[راجية العفو]

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ الكريم، أسعد الله أوقاتكم بكل خير وحفظك.
الآن تنشر في بلدي قضية الفتنة, قضية التكفير. وأنا أعيش في بلد المسلمين، زعيم الحكومة وقادتها من المسلمين، أكثر سكانها المسلمون. كان في بعض الأيام الماضية تعقد الحكومة وقسم الشرطة الملكية اجتماعا عن الأمن القومي الدولي وحضر فيه جميع رؤساء من الإدارات الحكومية. ودعا منظم الاجتماع شخصا يدعى "أستاذ عالم في الدين" لإلقاء كلمته حول "الوهابيون هم الإرهابيون" فاتَّهم الأستاذ بعض العلماء الذين يدعون الناس إلى الخير ،العلماء الذين يتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله، العلماء الذين يهتمون بحكم الله وإزالة البدع والمحدثات والعادات التي لا أصل لها من القرآن والسنة بالفرقة الضالة الوهابية الإرهابية! سبحان الله! ما أسوأ التهمة! وهذا الأستاذ دعا الحكومة لقبض هؤلاء العلماء المتهمون بالوهابيين وإسكانهم جميعا في السجون. والله يحميهم جميعا.
ما رأيكم فضيلة الشيخ في هذه القضية وأرجوكم أن تفيدوني وتنصحوني وجزاكم الله خيرا كثيرا.




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وأسعدك الله في الدارين .

نسأل الله العافية والسلامة .
هؤلاء يتقرّبون إلى الحكّام بالوقيعة في أهل السنة بِحجّة أنهم " وهابية " أو بِدَعوى الإرهاب !
وعند الله تجتمِع الخصوم ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) .
ستجتمع الخصوم بين يدي حَكَم عَدْل ، وفي يوم لا ينفع فيه مال ولا بَنون ، في يوم تُنْصَب فيه الموازين ، فلا يُظلَم أحد مثقال ذرّة ، كما قال الله عزّ وَجَلّ : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) .

ولعل التاريخ يُعيد نفسه !
فقد كان رأس البِدْعَة " ابن أبي دؤاد المعتزلي " يقول للخليفة في زمانه : اقْتُل أحمد بن حنبل ودمه في رقبتي !
وذهبت الأيام ، وبقي ذِكْر الإمام أحمد بن حنبل ، وانطمس ذِكْر ابن أبي دؤاد !
بل ذُكِر أنه لما مات لم يحمِله سوى ثلاثة ، وهو كان في وقت من الأوقات رئيس القُضَاة !
وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد كان يقول : بيننا وبين أهل البِدَع يوم الجنائز !
وكان أقلّ تقدير حضَر جِنازة الإمام أحمد بن حنبل قُدِّر بنحو ثمانمائة ألف إنسان ..

هذا الجزاء العاجل .. فكيف بالآجِل .. ؟
وتلك شهادة الناس على الْخَلْق ، والناس شُهود الله في الأرض ، كما قال عليه الصلاة والسلام .

وتلك كانت ثمرة البدعة الْمُرَّة التي جناها ابن أبي دؤاد ، وسيجنيها من سار على نهجه ، وشابَهه قلْبًا وقالَبا !

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد