إرشاد

المشـرف العـام


رقم العضوية : 3
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 141
بمعدل : 0.03 يوميا

إرشاد غير متواجد حالياً عرض البوم صور إرشاد


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي أمـة قاهـرة ...
قديم بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 08:41 PM

أمـة قاهـرة ...

الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
( عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض )


لما فتحت مدائن قبرص وقع الناس يقتسمون السبي ، ويفرقون بينهم - أي بين سبايا العدو - ويبكى بعضهم على بعض ، فتنحى أبو الدرداء ثم احتبى بحمائل سيفه فجعل يبكى ، فأتاه جبير بن نفير فقال : ما يبكيك يا أبا الدرداء أتبكى في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ، وأذل فيه الكفر وأهله ؟

فضرب على منكبيه ، ثم قال : ثكلتك أمك يا جبير بن نفير ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره ؛ بينما هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس لهم الملك حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى ، وإنه إذا سُلط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله ليست لله بهم حاجة . رواه سعيد بن منصور في السنن وأبو نعيم في الحلية .

تذكرت هذه المقولة في بلاد الأندلس ( أسبانيا )

فبينما أمة الإسلام أمة قاهرة ظاهرة على الناس في بلاد الأندلس ذات صولات وجولات تقف على حدود فرنسا ( في بواتيه ) وتهدد عروش الكفر يخاف الكل سطوتها حتى ضيّعت أمر الله وفتحت على نفها ثغرات قاتلة ابتداء من أبرز أسباب الهلاك ( التنافس على الدنيا ) ( فتنافسوها كما تنافسوها ) يعني الذين من قبلنا ( فتهلككم كما أهلكتهم ) إلى ( الركون إلى الدنيا وكراهية الموت ) وقد عبّر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ ( الوهن )

إلى التناحر والتقاسم إلى دويلات يصفها شاعر معاصر لها هو الحسن بن رشيق بقوله :
مما يزهدني في أرض أندلس ***** أسـمـاء معتصم فيهـا ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها***** كالهـرِّ يحكي انتفاخا صولة الأسد

إلى ثغرات أخرى مثل ( موالات الكافر والاستنصار به على المسلم ) ولو أدى ذلك إلى التنازل عن شيء من الأرض أو الدين .إلى الانهماك في الملذّات واتـّباع الشهوات ، وتقديم الطرب وأهله على الجهاد والمجاهدين ، بل والإنفاق عليه أكثر من الإنفاق في سبيل الله .

بينا هي أمة قاهرة إذ فتحت على نفسها تلك الثغرات وغيرها حتى إذا تمكّن العدو منها ، خرجت ذليلة تجرّ أذيال الهزيمة حتى قالت أم أبي عبد الله الصغير لابنها الذي أضاع نفسه وملكه : إبكِ مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال .

فلما أضاعوا أمر الله ضاعوا .

رأيت هذا رأي عين في أسبانيا ، فبينما المسلمون ترتفع منائرهم تناطح السحاب ، وتصدح منابرهم بأصوات الحق عالية مدوّية ، حفظهم الله يوم حفظوا حدوده وأطاعوا أوامره .

ثم أضاعوا أمر الله فضيّعهم الله ، حتى أصبح المسلمون اليوم في بلاد الأندلس يُمنحون شقوقا - ربما تكون تحت الأرض - لـيُصلّوا فيها ، بل هذا المنح هو منح مؤقت قابل للاسترجاع في أي وقت .
فكم بين الأمس واليوم ؟

كم بين دخول طارق بن زياد فاتحا بوابة الأندلس ( جبل طارق ) منتصرا ، وكم بين خروج أبي عبد الله الصغير ذليلا منهزما يتلوا تلك الهزائم سقوط الأندلس ومحاكم التفتيش وما صاحبها من ذل للمسلمين حتى كان الاختتان يُعدّ جريمة في عرف النصارى ، ولما أعلن النصارى العفو عمن خرج من المسلمين من بلاد الأندلس خرج يومئذ أكثر من خمسمائة ألف مسلم .

كم بين دخول طارق بن زياد فاتحا وبين تلف الأنفس اليوم - غرقا - في ذلك المضيق لجوءا إلى ( أسبانيا ) بحثا عن لقمة العيش ؟كم بين دخول الفاتحين أعزّة ، وبين لجوء المهجّرين إلى بلاد المشركين ؟كم بين ذلك الأمس المشرق واليوم المظلم ؟

من عَرَفَ الأمس ببطولاته وانتصاراته فلن يعتقد أن هناك صلة بين الأمس واليوم ؟ بل ربما لن يعتقد أن ثمة صلة بين أولئك الآباء وهؤلاء الأحفاد .كيف لو خرج طارق أو عبد الرحمن الناصر ورأى ما حلّ بالأندلس ، وما حلّ بقصر الحمراء ومسجد قرطبة الجامع ؟

أما إنه لن يبكي على الأطلال بل سيموت كمداً .

لمثل هذا يذوب القلب من كمد ***** إن كان في القلب إسلام وإيمان

وكفى …

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يجوز قول المخاطِب للمخاطَب " صلى على النبى " للفت انتباهه ؟ ناصرة السنة قسـم الفتـاوى العامـة 0 02-04-2010 07:25 PM
أخواتي الصغار يسمعن الأغاني بشكل ملفت جدا رولينا قسم الأسرة المسلمة 0 20-02-2010 12:38 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:14 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى