اعلم أن الزمان لا يثبت على حال كما قال عز وجل: " وتلكَ الأيامُ نداولها بينَ الناس " . فتارة فقر، وتارة غنى، وتارة عز، وتارة ذل، وتارة يفرح الموالي، وتارة يشمت الأعادي. فالسعيد من لازم أصلاً واحداً على كل حال، وهو تقوى الله عز وجل فإنه إن استغنى زانته، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عوفي تمت النعمة عليه، وإن ابتلى حملته، ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد، أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه .
ابن الجوزي رحمه الله
من كتاب صيد الخاطر 1
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحاً فاتهمه ، فإن الرب تعالى شكور ، يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين ، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول .
بعض الناس يقول ( يا رب إني أخافك وأخاف من لا يخافك ) فهذا كلام ساقط لا يجوز ، بل على العبد أن يخاف الله وحده ولا يخاف أحداً ، فإن من لا يخاف الله أذل من أن يُخَاف ، فإنه ظالم وهو من أولياء الشيطان ، فالخوف منه قد نهى الله عنه .
قوله: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180: 182]. فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك، وحمد نفسه إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء، والصفات وبديع المخلوقات.