في حديث عبدِ اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نائما فَوَجَد تَمْرَة تحت جَنْبه ، فأخذها ، فَأكَلها ، ثم جَعَل يَتَضَوّر مِن آخر الليل ، وفَزِع لذلك بعض أزواجه ، فقال : إني وَجَدت تَمْرة تحت جَنْبي فأكلتها ، فَخَشِيت أن تكون مِن تَمْر الصّدقة . رواه الإمام أحمد ، وَحَسَّن إسناده الحافظ العراقيّ .
قال المهلب : إنما تركها ﷺ تَوَرّعا وليس بِواجِب ؛ لأن الأصل أن كل شيء في بيت الإنسان على الإباحة حتى يقوم دليل على التحريم (فتح الباري)
نعوذ بالله مِن سوء الخاتمة
جاء في حديث ابن عُمر رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : اللهم إني أسألك عيشة نَقِيّة ، ومِيتة سَويّة ، ومَرَدًّا غير مُخْزٍ ولا فاضِح . رواه الحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه .
ورواه الإمام أحمد من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه . وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح لغيره .
وضُبِطت في تحقيق المسند : " عِيشَةً تَقِيَّةً " بالتاء .
الناس تبحث عن السعادة والانشراح في الغناء والطرب ونَبْذ الشَّرْع
🔹قال ابن كثير : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) أي : خَالَف أمْرِي ، وما أنْزَلته على رَسُولي ، أعْرَض عنه وتَنَاسَاه وأخَذ مِن غيره هُدَاه .
🔸(فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) أي : في الدنيا ؛ فلا طُمأنينة له ، ولا انْشِراح لِصَدْرِه ، بل صَدْره ضَيّقٌ حَرَج لِضَلاله ، وإن تَنَعّم ظِاهِره ، ولَبِس ما شاء ، وأكَل ما شاء ، وسَكَن حيث شاء ، فإن قَلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهدَى ، فهو في قَلَق وحَيْرة وشَكّ ، فلا يَزال في رِيبَةٍ يَتَرَدّد . فهذا مِن ضَنْك المعيشَة .
قال ابن الجوزي :
فَوَا أَسَفَا لِمَضْروب بِالسِّيَاط ما يُحسّ بِالألم !
ولِمُثْخَنٍ بِالْجِرَاح وما عنده مِن نَفْسه خَبَر !
ولِمُتَقَلّب في عقوبات ما يَدري بها !
🔸 ولَعَمْرِي إن أعظم العُقوبة أن لا يَدْرِي بِالعُقوبة.
قال ابن القيم :
أيّ عقوبة أعظم مِن عقوبة مَن أهْمَل نَفْسه وضَيّعَها ، ونَسِي مَصَالحها ، ودَاءها ودَواءها ، وأسباب سعادتها وفَلاحها وصلاحها وحياتها الأبدية في النعيم المقيم ؟
ومَن تَأّمل هذا الموضِع تَبَيّن له أن أكثر هذا الْخَلْق قد نَسُوا حَقيقة أنْفُسِهم وضَيّعوها وأضَاعُوا حَظّها مِن الله ، وبَاعُوها رَخيصة بِثَمن بَخْس بَيْع الغَبْن .
وإنما يَظهر لهم هذا عند الْمَوْت ، ويَظْهر هذا كل الظهور يوم التَّغَابُن ، يَوم يظهر للعبد أنه غُبِن في العَقد الذي َعَقده لِنَفْسه في هذه الدَّار ، والتجارة التي اتَّجَر فيها لِمَعَادِه ، فإن كُلّ أحد يَتَّجِر في هذه الدنيا لآخِرَته .
كان رسول الله ﷺ إذا أمّر أميرا على جيش أو سَرية ، أوصاه في خاصّته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزُوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا مَن كفر بالله ، اغزوا ولا تَغلّوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وَليدا . رواه مسلم .
وفي وصاياه ﷺ لجيوشه :
لا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ، ولا تغلّوا ، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين . رواه أبو داود .
وعلى هذا سار خلفاؤه رضي اللّه عنهم
قال أبو بكر الصديق لأمير جيش :
وإني مُوصِيك بِعَشر : لا تَقتلنّ امرأة ، ولا صَبيّا ، ولا كبيرا هَرِما ، ولا تَقطعنّ شَجرا مُثمرا ، ولا تُخرّبَنّ عامِرا ، ولا تَعقِرن شاة ولا بعيرا إلا لِمأكلة ، ولا تُحرقن نَخلا ، ولا تُغرقنّه ، ولا تَغلُل ، ولا تَجبُن . رواه الإمام مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة .
وقال زيد بن وهب : أتانا كتاب عُمر : لا تَغلّوا ، ولا تَغدروا ، ولا تَقتُلوا وَليدا ، واتقوا الله في الفَلاّحين . رواه ابن أبي شيبة .
وإنما خصّ الفلاحين لأنهم ليسوا أهل قتال، وإنما هم أهل حرث وزرع .
مِن الخذلان : أن يكون عندك أوقات لكل برامج التواصل ، وأوقات للقَنَوات ، وأوقات للّهو والعبث والجلسات ... ولا يكون عندك وقت للقرآن الذي به حياتك وسعادتك .
قال خَبّاب بن الأرَتّ رضي الله عنه : تَقَرّب ما استطعت ، واعلم أنك لن تَتَقرّب إلى الله بِشيء أحبّ إليه مِن كلامه . ذَكَره محمد بن نصر في " قيام الليل " والبيهقي في " شُعب الإيمان " .
لَمّا ذَكَر الله الحياة الطيبة أعقَب ذلك بِقراءة القرآن ، فقال عزّ وَجَلّ : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) .
ثم بَيَّن تعالى أن الشيطان ليس له سبيل على أهل القرآن ، فقال تبارك وتعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) .
وبَيّن النبي ﷺ أن شياطين الإنْس والْجِنّ ليس لهم سبيل على أهل القرآن ، فقال : اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شَفِيعا لأصحابه . اقرءوا الزّهْرَاوَين : البقرة وسورة آل عمران ، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان ، أو كأنهما فِرقان مِن طير صوافّ ، تُحَاجَّان عن أصحابهما . اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بَرَكة ، وتَرْكها حَسْرة ، ولا تَستطيعها البَطَلة . قال معاوية بن سلاّم : بلغني أن البَطَلَة السَّحَرَة . رواه مسلم .
وقال رسول الله ﷺ : إن الشيطان يَنفر مِن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة . رواه مسلم .