طالبة علم
مشرف
رقم العضوية : 765
الإنتساب : May 2015
الدولة : دار الفناء
المشاركات : 880
بمعدل : 0.27 يوميا

طالبة علم غير متواجد حالياً عرض البوم صور طالبة علم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي قوله تعالى:(أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا) للمسلم أو الكافر؟
قديم بتاريخ : 14-02-2021 الساعة : 08:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

قال - رحمنا الله وإياه - في أضواء البيان (7/393- 395) عند تفسير قوله تعالى : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) :
( اعلم أن للعلماء كلاماً كثيراً في هذه الآية قائلين إنها تدل على أنه ينبغي التقشف والإقلال من التمتع بالمآكل والمشارب والملابس ونحو ذلك.
وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يفعل ذلك خوفاً منه أن يدخل في عموم من يقال لهم يوم القيامة: ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) .. الآية، والمفسرون يذكرون هنا آثاراً كثيرة في ذلك، وأحوال أهل الصُـفة وما لاقوه من شدة العيش.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق إن شاء الله في معنى هذه الآية هو أنها في الكفار وليست في المؤمنين الذين يتمتعون باللذات التي أباحها الله لهم، لأنه ما أباحها لهم ليُذهب بها حسناتهم !
وإنما قلنا: إن هذا هو التحقيق، لأن الكتاب والسنة الصحيحة دالان عليه والله تعالى يقول: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الآية.*أما كون الآية في الكفار، فقد صرَّح الله تعالى به في قوله : ( ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم ) .. الآية.
والقرآن والسنة الصحيحة قد دلا على أن الكافر إن عمل عملاً صالحاً مطابقاً للشرع، مخلصاً فيه لله، كالكافر الذي يبر والديه، ويصل الرحم ، ويقري الضيف، وينفس عن المكروب، ويعين المظلوم يبتغي بذلك وجه الله ؛ يثاب بعمله في دار الدنيا خاصة بالرزق والعافية، ونحو ذلك ولا نصيب له في الآخرة.
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) ، وقوله تعالى : ( من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) . وقد قيد تعالى هذا الثواب الدنيوي المذكور في الآيات بمشيئته وإرادته في قوله تعالى: ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحورًا ) .

وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يُعطي بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها" هذا لفظ مسلم في صحيحه.*وفي لفظ له عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم: "إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدّخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته". اهـ.
فهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه التصريح بأن الكافر يجازى بحسناته في الدنيا فقط، وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معاً، وبمقتضى ذلك، يتعين تعييناً لا محيص عنه، أن الذي أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها هو الكافر، لأنه لا يجزى بحسناته إلا في الدنيا خاصة.
وأما المؤمن الذي يجزى بحسناته في الدنيا والآخرة معاً، فلم يُذهب طيباته في الدنيا، لأن حسناته مدخرة له في الآخرة، مع أن الله تعالى يثيبه بها في الدنيا ؛ كما قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ، فجعل المخرج من الضيق له ورزقه من حيث لا يحتسب ثواباً في الدنيا وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة. والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة.
وعلى كل حال ؛ فالله –جل وعلا- أباح لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم الطيبات في الحياة الدنيا، وأجاز لهم التمتع بها، ومع ذلك جعلها خاصة بهم في الآخرة، كما قال تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ) .فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا لم يمنعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة، وهو صريح في أنهم لم يُذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.
ولا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا كأصحاب الصفة، يكون لهم أجر زائد على ذلك ؛لأن المؤمنين يؤجرون بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد، كما هو معلوم.
والنصوص الدالة على أن الكافر هو الذي يُذهب طيباته في الحياة الدنيا، لأنه يجزى في الدنيا فقط ؛ كالآيات المذكورة، وحديث أنس المذكور عند مسلم، قد قدمناها موضحة في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) ، وذكرنا هناك أسانيد الحديث المذكور وألفاظه ) . انتهى . وانظر: (3/493) من أضواء البيان.


فهل ما قاله الشيخ الشنقيطى هو الصحيح و ان كان كذلك فلم فسر عمر رضى الله عنه الآية كذلك و ما الصحيح فى المسألة و جزاكم الله خيرا




الجواب :

وجزاك الله خيراً .
أولاً : يجب العناية بِكتابة الآيات ، فالذي وقع في العنوان خطأ ، والصواب (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا) .

ثانياً : نَصّ الآية في الكفار . قال تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)
وما قاله الشيخ الشنقيطي رحمه الله صحيح ، فهو ظاهر الآية ، ويَدلّ عليه حديث أنس رضي الله عنه .
ويَدلّ عليه أيضا قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
فالمؤمنون لهم الطيبات في الحياة الدنيا ، وهي لهم خالصة في الآخرة .

ثالثاً : ما ذَهَب إليه عُمر رضي الله عنه إنما هو مِن خشيتهم لله ، وخوفهم على أنفسهم ، وخشية مُشابهة أحوال الكفار .

قال البغوي في تفسيره : فلما وَبَّخَ الله الكافرين بالتمتع بالطيبات في الدنيا ، آثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة . اهـ .

وقال القرطبي : وهذه الآية نَصّ في الكفار ، ومع ذلك ففهم منها عُمر الزجر عما يُناسب أحوالهم بعض المناسبة ، ولم يُنْكِر عليه أحد من الصحابة . اهـ .

ومن هذا الباب ما رواه البخاري أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أُتِيَ بطعام وكان صائما ، فقال : قُتِل مصعب بن عمير وهو خير مِنِّي ، كُفِّن في بُردة ، إن غُطِّي رأسه بَدَتْ رجلاه ، وإن غُطِّي رجلاه بدا رأسه – قال الراوي - : وأُراه قال : وقتل حمزة وهو خير مِنِّي ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِط - أو قال - : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلَتْ لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام .

وحُمِل قول عمر وفِعله على ذمّ التوسّع الْمُفْضِي إلى الحرام .
قال القاضي ابن العربي رحمه الله : وهذا عتاب منه له على التوسع بابتياع اللحم ، والخروج عن جلف الخبز والماء ، فإن تَعَاطِي الطيبات من الحلال تَسْتَشْرِه لها الطباع ، وتَسْتَمْرئها العادّة ، فإذا فقدتها اسْتَسْهَلَتْ في تحصيلها بالشُّبُهات حتى تقع في الحرام الْمَحْض بِغَلَبَةِ العادة ، واسْتِشْرَاه الهوى على النفس الأمارة بالسوء ، فأخذ عمر الأمر من أوّلِه وحَمَاه من ابتدائه ، كما يفعله مثله . اهـ .

وسبقت الإشارة إلى هذا المعنى هنا :
هل النصراني إذا تصدّق إرضاءً لله يتقبّل الله منه ؟

https://al-ershaad.net/vb4/showthrea...3275#post23275

والله تعالى أعلم

المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

رد مع اقتباس
 

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غلط منتشر في فهم قوله تعالى : (إنك لا تهدي من أحببت) طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 4 25-01-2021 08:32 PM
معنى قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس} إلى قوله: {والصبح إذا تنفس}؟ طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 0 24-02-2016 11:23 PM
معنى قوله تعالى ( فِي سِتَّةِ أَيَّام ) عبق قسم القـرآن وعلـومه 0 26-02-2010 08:40 PM
هل قوله تعالى (إياك نستعين) يقتضي الحصر ؟ ناصرة السنة قسم القـرآن وعلـومه 0 21-02-2010 10:14 PM
سبب نزول قوله تعالى (ما ودعك ربك و ما قلى) نسمات الفجر قسم القـرآن وعلـومه 0 10-02-2010 05:13 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 10:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى