عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : إرشـاد الزكـاة والصدقـة
افتراضي هل الصدقة تنفع الميّت ولو لم يوصِ بها ؟
قديم بتاريخ : 27-02-2010 الساعة : 01:43 AM


لدي عم متوفى وهو غير متزوج..ولديه الكثير من المال، وعند وفاته لم يوصِ بشيء .. وقرر والدي وأعمامي بناء مسجد أو مدرسة بمال عمي المتوفى أو بناء أي شيء فيه خير ، هل بناء المسجد يعتبر من الصدقه الجاريه للميت؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث ومنها الصدقة الجارية .. هل هذه تعتبر صدقة عن الميت، لأنهم سمعوا من يقول إذا لم يوصِ قبل وفاته فإن ما سوف تعملونه، لا ينفع الميت لأنه لم يوصِ بشيء ...
وما هي أفضل أعمال الخير نعملها له من صدقة وغيره، بناء المساجد أو شراء الكتب وتوزيعها على المساج

الجواب :

ينفعه ذلك بإذن الله . وقد دلّت الأدلة الصحيحة على جواز الصدقة عن الميت ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افْتُلِتَتْ نفسها ، وأظنها لو تكلّمت تَصَدَّقَتْ ، فهل لها أجر إن تَصَدَّقْتُ عنها ؟ قال : نعم .
وما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن العاص بن وائل أوصى أن يُعتق عنه مائة رقبة ، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة ، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية ، فقال : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة ، وإن هشاما أعتق عنه خمسين وبقيت عليه خمسون رقبة أفأعتق عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لو كان مسلما فأعتقتم عنه ، أو تصدقتم عنه ، أو حججتم عنه ؛ بَلَغَه ذلك .
وما رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له .
وهذا الأخير ليس فيه نصّ على أن يكون ذلك مِن عمل الميت نفسه في حياته أو بوصية ، بل هو عام في الصدقة الجارية سواء عملها في حياته أو أوصى بها بعد مماته أو عملها له غيره بعد مماته .

وحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أصرح في أن الميت المسلم إذا تُصدِّق عنه ، أو أُعتِق عنه ، أو حُجّ عنه ، بلَغَه ذلك ، أي وصَلَه في قبره ونفعه بإذن الله .

وأما قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) فهو لا يتعارض مع ما عمِله له أولاده بعد مماته ، لعدّة اعتبارات :
الأول : أن هذه الآية ضمن سياق آيات ، حيث جاء قبلها : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) .
وهذا يعني أن هذا من شرع ما قبلنا ، ولذلك قال ابن عباس : هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله (أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فأدْخَلَ الأبناء الجنة بصلاح الآباء . وقال عكرمة : كان ذلك لِقَومِ إبراهيم وموسى ، فأما هذه الأمة فلهم ما سَعَوا وما سَعَى لهم غيرهم ، لما رُوي أن امرأة رفعت صبياً لها فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر [رواه مسلم ] وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها ، فهل لها أجر إن تَصَدَّقْتُ عنها ؟ قال : نعم . ذكر هذا البغوي في تفسيره .

الثاني : أن هذا خاص بالكافر دون المؤمن . قال الربيع بن أنس : (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) يعني الكافر ، فأما المؤمن فَلَه ما سعى وما سُعِيَ له . قيل : ليس للكافر من الخير إلا ما عمل هو فيُثاب عليه في الدنيا حتى لا يَبْقَى له في الآخرة خير . نَقَلَه البغوي أيضا .
ويَدل عليه ما رواه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عَمِل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها .

الثالث : إن الولد من كسب أبيه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أموال أولادكم من كسبكم . رواه الإمام أحمد وغيره .

الرابع : أن هذا من باب قطع الإياس ليجدّ المؤمن ويَعمل حال حياته ، ولا يتّكل على عمل غيره .

الخامس : أن هذا كقوله تعالى : (أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وهي الآية التي قبلها . ولذلك قال السمعاني في قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) : معناه إنْ سَعَى في الخير يَلْقَ الخير ، وإن سَعَى في الشرّ يَلْقَ الشرّ .
أي أن الإنسان لا يُحَمّل وِزر غيره . ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة رضي الله عنه - وكان معه ابنه : أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه . وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

السادس : أن هذا فيما لا تدخله النيابة في فعله ، كالصلاة وصوم الفريضة ونحوها .
قال ابن عبد البر رحمه الله : أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحد فَرْضاً عليه من الصلاة ، ولا سُنة ، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت ، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحدٌ في حياته عن أحد ، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه . وأما من مات وعليه صيام فهذا موضع اختلف فيه العلماء قديما وحديثا . اهـ . ثم ذَكَرَ الخلاف .

والخلاصة : أن الصدقة تنفع الميت من قريب أو صديق ، فهم عادة الذين يتصدّقون عن الميت . وهذا إذا مات على الإسلام ، أما من مات على غير الإسلام كالذي مات وهو لا يُصلي فلا ينفعه ذلك .
قالت عائشة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يَصِل الرحم ، ويُطعم المسكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : لا ينفعه ، إنه لم يَقُل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين . رواه مسلم .

ولا شك أن بناء المساجد من أفضل الأعمال ، لأن من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتاً في الجنة . وحفر الآبار وسُقيا الماء لمن هم بحاجة إليه ، لما في ذلك من الأجر ، وقد غَفَر الله لامرأة بغيّ [ زانية ] سَقَتْ كلباً يلهث من العطش . كما في الصحيحين . فكيف بِسُقيا بني آدم ، بل بِسُقيا المسلمين ؟
ومن أفضل الأعمال ما جاء في الحديث : إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته عِلماً علّمه ونَشَرَه ، وولدا صالحا تركه ، ومُصحفاً ورّثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صِحّته وحياته يلحقه من بعد موته . رواه ابن ماجه .


وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية : عن قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ مِن ثلاث صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له " فهل يقتضي ذلك إذا مات لا يصل إليه شيء من أفعال البر؟
فأجاب رحمه الله :
ليس في الآية ولا في الحديث أن الميت لا يَنتفع بِدعاء الْخَلْق له وبما يُعمل عنه مِن البر بل أئمة الإسلام متفقون على انتفاع الميت بذلك وهذا مما يُعلم بالاضطرار مِن دِين الإسلام . وقد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع فمن خالف ذلك كان من أهل البدع ...
ومن السنن المتواتِرة التي مَن جَحدها كفر : صلاة المسلمين على الميت ودعاؤهم له في الصلاة . وكذلك شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ؛ فإن السنن فيها متواترة ، بل لم ينكر شفاعته لأهل الكبائر إلاّ أهل البدع ، بل قد ثبت أنه يَشفع لأهل الكبائر ، وشفاعته دعاؤه وسؤاله الله تبارك وتعالى . فهذا وأمثاله مِن القرآن والسنن المتواترة وجاحِد مثل ذلك كافِر بعد قيام الحجة عليه . والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة . اهـ .

وهنا :
أفضل الأعمال التي تَصِل إلى الأموات ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=524

الصدقة الجارية عن الميت
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=388

كيف يمكن أن أقوم بعمل صدقة جارية لجدتي المتوَفّاة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1787

إذا تصدقت عن أخي المتوفَّى هل يكون لي أجر؟ وهل تجوز الصدقة عن والدي الحي ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5028

هل تجوز الصلاة عن الميت؟؟؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=6970

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



رد مع اقتباس