمَتَّعُوا) عليه .
والآية التي في سورة الروم وإن افتتحت بِلَفظ الإخبار عن الغائب فإن لها في لفظها نظيرة رُدّت إليها ، وصارت كالْفَرْع عليها ، وهي قوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) ، فهذه الآية مُفْتَتَحة بِمِثل ما افْتُتِحَتْ به تلك ، إلا أنّ هذه الآية لِوَاحِد مِن الناس ، وتلك للجَمْع ، فصارت كَالْفَرع على الأولى . فكان حملها في هذه اللفظة عليها أولى .
وبِنَحْو قال الكرماني في " البرهان في مُتشابِه القرآن " ، فإنه قال : التاء في السُّورَتين بإضمار القول ، أي : قُل لهم " تَمَتَّعُوا " ، كما في قوله : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) ، وكذلك : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ) ، وخُصَّت هذه السورة بِالْخِطاب لِقَوله : (إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ) ، وألْحَقَ ما في " الرُّوم " بِه.
أما في " العنكبوت " فَعَلى القياس عُطِف على اللام قَبْله ، وهو للغائب . اهـ .
أي : أنه قال في آية العنكبوت : (لِيَكْفُرُوا) ثم قال عَطْفا عليه : (وَلِيَتَمَتَّعُوا)
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|