عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي شُبهة حول تدوين السنة وتباعد زَمن أصحاب كُتب السُّنّة المعروفة عن زمن النبي ﷺ
قديم بتاريخ : 16-04-2017 الساعة : 05:43 PM

شُبهة حول تدوين السنة وتباعد زَمن الأئمة المصنفين أصحاب كُتب السُّنّة المعروفة عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل
هل ممكن كتابة ردا طيبا على هذه الرسالة
تقول الرسالة :
أكثر من 183 سنة مفقودة من الإسلام .. أين هي ؟
أود أن أنوه وألفت عناية كل من يقرأ هذا الموضوع أو هذا البحث أني لا أقصد الإسائة أو الإهانة لكائن من يكون وتحديدا من كل المشايخ والعلماء باختلاف مكانتهم العلمية والشرعية باختلاف أيامهم وزمانهم إنما هو بحث موضوعي علمي تاريخي نحتاج إلى الإجابات القاطعة الحاسمة التي لا تقبل الشك على ما سوف أسرده من أسئلة وعلامات استفهام غاية بالأهمية لنا كرعية وكأمة مسلمة ؟

الموضوع :
يستند السواد الأعظم من المسلمين في أحاديث رسولنا وأشرفنا وأطهرنا- عليه الصلاة والسلام - إلى مراجع وكتب صحيح مسلم والبخاري والترمذي وغيرهم استنادا رئيسيا كاملا لا يقبل الشك وفق ما يعتقدونه فلننظر للحقائق التاريخية هذه ... انتقل حبيبنا - عليه الصلاة والسلام - إلى جوار رب العالمين سبحانه سنة 11 هجرية

1 - صحيح البخاري هو : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي الملقب بالبخاري وسمي بالبخاري نسبة لأصل ومكان مولده في مدينة بخارى في خراسان الكبرى ( أوزبكستان حاليا ) وولد سنة 194 للهجرة وتوفى في 256 للهجرة ( عمره 62 سنة ) ...ولد بعد وفاة رسولنا بـ 183 سنة ؟

2 - صحيح مسلم هو : أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري المولود في مدينة نيسابور في بلاد فارس سنة 206 هجرية وتوفى بها سنة 261 هجرية ( عمره 54 سنة) ولد بعد وفاة رسولنا بـ 195 سنة ؟

3 - سنن النسائي هو : أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النسائي المولود سنة 215 هجرية في مدينة بنساء وهي بلدة مشهورة بـ خراسان(أوزباكستان حاليا ) وتوفي في مدينة الرملة بفلسطين سنة 303 هجرية ( عمره 88 سنة) ولد بعد وفاة رسولنا بـ 204 سنة ؟

4 - الترمذي هو : محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي الملقب بأبو عيسى الترمذي المولود في ترمذ وهي مدينة جنوب أوزبكستان المولود سنة 209 هجرية والمتوفى سنة 279 هجرية ( عمره 70 سنة )ولد بعد وفاة رسولنا بـ 198 سنة ؟

5 - ابن ماجه هو : عبدالله محمد بن يزيد بن ماجة الربعي القزويني المولود في بلاد فارس سنة 209 هجرية وتوفي في رمضان سنة 273 هجرية ( عمره 64 سنة ) ولد بعد وفاة رسولنا بـ 198 سنة ؟

ملاحظة مهمة : لا يجب الوثوق برجاحة العقل إلا ما بعد الأربعين عام أي ضع 40 عام زيادة على مولدهم هكذا

1 - البخاري : 183 +40 = 223 سنة

2 - مسلم : 195 + 40 = 235 سنة

3 - النسائي : 204 + 40 = 244 سنة

4 - الترمذي : 198 + 40 = 238 سنة

5 - ابن ماجه : 198 + 40 = 238 سنة

أي رصد الثقة والأخذ بهم يكون بعد 223 سنة و 235 سنة و 244 سنة على وفاة أشرفنا عليه الصلاة والسلام ؟

هؤلاء من أهم مراجع أسس الحديث لدينا وهم من يعتقد الأصدق نقلا وهم من اجتمع عليهم كل علماء الأمة على حقيقة وصدق نقلهم وتوثيقهم لكل أحاديث رسولنا الحبيب - عليه الصلاة والسلام - وجميعهم ليسوا عربا ولا أقصد التشكيك بعقيدتهم ( انتبه ) لكنهم ليسوا عربا ولم يولدوا في أرض الجزيرة العربية أصل ومنبع الإسلام ... حسنا لننظر الآن للأهم ؟

هل تستوعبون وتعون ماذا تعني أرقام ( 183 و 195 و 204 و 198 ) من السنوات البشرية ؟ حدد علماء الأحياء الفترة الزمنية لـ ( الجيل ) من الأب إلى الإبن بـ33 سنة فلو قسمنا الأرقام أعلاه ÷ 33 سنة لخرجت لدينا النتيجة بمتوسطهم = 6 أجيال بشرية ... والزمن ثابت والبشر متغيرين + التحولات الشخصية للبشر لا يمكن الوثوق فيها من دوام اتزانها أو استمراريتها ... بمعنى ربما هذا اليوم عاقلا وغدا مجنونا أو اليوم فاسقا فاجرا وغدا ورعا وتقيا ... وأصل البشر مذنبون وخطاؤون يصيبون ويخطؤون يجمعون ما بين الخير والشر والصواب والخطأ والحسنات والسيئات وليسوا ملائكة معصومين منزهين ... إذن موضوعنا وأصل الخلاف هو وجود أكثر من 6 أجيال وسنوات ما بين 223 إلى 244 سنة حقبة زمنية مفقودة لا أحد يعلم عنها شيئا وغير ثابتة بالأدلة والبراهين العلمية التي لا تقبل الشك أو اللبس ... وحتى أكون دقيقا جدا معكم فإن البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه جميعهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يعايشوا بل لم يولدوا أصلا في عهد رسولنا الحبيب - عليه الصلاة والسلام - وكل من

1 - أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - من 11 هـ إلى 13 هـ = 632م
2 - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من 13 هـ إلى 23 هـ = 634م
3 - عثمان بن عفان - رضي الله عنه - من 23 هـ إلى 35 هـ = 644م
4 - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – من 35 هـ إلى 40 هـ = 661م
5 - معاوية بن أبي سفيان : 41 - 60هـ = 661 - 680م
6 - يزيد الأول بن معاوية : 60 - 64هـ = 680 - 683م
7 - معاوية الثاني بن يزيد : 64هـ = 683 - 684م
8 - مروان بن الحكم : 64 - 65هـ = 684 - 685م
9 - عبد الملك بن مروان : 65 - 86هـ = 685 - 705م
..........
يا إلاهي !!! ؟؟؟ !!! البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه جميعهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يعايشوا كل هؤلاء الخلفاء الراشدين وخلفاء المسلمين وولاة أمورهم !!! بل لم يولدوا بعد ولم يولدوا حتى في الجزيرة العربية ... إذن من أين جاؤا بأحاديث رسولنا ؟ وما هي مصادرهم ومراجعهم ؟ ومن هم شهودهم على كل حديث ؟ وأين هي وثائقهم التي خطوها بأياديهم بأصلها ؟ بمعنى تأتيني بـ200 أو 300 أو 500 حديث يجب أن يقابلهم نفس الرقم بمخطوطات أصلية فأين هي تلك المخطوطات ؟ إنه دين وعقيدة وشريعة يا هذا وليست وجهات نظر حتى نختار منها ما يحلوا لنا منها ونترك ما تهواه قلوبنا ؟
أين هي خطب الجمعة ؟
لن أقول أن الرسالة على أشرفنا عليه الصلاة والسلام استمرت 21 سنة بل سأقول وسأفترض أنها 10 سنوات ولنحسبها ... الشهر فيه 4 أسابيع فيه 4 أيام جمعة × السنة 12 شهرا = 48 × 10 سنوات = 480 خطبة جمعة ... من المفترض أن تكون موجودة في كتب البخاري ومسلم وغيرهم فأين تلك الخطب ؟ ... يا أخي أعطيني 50 خطبة فقط أنا راض وموافق ... فهل من المعقول كتب البخاري ومسلم وغيرهم جاؤا بآلاف الأحاديث النبوية العامة والشخصية وصدت وضعفت وعجزت عن سرد خطب الجمعة لرسولنا ؟ !!! ؟ { مالكم كيف تحكمون } الصافات

الأسئلة
1 - أين كتبة رسولنا - عليه الصلاة والسلام - وأين ما خطت يداهم
2 - أين ما كتب ونقل عن آل البيت - عليهم السلام جميعا ؟
3 - أين ما كتبه صحابة رسولنا - رضي الله عنهم ؟
5 - أين الحفظة والثـقاة من أشهر شخصيات العرب ؟
5 - هل رجال الدين آنذاك عقدوا صفقة مع أحد الخلفاء على حساب الدين ؟
6 - هل العهد الأموي الغير مستقر كان السبب بحجب تلك الأحاديث أو تزويرها ؟
7 - من حرق أو أتلف مخطوطات الأحاديث والسيرة بدقتها وبشهودها ؟
8 - من كانت له مصلحة حجب الحقائق هل خوفا من الثورات آنذاك ؟
9 - هل صراع الأمويين مع آل البيت وغيرهم كان سبب ذلك الحجب
10- لو لم تجدوا البخاري ومسلم فماذا ستكون حياتكم في أيامكم هذه ؟ وكيف ستعرفون السنن والأحاديث ؟ ومن أين ستكون مصادرها ؟ أم ستعملون بالمصدر الأول والأخير بالإسلام وهو القرآن الكريم ؟
11 - من له مصلحة بأن يستبعد القرآن الكريم ويستبدله بالأحاديث النبوية التي تقولت على أشرفنا ويأتي بتحريم ما لم يحرمه رب العالمين أصلا في كتابه ؟

أيعقل أن أمة العرب من بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأكثر من 6 أجيال وبأكثر من 183 سنة وبعد أكثر من 24 خليفة للمسلمين الذين هم أحرص الناس على الدين وعلى سنن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - لا يوجد تجميع للأحاديث ؟ حتى جاء مسلمين من خراسان وبلاد فارس حتى يعلمونا ما نقل عن رسولنا وكأنه كان لا يوجد آل البيت ولا الصحابة ولا الثقاة ولا الكتبة بل وكأن أمة العرب في الجزيرة العربية كانوا أمواتا !!!
{ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } النحل
نريد أن نعرف الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة عن حقبة 6 أجيال و 183 سنة ماذا حدث فيها وأين ما كتب يدويا عن رسولنا ؟ نريد ذلك بالأدلة المادية التي لا تقبل الشك على الإطلاق وليس بحديث ووجهة نظر وفلسفة ونقلا عن الكتاب الفلاني أو العلامة العلاني ... مع التنبيه والتذكير أن مخطوطات الحضارة السومرية والبابلية والفرعونية التي تعد أهم حضارات عرفتها البشرية مخطوطاتها وآثارها لا تزال باقية إلى يومنا هذا ... ومن المفترض أن عهد رسولنا بأبي أنت وأمي يا رسول الله يفترض أن يكون عهدا متطورا أكثر من تلك الحضارات ... بل أين مخطوطات عهد خليفة المسلمين هارون الرشيد الذي جمع الشعر والحديث والثقافة والفنون وغيره ؟

أفيدونا وأفتونا هل هناك مؤامرات وسرقات وخيانات تمت على الدين نفسه من أهل الإسلام أنفسهم ؟ لأننا ما قرأنا أن الروم أو التتار أو المغول أو الفرس أو كائن من يكون غزا مكة والمدينة واحتلهما احتلالا ولا حتى ليوم واحد... فإن كانت هناك خيانات ومؤامرات وسرقات وإتلاف وحرق متعمد لأحاديث رسولنا بالإضافة أنه لا توجد المخطوطات الأصلية لكل أحاديث رسولنا ... فهذا يعني أن كل كتب البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه جميعهم كتب لا يعتد بها وكتب غير موثوق فيها وربما كانت مزورة أو تم تحريفها وباب كل الإحتمالات مفتوح على مصراعيه ... وإن كنتم تخافون من أن الأمة قد تفتن أو يفلت زمام أمورها من بين أيديكم فهذا عذر أقبح من ذنب ... فلا يجوز بأي حال من الأحوال ومهما كانت الأسباب والمبررات بأن نتقول أكرر لا يجوز بأن نتقول على رسولنا وأشرف خلق الله - عليه الصلاة والسلام - ونأتي بأحاديث غير مؤكدة المصدر ودون سند تاريخي أثري مادي حقيقي ... وبالتالي الأمر قد لا يخلوا من التزوير والتحريف مثلما تم تزوير حقائق تاريخية إسلامية وسرد قصص كاذبة وخيالية لا نعرف مصدرها الحقيقي وهذا ليس بموضوعنا ؟
أنا شخصيا وبما أني مسلم موحد أريد أن أعرف الحقيقية كاملة وهذا حقي الفكري والمنطقي والشرعي بنسبة 100% ... ماذا حدث في 183 سنة الغائبة ؟ فإن عجزتم فلا تكابروا واحذروا التقول على رسولنا وحبيبنا فإن لكم دنيا فانية ولكم آخرة باقية ويقول الحق جل جلاله { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } النساء ... ورسولنا وأشرفنا - عليه الصلاة والسلام - قد مات وهو شفيعنا يوم القيامة ... وما نقل عنه غير مؤكدة المصادر والمراجع فيكون مرجعنا القرآن الكريم كتاب الله الذي قاله عنه سبحانه { وكل شيء فصلناه تفصيلا } الإسراء ... وقوله سبحانه { ما فرطنا في الكتاب من شيء }الأنعام ... وقوله سبحانه { كتاب أحكمت آياته ثم فصّلت من لدن حكيم خبير } هود ... لذلك القرآن هو مرجعنا الأول والأساسي والرئيسي في كل وأي شيء ... ولا يجوز تقديم رسولنا على القرآن الكريم وكتاب الله سبحانه ولا يجوز تقديم الخلفاء على رسولنا ولا يجوز تقديم الأئمة والمشايخ على الخلفاء وكلهم ودون أي استثناء بما فيه نحن يكون القرآن الكريم هو المرجع الأول الذي نستند عليه ومرجعنا ... يا الطيبين هذه أحاديث أشرفنا وأطهرنامو وجهات نظر تاخذ فيها أو ما تاخذ فيها هذي سنن وعقيدة ومنهج مو لعب وشغل يا لله مشي حالك والناس ما تدري وشدراها ... { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } البقرة ... هاتوا ردكم وأدلتكم على ما أقول فإني سطرت لكم أسئلة وحقائق تاريخية وحقب زمنية ... وليكن ردكم موضوعي علمي عملي ولن ألتفت لكتب فلان أو علان مع كامل التقدير والإحترام للجميع ... أريد وثائق أو مخطوطات ما قبل البخاري ومسلم وغيرهم الذين لا تملكون مخطوطاتهم الأصلية والفعلية ولكل ما بصمتم عليهم دون بينة ... والأصل أن يكون لكل حديث مخطوط تاريخي أثري ... فإن عجزتم فوفروا حديثكم معي حتى يحكم الله بيني وبينكم بالحق أو إلى أن يقضي الله بأمر كان مفعولا ؟
إن رب العزة أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين لم يخلق هذه الدنيا بدقة وإتقان شديدين وبعشرات المليارات من البشر حتى يدخل الجنة فقط فقطفقط من سار وصدق كتب البخاري ومسلم وغيرهم فمن عمل بهم دخل الجنة ومن خالفهم دخل النار ... لا يا إخواني إنكم ظلمتم أنفسهم كثيرا وتربعتم في لب الجهالة وأنتم لا تعلمون ... فالله سبحانه وتعالى له رحمة لا يستوعبها عقل بشر ولا يتصورها قلب مخلوق فالجنة بيد رب العالمين يدخل الله فيها من يشاء برحمته ... فكفاكم جهلا وتبصروا وتفكروا مما أنتم فيه قبل فوات الأوان ... وبسبب الفهم الخاطئ والتعصب الفكري والعاطفة الساذجة والكتب الغير موثوق فيها خرج الإرهابيين والمتشددين والجهلة الذي بسببهم أصبح الدين الإسلامي الدين الإرهابي الأول على مستوى العالم ... ستقولون إنه مخطط ؟ نعم إنه مخطط عفن لكن من أين جاؤوا بالإرهابيين أليس من ديارنا وبلداننا ومن عقلية بعض المشايخ والعلماء ومن الكتب التي تفننتم بكتابتها وكم الشحن والتحريض التي حشوت فيها ... أم جاؤوا بهم من كوكب آخر ؟

أنا أظن برسولنا وحبيبنا - عليه الصلاة والسلام - ظن الخير والسلامة والأمان والإطمئنان ... ولا أعتقد أن رسولنا قد كفر هذا أو لم يصلي على ذاك وكلها أحاديث أعتقد وأظن أنها مزورة ومحرفة لا أساس لها من الصحة ... وأعتقد أيضا أنه تم تحريف الكثير من الأحاديث وتم تزويرها بدليل وجود الإسرائيليات التي حرفوا وزورا كثيرا من الأحاديث + لا أعلم ما هي مصادر الأحاديث الأخرى المزورة والمحرفة والتي جاء العلماء بعد ذاك وقالوا هذا حديث غير صحيح وهذا حديث ضعيف ... إذن أين هي الأحاديث الصحيحة المؤكدة ؟ لا أحد يعلم ومن يعلم يعتقد أنه يعلم وهو لا يعلم لأنه لا يمتلك سوى البخاري ومسلم وغيرهم وهؤلاء قد تحدثت عنهم في بداية الموضوع الذين تشوبهم علامات استفهام كثيرة ومرعبة ولا أحد يجرؤ أن ينطق بالحق وكأن البخاري ومسلم هم القرآن الكريم أو كأنهم هم الدين نفسه ... كلا وأبدا يجب أن نسأل ونبحث ونستفسر دون النظر لإسم العالم أو غيره ؟
أخرجتم آلاف الكتب عن الدين ولم تتغير العقليات ولم تصفى القلوب وكل ما نراه من تصرفات الكثير من المسلمين لا يمت للإسلام بصلة ... المسلم لا يكذب وهم كاذبون والمسلم لا يسرق وهم سارقون والمسلم لا يغدر وهم غادرون والمسلم لا يزني وهم زناة فاجرون ... يا ليتكم ويا ليتنا أخذنا فقط فقطفقط أخلاق رسولنا الحبيب - عليه الصلاة والسلام - لكان حالنا أفضل مما نحن فيه بملايين المرات ... وما القاعدة وداعش إلا نبت شيطاني خرج من كتب التزوير والتحريف والتقول الوقح على أشرفنا والتصديق الأعمى من رؤوس الجهلة دون بينة ... فويل لأمة افترت على رسولها وتقولت عليه ونسبت إليه ما لم يقله وويل لأمة تجاهلت قرآنها وحادت عنه وجعلت لكلام الله نـــّدا وشريكا .. ويل من قيامتكم ومن حسابكم ومن عقابكم ... ويل لحفنة سيكون الرسول خصيمهم يوم القيامة فيما تقولوا وافتروا عليه ؟
ما أوصيكم اتهموني إني قرآني أو ليبرالي أو مشرك أو ملحد أو من مذهب أخر ومصطلحات ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان ... لقد تعودنا منكم التخلف دون التبصر والتشدد دون التعقل والعصبية دون الحكمة والإتهام دون بينة والطعن بالذمم والظن بالسوء ... كل ذلك قد ثم قد يحدث فقط لأني سألت وتفكرت في الأمر لكن بصوت مرتفع

أفهموا واسألوا أنفسكم من يريدكم جهلة ؟
ومن يريدكم لا تفهمون الحقائق ؟
وإلى متى ؟
ولماذا ؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كاتب هذا المقال إما جاهل وإما غبي ، أو هُمَا معًا !
ولا أظنه إلاّ رافضي جاهل وغبي !!

أولاً : السُّنّة لم يأتِ بها الأئمة مِن عند أنفسهم حتى يُقال : أين هي مخطوطاتهم ؟!
بل هُم يَروونها بالإسناد كل راوٍ يَروي عن شيخه .
ولا أعلم عِلْما مرّ بِعناية فائقة وبالغة كما مرّ به عِلْم الحديث النبوي ، ومَن دَرَسَه دِراسة مُتعمّقة عَلِم ما أقول !
أما القرآن فقد كُتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جَمَعه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه الْجَمْع الأول ، ثم الجمع الذي أجْمَعت الأمة على قبوله – عدا الأمّة الخنزيرية : الرافضة !
وقد تكفّل الله بِحفظ الذِّكْر ، وهو : القرآن والسُّنّة ؛ لأن السنة مُفسِّرة للقرآن مُبيِّنة له .
ولا عجب أن يُهيئ الله للسُّنّة رِجالا يتوارَثون العِلْم جيلا بعد جيل .
ومِن الأمثلة الواضحة البيِّنة على عناية الله بهذه الأمة ، وتكفّله بِحفظ الكتاب والسنة :
أن هيأ الله لِحفظ السُّنّة مثل أبي هريرة رضي الله عنه ، الذي لازَم رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحفظ حديثه ، وشَهِد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرص على السؤال ، وكان لا يُلهيه البيع والشراء ، ولا طَلب الدنيا ، بل كان يُلازِم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويَسمَع منه كثيرا .
قال أبو هريرة رضي الله عنه : إنكم تزعمون أن أبا هريرة يُكثِر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله الموعد ، كنت رجلا مِسكينا أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على مِلء بطني ، وكان المهاجرون يَشغلهم الصفق بالأسواق ، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن يَبسط ثوبه فلن ينسى شيئا سمعه مِنّي، فبسطت ثوبي حتى قَضى حديثه ، ثم ضَمَمتُه إليّ ، فما نسيت شيئا سمعته منه . رواه البخاري ومسلم .

ثم جاء مَن يُلازِم أبا هريرة مدة 20 سَنَة ، وهو تلميذه : سعيد بن المسيَّب ، سَيِّد مِن سادات التابعين ، وإمام مِن أئمة المسلمين .
قال عنه الذهبي : وكان زوج بنت أبي هريرة ، وأعلم الناس بِحديثه . اهـ .
ولم يَكتفِ سعيد بن المسيّب بِملازمَة أبي هريرة ، بل عُرِف عنه أنه لازَم عُمر ، وهو صبيّ ؛ لأنه وُلِد في خلافة عمر رضي الله عنه .
ولازَم ابنَ عباس رضي الله عنهما .

ثم جاء مَن يُلازِم ابن المسيّب مدة طويلة ، وهو الإمام ابن شهاب الزهري .
قال الإمام الذهبي في ترجمة ابن شهاب الزهري ، وهو يذكر شيوخ ابن شِهاب : وسعيد بن المسيب ، وجَالَسَه ثماني سنوات ، وتَفقّه به . اهـ .

ومِن أبرز تلاميذ الإمام الزهري : الإمام مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة ، وصاحِب المذهب المعروف ، وهو مؤلِّف كتاب " الموطأ " ، وهو يَروي عنه كثيرا في الموطأ .

واعتنى علماء الأمة بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عناية فائقة حتى في الحرف واللفظة الواحدة فضلا عمّا سِواها .
ومَيّزوا الزيادة في اللفظ ، وأن تلك الزيادة زادها فلان ، وهذا كثير في الصحيحين .
وعُرِف عن الإمام مسلم تمييز ألفاظ الرواة ، فيُبيِّن أن هذا لفظ فلان ، بل عُرِف عنه تمييز صِيَغ التحديث
بل كان العلماء لا يَزيدون في اسم الراوي زيادة تعريف له إلاّ بِما يُميِّز تلك الزيادة أنها مِن صَنيع الراوي .
كأن يقول :حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ . كما في صحيح مسلم .
أو يقول :حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَامٍ . كما قال الإمام البخاري .
أو يقول : هو ابن فلان ، زيادة في التوضيح والبيان .
ويُبيِّنون اختلاف الألفاظ وإن لم يَتغيّر المعنى . مثل إبدال لفظ الرسول بِلفظ النبي ، ونحو ذلك .
وعلى سبيل المثال : قال الإمام مسلِم : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ ، قَالَ أَبُو بَكْرِ : حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَقَالَ الآخَرَانِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ...
وهذا مِن تمييز ألفاظ الرواة ، ومَن منهم ذَكَر صريح التحديث ، ومَن منهم قال (عن) .
والأمثلة في صحيح مسلم مِن هذا كثيرة .
في سلسلة يَطول بيانها وضرب الأمثلة عليها .

فالعلماء الجهابذة الأفذاذ عُنُوا عناية بالِغة بالنقد للإسناد والمتن ، وعُرِفوا بالاحتياط لِحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كانوا يَترُكون حديث الذي عُرِف بالكذب في كلامه ، ولو لم يُعرَف بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانوا يَترُكون الاحتجاج بحديث كثير الغلط وكثير الوَهم ، ومَن حديثه فيه ما يُنكَر .
وربما انتَقَوا مِن أحاديث الراوي ما يُوافِق أحاديث الثقات ، دون ما خالَف فيه .
وكانوا يُبيِّنون خطأ العالِم أو الراوي دون تردد ولا مُجاملة ؛ لأن هذا دِين .

ومِن العلماء – كالإمام مالِك – من عُرِف عنه شِدّة الاحتياط لِحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا شكّ في رَفْع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يَنسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وسئل الإمام البخاري عن خبر حديث ، فقال : يا أبا فلان ، تراني أُدَلّس ؟! تَركتُ أنا عشرة آلاف حديث لِرَجل لي فيه نظر ،وتَركتُ مثله أو أكثر منه لِغيره لي فيه نظر . (تاريخ بغداد ، وعنه : ابن عساكر في تاريخ دمشق) .

بل ويَحتاطُون في تفسير ألفاظ الحديث النبوي .
ورحِم الله الأصمعي ، إذْ كان يتوقّف في تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رغم أنه مِن أئمة اللغة .
قال أبو قلابة عبد الملك بن محمد : قلت للأصمعي : يا أبا سعيد ، ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجار أحق بِسَقَبِه " ؟ فقال : أنا لا أفَسِّر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن العرب تزعم أن السَّقَب اللزيق .

وهذا الاحتياط للسُّنّة مُتوارَث : جيل بعد جيل .
فقد عُرِف عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم احتياطهم في التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فإذا حدَّثَ أحدُهُم بِحديثٍ وَشَكَّ في إبدالِ كِلمةٍ ونحوِ ذلِكَ مما لا يُغيِّر المعنى قال : أوْ كَما قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ قَالَ : أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وابنُ ماجه . وصَحَّحهُ الألبانيُّ والأرنؤوطُ .

وقَالَ عَمْرِو بْنُ مَيْمُون : مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلاَّ أَتَيْتُهُ فِيهِ ، قَالَ : فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَنَكسَ ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً أَزْرَارُ قَمِيصِهِ ، قَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، قَالَ : أَوْ دُونَ ذَلِكَ ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وابنُ ماجه . وصَحَّحهُ الألبانيُّ والأرنؤوطُ.

وروى ابنُ ماجَه مِنْ طريقِ أَبِي سَلَمَةَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِرَجُلٍ : يَا ابْنَ أَخِي ، إِذَا حَدَّثْتُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا ، فَلاَ تَضْرِبْ لَهُ الأَمْثَالَ.

وقال عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللهُ عنه : إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا ، فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْيَأَهُ ، وَأَهْدَاهُ ، وَأَتْقَاهُ.

وروى الإمامُ أحمدُ وابنُ ماجه مِنْ طريقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ : قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ : حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : كَبِرْنَا وَنَسِينَا ، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدٌ . وصَحَّحهُ الألبانيُّ والأرنؤوطُ .

ومِن عناية علماء الأمة بالسُّنّة : أن مَيَّزوا ما يصحّ مِن أحاديث الراوي الواحد ، وما لا يصحّ مِن أحاديثه ؛ فيذكرون مَن وقع في الاختلاط وما يُقبَل مِن حديثه وما يُردّ ، وما يُتوقّف فيه ، ومَن وقع له النسيان ، أو احتراق كُتبه ، أو تناثر أوراقه التي كان يَكتب فيها ، ومَن حدَّث في بلد مُعيَّن فضَبَط ما يَرويه ، وبين ما حدَّث به في بلد آخر فلم يضبط ما رَواه ؛ ويذكرون ما يُقبَل مِن حديثه وما يُردّ .
ويُبيِّنون ما يُقبَل مِن أحاديث أهل بلد عن راوٍ ، وما لا يُقبَل إذا حدَّث عنه غير أهل ذلك البلد .
وكل هذا مِن العناية الفائقة بِحِفْظ السُّنّة ، فيُعرَف الراوي الثقة التام الضبط الذي يُقبَل حديثه ، والراوي الضعيف الذي يُردّ حديثه ، ولا ينجَبِر بِغيره ، والراوي الضعيف الذي ضَعفه مُنجَبِر ، والراوي الذي يُقبَل حديثه في وقت دون وقت آخر ، والراوي الذي أخطأ في أحاديث مُعيّنة ، وتُحصَى وتُحصَر أحاديث الراوي ، ويُعرَف عددها .
وعلى سبيل المثال : قال الإمام الذهبي في ترجمة الإمام مالك بن أنس :
فأخَذَ عن : نافع ، وسعيد المقبري ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وابن المنكدر ، والزهري ، وعبد الله بن دينار ، وخَلْق سنذكرهم على الْمُعجَم ، وإلى جانب كل واحد منهم ما رَوَى عنه في " الموطأ " ، كم عدده . ثم ذَكَرهم ، وأعداد الأحاديث التي رَوَاها عن كل واحِد منهم .

وهكذا في دِقّة مُتناهية لا يُعرَف لها نظير في فنّ مِن الفنون ، ولا في عِلْم مِن العلوم ، بل ولا في أمّة مِن الأُمم !

ومِن هذا الباب : تَرْك الاحتجاج بِحديث مَن عُرِف بالتدليس ؛ احتياطا لِحديث النبي صلى الله عليه وسلم .
وقسَّم الحافظ ابن حجر المدلِّسِين إلى خمس طبقات ، وبيَّن ذلك في رسالة مُستقلّة في بيان طبقات المدلِّسين ، ومَن منهم يُقبَل حديثه ، ومن منهم لا يُقبَل حديثه إلاّ إذا صرّح بالتحديث ، فأتى بصيغة تُفيد أنه سَمِع الحديث مِن شيخه ، دون ما إذا قال (عن) أو (قال) ونحوها من الصِّيَغ التي لا تُفيد السَّمَاع ؛ لأنه قد يَكون سَمِعه مِن غيره ودلَّسَه .

ومِن عناية علماء الأمة بالسُّنّة : أن رَحَلوا المسافات الطويلة وتعرّضوا للأخطار والمَشاقّ في سبيل تحصيل العِلم .
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : بلغني حديث عن رجل مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتريت بعيرا فشدَدت عليه رَحْلا ، ثم سِرت إليه شهرا حتى قدمت مصر ، قال : فخرج إليّ غلام أسود فقلتُ : استأذن لي على فلان ، قال : فدخل ، فقال : إن أعرابيا بالباب يستأذن ، قال : فاخْرُج إليه ، فَقُل له : مَن أنت ؟ قال : فقال له : أخبره أني جابر بن عبد الله ، قال : فخَرج إليه ، فالْتَزَم كل واحد منهما صاحبه ، قال : فقال : ما جاء بك ؟ قال : حديث بلغني أنك تُحدِّث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القِصاص ، وما أعلم أحدا يَحفظه غيرك ، فأحببت أن تُذاكِرنيه ، فقال : نعم . فذَكَر الحديث . رواه الخطيب البغدادي في " الرحلة في طلب الحديث " .

قال الإمام البخاري : باب الخروج في طلب العلم .
ورَحَل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد . اهـ .

وخَرَج أبو أيوب رضي الله عنه إلى عقبة بن عامر وهو بمصر ، يَسأله عن حديث سَمِعه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قَدِم أتى منزل مَسلمة بن مَخلد الأنصاري ، وهو أمير مصر فأُخبِر به فعَجِل ، فخرج إليه فعانقه ، وقال : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبقَ أحد سمعه غيري وغير عقبة ، فابْعَث مَن يَدلنّي على مَنْزِله ، قال : فبعث معه مَن يَدلّه على منزل عُقبة ، فأُخْبِر عقبة به فَعجل ، فخرج إليه فعانقه ، وقال : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟ فقال : حديث سمعته مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبقَ أحد سمعه غيري وغيرك في ستر المؤمن . قال : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن سَتر مؤمنا في الدنيا على خربة سَتَره الله يوم القيامة . فقال له أبو أيوب : صَدَقت ، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فَرَكبها راجعًا إلى المدينة ، فما أدركته جائزة مَسلمة بن مخلد إلاّ بِعَريش مصر . رواه الخطيب البغدادي في " الرحلة في طلب الحديث" . وأصله في مسند الإمام أحمد .

وقال كَثِير بن قَيْسٍ : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ بَلَغَهُ يُحَدِّثُ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ .

وقال ابن المسيّب : إن كنت لأسِير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد .

وقال هُشيم : كنتُ أكون بأحد الْمِصرِين ، فيبلغني أن بالْمِصْر الآخر حديثا ، فأرحَل فيه حتى أسمعه وأرجع . يَعني : الكوفة والبصرة . وبينهما أكثر من 300 كم !

ومِن أعجب الرحلات وتتبّع الحديث : ما رواه نصر بن حماد الورّاق قال : كُنّا قعودا على باب شُعبة نَتذَاكر ، فقلت : حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر، قال : كُنّا نَتَناوب رعية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه وسلم حوله أصحابه، فسمعته يقول: " مَن توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى ركعتين فاستغفر الله إلاّ غَفر له " قلت : بخ بخ ، فجَذَبني رجل مِن خَلفي ، فالتفت فإذا عُمر بن الخطاب ، فقال : الذي قَبل أحسن ، فقلت : وما قال ؟ قال : قال : مَن شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله قيل له ادخل مِن أيّ أبواب الجنة شئت " قال : فخرج شُعبة ، فَلَطَمني ثم رجع ، فَدَخل فتنَحّيت مِن ناحية ، قال : ثم خرج ، فقال : ما لَه يَبكي بعد ؟! فقال له عبد الله بن إدريس : إنك أسأت إليه ، فقال شعبة : انظر ما تُحَدِّث ؟ إن أبا إسحاق حدثني بهذا الحديث عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر قال : فقلت لأبي إسحاق : مَن عبد الله بن عطاء ؟ قال : فغضب ، ومِسعَر بن كِدام حاضر ، قال : فقلت له : لتُصَحِّحن لي هذا أو لأخْرِقنّ ما كَتبتُ عنك ، فقال لي مِسعَر : عبد الله بن عطاء بمكة ، قال شعبة : فَرَحَلتُ إلى مكة ، لم أرد الحج أرَدْت الحديث ، فلَقِيت عبد الله بن عطاء ، فسألته ، فقال : سعد بن إبراهيم حدثني ، فقال لي مالك بن أنس : سعد بالمدينة لم يَحجّ العام ، قال شعبة : فَرَحَلتُ إلى المدينة ، فَلَقِيت سعد بن إبراهيم ، فسألته فقال : الحديث مِن عندكم ! زياد بن مِخراق حدثني ، قال شعبة : فلما ذَكر زيادا ، قلت : أيّ شيء هذا الحديث ؟! بينما هو كُوفي إذ صار مَدنيا إذ صار بَصرِيّا ، قال : فَرَحلْتُ إلى البصرة ، فَلَقِيت زياد بن مِخراق ، فسألته ، فقال : ليس هو مِن بَابَتِك ، قلت : حَدِّثني به ، قال : لا تُرِده ، قلت : حدثني به ، قال : حدثني شَهر بن حَوشب عن أبي ريحانة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال شُعبة : فلمّا ذَكر شَهر بن حَوشب ، قلت : دَمَّر عليّ هذا الحديث ، لو صحّ لي مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلي من أهلي ومالي والناس أجمعين . رواه الخطيب البغدادي في " الرحلة في طلب الحديث" .
هذا في تتبّع حديث واحد لتتبّع إسناده وإثبات صِحّته .
وقد صَحّ الحديث في صحيح مسلم مِن طريق جبير بن نفير ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه .

مع ما يُعانِيه الأئمة مِن مشقّة وتعب وافتقار في سبيل طلب العلم عامة ، والحديث النبوي خاصة .

قال إسحاق بن راهويه : لَمّا خَرَج أحمد [يعني : ابن حنبل] إلى عبد الرزاق ، انقطعت به النفقة ، فأكْرَى نفسه من بعض الجمّالين إلى أن وافَى صنعاء ، وعَرض عليه أصحابه المواساة ، فلم يأخذ .
وسُئل الإمام أحمد : كم أقمتَ باليمن ؟
قال : ذهابي ومجيئي عشرة أشهر ، خَرَجنا مِن مكة في صَفر ، ووافينا الموسم . يعني : موسِم الحج .

وجاء في ترجمة الإمام البخاري : أنه رَحل في طلب العلم إلى سائر محدثي الأمصار، وكَتَب بِخراسان ، والجبال ، ومُدن العراق كلها ، وبالحجاز ، والشام ، ومصر . (تاريخ بغداد)

قال ابن جرير الطبري : أبْطأتْ عَنّي نَفقة والدي ، واضطررت إلى أن فَتَقتُ كُمّي قَميصي فبِعتُهما .

وقصص مُعاناة الأئمة وجُهدهم في طلب الحديث والرحلة في سبيل تحصيله وتحصيل عُلوّ الإسناد أكثر وأشهر مِن أن تُذكَر . ويُراجَع لذلك كتاب " الرحلة في طلب الحديث" ، للخطيب البغدادي .

ولا شكّ أن هذا مِن عناية الله وحِفظِه لِدينه ؛ فهيّأ أولئك الأئمة للتفرّغ لِحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فيُمضي أحدهم عُمره لا هَمّ له إلاّ جَمْع الحديث النبوي ، وإن اشتغل غيره بِجَمْع الدنيا ، أو المنافَسَة على المناصب !

قال نعيم بن حماد : سمعت عبد الله بن المبارك رضي الله عنه يقول - وقد عابَه قوم في كثرة طَلبه للحديث - فقالوا له : إلى متى تَسْمَع ؟ قال : إلى الممات !
وقال الحسين بن منصور الجصاص : قلت لأحمد بن حنبل رضي الله عنه : إلى متى يَكتب الرّجل الحديث ؟ قال : إلى الموت .
وقال عبد الله بن محمد البغوي : سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول : إنما أطلب العلم إلى أن أدخل القبر .
وقال محمد بن إسماعيل الصائغ : كنت أصوغ مع أبي ببغداد فَمَرّ بنا أحمد بن حنبل وهو يَعْدُو ، ونَعلاه في يديه فأخذ أبي بمجامع ثوبه ، فقال : يا أبا عبد الله ألا تستحي ؟ إلى متى تعدو مع هؤلاء ؟ قال : إلى الموت !
وقال عبد الله بن بشر الطالقاني : أرجو أن يأتيني أمر ربي والْمَحبَرة بين يدي ، ولم يفارقني العلم والْمَحبَرة .
وقال حُميد بن محمد بن يزيد البصري : جاء ابن بسطام الحافظ يسألني عن الحديث ، فقلت له : ما أشد حرصك على الحديث ! فقال : أوَ ما أُحِبّ أن أكون في قطار آل رسول الله ؟

ثانيا : الكاتب اعتمَد على تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دون ذِكْر وفيات الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأنهم هُم الذين نَقلوا لنا الدِّين كلّه ، وهُم الذين رَوَوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعضهم تأخّرت وفاته إلى سَنة 100 مِن الهجرة .
وسبب ذلك : إما جَهل الكاتب ، وإما إرادة التلبيس والتدليس ! وكلاهما قبيح !!

ومِن تدليسه : أن ذَكَر تواريخ وفيات أصحاب الكتب ، وهُم لم يُألِّفوا كُتبهم في آخر سِنيّ حياتهم !
ولم يَذكر مَن تقدّمت وفاته كالإمام مالك والشافعي وغيرهما .

وقد تفرَّق الصحابة رضي الله عنهم في البلدان ، وأخذ الناس عنهم العِلْم شَرقا ومغربا .
وقد ذَكَر العلماء آخر الصحابة موتًا بِحسب البلدان التي ماتوا فيها .
فآخِرهم مَوتًا بالبصرة : أنس بن مالك رضي الله عنه مات سنة ثلاث وتسعين ، وهو آخر من مات بها.
وآخِر الصّحابة موتا بالمدينة : سهل بن سعد الأنصاري ، قاله ابن المدينيّ والواقديّ وإبراهيم بن المنذر وابن حبّان وابن قانع وابن مَنده ، وادّعى ابن سعد نَفْيِ الخلاف فيه ، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين .
قال العراقيّ : وقد تأخّر بعد الثّلاث محمود بن الرّبيع الّذي عَقَل الْمَجّة ، وتوفى بها سنة تسع وتسعين ، فهو إذا آخر الصّحابة مَوتًا بها .
وآخِرهم بمكّة : أبو الطّفيل ، وهو قول ابن المدينيّ وابن حبان وغيرهما .
وآخِرهم بالكوفة : عبد اللَّه بن أبي أوفى ، مات سنة ست وثمانين.
وآخِرهم بالشّام : عبد اللَّه بن بُسر المازنيّ ، قاله خلائق ، ومات سنة ثمان وثمانين .. وهو آخر مَن مات ممّن صلّى للقِبلَتين .
وآخِرهم بِمصر : عبد اللَّه بن الحارث بن جزء الزّبيديّ ، مات سنة ست وثمانين .
وآخِرهم باليمامة : الهرماس بن زياد الباهليّ سنة اثنتين ومائة أو مائة ، أو بعدها .
وآخِرهم بِبُرقة : رويفع بن ثابت الأنصاريّ .
وآخرهم بِخُراسان : بريدة بن الحصيب، وآخرهم بِسجستان : العدّاء بن خالد بن هوذة .
وآخرهم بِسَمرقند : الفضل بن العباس .
(انظر : الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر) .
وقد ذَكَر ابن حجر في ترجمة أَبي الطفيل عامر بْن واثلة الكناني رضي الله عنه أنه وُلد عام أحد وأدرك من حياة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثماني سنين . نزل الكوفة وصَحِب عليًا فِي مشاهده كلها ، فلما قُتل عليّ رضي اللَّه عنه انصرف إِلَى مكة فأقام بها حَتَّى مات سنة مائة .
فهذا الزمن الطويل الذي يَقرب مِن مائة عام أهْمَله كاتب تلك المقالة تدلِيسًا وتلبيسًا !
وأهْمَل أيضا ذِكْر الأئمة المتقدِّمين على أصحاب الكتب السِّتّة ، والذين صَنّفوا قبل الأئمة الستة .

وقد ذَكَر العلماء أوائل المصنّفين في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال النووي : أول مصنف في الصحيح المجرَّد ، صحيح البخاري ثم مسلم .
قال السيوطي : وقد كانت الكتب قَبله مجموعة ممزوجا فيها الصحيح بغيره ، وكانت الآثار في عصر الصحابة وكبار التابعين غير مُدونة ولا مُرتبة ، لِسَيلان أذهانهم وسَعة حفظهم ...
فأول مَن جَمع ذلك : ابن جُريج بمكة ، وابن إسحاق أو مالك بالمدينة ، والربيع بن صبيح أو سعيد بن أبي عروبة أو حماد بن سلمة بالبصرة ، وسفيان الثوري بالكوفة ، والأوزاعي بالشام ، وهُشيم بِواسط ، ومَعمَر باليمن ، وجرير بن عبد الحميد بالري ، وابن المبارك بِخُراسان .
ونَقَل السيوطي عن ابن حجر أنه قال : وهذا بالنسبة إلى الجمع بالأبواب ، أما جَمع حديث إلى مثله في باب واحد ؛ فقد سَبَق إليه الشعبي ، فإنه رُوي عنه أنه قال : هذا باب مِن الطلاق جسيم ، وساق فيه أحاديث .
ثم تلا المذكورين كثير مِن أهل عَصرِهم إلى أن رأى بعض الأئمة أن تُفرَد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وذلك على رأس المائتين ، فصنّف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مُسندا ، وصنّف مُسدد البصري مسندا ، وصنّف أسد بن موسى الأموي مسندا . وصنّف نُعيم بن حماد الخزاعي المصري مسندا ، ثم اقتفى الأئمة آثارهم ، فَقَلّ إمام مِن الحفاظ إلاّ وَصَنّف حديثه على المسانيد ؛ كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة ، وغيرهم . اهـ .
قال السيوطي : وهؤلاء المذكورون في أول مَن جَمَع ، كلهم في أثناء المائة الثانية ، وأما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز بأمْرِه ، ففي صحيح البخاري في أبواب العلم : وكَتَب عُمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم : انظر ما كان مِن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكْتُبه ، فإني خِفتُ دُرُوس العِلم وذهاب العلماء .
وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان بلفظ : كَتَب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق : انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاجْمَعُوه .
قال في فتح الباري : يُستفاد مِن هذا ابتداء تدوين الحديث النبوي ، ثم أفاد أن أول مَن دونه بأمْرِ عُمر بن عبد العزيز : ابن شهاب الزهري . اهـ .
وابن شهاب هذا : هو محمد بن مسلم بن عبيد الله ، أبو بكر القرشي الزُّهري ، توفّي سَنة 124 من الهجرة .
وقد لَقي عددا مِن الصحابة ، ورَوَى عن جَمْع مِن الصحابة رضي الله عنهم .
قال الإمام الذهبي : رَوى عن : سهل بن سعد ، وأنس بن مالك - ولَقيه بدمشق - والسائب بن يزيد ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، ومحمود بن الربيع ، ومحمود بن لبيد ، وسنين أبي جميلة ، وأبي الطفيل عامر ، وعبد الرحمن بن أزهر ، وربيعة بن عباد الديلي ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، وسعيد بن المسيب - وجالَسه ثماني سنوات ، وتفقّه به - وعلقمة بن وقاص ، وكثير بن العباس ، وأبي أمامة بن سهل ، وعلي بن الحسين ، وعروة بن الزبير ، وأبي إدريس الخولاني ، وقبيصة بن ذؤيب ... . اهـ .

وإذا عَلِمنا أن آخر مَن مات مِن الصحابة كان سَنة مائة ، فإن وفاة عُمر بن عبد العزيز كانت سَنة 101 مِن الهجرة ، وكانت ولادته عام 61 مِن الهجرة ، فَعَلى هذا يكون أدرك جيل الصحابة رضي الله عنهم ؛ فقد رأى أنس بن مالك رضي الله عنه ، وحَدّث عُمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه .
وكان عُمر بن عبد العزيز أميرا على المدينة ابتداء مِن سَنة 87 مِن الهجرة ، والصحابة مُتوافِرون آنذاك .

ثالثا : أغَفَل ذِكْر الرواية : راوٍ عن راوٍ حتى يَنتهي الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والإسناد مما اختّصتْ به هذه الأمّة .
قال ابن حزم - رحمه الله - عن النقل بالإسناد :
وهذا نَقل خصّ الله تعالى به المسلمين دون سائر أهل الْمِلَل كلها ، وأبقاه عندهم غَضّا جديدا على قديم الدهور منذ أربعمائة عام وخمسين عاما (هذا في عصره رحمه الله) في المشرق والمغرب والجنوب والشمال يَرحَل في طَلَبه مَن لا يُحصِي عددهم إلاّ خالقهم إلى الآفاق البعيدة ، ويُواظِب على تقييده مَن كان الناقد قريبا منه ، قد تولى الله تعالى حفظه عليهم ، والحمد لله رب العالمين ، فلا تفوتهم زلّة في كلمة فما فوقها في شيء مِن النقل . اهـ .

وأغْفَل ما كَتبه الصحابة رضي الله عنهم
فأقدَم الكُتب تلك التي كُتِبَت في زَمَن الصحابة رضي الله عنهم ، ومنها :
الصحيفة الصادقة ، والتي كَتَبها الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، وقال عنها :
هذه الصحيفة الصادقة التي سَمعتُها مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سَلِم لي كتاب الله وهذه الصحيفة والوَهط ، فما أبالي على ما كانت عليه الدنيا .
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : كنتُ أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيد حِفظه ، فَنَهَتْني قريش ، وقالوا : أتكتُب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بَشَر يَتكلّم في الغضب والرضا ، فأمْسَكتُ عن الكِتاب ، فذَكَرُت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فِيه ، فقال : اكتُب ، فو الذي نفسى بيده ما يَخرج منه إلاّ حق .رواه الإمام أحمد ، رواه ابن أبي شيبة ومِن طريقه : رواه أبو داود .

وصَحيفة هَمّام بن مُنبّه ، وقد مات هَمّام سَنة 132 هـ .
قال الإمام الذهبي في ترجمة همّام بن مُنبّه : صاحب تلك الصحيفة الصحيحة التي كَتَبها عن أبي هريرة ، وهي نَحو مِن مائة وأربعين حديثا . اهـ .
وهذه الصحيفة سَمِعها مَعمَر بن راشد مِن هَمّام بن مُنبّه ، وسَمِعها عبد الرزاق مِن مَعمَر ، وهي في مُصنَّف عبد الرزاق .
فإذا سَمعها مَعمَر مِن هَمّام ، وسَمِعها عبد الرزاق مِن شيخِه معمَر ، فهل نقول : أين تلك الصحيفة التي كَتبها هَمّام ؟!
لسنا بِحاجة إلى المخطوطة الآن ؛ لأن عبد الرزاق أثبَتها في مُصنّفِه ، وأصحاب الكُتب أثبتوها في كُتبهم ، وممن نَقَل تلك الصحيفة بالإسناد : الإمام أحمد في مسند أبي هريرة ، وأصحاب الصحيحين : البخاري ومسلم .
وأحاديث تلك الصحيفة نَقَلها ورواها الإمام أحمد في مُسندَه .
قال الإمام أحمد في مُسندَه : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قال : هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فذَكَر أحاديث تلك الصحيفة . وعدد تلك الأحاديث 137 حديثا في مُسنَد الإمام أحمد .

ومِن أوائل مَن جَمَع أحاديث في بعض الأبواب – كما تقدَّم - : الإمام الشعبي ، وهو مِن كبار التابعين .
قال الذهبي : مولده : في إمرة عمر بن الخطاب ، لِستّ سِنين خَلَت منها ..
رَأَى عَلِيّا رَضِي اللهُ عَنْهُ ، وَصَلَّى خَلْفَهُ . وَسَمِعَ مِنْ عِدَّةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ .اهـ .
وخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عشر سِنين ، وهذا يَعني أن عُمر الإمام الشعبي عند وفاة عُمر : أربع سِنين .

وقد يَكون بين الإمام صاحِب الكِتاب الْمصَنَّف في الحديث وبَيْن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رُواة فقط ، وهذا ما يُعرَف في كُتب الحديث بـ " الثلاثيات " .
قال ابن حجر عن ثلاثيّات الإمام البخاري : وقد أُفْرِدَت فبَلَغتْ أكثر مِن عشرين حديثا . اهـ .
وهي في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وفي موطأ الإمام مالك رحمه الله كثيرة جدا .

وكثيرا ما يَروي الإمام مالِك عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهل هذا يَحتاج إلى وُجود مخطوطات ؟!!
والإمام مالك أدرَك نافع مولى ابن عمر وَرَوَى عنه ، ونافع مولى ابن عمر وهو مِن ألْصَق الناس لابن عمر ، وابن عمر صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما ، وهُمَا يَرويان عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والإمام مَالِك يَروي عَنالإمام الزُهري ، والإمام الزُهري يَروي عن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه ، ويَروي عن غيره مِن الصحابة .

والإمام مَالِك وُلِد سَنة 93 مِن الهجرة ، عام موت أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومات مَالِك سَنة 179 مِن الهجرة .

ومِن الأئمة المتقدِّمين أصحاب المصنّفات : الإمام عبد الرزاق الصنعاني ، وقد وُلِد سَنة 126 ، ومات سَنة 211 مِن الهجرة .
وهو قَد رَوى عبد الرزاق عن الإمام مَالِك بن أنس ، ورَوَى الإمام أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق .
ومنهم أيضا : الإمام العَلَم : محمد بن إدريس الشافعي ، صاحب المذهب المشهور ، وقد وُلِد سَنة 150 ، ومات سَنة 204 مِن الهجرة .
وقد رَوى عن الإمام مَالِك بن أنس ، ورَوَى الإمامُ أحمد بن حنبل عن الشافعي .
ولذا اعتبر العلماء رواية الإمام أحمد بن حنبل عن الإمام الشافعي عن الإمام مَالِك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : اعتبروها سِلسلة الذهب ، يعني : في الإسناد .
فعندما يأتينا مثلا حديث في مسند الإمام أحمد يَرويه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي ، والشافعي يَرويه عن الإمام مالك ، ومالِك يَرويه عن نافع مولى ابن عمر ، ونافع يَرويه عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وابن عمر يَرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم . فلَسنا بِحاجة إلى توثيق رِجال هذه السلسة لِشهرة أئمتها واشتهار عدالتهم وإمامتهم .

وأصحاب الصحيحين : البخاري ومسلم يَرويان مثلا عن تلاميذ الإمام مالِك عن مالِك .
والأمثلة على هذا كثيرة جدا ، مثل حديث : الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ ، كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ .
يَرويه الإمام البخاري عن عبد اللهِ بن يُوسف قال : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ، فَذَكَرَه .
ويَرويه الإمام مسلم عن يَحْيَى بن يَحْيَى ، قَال : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ، فَذَكَرَه .
وعبد اللهِ بن يُوسف ويَحْيَى بن يَحْيَى مِن تلاميذ الإمام مالِك .
فهذه أسانيد مثل الشمس وُضُوحا وصِحّة .
وليس بين الإمامين : البخاري ومسلم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الحديث إلاّ أربعة رواة ، وهذا كثير في الصحيحين .

رابعا : تلقّي الأمة بالقبول لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقوى مِن وُجود مخطوطات تلك الكُتب ؛ لأن هذا الإجماع عبارة عن تتابُع الأجيال جيلا بعد جيل على تلقّي تلك الكُتب بالقبول .
وأمّة محمد صلى الله عليه وسلم لا تَجتَمِع على ضلالة .
قال الله جلّ جلاله : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
وقد استدلّ العلماء بهذه الآية على وُجوب اتِّبَاع السُّنّة ، وعلى وُجوب الأخذ بالإجماع ؛ لأن تَرْك ما أجْمَعتْ عليه الأمّة اتِّبَاع لِغير سَبيل المؤمنين ، وتَرْك السُّنّة مُشَاقّة للرسول صلى الله عليه وسلم .

وقد أمَرَنا الله تبارك وتعالى بالأخذ بِسُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أمَرنا بالأخذ في كتابه سبحانه وتعالى .
وقد استدلّ ابن مسعود رضي الله عنه بالقرآن على وُجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي الصحيحين عن عبد الله بنِ مسعود رضي الله عنه أنه قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيِّرات خلق الله . قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يُقال لها أم يعقوب ، وكانت تقرأ القرآن ، فأتته فقالت : ما حديث بلغني عنك ؛ أنك لَعنتَ الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيِّرات خلق الله ؟ فقال : عبد الله ومَا لي لا ألْعَن مَن لَعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله ، فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لَوحَيّ المصحف فما وجدته ، فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وَجدتِيه ، قال الله عز وجل : (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .

ويُستدلّ على وُجوب اتِّبَاع السُّنّة بِقوله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ؛ فالرَّدّ للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته إليه ، وبعد مماته إلى سُنّته التي أمَرَنا صلى الله عليه وسلم بالتمَسّك بها .
ويَستحيل أن يأمُرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسُنّته والتمَسّك بها ، ثم تَضِيع السّنّة ، وهي مِن دِين الله عزّ وَجَلّ .

ومثله قوله تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)
فالرَّدّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته إلى سُنّته التي تَرَكها ، وأمَرَ بالتمسّك بها .
وفي هذه الآية : وُجوب سؤال أهل العلم والردّ إليهم ، لا أن يَعتدّ الإنسان بِرأيه وفَهمه القاصر ، الذي لم يُسبَق إليه .
ورَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول : إياك أن تتكلّم في مسألة ليس لك فيها إمام .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكل قول يَنْفَرِد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسبقه إليه أحدٌ منهم ؛ فإنه يكون خطأ . اهـ .

ثم نسأل كاتب تلك المقالة ومَن أُعجِب بها :
هل تُصلّي الصلوات الخمس ؟
هل تُؤدِّي زكاة مالِك ؟
هل تحجّ وتعتمر وتطوف بالكعبة سبعة أشواط ؟

فإن قال : نعم . سألناه مَرّة أخرى :
مِن أين أخذت أن الصلوات خمس في مواقيتها وعدد ركعاتها ؟
مِن أين أخذت نِصَاب الزكاة ؟
مِن أين أخذت أن الطواف بالكعبة وبين الصفا والمروة سبعة أشواط ؟
مِن أين أخذت صِفة رمي الجمرات ، والمبيت بِمنى ومزدلفة ؟
كل هذه الأحكام وغيرها إنما جاء تفصيلها وبيانها في السُّنّة ، وإن كان وَرَدت في القرآن مُجمَلَة .
فهل سيأخذ بها أو يتركها بِحُجّة أن السنة دَخل فيها ما ليس منها ؟
أو بِحسب زَعمه وُجود فترة انقطاع بين أصحاب الكتب المصنّفة في السُّنّة وبين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

ومِن هنا : أجمَعَت الأمّة على تلقّي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبول ؛ لأن العبادات لا تصحّ إلاّ وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وكل ما جاء مُجمَلا في القرآن ، جاء تفصيله في السُّنّة .
بل واستقلّت السُّنّة بالتشريع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألاَ إني أُوتِيت الكتاب ومثله معه ، ألاَ إني أُوتِيت القرآن ومثله معه ، ألاَ يُوشك رَجل ينثني شبعانا على أريكته يقول : عليكم بالقرآن ! فما وَجَدتم فيه مِن حلال فأحِلّوه ، وما وَجَدتم فيه مِن حرام فحرِّموه . رواه الإمام أحمد .
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك يوم خيبر .
قال المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه : حَرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ، ثم قال : يُوشِك أحدكم أن يُكذّبني وهو مُتّكئ على أريكته يُحدِّث بِحَديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فمَا وَجَدنا فيه مِن حلال استَحلَلناه ، وما وَجَدنا فيه مِن حَرام حَرّمناه ، ألاَ وإنّ ما حَرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مَا حَرَّم الله . رواه الإمام الدارمي وأحمد والترمذي وابن ماجه ، والحاكم وصححه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

فقوله : (السواد الأعظم من المسلمين في أحاديث رسولنا وأشرفنا وأطهرنا- عليه الصلاة والسلام - إلى مراجع وكتب صحيح مسلم والبخاري والترمذي وغيرهم استنادا رئيسيا كاملا لا يقبل الشك وفق ما يعتقدونه) غير صحيح ؛ لأن الأمّة لَم تَتَلَقّ كل ما رَووه الأئمة بالقبول سوى ما رواه البخاري ومسلم بأسانيدهم . وأما مَا رواه سائر الأئمة كالإمام الترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم ؛ فإن العلماء لا يَقبَلون منها إلاّ ما ثَبَت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أصحاب هذه الكُتب لم يشترِطوا صِحّة كل ما يَروونه ، وفي السنن والمسانيد والموطآت : أحاديث ضعيفة ، ولكنها قليلة بالنسبة إلى مجموع أحاديث تلك الكُتب .

والإمام الترمذي كثيرا ما يُعقّب روايته للحديث بِما يسنده ؛ كأن يقول : وعليه العَمل . أي : هذا الحديث وإن كان ضعيفًا إلاّ أن الأمّة تعمَل به .
أو يقول : سألت محمد بن إسماعيل فقال : صحيح ، يعني : أنه سأل الإمام البخاري عن صِحّة الحديث .
ومِن هنا : وُجِدَت تعقّبات كثيرة مِن الأئمة على بعض أحكام أصحاب تلك الكُتب ؛ كالتعقّبات على بعض ما حَكَم به الإمام الحاكِم على أحاديث خرّجها في الْمُستَدرَك على الصحيحين .
واحتاج الأئمة إلى تخريج أحاديث كُتب كثيرة ؛ كَتَخريج أحاديث الكُتب الفقهية وغيرها .
وهذا مِن أقوى الأدلّة على أن الأمّة لم تَتَلقّ أحاديث غير الصحيحين بالقبول التام ، وإن تلقّت عموم تلك الكُتب بالقبول ، مع الاعتراف بإمامة أصحابها وعلوّ كَعبهم في خدمة السُّنّة النبوية .

خامسا : أما ما دَخل في السّنّة مما ليس منها ، مِن الأكاذيب والأباطيل ؛ فهذه قد هيّأ الله لها الأئمة الذين يَنفُون عن السّنّة ما ليس منها .
وقد تَكفّل الله بِحفظ السنة النبوية ، فقد نصّ أهل العِلم على أنّ السُّنّة داخلة في مسمّى الذِّكْر المحفوظ في قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) .
وفي قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) قال الإمام مالك : قول الرَّجُل : حَدثني أبِي عن جَدّي .
وقال الإمام الجهبذ عبد الله بن المبارك : الإسناد مِن الدِّين ، لولا الإسناد إذًا لَقَال مَن شاء ما شاء .
وقال عَبدة بن سليمان : قيل لابن المبارَك في هذه الأحاديث الموضوعة . قال : يَعيش لها الجهَابِذة .
أي : أفذاذ العلماء الذين يَذبّون عن دين الله ، ويَنفُون عنه تحريف الجاهلين ، وتأويل المبْطِلِين ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يَحمِل هذاالعِلم مِن كلّ خَلَفٍ عُدُوله ، يَنفُون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبْطِلِين ، وتأويل الجاهلين . رواه الطبراني في مسند الشاميين .

ومِن تهيئة الله للسُّنّة مِن يحفظها ويَنفِي عنها ما ليس منها : أنّ الأئمة كانوا يَحفَظون ما لا يصحّ مِن الأحاديث كما يَحفَظُون الصحيح .
قال الإمامالبخاري : أحْفَظُ مائة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح .

وأن الله هيّا للسُّنّة رِجالا أفذاذا حَفَظَة ، يَحفَظون ما لا يُحفَظ عادة ، وما لا يَحفَظه حَفَظَة الشعر والأدب .
قال أبو نصر الوائلي : لَمّا وَرَد أبو الفضل الهمذاني نيسابور ، تعصّبوا له ولَقبوه " بَدِيع الزمان " ، فأُعجِب بنفسه ! إذْ كان يحفظ المائة بيت إذا أُنْشِدَت مَرّة ، ويُنشِدها مِن آخرها إلى أولها مقلوبة ، فأنكر على الناس قولهم : فلان الحافظ في الحديث ، ثم قال : وحِفظ الحديث مما يُذكَر؟!
فسَمع به الحاكم بن البَيِّع ، فَوَجّه إليه بِجُزء ، وأجَّل له جُمعة في حِفظه ، فرَدّ إليه الجزء بعد الجمعة ، وقال : مَن يَحفظ هذا ؟! محمد بن فلان ، وجعفر بن فلان ، عن فلان ؟ أسامي مُختلفة ، وألفاظ مُتباينة ؟
فقال له الحاكِم : فاعرِف نفسك ، واعلم أن هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه . (طبقات الشافعية الكبرى) .

وقال أبو الطيب أحمد بن الحسن بن هرثمة : كُنّا بِحضرة أبي العباس بن عقدة الكوفي المحدِّث نكتب عنه ، وفي المجلس رجل هاشمي إلى جانبه ، فَجَرَى حديث حُفّاظ الحديث، فقال أبو العباس: أنا أُجيب في ثلاث مائة ألف حديث مِن حديث أهل بيت هذا سِوى غيرهم، وضَرَب بيده على الهاشمي. (تاريخ بغداد) .

وقال أحمد بن علي البادا : سمعتُ أبا بكر الأبهري يقول : سمعت أبا بكر بن الباغندي يقول : أنا أُجيب عن ثلاث مائة ألف مسألة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الأبهري : وسمعت أبا العباس بن عقدة ، يقول : أحفظ ثلاثين ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت .
قال ابن البادا : فجئت إلى أبي الحسين بن المظفر فأخبرته بقول الأبهري ، فقال : صدق . أنا سمعت هذا القول منها جميعا ، سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يَذكُر أن الباغندي كان يَسرد الحديث مِن حِفظه ويَهذّه مثل تلاوة القرآن للسريع القراءة .
قال : وكان يقول : حدثنا فلان ، قال : حدثنا فلان وحدثنا فلان ، وهو يحرك رأسه حتى تسقط عمامته ! (تاريخ بغداد) .

سادسا : زَعْمه أنه لا يُؤخذ العِلْم إلاّ عمّن بلغ سِنّ الأربعين !
وهذا مردود ، وهو خِلاف ما عليه جماهير أهل العلم .
فالعلماء يُفرِّقون بين سَمَاع الصبي ، وهو ما يُعرَف بـ " التحمُّل " ، وبَيْن أداء ما سَمِع .
وبَيْن سَمَاع الكافر في حال كُفره ، وبَيْن أداء ما سَمِع بعد إسلامه .
فيُجيزون سَمَاع الصبي دون البلوغ ، ولا يُجيزون تحديثه إلاّ بعد البلوغ ، ومثله سَماع الكافر قبل إسلامه ، يُجيزون تحمّله قبل الإسلام ، ولا يَقبَلون تحديثه به إلاّ بعد إسلامه .

قال الإمام البخاري : باب متى يصح سماع الصغير .
ثم رَوَى بإسناده إلى بن عباس أنه قال :أقبلت راكبا على حمار أتان ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بِمِنى إلى غير جدار ، فمررتُ بين يدي بعض الصف ، وأرسلت الأتان ترتع ، فَدَخلتُ في الصفّ ، فلم يُنكَر ذلك عليّ .
ورَوى بإسناده إلى محمود بن الربيع أنه قال : عَقَلتُ مِن النبي صلى الله عليه وسلم مَجّة مَجّها في وجهي ، وأنا ابن خمس سنين مِن دَلْو .
قال المهلَّب : فيه جواز سماع الصغير وضبطه للسُّنَن . وفيه : جواز شهادة الصبيان بعد أن يَكبروا ، فيما عَلِموه في حال الصِّغر . اهـ .

وقال جُبير بن مُطعِم رضي الله عنه : سَمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقرأ في المغرب بالطور ، فلمّا بَلَغ هذه الآية : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ) قال : كاد قلبي أن يطير . رواه البخاري .
وفي رواية له : وذلك أوّل ما وَقَر الإيمان في قلبي .
فَسَماع جبير لِقراءة النبي صلى الله عليه وسلم - كان وهو مُشرِك آنذاك ، ثم حَدَّث بهذا بعد أن أسلَم .
قال ابن عبد البر : أسلم جبير بن مطعم فيما يقولون يوم الفتح . وقيل : عام خيبر ، وكان إذْ أتى النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بَدر كافِرا . اهـ .

وفي ترجَمة الإمام العَلَم : مالِك بن أنس : وطلب مالِك العِلم وهو ابن بضع عشرة سنة ، وتأهّل للفُتيا ، وجَلس للإفادة ، وله إحدى وعشرون سنة ، وحدَّث عنه جماعة وهو حَيّ شاب طَريّ ، وقَصَدَه طلبة العلم مِن الآفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور ، وما بعد ذلك ، وازدحموا عليه في خلافة الرشيد ، وإلى أن مات . (سير أعلام النبلاء)

وفي ترجَمة الإمام العَلَم : محمد بن إدريس الشافعي : وَارْتَحَلَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً ، وَقَدْ أَفْتَى وَتَأَهَّلَ لِلإِمَامَةِ . (سِير أعلام النبلاء ، للذهبي)

وفي ترجمة الإمام البخاري :
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي : قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري : كيف كان بَدء أمرك في طلب الحديث ؟ قال : أُلْهِمتُ حِفظ الحديث وأنا في الكُتّاب .
قال : وكَم أتَى عليك إذْ ذاك ؟ فقال : عشر سنين أو أقلّ ، ثم خَرجتُ مِن الكُتّاب بعد العشر، فجعلتُ اختلف إلى الداخلي وغيره ، وقال يوما فيما كان يقرأ للناس : " سفيان عن أبي الزبير، عن إبراهيم ".
فقلت له : يا أبا فلان ، إن أبا الزبير لم يَروه عن إبراهيم .
فانتهرَني ، فقلتُ له : ارجع إلى الأصل إن كان عندك ، فدخل ونظر فيه ثم خرج ، فقال لي : كيف هو يا غلام ؟! قلت : هو الزبير بن عدي بن إبراهيم .
فأخذ القَلم مِنّي وأحكَم كِتابه ، فقال : صَدَقتَ .
فقال له بعض أصحابه : ابن كم كنت إذْ رددتَ عليه ؟ فقال : ابن إحدى عشرة . فلما طعنتُ في سِتّ عشرة سنة حَفظتُ كُتب ابن المبارك ووكيع ، وعرفت كلام هؤلاء .
ثم خَرَجتُ مع أمي وأخي أحمد إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي بها ، وتخلّفت بها في طلب الحديث ، فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنِّف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم .. وصنّفتُ كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الليالي المقْمِرة ، وقال : قَلّ اسم في التاريخ إلاّ وَلَه عندي قِصة ، إلاّ أني كرهت تطويل الكِتاب . (تاريخ بغداد) .
أولئك أقوام هيأهم الله لِحِفْظ دِينه منذ نعومة أظفارهم .

ولو أردنا أن نُحصي مَن حدَّثُوا قبل بلوغ الأربعين لَضَاق بنا المقام !

بل لم يُشتَرَط بلوغ الأربعين في حقّ الأنبياء !
قال العجلوني في الكلام على حديث : " ما من نبي نبئ إلاّ بعد الأربعين " : جَزم ابن الجوزي بِوَضْعِه ؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام نبئ ورُفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة . فاشتِراط الأربعين في حق الأنبياء ليس بشيء ...
وقال القاري : ويُعارضه قوله تعالى في يحيى : (وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) . اهـ .
وذَكَر ابن جرير في تاريخه : أن عيسى عليه الصلاة والسلام جاءه الوحي على ثلاثين سن ، وكانت نبوته ثلاث سنين ، ثم رَفَعَه الله إليه . اهـ .

سابعا : لا يضرّ أئمة السُّنّة أن كان بعضهم مِن بلاد الأعاجِم ؛ فإن دِين الله للناس كافّة ، وليس للعرب خاصة .
وإمام اللغة العربية : سيبويه لم يكن عربيا !ولا ردّ أحد قوله بِحكم أن أصله غير عربي !

كما أغفَل الكاتب ذِكْر مَن كان مِن الأئمة عربيا ؛ كالإمام مالِك والشافعي وأحمد بن حنبل ، وعبدالرزاق ، وابن أبي شيبة ، وغيرهم مِن أئمة الإسلام ، بل ومَن قَبْلَهم مِن سادات التابعين .
وأشهر التابعين : الفقهاء السبعة
وقد نُظمتْ أسماؤهم بهذين البيتين :
إذا قيل مَن في الفقه سبعة أبحر *** روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقُل هُم عبيد الله عروة قاسم *** سعيد أبو بكر سليمان خارجة
وكلّهم مِن سادات العرب ، ما عدا : سليمان بن يسار ، فإنه مِن الموالي ، ومع ذلك ، فهو مِن رؤوس الناس في العِلْم .
وسواء كان الأئمة عربا أو كانوا عَجَما ، أحرارا أو موالي ؛ فلا يَضرّهم ذلك شيء ؛ لأن هذا العِلْم دِين ، كما قال ابن المبارَك . ودِين الله لا يتوقّف نشره على جِنس مُعيّن أو على أهل بلد مُعيَّن !
وكان رأس الفتوى في الحج عطاء بن أبي رباح .
قال محمد بن سعد في " الطبقات " : سَمعتُ بعض أهل العلم يقول : كان عطاء أسود أعور أفطس أشلّ أعرج ثم عَمي بعد ذلك ، فانْتَهتْ فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد في زمانهما. وأكثر ذلك إلى عطاء .
قال إبراهيم بن عمر بن كيسان : أذْكُرهم في زمان بني أمية يأمُرون في الحج مُناديا يَصيح : لا يُفتِي الناس إلاّ عطاء بن أبي رباح .
وقال عنه الذهبي : شيخ الإسلام ، مُفتي الْحَرَم .

والعلماء في مُصطلَح الحديث يُفرِدون أبوابا في معرفة العلماء والرواة مَن منهم مِن العَرب ، ومَن مِنهم مِن الموالِي .

ثامنا : كَوْن أخلاق بعض المسلمين تتنافَى مع الإسلام لا يَعني فشَل الإسلام ، ولا أن ما جاء مِن الأحاديث كذِبا ؛ فإن الجميع يَتّفِقون على قبول ما جاء في القرآن ، وفي القرآن نَهْي عن الربا وعن الزنا وعن السرقة وعن سيئ الأخلاق عموما ، وفيه الدعوة إلى كل خُلُق فاضل ، ومع ذلك : نَرَى في المسلمين مَن يُخالِف تلك الأوامِر ، ويَرتَكِب تلك النواهي . وهذا لا يَعني – بِحالٍ مِن الأحوال – أن القرآن ليس حقّا ، ولا يَعني أنه ليس مِن عِند الله .

ودَعاوى ما يُعرَف بالإرهاب وإلصاقها بالمسلمين ، إنما هي دعاوى لا قيمة لها ، والغرب يَعرفون حقيقة ذلك قبل غيرهم !
وأنهم صَنعوا ذلك مَكيدة لتشويه الإسلام ، والصدّ عن سبيل الله .
والحقائق المثبَتة بالأرقام تُثبِت أن الغرب والشرق الكافر هُم أهل ذلك الوصْف ، وهُم أحقّ به ، ولو شئت لَسَرَدتُ أرقاما مُخيفة بالملايين مِن قَتْلَى الكفار في الشرق والغرب .
والتاريخ شاهِد ويَشهد به الْمُنْصِفين مِن الكُفار : أن العَالَم لم يَشهَد عَدلاً كمَا شَهِده في الْحُكم الإسلامي ، ولم يَكن المقصود مِن الفتوحات الإسلامية يوما هو سَفْك الدماء ، كما يُصوّره بعض الزنادقة !
بل المقصود هو نَشْر دِين الله ، وتعبيد الناس لِربّ الناس .

تاسِعا : شَواهِد صِدْق الحديث النبوي أكثر مِن أن تُذكر أو تُحصَر .
مِمّا صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بِخُروج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببُصرَى . كما في صحيح مسلم .
وقد حَدَث هذا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بأكثر مِن ستة قُرون ! فقد وَقَعت تلك النار سَنة 654 مِن الهجرة . وتفاصيلها في كُتب التاريخ .

ومما رَواه الأئمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووَقَع كَما أخبَر به : إخباره صلى الله عليه وسلم بِحصار بعض الدول .
ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : مَنَعَتِ العراق درهمها وقفيزها ، ومَنَعَتِ الشام مُدْيَها ودينارها ، ومَنَعَتِ مصر إردَبّها ودينارها ، وعُدتم من حيث بدأتم ، وعُدتم مِن حيث بدأتم ، وعُدتم مِن حيث بَدأتم " شَهِدَ على ذلك لحم أبي هريرة ودمه . رواه مسلم .
قال الإمام الخطّابي : معنى الحديث أن ذلك كائن ، وأن هذه البلاد تفتح للمسلمين ويوضع عليها الخراج شيئا مقدراً بالمكاييل والأوزان ، وأنه سيمنع في آخر الزمان.
وخرج الأمر في ذلك على ما قاله صلى الله عليه وسلم . اهـ .
وقال فيه الإمام النووي رحمه الله : وفى معنى " منعت العراق " وغيرها قولان مشهوران :
أحدهما : لإسلامهم ، فتَسْقُط عنهم الجزية ، وهذا قد وُجِد .
والثاني : - وهو الأشهر - أن معناه أن العجم والروم يَستولون على البلاد في آخر الزمان ، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين . وقد رَوى مُسلم هذا بعد هذا بِوَرقات عن جابر قال : يُوشك أن لا يُجْبى إليهم قَفيز ولا درهم . قلنا : من أين ذلك ؟ قال : مِن قِبَلِ العَجَم يَمنعون ذاك . وذَكَر في منع الروم ذلك بالشام مثله . وهذا قد وُجِد في زماننا في العِراق ، وهو الآن مَوجود . اهـ .

وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتوحات ، ولم تَقَع إلاّ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بِسَنوات .
قال عَدي بن حاتم رضي الله عنه : بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشَكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشَكا إليه قَطع السبيل ، فقال : يا عَدِي ، هل رأيت الْحِيرَة ؟ قلت : لم أرها ، وقد أُنبِئت عنها ، قال : فإن طالت بك حياة لتَرَيَنّ الظّعِينة تَرتَحل ِمن الْحِيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف أحدا إلاّ الله . قلت : فيما بيني وبين نفسي فأين دُعّار طيء الذين قد سَعّروا البلاد ؟!
ولئن طالت بك حياة لتُفتحن كنوز كِسرى ، قلت : كِسرى بن هُرمز ؟ قال : كِسرى بن هرمز .
ولئن طالت بك حياة لَتَرَينّ الرَّجل يُخرِج مِلء كَفّه مِن ذهب أو فضة يَطلب مَن يَقبَله منه فلا يجد أحدا يَقبَله منه . وليلقين الله أحدكم يوم يَلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فليقولن له ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك فيقول بلى فيقول ألم أعطك مالا وأفضل عليك فيقول بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال عدي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا النار ولو بشقة تمرة فمن لم يجد شقة تمرة فبكلمة طيبة .
قال عَدِيّ : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلاّ الله ، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة لتَرونّ ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يُخرِج مِلء كَفِّه . رواه البخاري .
وفي رواية للإمام أحمد : والذي نفسي بيده لتكونَنّ الثالثة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قَالَها .

وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الغزو عبر البَحر ، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تكون منهم ، ووُقوع ذلك وتحقّقه .
ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أمّ حرام بنت ملحان فتُطعِمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فأطعَمته ، ثم جَلست تَفلِي رأسه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : فقلت : ما يُضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس مِن أُمّتي عُرِضوا عليّ غُزاة في سبيل الله ، يرَكبون ثَبَج هذا البَحر ، مُلوكا على الأَسِرّة ، أو مثل الملوك على الأسِرّة - شك إسحاق – قال : قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادعُ الله أن يجعلني منهم ، فَدَعَا لها ، ثم وَضع رأسه ، فنَام ، ثم استيقظ وهو يَضحك ، قالت : فقلت : ما يُضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس مِن أُمّتي عُرِضوا عليّ غُزاة في سبيل الله ، كما قال في الأولى ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادعُ الله أن يَجعلني منهم ، قال : " أنتِ مِن الأولين " ، فرَكِبَت أمّ حَرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية ، فَصُرِعتْ عن دابتها حين خَرَجَتْ مِن البحر، فَهَلَكَتْ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : أُرِيتُ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ ، فَقُلْتُ : ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، قَالَ : فَإِنَّكِ مِنْهُمْ .
قال الإمام النووي : وفيه معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم ، منها : إخبَاره بِبقَاء أُمّته بعده ، وأنه تكون لهم شَوكة وقُوّة وعَدَد ، وأنهم يَغزُون ، وأنهم يرَكبون البحر وأن أمّ حرام تعيش إلى ذلك الزمان ، وأنها تكون معهم . وقد وُجِد بحمد الله تعالى كل ذلك . اهـ .

وحَول دخوله صلى الله عليه وسلم على بنت ملحان ، انظر ما سيأتي في الروابط :
ما حكم إلقاء الواعظ درسه للنساء من غير حائل ؟

ومِما رواه الأئمة وتحقق وقوعه :
إخباره صلى الله عليه وسلم عن الكذّابين المدَّعِين للنبوة مِن بعده .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن مَقتَل عثمان رضي الله عنه ، وقد وقَع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن إصلاح الحسن بن علي رضي الله عنهما بين فِئتين عَظيمَتين مِن المسلمين . وقد وَقَع هذا حينما تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما عن الخلافة لِمعاوية رضي الله عنه سَنَة 41 مِن الهجرة .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أسرَع أهله لُحوقا به . كما في صحيح البخاري .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن رجل يكون عطاؤه حَثْيا ؛ فكان عُمر بن عبد العزيز رحمه الله ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أمور طِبّيّة ، وأدوية وعلاجات ؛ فوافق الطب الحديث ما ذَكَره رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أمور لم تَكن تُعلَم ، ولم يَكتشفها العِلْم التجريبي إلاّ في العصر الحديث .

وقد عَقَد أبو نعيم الأصبهاني في " دلائل النبوة " فَصْلا قال فيه :
الفصل السادس والعشرون ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مِن الغيوب فتحقق ذلك على ما أخبر به في حياته وبعد موته ؛ كالإخبار عن نُموّ أمْره ، وافتتاح الأمصار والبلدان الممَصّرة كالكوفة والبصرة وبغداد على أمته ، والفتن الكائنة بعده ، ورِدّة جماعة ممن شاهَده ورآه عليه الصلاة والسلام ، وإخباره بِعدد الخلفاء ومُدّتهم ، والملك العَضوض بعدهم . اهـ .

وكُلّ هذا - وغيره كثير - نُقِل في دواوين السُّنّة النبوية ، ووقع كما نُقِل عنه عليه الصلاة والسلام ، لَيُصدّق ما رَواه الأئمة ، ويُثبِت أنه حقّ لا مِرية فيه .

ولا تَزال دواوين السُّنّة تَحمل الأخبار المستقبليّة مما أخبر به خير البَرِيّة صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :
إخباره صلى الله عليه وسلم عن انحسار نهر الفُرات عن جبل مِن ذَهب . كما في الصحيحين .
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن نُزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، وعن قتاله الدجّال ، وعن يأجوج ومأجوج ، وتفاصيل ذلك كلّه .

والأمثلة على هذا كثيرة جدا .

وقد أُلِّفَتْ الكُتب الدّالّة على صدِقه صلى الله عليه وسلم وإثبات نُبوّته ، وقد عُنونتْ تلك الكُتب بـ : دلائل النبوة ، وهي لِغير واحد مِن أهل العِلْم ، وفيها أدلّة إثبات نبوّته صلى الله عليه وسلم .
ومِن تلك الكُتب :
دلائل النبوة للفريابي .
دلائل النبوة لأبي نُعيم الأصبهاني .
دلائل النبوة للبيهقي .
دلائل النبوة لإسماعيل الأصبهاني .

عاشرا : زَعمه أن العلماء كانوا يُخفُون بعض ما عندهم خشية سَطوة السلاطين !
وهذه فِرية أبرأ ما يكون منها : سَلَف هذه الأمة وعلماؤها .

ولا يَخفَى على الجميع موقف سعيد بن جُبير أمام الحجاج ، وهو أشهر مِن أن يُذكر ، وقَتَله الحجاج ، وهو صابر محتَسِب ، لم يُداهِن الحجاج ، ولا استجداه !

وجاء في ترجمة سعيد بن المسيّب : أنّ عبد الملك بن مروان حجّ ، فلما قَدم المدينة ووقَف على باب المسجد أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلا يدعوه ولا يُحركه .
فأتاه الرسول ، وقال : أجب أمير المؤمنين ، واقف بالباب يريد أن يُكلمك .
فقال : ما لأمير المؤمنين إليّ حاجة ، وما لي إليه حاجة ، وإن حاجته لي لغير مَقضية .
فَرَجع الرسول ، فأخبره ، فقال : ارجِع ، فقل له : إنما أريد أن أُكَلّمك ، ولا تُحرّكه .
فَرَجع إليه ، فقال له : أجِب أمير المؤمنين .
فَرَدّ عليه مثل ما قال أولاً .
فقال : لولا أنه تَقَدَّم إليّ فيك ، ما ذهبت إليه إلاّ بِرَأسك ، يُرسِل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا ؟!
فقال : إن كان يُريد أن يَصنع بي خيرا ، فهو لك ، وإن كان يُريد غير ذلك ، فلا أحُلّ حَبوَتي حتى يَقضي ما هو قاض .
فأتاه ، فأخبره ، فقال : رَحِم الله أبا محمد ، أَبَى إلاّ صلابة !

ودَخَل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك وهو جالس على السرير ، وحوله الأشراف ، وذلك بمكة ، في وقت حَجّه في خلافته ، فلمّا بَصر به عبد الملك قام إليه ، فسلّم عليه وأجلسه معه على السرير ، وقعد بين يديه ، وقال : يا أبا محمد ، حاجتك ؟
قال : يا أمير المؤمنين ! اتق الله في حَرَم الله وحَرم رسوله ، فتعاهده بالعمارة ، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار ، فإنك بِهم جَلَسْتَ هذا المجلس ، واتق الله في أهل الثغور ، فإنهم حصن المسلمين ، وتفقّد أمور المسلمين ، فإنك وَحدَك المسؤول عنهم ، واتق الله فيمن على بَابك ، فلا تغفل عنهم، ولا تُغلق دونهم بابَك .
فقال له : أفعَل .
ثم نهض ، وقام ، فقبض عليه عبد الملك ، وقال : يا أبا محمد ! إنما سألتنا حوائج غيرك ، وقد قضيناها ، فما حاجتك ؟
قال : ما لي إلى مَخلوق حاجة !

وفي ترجمة الإمام سفيان الثوري أنه ، قال : دَخلتُ على المهدي ، فقلت : بلغني أن عمر رضي الله عنه أنفق في حجته اثني عشر دينارا ، وأنت فيما أنت فيه ؟!
فغضب ، وقال : تريد أن أكون مثل هذا الذي أنت فيه .
قلت : إن لم يكن مثل ما أنا فيه ، ففي دون ما أنت فيه .
فقال وزيره : جاءتنا كُتبك ، فأنفذتُها .
فقلتُ : ما كتبتُ إليك شيئا قط !

وفي ترجمة الإمام الزهري : أن سليمان بن يسار دَخَل على هشام بن عبد الملك ، فقال : يا سليمان ، من الذي تولّى كِبره مِنهم ؟
قال : عبدالله بن أبي ابن سلول .
قال :كذبت ، هوعليّ !
فدخل ابن شهاب ، فسأله هشام ، فقال : هو عبد الله بن أُبَيّ .
قال :كذبت ، هو عليّ !
فقال : أنا أكذب لا أبالك ! فو الله لونادى مُنادٍ مِن السماء : إن الله أحلّ الكذب ، ما كذبتُ ، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص عن عائشة : أن الذي تَولّى كبره عبد الله بن أُبَيّ ، قال : فلم يزل القوم يُغرون به .
هذا هو الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله ، الذي اتّهمه الزنادقة بِمُداهنة حُكّام عصره !

وأشهر مواقف الأئمة : موقف الإمام أحمد بن حنبل أمام حُكّام عصره في فِتنة خَلْق القرآن ، ورفضه القول بِقولهم ! وثباته على الحقّ ثباتا لا نضير له .

ومِن أقرانِ الإمام أحمد : أحمد بن نصر الخزاعي ، وفي ترجمته : كان أحمد أمّارًا بالمعروف ، قَوّالاً بِالحق .
وقد قُتِل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ظُلمًا ، وهو ثابِت على عقيدته في أن القرآن كلام الله غير مَخلوق ، وعلى أن الله يُرى في الآخِرة ، كما جاءت بذلك النصوص .
قال المروذي : سمعت أحمد [يعني : ابن حنبل ] ذَكَر أحمد بن نصر، فقال : رحمه الله ، لقد جادَ بنفسه .
وقيل : حَنق عليه الواثق ؛ لأنه ذَكَر للواثق حديثا ، فقال له : تَكذِب ؟!
فقال : بل أنت تَكذِب !
وقيل : إنه قال له : يا صبي ، ويَقول في خَلوته عن الواثق : فَعَل هذا الخنزير !!

بل ما كان الأئمة يُجامِلون آباءهم وأقرب الناس إليهم ؛ فيقول أحدهم ما يَعرِفه عن الراوي ، ولو كان أقرب قريب !
قال أبو بكر محمد بن سليمان بن الحارث المعروف بالباغندي : أَبِي كذّاب . (تاريخ بغداد) .
وسئل علي بن المديني عن أبيه ، فقال : اسألوا غيري ، فقالوا : سألناك ، فأطْرَق ، ثم رفع رأسه ، وقال : هذا هو الدِّين ؛ أَبِي ضَعيف . (المجروحين لابن حبان) .

فهل يُظنّ بمثل أولئك الأئمة مُداهَنَة السلاطين ، أو كتمان الحق خوفا منهم ؟!

ومَن أراد الاستزادة ؛ فليُراجِع مُقدّمة كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ، وما ذَكَره عن الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في زَمانه .

وسأجيب باختصار عن أسئلته التي طَرَحها تِباعا !
(1 - أين كتبة رسولنا - عليه الصلاة والسلام - وأين ما خطت يداهم)
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لَم يَكتُب شيئا ، وإنما كان يأمر مَن يَكتب له الوحي ، وربما قَدِم عليه الرجل فَطَلب أن يُكتب له ، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة له .
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خَطَب عام الفتح ، فجاء رجل من أهل اليمن يُقال له : أبو شاه ، فقال : اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ .

(2 - أين ما كتب ونقل عن آل البيت - عليهم السلام جميعا ؟)
هذا السؤال يُبيِّن أن كاتب تلك المقالة إما شيعي وإما رافضي !!
أحاديث آل البيت مبثوثة في كُتب أهل السنة ؛ ففي الصحيحين (صحيح البخاري وصحيح مسلم) وحدهما أحاديث كثيرة يَرويها أهل السُّنّة عن أئمة آل البيت .
وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل لِعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه (819) حديثا بالمكرر .
بَلغتْ أحاديث الخلفاء الثلاثة في مسند الإمام أحمد (561) حديثا ، في حين بَلغت أحاديث علي بن أبي طالب (819) حديثا .
ولعليّ رضي الله عنه في مسند بَقيّ بن مَخلد (586) حديثا .
وله رضي الله عنه في الكُتُب الستة (322) حديثاً .
واتفق البخاري ومسلم على (20) حديثا ، وانفرد البخاري بـ (9) ومسلم بـ (15) حديثا .

(3 - أين ما كتبه صحابة رسولنا رضي الله عنهم ؟)
لم يَكن الصحابة رضي الله عنهم - بل ولا كانت العرب – تعتمد على الكتابة بالدرجة الأولى ، وإنما كانوا يَعتمِدون على الحفظ ؛ لِقوّة الحافظة ولِصفاء الذهن ، فكان أحدهم يَحفَظ القصيدة التي هي ألْف بيت أو أكثر .
يُضاف إلى ذلك : قِلّة العِلْم ، ومِن ذلك : قِلّة الكتابة ، فالذين يُحسِنون في صَدْر الإسلام الكتابة قِلّة .
ولا زال الْحِفْظ إلى يومنا هذا : فيُوجَد مَن يَحفظ المتون ، بل ويَحفظ الكُتب ، فضلا عن حِفْظ القصائد الطويلة .
فكيف بِدِين قد تكفّل الله تبارك وتعالى بِحِفْظِه ؟!
ومع ذلك ؛ فقد كان بعضهم يَكتُب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تقدَّم الكلام عن الصحيفة الصادقة لِعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .
قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ . رواه البخاري .
وهُناك كتابات كَتبَها الصحابة رضي الله عنهم ؛ حُفِظَت في دواوين السُّنّة ، ورُويَت عنهم بالأسانيد الثابتة .

(5 - أين الحفظة والثقاة من أشهر شخصيات العرب ؟)
سبق التفصيل في هذا : وأن هذا هو دِين الله ، فمن قام به فاز وسعد ، ولو كان عبدا حبشيًّا .
وأغلب رواة الحديث في زمن الصحابة رضي الله عنهم هُم مِن العرب ، ثم مِن أئمة التابعين ، ثم مَن أتْباع التابعين ، وهكذا إلى الأزمنة المتأخِّرَة .
وأن الْحَفَظة وأصحاب الكُتب المؤلَّفة فيهم مَن هُم مِن العرب ، كما سبق بيانه في " سابعا " .

(5 - هل رجال الدين آنذاك عقدوا صفقة مع أحد الخلفاء على حساب الدين ؟)
مُصطلَح " رجال الدِّين " مُصطَلَح دخيل على الشريعة !
وسبق بيان أمثلة مِن شِدّة العلماء مع السلاطين ، وأنهم لا يُداهِنون في دِين الله أحدا ، ولو كان أقرب قريب ، كما تقدَّم في " تاسِعا " .
والطعن في العلماء طَعْن في الشرع ؛ لأن العلماء هُم حَمَلة الشرع ، وهُم وَرَثَة الأنبياء .

(6 - هل العهد الأموي الغير مستقر كان السبب بحجب تلك الأحاديث أو تزويرها ؟)
بل كان ابتداء تدوين السُّنّة في عهد بني أميّة ، كما تقدّم أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله - هو أوّل مَن أمَر بِجَمْع السُّنّة .
ولم تُحجَب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في أزمنة تولّي الروافض الْحُكم ، وهُم أشدّ أعداء السُّنّة ، بل الأشد مُعاداة لأهل السنة على مرّ التاريخ ! ومع ذلك كان العلماء يَنشرون السُّنّة ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم .
ففي ترجمة الإمام الشهيد : أبو بكر محمد بن أحمد الرملي ، ويُعرف بِابْن النابلسي :
أقام " جوهر " - القائد لأبي تميم صاحب مصر - أبا بكر النابلسي ، وكان يَنْزل الأكواخ ، فقال له : بَلَغنا أنك قلتَ : إذا كان مع الرجل عشرة أسهم ، وَجَب أن يَرمِي في الروم سَهما، وفِينا تسعة ، قال : ما قلتُ هذا ، بل قلتُ : إذا كان معه عشرة أسهم ، وَجَب أن يَرمِيكم بِتسعة ، وأن يَرمي العاشر فيكم أيضا ، فإنكم غَيَّرتُم الْمِلّة ، وقَتَلتُم الصالحين ، وادّعيتم نور الإلهية ، فَشهره ثم ضربه ، ثم أمَر يهوديا فَسَلَخه .

قال الإمام الذهبي في ترجمة " جوهر " هذا : وكان " جوهر " هذا حسن السيرة في الرعايا ، عاقلا أدبيا ، شجاعا ، مَهيبا ، لكنه على نِحلَة بني عبيد التي ظاهرها الرفض ، وباطنها الانحلال . اهـ .

(7 - من حرق أو أتلف مخطوطات الأحاديث والسيرة بدقتها وبشهودها ؟)
مخطوطات الأحاديث والسيرة لَم تُحرَق بِحمد الله ، بل هي محفوظة بِحِفظ الله لها ، ومخطوطاتها القديمة لا زالت موجودة في مكتبات العالَم إلى يومنا هذا ، رغم ما تعرّضت له الكُتب مِن اجتياح قديم وحديث ، إلاّ أن تَفَرّقها في العالَم حالَ دون إتلافها جملة .
وسبق أن ذَكَرنا أن العَرب لم تَكُن تعتمد على الكتابة بالدرجة الأولى ، بل كان جلّ اعتمادهم على الحفظ في الصدور ، فلو افترضنا أن مخطوطات الحديث أُتلِفَتْ في عصر مِن العصور فإن بقاءها في الصدور حِفْظ آخر لها ؛ فلو افترضنا أن المخطوطات عشر نُسَخ ؛ فإن الْحَفَظة عشرات بل مئات !
ووُجِد في عصرنا هذا مَن حَفِظ حتى المتون الفقهية ، فضلا عن الأحاديث النبوية ، كما سبقت الإشارة إليه .

(8 - من كانت له مصلحة حجب الحقائق هل خوفا من الثورات آنذاك ؟)
لم يَكن هناك حجب ، ولا كانت هناك ثورات ، ولا كانت ثَمّت مُداهنات في دِين الله .
قال الفضل بن زياد : سألتُ أحمد بن حنبل : مَن ضَرَب مَالِكًا ؟
قال : بعض الولاة في طلاق الْمُكْرَه ، كان لا يُجِيزه ، فَضَرَبه لِذلك .

وحَدَّث ابن وهب : أن مَالِكًا لَمّا ضُرب حُلِق وحُمِل على بعير ، فقيل له : نادِ على نفسك .
فقال : ألاَ مَن عَرَفني ، فقد عَرَفني ، ومَن لم يَعرِفني ، فأنا مالِك بن أنس ، أقول : طلاق الْمُكْرَه ليس بشيء .
فبَلَغ ذلك جعفر بن سليمان الأمير ، فقال : أدرِكُوه ، أنْزِلُوه !

فَمَن لم يتنازَل عن قول أو فتوى يَراها حقًّا ، هل كان يُتوقّع منه أن يتنازَل عن دِين الله ، أو يُخفِي الحقائق خوفا مِن بَطش سُلطان ، أو مُداهنة له ؟!

ومَن لَم يَرجِع عن قوله واعتقاده حتى تُضرَب عُنقه كأحمد بن نصر الخزاعي ، هل يُتوقّع أن يتنازَل عن دِينه ، أو يُداهِن فيه ؟!
(سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) .

(9 - هل صراع الأمويين مع آل البيت وغيرهم كان سبب ذلك الحجب)
لَم يَكن هناك صِراع ، كما تُصوِّره الرافضة ، وإن وُجِد الخلاف الذي لا يَخلو مِنه بَشَر .
كما أن العلاقة بين الصحابة عموما وبين آل البيت ، وبين الخلفاء الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم) وبين آل البيت كانت علاقة مَحبّة ومودّة ، لا كما يَزعُم الرافضة ، أنها علاقة عداوة ومكر وكيد !

وحقائق التاريخ ودواوين السُّنّة شاهِدة على ما أقول .
فعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه سَمّى ثلاثة مِن أولاده بأسماء الخلفاء الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان) .
وعَليّ رضي الله عنه كان جليس الخلفاء الذين سَبَقوه ، بل ومُستَشارهم .

روى الإمام مالك وعبد الرزاق أن عمر بن الخطاب شَاوَرَ الناس في الخمر يشربها الرجل ، وقال : إن الناس قد شَرِبوها واجترؤوا عليها . فقال له عليّ : إن السَّكران إذا سَكِر هَذَى ، وإذا هَذَى افترى ؛ فاجعله حَدّ الفِرية . فَجعله عُمر حَدّ الفِرية ثمانين .
وفي رواية : فجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ .
فعُمَر رضي الله عنه قد صَدَر عن رأي عليّ رضي الله عنه .

وروى الإمام مسلم في صحيحه من طريق حُضَين بن المنذر قال : شَهِدت عثمان بن عفان وأُتِيَ بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ، ثم قال : أزيدكم فشَهِد عليه رجلان أنه شَرِب الخمر ، وشَهِد آخر أنه رآه يتقيأ ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : يا عليّ قُم فاجْلِده ، فقال عليّ : قُم يا حَسَن فاجْلِده ، فقال الحسن : وَلِّ حارَّها مَن تَولَّى قارّها ! فكأنه وَجَدَ عليه ، فقال عليّ : يا عبد الله بن جعفر قُم فاجْلِده ، فَجَلَده وعليّ يَعُدّ حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسِك ، ثم قال : جَلَدَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ، وَجَلَدَ أبو بكر أربعين ، وعُمر ثمانين ، وكلّ سُنَّة ، وهذا أحب إليّ .
فقد كان عليّ وابنه الحسن وابن أخيه رضي الله عنهم - في مجلس عثمان بن عفّان رضي الله عنه .

ومما ثَبَت أن عُمر رضي الله عنه تَزوّج أم كلثوم ابنة عليّ رضي الله عنهما .

والوقائع كثيرة في إثبات العلاقة الطيبة بين الصحابة وبين آل البيت ، بِخلاف ما تُصوّره الرافضة ، أعداء الْمِلّة !

(10- لو لم تجدوا البخاري ومسلم فماذا ستكون حياتكم في أيامكم هذه ؟ وكيف ستعرفون السنن والأحاديث ؟ ومن أين ستكون مصادرها ؟ أم ستعملون بالمصدر الأول والأخير بالإسلام وهو القرآن الكريم ؟)
قَبْل أن يُوجَد صحيح البخاري وصحيح مسلم ، لم تُضيّع السُّنّة ، كما لم تُضيّع بعد وُجودهما ؛ لأن الدِّين دِين الله ، وقد تكفّل الله بِحِفظِه .
فالأئمة الأربعة (أبو حنيفة ومالِك والشافعي وأحمد بن حنبل) وُجِدوا قبل أن يُوجَد صحيح البخاري وصحيح مسلم ، وتكلّموا في كثير مِن مسائل العِلم (الاعتقاد والعَمَل) ، بل لا تكاد تُوجَد مسألة فقهية أو اعتقادية إلاّ وَلَهم فيها كلام وتفصيل وتأصيل .
فضلا عمّن أتى قبل زمان أولئك الأئمة الأعلام .
ولو لم يُوجَد صحيح البخاري وصحيح مسلم فقد وُجِدَت الكتب الكثيرة التي اشتملَت على أحاديث الصحيحين وزيادة على ما فيها .
هذا على افتراض عدم وُجودهما . أمَا وقد وُجِدا بِفضل الله ومِنّته ؛ فهذا السؤال لا يَرِد الآن !!

وليس وراء هذا السؤال إلاّ إثارة الشُّبُهات والتشكيك بِدين الله ، كالذي يَرُوم أن يُغطِّي الشمس بالغِربَال (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) .

(11 - من له مصلحة بأن يستبعد القرآن الكريم ويستبدله بالأحاديث النبوية التي تقولت على أشرفنا ويأتي بتحريم ما لم يحرمه رب العالمين أصلا في كتابه ؟)
لم يَستَبعِد القرآن مِن قوله واستدلاله إلاّ أهل الضلال وعلى رأسهم الرافضة ؛ لأن السواد الأعظَم مِن علماء الضلالة يَرَون أن القرآن الذي جَمَعه الصحابة رضي الله عنهم مُحرَّف !! ولذلك لا تكاد تجِد رافِضيا يَقرأ القرآن قراءة صحيحة ، فضلا عن حِفظ القرآن ، وهذا في مَلالِيهم فضلا عن عَوامّهم !
أما أهل السُّنّة ، فلم يَستبعِدوا القرآن ، بل كثير مِن أطفالهم يَحفظون القرآن ، فضلا عن علمائهم .
وخُذ على سبيل المثال كِتابا مِن كُتب أهل السُّنّة المعتمَدة ، كَصحيح البخاري ، وانظر إلى استدلاله بالقرآن ، بل في صحيح البخاري كِتابا بعنوان : كتاب التفسير . وفي صحيح مسلم كذلك . وللإمام البخاري رحمه الله عِناية بِغريب ألفاظ القرآن الكريم .

ثم انظر في أصح كتاب عند الرافضة (الكافي للكليني) لا تكاد تَجد أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضلا عن الاستدلال بالقرآن !! لأنهم لا يُؤمِنون بِصِحّة قُرآن جَمَعه الخلفاء الثلاثة !!
وما وُجِد في " الكافي " للكليني مِن أحاديث لا تصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد الكليني !! فكثيرا ما يُصدِّر الرواية بِذِكر مجاهيل (عِدّة مِن أصحابنا) !!

وقد تصفّحت أوّل مائة صفحة مِن كتاب " الكافي " للكليني ، فلم أجد فيها سوى 26 حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلها لا تصحّ ؛ ما بين شديد الضعف ، والمكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم تصفّحت أوّل مائة صفحة من صحيح البخاري ؛ فوجدت فيها 495 حديثا ؛ كلها بأصحّ الأسانيد ، ولا عجب ، فقد سَمّى البخاري صحيحه : الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه .
وسَمّى مسلم صحيحه : المسند الصحيح المختصر بِنقل العَدل عن العَدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولا يُظنّ أنني أتحامل على القوم ! فهذه كُتبهم موجودة على الشبكة ، مَن أراد أن يتأكّد فهي بين يديه !
والقوم لا عناية لهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهم يَعتقدون أن الصحابة كَفَروا عدا خمسة أو ستة !! فمن سينقل أحاديث الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ؟!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرافضة : مَن نَظر في كتب الحديث والتفسير والفقه والسير عَلِم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأن أصل كل فِتنة وبَلِية هم الشيعة ومَن انضوى إليهم ، وكثير مِن السيوف التي سُلّت في الإسلام إنما كانت مِن جهتهم ، وعَلِم أن أصلهم ومادّتهم منافقون ، اختلقوا أكاذيب ، وابتدعوا آراء فاسدة ، ليفسدوا بها دين الإسلام . اهـ .

وقول المخذول ! : (أيعقل أن أمة العرب من بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأكثر من 6 أجيال وبأكثر من 183 سنة وبعد أكثر من 24 خليفة للمسلمين الذين هم أحرص الناس على الدين وعلى سنن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - لا يوجد تجميع للأحاديث ؟)
نقول : وُجِد بِحَمد الله وفضله ومِنتّه ، وتحقيقا لِوَعدِه بِحِفظ الدِّين قبل ذلك جَمْع للأحاديث النبوية ، وقد ذَكَرت أمثلة ممن جَمَع السُّنّة قبل أصحاب الكتب السِّتّة بل في القرن الأول ، ولو لَم يُوجَد مَن جَمَع السُّنّة قَبلَهم ؛ فهذا دِين الله ، والله يَختصّ بِرحمته وفضله مَن يشاء . والعِبرة بِصحّة أسانيد تلك الأحاديث .

ومِن زيادة حِفْظ السُّنّة والعناية بها : أن كُتب السُّنّة لَمّا دُوّنتْ نُقِلَتْ مع ذلك بالرواية عن مُؤلِّفيها إلى يومنا هذا !

فيُعرَف لِصحيح البخاري عِدّة رُواة يَروُونه عن الإمام البخاري ، أي : أنهم سَمِعوه مِن الإمام البخاري مُباشَرة ، ثم رَوَوه ونَقَلُوه مُشافَهة ، هذا إضافة إلى المكتوب مِن صحيح البخاري . واعتَنَى شُرَّأح البخاري بِذِكْر الفرق بين النُّسَخ ، والفروقات بين الروايات .
وهكذا في بقية كتب السُّنّة .

والحمد لله الذي بِنِعمته تتمّ الصالحات ..

ونصيحتي لنفسي ولإخواني وأخواتي : أن لا يُلقُوا بأسماعهم إلى مَن يُشكِّك في دِين الله ؛ لأن الشُّبَه خطّافة ، كما كان السلف يَقولون .
والواجب على العاقل : أن يَتّهم نفسه وفَهمه وعقله ! قبل أن يتّهم علماء الأمّة ، وقبل أن يُخالِف إجماع الأمّة .
ومن كان عنده شُبهَة وهو صادِق في أنه يُريد الجواب ، فعليه أن يُرسل السؤال لأهل الاختصاص ، ويسأل سؤال مُستَرشِد ، لا أن يَنشر غثاءه وعَفَنه على الملأ !!

وهنا :
ما نصيحتك لشاب يُنكر الجهاد والأحاديث النبويّة ويسخر بها وبأسانيدها ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7312

الردّ على من أنكر صيام عاشوراء وطَعَنَ في صحيح البخاري
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12509

بدأ انتشار مذهب باطل ،ألاَ وهو مذهب القرآنيين . فكيف يُردّ عليهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2830

أخي لا يؤمن بالسنة النبوية ، ويطعن في الصحابة . فكيف أردّ عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19985

هل صحّ إسنادُ حديث (إني تارك فيكم كتاب الله وسنتي) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8980

الأحاديث الموضوعة وأثرها على المجتمع المسلم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4421

هل عائشة خَرَجت على علي ؟ ولماذا تَروي أحاديث أكثر مِن خديجة ؟ وهل ترك عليّ الجهاد ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19981

هل صحيح أنّ النبي كان يقرأ ويُكتب ، وسُمّي بالأُميّ لأنه كان من أهل مكة أم القرى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12671

تسأل هل الإسلام دِين حق ، ولماذا خلق الله الناس والنَّار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10943

ما معنى حديث : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15967

لماذا لم يُخرج كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما المشركين من جزيرة العرب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14567

نريد كلمة توجيهية عن الزلازل وما يحصل مِن الفِتن ونقص الأموال والثمرات
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8617

ما حكم إلقاء الواعظ درسه للنساء من غير حائل ؟ وإشكالات حول ذلك؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15263

هل الأحاديث التي في البخاري ومسلم كلها صحيحة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=987

ما الذي يضمنُ أن كتب الأحاديث كالبخاري ومسلم والسنن لم تُحرّف على مر العصور ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1789

كيف نردّ على مَن يدّعي أن أحاديث صحيح البخاري مكذوبة ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12098

طعن في صحة حديث صحيح في سحر النبي صلى الله عليه وسلم بِزعم أنه مُعارِض للقرآن
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9666

فوالله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=735

ولا نِصف كلمة !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14484

وخُطبة جمعة عن .. (تعظيم السنة)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14026


وبالله تعالى التوفيق .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما صحة قصة الذي كان يُكثر من الصلاة على النبي ﷺ فرأى أن النبي ﷺ يقبّله ؟ نسمات الفجر إرشـاد القـصــص 0 24-12-2014 01:46 AM
ما حُكم بيع كُتب قديمة وُرِثت من قسيس ، وهي كُتب للنصارى ؟ ناصرة السنة إرشـاد المعامـلات 0 20-03-2010 05:23 PM
ما حكم التوسل بجاه النبي ﷺ ؟ محب السلف قسـم السنـة النبويـة 1 05-03-2010 11:46 PM
يستشهد الروافض بأحاديث من كُتب السنة في ذمّ معاوية رضي الله عنه ، فكيف يُرد عليهم ؟ راجية العفو قسـم البـدع والمـحدثـات 0 23-02-2010 02:53 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:47 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى