نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي هل معاوية وجيشه فئة باغية ؟ وما صحة منْع أبي بكر فاطمة مِن ميراث أبيها ؟
قديم بتاريخ : 17-07-2017 الساعة : 08:06 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الفترة الأخيرة أصبح يدور ببالي عدة أسئلة وبحثت كثيراً لعلي أجد أجوبة لأسئلتي ولكن زدت حيرة وأرجو من الله ان يريني الحق حقاً ويرزقني اتباعه ،
أولاً أنا سنية سلفية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولله الحمد والمنة ولكن أريد منك يا شيخ عبد الرحمن أن تجيبني على هذه الأسئلة حتى أرتاح
1- ماصحة هذه الأحاديث :
روى البخارى وابن حبّان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".
وهذا الحديث (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) متواترٌ رواه أربعة وعشرون من الصحابة، ذكر ذلك السيوطي والمناوي وغيرهما.

وروى الحافظ البيهقي في سننه (ج8/174) وابن أبي شيبة في مصنفه (ج15/290) أن الصحابي الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما قال :"لا تقولوا كفر أهل الشام (أي الذين قاتلوا عليًا في صفّين) ولكن قولوا فسقوا أو ظلموا".

وروى الحافظ البيهقي في كتاب: "الاعتقاد والهداية لسبيل الرشاد" (ص248) أن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال :"وكل من نازع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في إمارته فهو باغٍ" اهـ.
ونقل الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتابه "الإمامة" إجماع أهل السنّة والجماعة على أنّ عليًّا رضي الله عنه كان مصيبًا في قتاله وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (ج7/276) ما نصه: وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قتله أهل الشام وبان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أن عليا محق وأن معاوية باغ وما في ذلك من دلائل النبوة" اهـ.

يعني الآن افهم من هذا الكلام ان معاوية رضي الله عنه لم يكن على حق وانه باغ بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ؟ واذا قلنا غير ذلك فنكون آثمين ؟

2- وجدت هنا في المنتدى حديث لك فضيلة الشيخ تبين فيه امتناع علي رضي الله عنه وارضاه عن مبايعة ابو بكر الصديق ولكنه لم يخرج عليه وهذا مانعرفه جميعنا وانه بايع ابو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة الزهراء رضوان الله عليها ، ووجدت في فتاوى الشيخ ابن باز في كتاب فتاوى إسلامية 1/46. بأن علي رضي الله عنه لما توفيت فاطمة رضي الله عنها ، بايع الصديق بيعة ثانية تأكيداً للبيعة الأولى ،، لم افهم هذه النقطة وزدت حيرة .....
3- ماصحة ماحدث بين ابو بكر الصديق وفاطمة الزهراء رضي الله عنها عندما طلبت ارث ابيها صلى الله عليه وسلم ولم يقبل ابو بكر رضي الله عنه لحديث الرسول الانبياء لا يورثون ،
اريد تفصيل في هذا الموضوع وكيف ان سيدة نساء العالمين رضي الله عنها لا تعلم بذلك الحديث وهي ابنت النبوة وكيف يرد لها طلب وهي بنت خير البشر وذكرت عدة احاديث صحيحة بفضلها رضوان الله عليها
4-ماصحة ماحدث من نزاع بين علي رضي الله عنه وأحد الصحابة لست متأكدة ابو بكر الصديق او عمر رضي الله عنهم عندما دخلوا على علي البيت واشتبكوا معه وان فاطمة رضي الله عنها قالت والله لأخرجن وانزع حجابي ،ثم بعد ذلك انفض الجدال ؟ وان مولى عمر رضي الله عنه دفع فاطمة (لا اعلم من هو ذلك المولى ولكن هذا الذي سمعته)
ارجو من فضيلتكم ان تجيبوني على اسئلتي وان تدعوا لي بأن يثبتني الله على الحق وان يريني الحق حقاً ويرزقني اتباعه
ابنتكم : مريم البتول حفيدة الحسين بن علي بن ابي طالب رضوان الله عليهم
_____________________________________


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله أن يرزقنا حُسن الاتِّبَاع ، وأن يُرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّبَاعه ، وأن يُرينا الباطل باطلا ويُعيننا على اجتنابه .

ما شَجَر بين الصحابة رضي الله عنهم يجب الإمساك عنه ، امتثالا لأمْرِه عليه الصلاة والسلام بِقوله : إذا ذُكِر أصحابي فأمْسِكُوا ، وإذا ذُكِرت النجوم فأمْسِكُوا ، وإذا ذُكِر القَدَر فأمْسِكُوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .

وسبيل أهل العِلْم والإيمان الكفّ عَمَّا شَجَر بينهم ، ونقول كما قال الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله : تلك دماء طَهّر الله منها يدي فلا أُحِبّ أن أَخْضِب بها لِساني .
وبهذا القول قال الشافعي .

وعقيدة المسلمين : أن لا يُذكر الصحابة رضي الله عنهم إلاّ بِخير .
قال الإمام الطحاوي : وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ - أَهْلِ الْخَيْرِ وَالأَثَرِ، وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ - لا يُذْكَرُونَ إِلاَّ بِالْجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ السَّبِيلِ. اهـ .
وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" : وأجمعوا على الكَفّ عن ذِكْر الصحابة عليهم السلام إلاَّ بِخَير ما يُذْكَرون به ، وعلى أنهم أحق بِنَشْر مَحَاسنهم ، ويُلْتَمَس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نَظُن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب . اهـ .

وأما مسألة الميراث ، فقد يَخفَى على الكبير مِن أهل العِلْم والفضل ما لا يَخفَى على غيره ؛ فقد خَفِي على أبي بكر رضي الله عنه مسائل ، وخَفِي على عمر رضي الله عنه مسائل ..
وليس مِن شَرْط صاحِب الفضْل أن يَجْمَع العِلْم ، ولا أن لا يخفى عليه شيء .
ولا نقول كما تقول الرافضة ! حيث تَروي الرافضة غُلُوا وكَذِبا أن عليًّا رضي الله عنه قال : سَلُوني ، فإني أعرف بِطُرق السماء أكثر مِن طُرُق الأرض !

وقد حرِص أبو بكر على إنفاذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم بل وعِدَاته عليه الصلاة والسلام ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وَعَد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، فقال : لو قَد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فلم يجئ مال البحرين حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء مال البحرين أمَرَ أبو بكر مُنَادِيا فَنادى : مَن كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عِدة أو دَين فليأتنا . قال جابر : فأتيته فقلت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا ، فَحَثى لي حَثية فَعَدَدْتها فإذا هي خمسمائة ، فقال : خُذ مثليها . رواه البخاري ومسلم .
فهذا مِن وفاء أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أن يُنفذ مُجرّد الوَعد ، وهذا مِن حسنات أبي بكر ، والرافضة تَعُدّه مِن مَساوئه !

والرافضة تقول : لماذا صدّق أبو بكر جابر فيما قال ، ولم يُصدق فاطمة رضي الله عنها ؟
والجواب :
أن جابر بن عبد الله يُخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعَدَه ، ومِن وفاء أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنْفَذ وَعْده صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه .
وأما فاطمة فإنها لم تَقُل وَعَدني رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل تُطالب بِحَقِّها مِن ميراث أبيها حيث فهمت أن لها الحق في ميراث أبيها ، فهي رضي الله عنها ما قالت : وَعَدني أبي صلى الله عليه وسلم .
فأبو بكر رضي الله عنه لم يُكذّب الزهراء رضي الله عنها ، وإنما أفهمها أن ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدَقة بنصّ قولِه عليه الصلاة والسلام .
ويدل عليه ما رواه الترمذي عن فاطمة أنها جاءت إلى أبي بكر فقالت : مَن يَرثك ؟ قال : أهلي وولدي . قالت : فما لي لا أرث أبي ؟ فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا نُورَث . ولكني أَعُول مَن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله ، وأُنْفِق على مَن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنفِق عليه .

وحَرِص أبو بكر رضي الله عنه على استرضاء فاطمة رضي الله عنها ؛ لأنه رضي الله عنه كان يُحبّ النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته .

قال الإمام الذهبي رحمه الله :
ولَمَّا تُوفِّي أبوها تعلقت آمالها بميراثه ، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق ، فحدّثها أنه سمع مِن النبي يقول : لا نورث ما تركنا صدقة ، فَوَجَدَتْ عليه ، ثم تَعَلَّلت . اهـ .

وحدّث الشعبي قال : لَمَّا مَرِضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن ، فقال عليٌّ : يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك ، فقالت : أتحبّ أن آذن له ؟ قال : نعم . فأذِنَتْ له ، فدخل عليها يترضّاها ، وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلاَّ ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومَرْضاتكم أهل البيت . قال : ثم ترضّاها حتى رَضِيت . رواه البيهقي في الكبرى وفي الاعتقاد ، وقال : هذا مُرسَلٌ حَسَنٌ بإِسناد صَحيح .
وقال العَينِي : وَهَذا قَوِيّ جيّد ، وَالظَّاهِر أن الشّعبِيّ سَمِعه من عَليّ رضي الله عنه ، أو مِمَّن سَمِعه مِن عَليّ .
(عُمدة القاري شرح صحيح البخاري) .

روى الإمام البخاري ومسلم مِن حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم ممّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفَدَك وما بقي مِن خُمس خيبر . فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث . ما تركنا فهو صدقة . إنما يأكل آل محمد من هذا المال . يعني مال الله . ليس لهم أن يَزيدوا على المأكل ، وإني والله لا أُغَيِّر شيئا مِن صدقات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأعْمَلَنّ فيها بما عَمِل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتشهد عليّ رضي الله عنه ، ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وذَكَرَ قرابتهم مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحَقهم ، فتكلم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لَقَرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ أن أصِل من قرابتي .

وهذا ما شَهِد به أئمة آل البيت ووافقوا أبا بكر وعمر عليه .
فقد كان عُمر رضي الله عنه في مجلسه ، فاستأذن عليه عباس وعليّ رضي الله عنهما ، فأذن لهما فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقْضِ بينهم وأرِحْهم .
فقال عمر : اتئدوا . أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ؟
قالوا : نعم .
ثم أقبل على العباس وعلي فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟
قالا : نعم .
فقال عمر : إن الله جَل وعَزّ كان خصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره . قال : (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) . رواه البخاري ومسلم .

ومما يدلّ على أن عليّا وافق أبا بكر وعمر أنه لم يُغيّر مِن ذلك شيئا بعد تولّيه الخلافة ، ولم يَرُدّ ما يُزعم أنه ميراث على ورثة فاطمة رضي الله عنها .
قال النووي : قال أبو داود : لَمّا صَارَت الخلافة إلى عليّ رضي الله عنه لَم يُغَيّرها عن كَوْنِها صَدَقة . وبنحو هذا احتَجّ أبو العبّاس السّفّاح ؛ فإنه لَمّا خَطَب أول خُطبة قام بها قام إليه رَجُل مُعَلِّق في عُنُقه المصحَف ، فقال : أنشُدُك اللهَ إلاّ ما حَكَمت بيني وبين خَصمي بهذا المصحف ، فقال : مَن هو خَصْمك ؟ قال : أبو بكر في مَنْعِه فَدَك ! قال : أظَلَمَك ؟ قال : نعم . قال : فمَن بَعدَه ؟ قال : عُمر . قال : أظَلَمَك ؟ قال : نعم ، وقال في عثمان كَذَلك . قال : فَعَلِيّ ظَلَمك ؟ فسَكَت الرّجُل ، فأغلَظ له السّفّاح .
(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج)

وَدخل عبد الله بن حسَن بن حسَن بن عليّ ، وَمَعه مُصحف على أبي العَبّاس السّفّاح ، فقال : يا أمِير المؤمنين ، أعطِنا حَقّنا الَّذِي جَعَله الله لَنا فِي هَذا المصحف . وَكَان الْمجْلس غاصّا بِبَنِي هَاشِم وَغَيرهم ، فأشْفَق النَّاس مِن أن يُعَجّل السّفّاح إليه أو يَعْيَا بِجَوابِه ، فَيكون ذَلِك عارًا عَلَيه . قال : فَأقبل عَليه غير مُغْضَب وَلا مُنْزَعِج ، فقال : إن جَدّك عَلِيّا كَان خَيْرا مِنّي وَأعْدل ، وَلِي هَذا الأمر فَأعْطى جَدّيك الْحسن وَالْحُسَيْن ، وَكَانَا خيرا مِنْك شَيْئا ؟ وَكان الْوَاجِب أن أُعْطِيك مثله ، فَإن كُنتُ قد فَعلتُ فقد أنصَفْتك ، وَإن كنتُ زِدّتُك ، فَمَا هَذا جزائي مِنْك ! فَمَا ردّ عبد الله جَوَابا ، وَانْصَرف ، وَالنّاس يَتَعَجّبُون مِن جَوَاب السّفّاح .
(نثر الدر في المحاضرات ، للرازي ، و " تاريخ بغداد " ، للخطيب البغدادي ، و " تاريخ دمشق " لابن عساكر)

وأما ما يُذكر مِن الـنِّزاع بين عمر رضي الله عنه وبين عليّ رضي الله عنه ، فهو كذِب لا أصل له .
والثابت في دوواين السُّنة أن عليًّا رضي الله عنه زوَّج عُمَرَ رضي الله عنه ابنته أم كلثوم رضي الله عنه .

وهذا يُبطِل ما تزعمه الرافضة مِن وجود عداوة بين الصحابة وبين آل البيت رضي الله عنهم أجمعين .
ويُبطِل ما تزعمه الرافضة أيضا من اعتداء عمر رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها ، ولا ما يُقال مِن اعتداء مولى عمر رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها .
فهذا كلّه كذب وباطل .

وكان عليّ رضي الله عنه جليس الصحابة ومُستشار الخلفاء مِن قَبلِه .

ومِن الخذلان أن يشتغل الإنسان بِمثل هذه الأمور ، وهو لن يُسأل عما جرى بين الصحابة ، ولكنه سوف يُسأل عما يَدين الله به ، وسوف يُسأل عما يخوض فيه .

ونحن نعتقد أن الله عزّ وَجَلّ رضي عن الصحابة ، فمتى عَلِم الْمُتَكَلِّم فيهم أن الله سَخِط عليهم بعد أن رَضِي عنهم ؟

كان عُمر بن عبد العزيز يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يَسْمَع منه العِلْم ، فبلغ عبيد الله أن عُمر ينتقص عَلِيًّا ، فأقبل عليه فقال :
متى بلغك أن الله تعالى سَخِط على أهل بَدْر بعد أن رَضي عنهم ؟
فَعَرَف ما أراد ، فقال : مَعْذِرَة إلى الله وإليك ، لا أعُود . فما سُمِع عُمر بعدها ذاكِرًا عَلِيًّا رضي الله عنه إلاَّ بِخير .

ولدينا نصوص قطعية على أن الله قد رضي عن الصحابة ، فأين النصّ الذي يَرُدّ هذا أو يُعارِضه أو يُناقضه ؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أَخْبَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، هَلْ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَخِطَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ ؟ رواه الإمام أحمد ، ومِن طريقِه : الحاكم في المستدرك وصحّحه ، ومِن طريقِ الحاكم : البيهقي في "الاعتقاد " . ورواه النسائي في " الكبرَى " .

وأمّا حديث " ويح عمار تقتله الفئة الباغية " فقد تأدّب الأئمة مع الصحابة لِمكانتهم وفضلهم .
قال ابن المبارك : السَّيف الذي وقع بين الصحابة فتنة ، ولا أقول لأحدٍ منهم هو مَفتون .
وقال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن هذا ، فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وَكَرِه أن يَتكلَّم في هذا بأكثر من هذا .
يعني حينما سُئل عن حديث : " وَيحَ عَمّار تقتله الفئة الباغية " .

وكَوْن فئة يُحكم بأنها " باغية " لا يَعني أنها كافِرة ؛ لأن الله أثبَت الإيمان للفئة الباغيَة ، فقال عز وَجلّ : (
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )

وقد تكون الفئة الباغية مُتّصِفة بهذا الوصف في وقت ، مُتّصِفَة بِصِفة الإيمان في بقية الأوقات .

وقد أثبَت النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان للطائفتين : طائفة معاوية وطائفة الحسن بن علي رضي الله عنهم ، فقال : إنّ ابْنِي هَذَا سَيِّد وَلَعَلّ اللَّهَ أنْ يُصْلِح بِه بَيْن فِئَتَيْن عَظِيمَتَيْن مِن المُسْلِمِين . رواه البخاري .
ووقع الأمر كما أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم حينما تنازل الحسن بن علي لِمعاوية ، وأصلح الله به بين فئتين مِن المسلمين .
وهذا وقع بعد قتْل عَمّار بِزمن .
فكان إثبات
النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان لِمعاوية رضي الله عنه آخِر الأمْرين ، فيكون خُتِم لِمعاوية بِشهادة الإيمان مِن النبي صلى الله عليه وسلم .

ثمّ إن وقوع الذمّ على شخص في حال ضَعف أو في حال طارئة لا يَعني ذمّه على الدّوام
ففي الصحيحين : قوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذرّ رضي الله عنه : إنّك امْرُؤٌ فِيك جَاهِلِيّة . مع فضْل ومكانة
أبي ذرّ رضي الله عنه ، فهذا الوصف لا يُنقِص مِن فضيلة أبي ذرّ رضي الله عنه .

و
في الصحيحين : أنّ عليًّا رضي الله عنه غاضَب فاطمة رضي الله عنها فَخَرج مِن البيت ! ولَمّا جاء النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عنه ، قالت فاطمة رضي الله عنها : كان بيني وبينه شيء فغَاضَبَنِي فَخَرَج ، فلم يَقِلْ عندي !
وفي هذا الحديث ردّ على الرافضة الذين يقولون : إن الله غَضِب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة !
ويستدلون بحديث : فاطمة بضعة مني فمَن أغضَبها أغضَبَنِي . رواه البخاري .
فَعَلِيّ رضي الله عنه غاضَب فاطِمة رضي الله عنها ، وخَرَج مِن عندها ، وذَهَب ونَام في المسجد ، كما في
الصحيحين .

ثم إن ما جَرى بين الصحابة رضي الله عنهم مضى عليه أكثر مِن ألف عام ، والكلام فيه لا ينفع ولا يزيد في الإيمان ، بل يُوغِر الصدور ، ويُذهب الإيمان أو يُنقصه .

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : معاوية عندنا مِحنة ؛ فمَن رأيناه ينظر إلى معاوية شَزَرا اتَّهمناه على القوم ، أعني على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
يعني : جَعَل معاوية رضيَ اللّهُ عنه حدًّا فاصلا وفَيصلا بين أهل السنة وأهل البدع .

وقال الربيع بن نافع : معاوية بن أبي سفيان سِتْر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كَشف الرَّجُل السِّتْر اجتَرأ على ما وراءه .


وسبق :
لِم يُحكم بِكُفر سابّ الصحابة ولم يحكم بِكُفر مَن قَتلهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15958

الرافضة يثيرون الشبهات ويسألون "من قتل الحسين" ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12549

ما ردّك على مَن يطعنون في الصحابة بسبب خلافة علي ومعاوية ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3079

تقول : إنها تَكْرَه مُعاوية ويزيد والزبير وطلحة ، وتُريد أدلة تُثْبِت عدالة الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10737

ما صِحة موضوع (منازل هارون عليه السلام المعطاة لأمير المؤمنين علِيّ بن أبي طالِب) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11697

إشكالية حول موقف بعض الصحابة مِن آل البيت
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7418

قصة التحكيم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19982

أحببت أعرف أكثر عن معركة الجمل وصِفِّين
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2642

شبهة .. هل فعلا آل البيت أفضل من الصحابة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8196

سيرة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6630

خصائص آل البيت رضي الله عنهم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8230

هل صحيح أن معاوية رضي الله عنه قتل عائشة رضي الله عنها بمؤامرة ومكيدة ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14581

كيف نردّ على مَن يقدح في الصحابة رضي الله عنهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7270

بماذا يُردّ على رافضي يقول : خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة وتزوج امرأة مالك بن نويرة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1403

ما صحة موضوع (أخطاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الثلاثة) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11972

الرافضة يطعنون في عمر لأنه غاب عنه أحاديث الاستئذان والتيمم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5116

مذهب آل البيت بين السنة والرافضة ، وهل يأخذ أهل السنة بمذهب آل البيت ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5115

شخص يتنقص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .. كيف يُرد عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14580

هل صحيح أنّ معاوية كان يكره علي ويأمر بسبِّه ولعنه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11045

هل صحيح أنَّ معاوية رضي الله عنه قتل عائشة رضي الله عنها بمؤامرة ومكيدة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14581

هل قالت أم سلمة عن بيعة معاوية بالخلافة بأنها بيعة ضلالة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11423

الإجابات الْجَلِيَّة عن الشُّبُهات الرافضية ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3881

خُطبة جُمعة عن .. (مكانةِ الصحابةِ)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13327

الرد على من يبيح نقد الصحابة ويعترض على مُناصحة وَلي الأمر سِرّا
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14602


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يستطيع أحدُ منْع رحمة الله وما تفسير ما فعله جبريل عليه السلام مع فرعون ؟ راجية العفو قسـم السنـة النبويـة 0 30-08-2015 11:15 PM
ما هو نصيب الأخ غير الشقيق مِن ميراث الأب المتوفّى ؟ راجية العفو إرشـاد المعامـلات 0 03-10-2012 09:54 PM
مبلغ من ميراث الأب تم ايداعة هل تخرج الزكاة من ارباح المبلغ راجية العفو إرشـاد الزكـاة والصدقـة 0 21-09-2012 02:39 PM
توفيت وعندها ابنتان وأبناء مِن إخوتها وأخواتها ، فهل لهم ميراث ؟ نسمات الفجر قسـم الفقه العـام 0 16-02-2010 07:08 PM
ماحكم ميراث شقة او سيارة او قاعة افراح وهذه من مال حرام ؟ راجية العفو إرشـاد المعامـلات 0 15-02-2010 03:04 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى