عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس
افتراضي متى يسوغ الإنكار في المسائل التي يُختلَف في حكمها ؟
قديم بتاريخ : 16-02-2010 الساعة : 09:59 PM


السلام عليكم و رحمة الله و بركاتـــه
الشيخ الفاضل حفظكم الله و رعاكم
هناك اختلاف بين العلماء في صيغة التشهد (السلام على النبي ) أو ( السلام عليك أيها النبي )
و من قبلهم الصحابة رضوان الله عليهم كذلك فهل يعتبر هذا من الاختلاف السائغ الذي لا يجوز فيه الإنكار على المخالف لي فيه ؟ أم يجب علي أن أنكر على المخالف ؟
أرجو منكم التوضيح مشكورين .و جزاكم الله خيرا

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

الخلاف الذي لا يسوغ فيه الإنكار ، ما كان الخلاف في مسائل الفقه ، وكان له حَظّ من النظر ، كما قيل :
وليس كل خِلاف جَاء مُعْتَبَرًا *** إلاَّ خِلافا له حَظّ مِن النظرِ

وهذه المسألة مما اختَلَف فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم .
روى البخاري من حديث ابْنَ مَسْعُود رضي الله عنه قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا ، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا : السَّلامُ - يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وفي رواية : فلما قُبِض قلنا : السلام على النبي .

وفي حديث ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ ، فَكَانَ يَقُولُ : التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . رواه مسلم .
وهذا عام في التعليم للأمة ، لا يُستثنى منه حال حياته صلى الله عليه وسلم ، ولا بعد وفاته .

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : سمعت ابن عباس وابن الزبير يقولان في التشهد في الصلاة : التحيات المباركات لله ، الصلوات الطيبات لله ، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال : لقد سمعت ابن الزبير يقولهن على المنبر يُعَلِّمُهن الناس ، قال : ولقد سمعت ابن عباس يقولهن كذلك . قلت : فلم يختلف فيها ابن عباس وابن الزبير ؟ قال : لا .

وروى عبد الرزاق من طريق عبد الرحمن بن عبد القاري قال : شهدت عمر بن الخطاب وهو يعلم التشهد ، فقال : التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
قال عبد الرزاق : وكان معمر يأخذ به ، وأنا آخذ به .

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء : أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسلمون والنبي صلى الله عليه وسلم حي : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فلما مات قالوا : السلام على النبي ورحمة الله وبركاته .

وإذا جَرى الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم ، فلا يكون قول بعضهم على بعض حُجّة ، إلاّ بِقرائن ومُرجِّحَات أُخَر .

ومثل هذه المسألة لا يسوغ الإنكار فيها على المخالف ؛ لأن كَلّ قائل بِقول له فيه إمام هُدى ، يعضده دليل أو تعليل صحيح ، لا يسوغ الإنكار عليه فيما ذهب إليه .

قال ابن القيم عن دعاء القنوت : وإذا جهر به الإمام أحيانا ليُعلِّم المأمومين فلا بأس بذلك ، فقد جَهر عُمر بالاستفتاح ليُعلِّم المأمومين ، وجَهر ابن عباس بِقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليُعلّمهم أنها سُنّة ، ومِن هذا أيضا جَهر الإمام بالتأمين .

وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يُعنّف فيه مَن فعله ولا مَن تركه ، وهذا كَرَفع اليدين في الصلاة وتَركه ، وكَالْخِلاف في أنواع التشهّدات ، وأنواع الأذان والإقامة ، وأنواع النُّسُك مِن الإفراد والقران والتمتع ، وليس مقصودنا إلاّ ذِكر هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يَفعله هو ، فإنه قِبلة القَصد ، وإليه التوجّه في هذا الكتاب ، وعليه مَدار التفتيش والطلب ، وهذا شيء ، والجائز الذي لا يُنكَر فِعله وتركه شيء . فنحن لم نتعرّض في هذا الكتاب لِمَا يَجوز ولِمَا لا يجوز ، وإنما مقصودنا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يَختاره لنفسه ، فإنه أكمل الهدي وأفضله ، فإذا قلنا : لم يكن مِن هَديه المداومة على القنوت في الفجر ، ولا الجهر بالبسملة ؛ لَم يدلّ ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة ، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله والله المستعان . اهـ .

فالخلاف يسوغ في المسائل الاجتهادية .

ويُنكر على مَن خالَف السنة .

فقد كان الصحابة رضي اله عنهم يُنكرون أشدّ الإنكار على مَن خالَف السُّنّة .


رَوى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم عن زِرّ بن حبيش قال : رأيت عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد العصر .
ورَوى ابن أبي شيبة مِن طريق أبي جمرة عن ابن عباس ، قال : رأيت عُمر يَضرب على الركعتين بعد العصر .
ورَوى مِن طريق عبد الله بن شقيق ، قال : رأيت عُمر أبصر رجلا يُصلي بعد العصر ، فَضَرَبه حتى سقط رداؤه .
ورَوى مِن طريق المختار ، قال : سألت أنس بن مالك ، عن الصلاة بعد العصر ، فقال : كان عُمر يَضرب الأيدي على الصلاة بعد العصر .
ورَوى مِن طريق الزهري عن السائب ، قال : رأيت عمر بن الخطاب يضرب المنكدر على السجدتين بعد العصر ، يَعني الركعتين .

ورَوى ابن أبي شيبة والنسائي في " الكبرى " من طريق محمد بن شداد عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأشتر ، قال : كان خالد بن الوليد يَضرب الناس على الصلاة بعد العصر .

ورَوَى كُرَيب مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس أنه رأى عبدَ الله بن الحارث يُصلي ورأسه مَعقوص مِن ورائه ، فقام فجَعل يَحلّه ، فلما انصرف أقبلَ إلى ابن عباس ، فقال : ما لَك ورَأسي ؟! فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما مثل هذا مثل الذي يُصلي وهو مَكتوف . رواه مسلم .

قال النووي : قوله : " عن ابن عباس أنه رأى ابن الحارث يُصلي ورأسه مَعقوص ، فقام فجَعل يَحلّه " فيه :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن ذلك لا يُؤخّر إذ لم يُؤخِّره ابن عباس رضي الله عنهما حتى يفرغ من الصلاة .
وأن الْمَكرُوه يُنكَر كما يُنكَر الْمُحَرَّم ، وأن من رأى منكرا وأمكنه تغييره بِيدِه غيَّره بها لِحديث أبي سعيد الخدري .
وأن خبر الواحد مقبول . اهـ .

وحديث أبي سعيد الخدري الذي أشار إليه الإمام النووي ، هو : ما رواه مسلم من طريق طارق بن شهاب قال : أول مَن بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مَروان . فقام إليه رجل ، فقال : الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد تُرك ما هُنالِك ، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قَضى ما عليه ، سَمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن رأى منكم مُنكَرا فليُغيّره بِيدِه ، فإن لم يَستطع فَبِلِسَانِه ، فإن لم يستطع فَبِقَلْبِه ، وذلك أضعف الإيمان .

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمّن يَغسل أطرافه فوق الخمس مرات ، وإذا أتى المسجد يبسط سجادته تحت قدميه ؟
فأجاب رحمه الله :
ما ذَكَره مِن الوسوسة في الطهارة مثل : غسل العضو أكثر من ثلاث مرات والامتناع من الصلاة على حصر المسجد ونحو ذلك : هو أيضا بدعة وضلالة باتفاق المسلمين ليس ذلك مُستحبا ولا طاعة ولا قربة .
ومن فعل ذلك على أنه عبادة وطاعة فإنه يُنهَى عن ذلك ، فإن امتنع عُزِّر على ذلك ، فقد كان عمر رضي الله عنه يُعزِّر الناس على الصلاة بعد العصر ، مع أن جَماعة فَعَلُوه لِمَا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله وداوم عليه ، لكن لَمّا كان ذلك مِن خصائصه صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس - كان عمر يضرب مَن فَعل هذه الصلاة . فَضَرْب هؤلاء المبتدعين في الطهارة والصلاة لكونها بدعة مذمومة باتفاق المسلمين : أوْلى وأحرى . اهـ .

وهنا :
ماحكم الإنكار على من يصور إذا كان يحتجّ بفتاوى الجواز، وما صِحّة: لا إنكار في مسائل الخلاف
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=13408

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


رد مع اقتباس