إرشاد

المشـرف العـام


رقم العضوية : 3
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 141
بمعدل : 0.03 يوميا

إرشاد غير متواجد حالياً عرض البوم صور إرشاد


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي خَــان فـ هَــان
قديم بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 08:24 PM

خَان فـ هَان

الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
( عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض )


حرص الإسلام على كل خُلُق فاضل ، وعلى كل معنى جميل . فَحثّ على الوفاء " فوا ببيعة الأول فالأول أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم" رواه البخاري ومسلم .وأمر بأداء الأمانة " أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " رواه أبو داود والترمذي .

وحرص على الوضوح والنُّصْح ..

قال جرير بن عبد الله : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . رواه البخاري ومسلم .

ومن هنا فإن من تمسّك بتلك المبادئ السامية سَمَا بنفسه ، وعلا شأنه .. وكان عند الله أعزّ وأعظم من بيت الله. ليس دمه فحسب ، بل دمه وماله وعِرضه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا شهرنا هذا . قال : ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا بلدنا هذا . قال : ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا يومنا هذا .

قال : فإن الله تبارك وتعالى قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها ، كَحُرْمَةِ يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا . رواه البخاري بهذا اللفظ .

ونظر ابن عباس إلى الكعبة فقال : ما أعظم حرمتك وما أعظم حقك ، والمسلم أعظم حرمة منك ؛ حَرّم الله ماله ، وَحَرّم دمه ، وَحَرّم عِرضَه وأذاه ، وأن يظن به ظن سوء .

ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك .

وقال سعيد بن ميناء : إني لأطوف بالبيت مع عبد الله بن عمرو بعد حريق البيت إذ قال : أي سعيد أعظمتم ما صنع بالبيت ؟ قال : قلت : وما أعظم منه ؟ قال : دم المسلم يُسفك بغير حقِّه .

وَحرّم الإسلام ترويع المؤمنين ، فقال عليه الصلاة والسلام : " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه ، وإن كان أخاه لأبيه وأمه " رواه مسلم .وقال : لا يحلّ لمسلم أن يُروِّع مُسلماً . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

قد تعجب إذا علمت سبب وُورد هذا الحديث ! وذلك أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ، ففزع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يَحِلّ لمسلم أن يُروِّع مسلما

كل هذا مُشعِر بعظيم قدر المؤمن عند الله .. وعظيم حُرمَتِـه . غير أن هذا القَدْر قد يَزول. وتلك المكانة قد تتلاشى أو تضعف .. عندما يَنزل المؤمن من عليائه ، أو يتخلّى عن عِـزِّه .

فإنه ما رَفَع قَدْرَه إلا الإيمان .. وما أعلى شأنه إلا التمسّك بالمبادئ العِظام، وحين يتخلّى عن ذلك أو بعضه فإنه يُزِل نفسه منازل المهانة .. أو يُسكنها مساكن الذّلّـة .

حين يَخون الأمانة .. فإنه يُهدِر قَدْرَه ..
وحين حفِظ الأمانة .. علا قَدْرُه .

يَد المؤمن لو قُطِعت فإنه تُفدى بِنصف دِيَـة
وحين يَخون فإنها تُقطَع في مقابِل خمسة دراهم !

ولذا حين اعترض المعرّي .. وادّعى تناقض الشريعة ، فقال :
يد بخمس مِئين عَسْجَد وُدِيَتْ *** ما بالها قُطِعت في ربع دينار ؟!

رَدّ عليه أهل العِلم .. فقال قائلهم ، وهو القاضي عبد الوهاب :
صيانة العضو أغلاها ، وأرخصها *** صيانة المال ، فافهم حكمة الباري

كان الفضيل بن عياض لِصّـاً يَقطع الطريق ..ذَكَر الذهبي في السِّيَر عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق .هكذا كان ! كان الجميع يَحذره .. وكانوا يَخشون شَـرّه !

فتاب وأناب .. ولزِم محراب العبودية .. فصار أهل العِلم يُجلّونه .. ويَقبَلونه ويُقبِّلونه ! بل صارت أقواله مناراً لأهل الإسلام .. ونبراساً لأهل الإيمان . فإذا قال قولاً أصغى إليه الجميع .. واستمع له الحاضر والبادي !

فكم بين كونه لِصّـاً يَقطع الطريق .. وبين كونه صالحا عابدا عالماً تُقطَع إليه المفاوز ، وتُضرب إليه أكباد الإبل ؟! فيا بُعد ما بين الحالين !

الأولى حال " خَان فـ هَان " والثانية حال " صَان فَـعَـزّ وكان "

قال ابن القيم رحمه الله :
يا مغرورا بالأماني ! لُعن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمِرَ بها ، وأُخْرِج آدم من الجنة بلقمة تناولها ، وحُجِبَ القاتِل عنها بعد أن رآها عيانا بملء كف من دم ، وأمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحلّ ، وأمر بإيساع الظهر سياطا بكلمةِ قَذْف أو بقطرة سكر ، وأبان عضوا من أعضائك بثلاثة دراهم ؛ فلا تأمنه أن يَحْبِسَك في النار بمعصية واحدة من معاصيه ، (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) .

صفر – 1426 هـ .

إضافة رد


أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى