عرض مشاركة واحدة

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي حقيقة سعادة الكفار .... كيف ؟ وهل هم سعداء ؟؟
قديم بتاريخ : 11-03-2010 الساعة : 05:09 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

حقيقة سعادة الكفار .... كيف ؟ وهل هم سعداء ؟؟

قال ابن القيم في قوله تعالى : ( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) .
قال : هذا في دورهم الثلاث ليس مختصا بالدار الآخرة وإن كان تمامه وكماله وظهوره إنما هو في الدار الآخرة وفي البرزخ دون ذلك ، كما قال تعالى : ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) .
فالأبرار في نعيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة .
والفجار والكفار في جحيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة . انتهى .

وقد يرد إشكال لدى بعض الناس ، وقد قرأته في بعض المنتديات ، وهو :
نحن نرى الكفار
في دنياهم في نعيم وسعادة !!

فأقول :

أولا :
لا بد أن يُعلَم أن الدنيا جنة الكافر . كما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم .
فما يمتّع به الكافر هو جزء من هذه الجنة ، أي جنة الدنيا وزهرتها ، وهذا بالنسبة للنار يُعتبر جنة بما في دُنياهم من مشكلات ومنغصات .

ثانيا :
أن الكفار في جحيم في دورهم الثلاث ، وبيان ذلك أنهم في الدنيا ليسوا في راحة نفسية ولا في طمأنينة كما هو الحال عند المسلم الموقن ، الذي يعلم أين مصيره بعد الموت ، وأنه وإن فاتته هذه الدنيا فإنه موعود جنة عرضها السماوات والأرض .

والكافر يعيش الخوف والقلق على المستقبل ومن المستقبل .
ولذا لما قرب عام 2000 م انتحر من انتحر ظنا منهم أنها نهاية الدنيا !! وكذلك حدث عند اقتراب خبر الكسوف الكلي للشمس في نفس العام عندهم .

ثم إن الكافر في جحيم لأن وعد الله حق ، والله لا يخلف الميعاد ، ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) وكلما زاد البعد عن الله ازداد الضيق والضنك .

وقال تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ )
وفي الآية الأخرى قال جل وعلا : ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) .
وجاء في تفسير هذه الآية :
أن صدر الكافر ضيّق كَضِيق التنفس لدى مَن يَصعد طبقات الجو .
ويدل على شدة الضيق وزيادة الضنك كثرة حوادث الانتحار في بلاد الكفار .
وهي نسب متزايدة في كل عام .
لكن من يعيش خارج تلك المجتمعات يرى بريق الحضارة ويَعمى أحيانا عن حقيقة حياة القوم ، فهي حياة شقاء في شقاء ، وتعاسة تتلوها تعاسة ، وإن ضحكوا أو تراقصوا !
لقد بلغوا شأنا في الحضارة المادية بل لعلهم بلغوا قمة الحضارة المادية ، غير أن ذلك على حساب الروح والأخلاق .
فكلما ارتفعت صروح الحضارة كلما تهاوت القيم والأخلاق والمبادئ .
وصدق الله القائل في محكم التنزيل : ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )
والمعنى أن الذين آمنوا ولم يُخالط إيمانهم شرك - كما فسّره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم - أن لهم الأمن في الدنيا والآخرة ، الأمن بِنَوعيه : الأمْن النفسي والأمن الاجتماعي " الحِسي " .
(وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فَلَهم الهداية في الدنيا والآخرة .

والكافر وإن أمِـن في الدنيا فإنه أمان حِسي ، وهو ما يكون في الديار ، إلاّ أنه ليس في أمان نفسي .

وحدثني بعض المسلمين الذين يُقيمون في أوربا أنهم عاشوا سنين مَسغبة وفَقر عند قدومهم لأوربا أول مرة ، وكان أحدهم يرى بعض الكفار ممن انقطعوا عن العمل أو طـُـردوا منه وعندهم مِن الأموال ما يَكفيهم ، فكانوا يرون في وجوههم القلق والاضطراب ، بينما أولئك المسلمين يَمزحون ويتضاحكون ، وإن أكلوا الخبز الجاف !! وإن طبخوا القهوة في قدر !!
فقلت لهم :
هذا هو الغنى الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس ، كما في الصحيحين .

فلو كان لابن آدم أودية الدنيا ذهبا وهو خائف قلق عليها لما تحقق له الغنى النفسي ، ولما تحقق له الأمن النفسي .



كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



رد مع اقتباس