📹 في مَقطع مَرْئِي أتَى دكتور بما لم تأتِ به الأوائل ! حيث قال : إن أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه لم يَجمَع القرآن ، ولا عثمان رضي الله عنه . يقول : وإنما الذي جَمَعه هو (الله) ؛ لأنه لا أحَد مِن البَشَر يَقدر على جَمْع القرآن ...
واستدلّ بِقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ) .
وغَلَّطَ الدكتور مَن يقول : أنا أحفَظ القرآن ؛ يقول : لأن الله تعالى هو الذي يَحفَظ القرآن .
واستدلّ بِقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
وهذا الكلام والاستدلال غير صحيح ولا سديد ، وهذه نتيجة الكَلام العاطِفِيّ الذي يَتَبَادر إلى ذِْهن الْمُتكلِّم دون الرجوع إلى كُتب السّنّة وإلى كلام أهل العِلم .
أمّا قوله تبارك وتعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ) ؛ فهو خِطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والْمُراد به جَمْع القرآن في صَدره صلى الله عليه وسلم .
🔶 وقال تعالى : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) ، قال ابن عباس : يَعْنِي : لا تَعْجَلْ حَتَّى نُبَيِّنَهُ لَكَ . رواه ابن جرير في تفسيره : جامع البيان عن تأويل آي القرآن .
🔶 قال الإمام القرطبي : عَلَّمَ الله نَبِيَّهُ كَيْفَ يَتَلَقَّى الْقُرْآن .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ عَلَيْهِ الصلاة السَّلَامُ يُبَادِرُ جِبْرِيلَ فَيَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ جِبْرِيلُ مِنَ الْوَحْيِ حِرْصًا عَلَى الْحِفْظ ِ، وَشَفَقَةً عَلَى الْقُرْآنِ مَخَافَةَ النِّسْيَان ، فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ) ، وهذا كَقَولِه تَعَالَى : (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) .
(الجامع لأحكام القرآن : تفسير القرطبي)
وأما قول : أحفَظ القرآن ؛ فهو لفظ صحيح ؛ لأن الذي يحفظ حروفه يُقال له : حافِظ .
وهذا لَفْظ وَارِد في السُّنّة ، وعلى ألْسِنة العلماء مِن غير نَكِير
💎 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :*مَنْ حَفِظَ*عَشْرَ آيَاتٍ مِن أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِن الدَّجَّال . رواه مسلم .
🔦 وقال الإمام مُجَاهد : كنت أفخَر الناس*بِالْحِفظ للقُرآن*حتى صَلَّيْتُ خَلْف مَسلَمة بن مَخلَد ، فافْتَتَح " البَقرة " فمَا أخطأ فيها وَاوًا، ولا ألِفًا . رواه ابن أبي شيبة .
🕯 وقال البَاقِلاني : ولقد كَثُر*حفَّاظ القُرآن*على عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانْتَشَروا ، وعُرِفُوا به حتى كانوا يُدْعَون أهل القرآن ، وقُرّاء القرآن ، والقَرَأة مِن الصحابة .
(الانتصار للقُرآن)
💡 وقال ابن عبد البَرّ : وَكَانَ ابن عُمَرَ فَاضِلا ، وَقَد*حَفِظَ الْقُرْآنَ*عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ : عُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وابن مَسْعُودٍ ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَغَيْرُهُمْ .
(الاستذكار)
🖋 وأمّا*جَمْع القُرآن*؛ فالعُلَماء مُتّفِقون على أنّ أوَل مَن جَمَعه في المصاحِف هو أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه ، وكان أوّل ذلك بِمَشُورة مِن عُمر الفاروق رضي الله عنه ، كما في صحيح البخاري .
💎 قال زَيْد بن ثَابِت الأنْصَارِيّ رَضِي اللَّه عَنه عن جَمْع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه :
فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ*أَجْمَعُهُ*مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَال . رواه البخاري .
فَلَفْظ الْجَمْع كان معروفا عند الصحابة رضي الله عنهم .
🔵 وقال ابن أبي شَيْبة : أَوَّلُ مَن*جَمَعَ الْقُرْآن*، ثم رَوَى بإسناده إلى عليّ رضي الله عنه أنه قال : يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ هُوَ أَوَّلُ*مَن جَمَعَ*بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ .
🔻 وقال صَعْصَعة بن صَوْحَان : أَوَّل*مَن جَمَعَ*بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ ، وَوَرَّثَ الْكَلالَةَ أَبُو بَكْر . رواه ابن أبي شيبة .
📚 والْجَمْع الثاني ؛ هو جَمْع عثمان ذي النّورين رضي الله عنه ، وهو الذي يُوافِق العَرْضَة الأخيرة التي عرَضَها جبريل عليه الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان مِن حياته عليه الصلاة والسلام .
🔵 قال عَليّ رضي الله عنه عن الْجَمْع الثاني - جَمْع عثمان رضي الله عنه - : يَا أَيُّهَا النَّاسُ لا تَغْلُوا فِي عُثْمَانَ ، وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا فِي الْمَصَاحِفِ وَإِحْرَاقِ الْمَصَاحِفِ ، فَوَ اللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِفِ إِلاَّ عَنْ مَلأٍ مِنَّا جَمِيعًا . رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف .
📖 وقد يُعبّر عن الْجَمْع بـ " التألِيف " .
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : كُنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نُؤلِّف القُرآن مِن الرّقاع . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني وحسّنه الأرنؤوط