والكافِر مُكذِّب لله ولِرسوله صلى الله عليه وسلم ..
والصراني يَزعم أن لله زوجة وولَدا ، ويَزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذِب !!
قال القرافي : لَمّا أتَى الشيخ أبو الوليد الطرطوشي رحمه الله الخليفةَ بمصر ، وَجَد عنده وزيرا راهِبا وسَلّم إليه قياده ، وأخذ يَسمع رأيه ، ويُنفّذ كلماته المسمومة في المسلمين .
وكان هو ممن يَسمع قوله فيه ، فلما دخل عليه في صورة المغضب والوزير الراهب بإزائه جالس أنشده :
يا أيها الملك الذي جُوده ... يطلبه القاصد والراغب
إن الذي شُرِّفت مِن أجله ... يَزعم هذا أنه كاذب
فاشتدّ غضب الخليفة عند سماع الأبيات ، وأمَر بالراهب فَسُحِب وضُرِب وقُتِل ، وأقبل على الشيخ أبي الوليد فأكرمه وعظّمه بعد عزمه على إيذائه . فلما استحضر الخليفة تكذيب الراهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو سبب شَرَفِه وشَرَف آبائه وأهل السموات والأرضين - بَعَثَه ذلك على البعد عن السكون إليه ، والمودة له ، وأبعده عن منازل العزّ إلى ما يَليق به مِن الذل والصغار . اهـ .
فالكافِر لا يُؤتَمن ، ولا يُحبّ مهما كان !
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أتعلّم له كتابَ يهود ، وقال : إني والله ما آمن يهود على كتابي . قال زيد : فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلمته له . قال : فلمّا تَعَلّمته كان إذا كَتَب إلى يهود كَتَبْتُ إليهم ، وإذا كَتَبُوا إليه قرأتُ له كتابهم . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وصححه الألباني .
قال شيخنا العثيمين رحمه الله : موالاة الكفار تكون بِمُناصرتهم ومعاونتهم على ما هُم عليه من الكفر والضلال ، ومُوادتهم تكون بِفعل الأسباب التي تكون بها مودّتهم ، فتجده يوادّهم ، أي : يطلب ودّهم بكل طريق ، وهذا لا شك ينافي الإيمان كله أو كماله ، فالواجب على المؤمن معاداة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب إليه، وبغضه والبعد عنه .
وقال رحمه الله : ولا ينبغي أبدا أن يَثِق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح ، فإن الله تعالى يقول عنهم : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) .
وقال أيضا : الكفار أعداء الله ورسوله وأعداؤنا أيضا : لا نأمَنهم . اهـ .
وفي فتاوى اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميَّةِ والإفتاءِ في المملكةِ :
لا يَجوزُ للمسلمِ أنْ يستخدمَ كافِرا كَخَادِمٍ أو سائقٍ أو غيرِ ذلِكَ في الجزيرةِ العربيةِ ؛ لأنَّ الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أوْصَى بإخراجِ المشركينَ مِن هذه الجزيرةِ، ولِمَا في ذلِكَ مِنْ تقريبِ مَنْ أبْعدَهُ اللهُ، وائتمانِ مَنْ خَوَّنه اللهُ ، ولِمَا يترَتَّبُ على الاستخدامِ مِنْ المفَاسِدِ الكثيرةِ . اهـ .
وقَالَ شيخُنا العلامةُ الشيخُ ابنُ بازٍ رَحِمَهُ اللهُ عنْ استقدامِ الكُفارِ مِنْ أجلِ العَملِ : فهذا أمْرٌ لا يَجوزُ، لِمَا في ذلِكَ مِن تقريبِ مَنْ أبعدَهُ اللهُ ، وائتمانِ مَنْ خَوَّنَهُ اللهُ . اهـ .
وذَكَر شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله ما يدلّ على عداوة الكفّار للمسلمين ، ثم قال : والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل دلالة صريحة على وجوب بُغض الكفار من اليهود والنصارى وسائر المشركين ، وعلى وجوب مُعاداتهم حتى يؤمنوا بالله وحده ، وتدل أيضا على تحريم مَودّتهم وموالاتهم ، وذلك يعني بُغضهم والحذَر مِن مكائدهم ، وما ذاك إلاّ لِكفرهم بالله ، وعدائهم لدينه ، ومعاداتهم لأوليائه وكيدهم للإسلام وأهله . اهـ .
المسألةُ الخامسةُ : لا يَجوزُ مَدْحُ الكُفّارِ وإنْ وُجِدتْ عندَهم بعضُ الصِّفَاتِ الجميلةِ ، وذلك لِعِدّةِ اعتباراتٍ :
الاعتبارُ الأولُ : أنَّ ما عِندَهُم مِنَ السوءِ يَغْلُبُ على ما عِنْدَهُم مِنَ الْحُسْنِ . وسأذْكُرُ لذلِكَ أمْثِلَةً :
- ما عِنْدَهُمْ مِنْ ارتكابِ الفواحشِ ، مِمَّا لا يُعَدُّ ولا يُحصى .
- ما عِنْدَهُمْ مِنَ الاعتداءِ البدنيِّ والجنسيِّ !
- ما عِنْدَهُمْ مِنَ التقاطُعِ ، حتى أصبحَ الوفاءُ عِندَهُم عُملةً نادرةً ! ولا أدلُّ على ذلِكَ مِنَ انتشارِ صُحبةِ الكلابِ ، لِمَا تتميّزُ بِهِ مِنْ وفاءٍ ! فُقِدَ في المجتمعاتِ الغربيَّةِ !
- ما عِنْدَ الكُفارِ اليومَ مِنْ حوادثِ الانتحارِ التي أصبحتْ تَضْرِبُ أرقاما خياليَّة .
- ما عِنْدَهُمْ مِنْ ظُلْمٍ لِغَيْرِهِم ، سواءً كَانَ ذلِكَ في داخِلِ مُجْتعماتِهم – كالتفرقةِ العنصريَّةِ – أو لِغيرِهِم ، مِمَّا هُوَ مُشاهَدٌ لا يُنكرِهُ الأصمُّ ولا الأعْمى !
- واليهودُ والنَّصارى مِنْ أقْذَرِ الناسِ ! فإنَّهُ لا يَختَتِنُونَ ، ولا يَتَنَزَّهُونَ عَنْ بَولٍ ، ويأكْلُونَ الخنْزِيرَ والْمَيْتةَ !
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رَحِمَهُ اللهُ : النصارى لا يُوجِبُونَ الطهارةَ مِنَ الجنابةِ ، ولا الوضوءَ للصلاةِ ، ولا اجتنابَ النجاسةِ في الصلاةِ ، بل يَعُدُّ كثيرٌ مِنْ عُبَّادِهِم مباشرةَ النجاساتِ مِنْ أنواعِ القُرَبِ والطاعاتِ ! حَتى يُقَالَ في فضائلِ الراهبِ : له أربعونَ سَنةً ما مَسَّ الْمَاءَ ! ولهذا تَرَكوا الْخِتانَ ، مع أنَّهُ شَرْعُ إبراهيمَ الخليلِ عليه السَّلامُ وأتْبَاعِهِ ... والنصارى ليسَ عِندَهُم شيءٌ نَجِسٌ يَحْرُمُ أكْلُهُ ، أو تَحْرُمُ الصلاةُ مَعَهُ . اهـ .
والنّصارَى اليوم ممن يُزعَم أنهم أهل التطوّر والحضارة : يَبول أحدهم كما يبول الكلب ، ولا يَتطهّر مِن نجاسة ! وهذا مُشاهَد حتى في الأماكن العامة !
يَستحلّون الخمر والخنِزير ، ويأكلون الميتة ! فأي فَرْق بين غربيّ وجاهِليّ مِن أهل الجاهلية الأولى ؟!
بل والله إن لدى أهل الجاهلية الأولى مِن الأخلاق والأعراف والقِيَم ما ليس لدى الغرب في زماننا هذا !!
وقَد زَعَمَ قومٌ أن عند النصارى بقيّة أخلاق ، وهذا مردود مِن وجهين :
الأول : أن أهل الجاهلية كان عندهم بقية أخلاق ، مِن حِفْظ الجِوار ، وتعظيم الْحَرَم ، وحفظ العهد والذمّة ، وغيرها مِن الأخلاق ، ومع ذلك ذمّهم الله عزّ وجَلّ .
الثاني : أنه لا يُسلَّم بِوجود تلك الأخلاق حقيقة ، ولو وُجِدَتْ ، فإنه يُقابِلها مِن الأخلاق المذمومة أضعاف أضعاف تلك الأخلاق !
المسألةُ السادسةُ : أنَّ الإعجابَ بالكافِرِ لاعِبًا كانَ أو غيرَهُ ، إنَّما هو إعجابٌ بشخصِهِ لا بِلعبِهِ ، لا كما يَزعُمُ بَعضُهُم !
وكَذَبَ مَنْ يَقولُ : إنِّي مُعجَبٌ بِلَعِبِ اللاعبِ ، لا بِشَخْصِهِ ؛ بِدليلِ : أنهم يَحمِلونَ صُوَرَ اللاعبِ ، ويُعلِّقونَها ، ويَلْبَسُونَ ملابِسَ فيها اسْمُهُ وَرَقمُهُ الرياضيّ ، ويأتونَ بِها حتى في المساجدِ ، وهذا وَلاءٌ ومَحَبةٌ وإعجابٌ قادَ إلى التَّشبُّهِ !
قَالَ الإمامُ الذهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ :
فكيفَ تطيبُ نَفْسُكَ بالتَّشَبِّهِ بقومٍ هذه صِفتُهُم ، وهُمْ حَطَبُ جَهَنَّمٍ ؟! وأنتَ تَتَشبَّهُ بأقْلَفٍ ! عابدِ صليبٍ ! اهـ .
والأقلفُ هُوَ الذي لم يُخْتَنْ .
وقد سُئلَ علماؤنا في اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميَّةِ والإفتاءِ هذا السؤالَ :
ما حُكمُ لِبسِ الملابسِ الرياضيةِ التي تَحمِلُ شِعاراتٍ خاصَّةٍ بِالكُفارِ ، مثلُ الفنايلِ الرياضيَّةِ التي عليها شعاراتُ إيطاليا أو ألمانيا أو أمريكا ، أو التي مكتوبٌ عليها أسماءَ بعضِ اللاعبينَ الكُفَّارِ ؟
فأجابَ علماؤنا :
الملابِسُ التي تَحْمِلُ شعاراتِ الكفارِ فيها تفصيلٌ كما يلي :
1 - إنْ كانتْ هذِهِ الشِّعاراتُ تَرمزُ إلى دياناتِ الكُفَّارِ كالصَّليبِ ، وَنَحوِهُ ، ففي هذِهِ الحالةِ لا يَجوزُ استيرادُ هذه الملابِسِ ولا بيعُها ولا لِبسُها .
2 - إنْ كانتْ هذِهِ الشِّعاراتُ ترمزُ إلى تعظيمِ أحدٍ مِنَ الكُفارِ بِوَضْعِ صورتِهِ أو كِتابَةِ اسمِهِ ونَحو ذلِكَ فَهِي أيضا حَرامٌ .
3 - إذا كانتْ هذِهِ الشِّعاراتُ لا تَرمُزُ إلى عبادةٍ ولا تَعظيمِ شَخْصٍ ، وإنَّما هِيَ علاماتٌ تِجاريَّةٌ مُباحةٌ ، وَهِيَ ما يُسْمَّى بالماركاتِ فلا بَأسَ بِهَا . اهـ .