[ناصرة السنة]

السؤال
السلام عليكم
يا فضيلة الشيخ عبد الرحمن
هذه امرأة لا تقبل بالزواج وترد الخطاب تقول لأن الله سبحانه هو حبها الأول ولا تريد أحد يفرق بينهما وتقول أن أختها كانت كثيرة العبادة وبعد زواجها قلت عبادتها وهي تخاف أن تتزوج فتتغير عبادتها وتقل .
فبماذا توجهونها حفظكم الله ؟




الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحفظك الله ورعاك .

هذه نَزْعة صوفية !
ولم يكن مِن هدي المرسلين تَرْك النكاح ، ولا كان أيضا مِن هدي المؤمنين ولا مِن هدي المؤمنات.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) : دَلَّتْ هَذه الآيَة على طَلَب الوَلَد ، وهي سُنَّة الْمُرْسَلِين والصِّدِّيقِين . قَال الله تَعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) وفي صَحِيح مُسْلِم عن سَعد بن أبي وَقَّاص قال: أرَاَد عُثْمَان أن يَتَبَتَّل ، فَنَهَاه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ولَو أجَازَ لَه ذَلك لاخْتَصَينَا .
وخَرَّج ابنُ مَاجَه عن عَائشة قالَت : قَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : النِّكَاح مِن سُنَّتِي ، فَمَن لَم يَعْمَل بِسُنَّتِي فَلَيْس مِنِّي ، وتَزَوَّجُوا فَإني مُكَاثِر بِكُم الأُمَم ، ومَن كَان ذَا طَوْل فَلْيَنْكِح ، ومَن لَم يَجِد فَعَلَيْه بالصَّوْم ، فَإنه لَه وِجَاء .
وفي هَذا رَدّ عَلى بَعْض جُهَّال الْمُتَصَوِّفَة ، حَيْث قَال : الذي يَطْلُب الوَلَد أحْمَق ، ومَا عَرَفَ أنه هُو الغَبِيّ الأخْرَق ! قَال الله تَعالى مُخْبِرًا عن إبْراهيم الْخَلِيل : (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآَخِرِينَ)، وقَال : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) . وقَد تَرْجَم البُخاري على هذا : بَاب طَلَب الوَلَد . اهـ .

ثم إن ذلك القول جَهْل بِمعنى العبادة ، المعنى العام ، وهو : كل ما يُحبّه الله ويرضاه مِن الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة .
والنكاح مما أمَر الله به ، وأمَر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحثّ على تكثير هذه الأمة .
بل إن النكاح مما يُؤجر عليه المسلم .
قال عليه الصلاة والسلام : وَفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْر ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ . رواه مسلم .
قال النووي : قوله صلى الله عليه و سلم : " وفي بُضع أحدكم صدقة " هو بِضَمّ الباء ، ويُطْلَق على الجِمَاع ، ويُطْلَق على الفَرْج نفسه ، وكلاهما تَصِحّ إرادته هنا ، وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ؛ فالجِمَاع يكون عبادة إذا نَوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمَر الله تعالى به ، أو طَلَب وَلَد صالح ، أو إعفاف نفسه ، أو إعفاف الزوجة ومنعهما جميعا مِن النظر إلى حَرام ، أو الفِكر فيه ، أو الْهَمّ به ، أو غير ذلك مِن المقاصد الصالحة . اهـ .

والنكاح امتداد للإنسان ؛ لأنه يُخلّف ولد صالحا يدعو له ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاَّ مِن ثلاثة : إلاَّ مِن صَدقة جارية ، أو عِلْم ينتفع به ، أو وَلَد صالح يَدعو له . رواه مسلم .

بل إن الإنسان يُؤجَر على ما يُصيبه مِن قِبَل أولاده ، حتى ما يَروعه منهم ، أو ما يُحزنه بسببهم .

وسبق :
رَوعَة .. مِن رَوعَة عِيالك
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5996

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد