[راجية العفو]

السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ الفاضل عبدالرحمن السحيم لدي سؤال :
أختي نذرت نذر وقت كانت مريضه إنه إن شفيت من مرضها تصوم لله شهرين متتابعين وهي بدأت بالصوم من تاريخ 9_6_1432هـ ومازالت متواصله بصيامها..ولكن ياشيخ زواج أختي يوم 5_8_1432هـ وهي كيف تكون عند زوجها في الأيام الأولى من زواجها وهي صائمه..؟ولا يتبقى لها سوى 3 أيام لإتمام النذر ..لكن هي محرجه من هذا الوضع
وسمعنا فتوى من الشيخ عبدالله الملطق إنه كفارة النذر هي (كفارة يمين)..وهي لم تكن تعرف أنه ماينذر إلآ البخيل ولم تنذر إلآ عن جهل وفرحه بالشفاء من الله لها..
فما توجيه سماحتكم حفظكم الله..

ربي يجزى والديك الجنه..



الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

يجب عليها الوفاء بالنذر ، لقوله عليه الصلاة والسلام : مَن نَذَر أن يُطيع الله فليُطعه ، ومَن نَذر أن يَعصيه فلا يَعْصِه . رواه البخاري .
وهو دَين في ذمتها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : دَيْن الله أحق أن يُقضى . رواه البخاري ومسلم .
وأما قوله عليه الصلاة والسلام : " كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ " ، فهذا فيما لا يستطيع الإنسان الوفاء به ، أو النذر الذي لم يُسمّ .
قال النووي : قوله صلى الله عليه و سلم : " كفارة النذر كفارة اليمين " اخْتَلَف العلماء في المراد به ؛ فَحَمَله جمهور أصحابنا على نذر اللِّجَاج ، وهو أن يقول إنسان يُريد الامتناع من كلام زَيد مثلا : إن كَلَّمْتُ زيدا مثلا فَلِلَّه عليّ حَجة ، أو غيرها .. فهو بالخيار بَيْن كفارة يمين وبَيْن ما الْتَزَمه ، هذا هو الصحيح في مذهبنا ، وحَمَله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر الْمُطْلَق ، كَقَولِه : عَلَيّ نَذْر ، وحَمَله أحمد وبعض أصحابنا على نَذْر المعصية ، كَمَن نَذَر أن يَشْرب الخمر ، وحمله جماعة من فقهاء أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر ، وقالوا : هو مُخَيَّر في جميع النذورات بين الوفاء بما الْتَزَم وبَين كفارة يمين ، والله أعلم . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما إذا عَجِز عن فِعل المنذور ، أو كان عليه فيه مَشَقَّة ، فهنا يُكَفَّر، ويأتي بِبَدَل عن المنذور، كما في حديث عقبة بن عامر : أن أخته لما نذرت أن تحج ماشية، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله لغني عن تعذيب أختك نفسها، مُرْهَا فَلْتَرْكَب ولْتُهْد " ورُوي : " ولْتَصُم " . اهـ .

وقال ابن حجر : وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عُمُومُ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ " كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، وَقَدْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى النَّذْرِ الْمُطْلَقِ ، لَكِنْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ عُقْبَةَ بِلَفْظِ " كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ " ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ " مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ " الْحَدِيثَ ، وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ " مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ " . اهـ .

وقال شيخنا العثيمين : المراد بالحديث كفارة النذر الذي لم يُسَمَّ ، مثل أن يقول : " لله عَليّ نذر " فقط فهنا يكفر كفارة يمين ، أما نذر الطاعة فقد سَمَّاه ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : مَن نَذَر أن يُطِيع الله فليطعه . اهـ .

وهو في حقّ مَن نذَرَ نذرا وقيّده بِوقت ، ثم فات وقته ، ولا يُمكن قضاؤه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذَا لَمْ يُوفِ بِالنَّذْرِ لِلَّهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَد ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ . اهـ .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية