عرض مشاركة واحدة

محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : محب السلف المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي شرح منهج السالكين (10)
قديم بتاريخ : 23-03-2010 الساعة : 09:15 PM

شرح منهج السالكين – 10


قال الشيخ رحمه الله :

وَإِذَا زَالَتْ عَيْنُ اَلنَّجَاسَةِ طَهُرَ اَلْمَحُلُّ وَلَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ اَللَّوْنِ وَالرِّيحِ ; لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِخَوْلَةَ فِي دَمِ اَلْحَيْضِ : يَكْفِيكِ اَلْمَاءُ , وَلا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ .



الشَّرح :

زوال عين النجاسة المقصود به تحوّل النجاسة إلى مادة أخرى ، سواء بالتحلل ، أو بالمعالجة كما هو الحال في مياه المجاري النّجسة ، فإنها تُعالَج وتطهر ، بشرط أن لا تحمل صفة من صفات النجاسة لا في اللون ولا في الرائحة ولا في الطّعم .

فإن بقي وصف من أوصاف النجاسة لم تطهر .

وفي قرارات المجمع الفقهي :

إن ماء المجاري إذا نُقِّي بالطُّرُق المذكورة وما يُماثلها ، ولم يبق للنجاسة أثر في طعمه ولا في لونه ولا في ريحه صار طهوراً ، يجوز رفع الحدث به بناء على القاعدة الفقهية التي تُقرِّر : إن الماء الكثير الذي وقعت فيه نجاسة َطهر بزوال هذه النجاسة منه إذا لم يَبق لها أثر فيه ، والله أعلم .



وهل يجوز الانتفاع بمياه المجاري وهي على حالها من النجاسة ؟

المسالة محل خلاف .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

الزروع والثمار التي سقيت بالنجاسات أو سُمِّدت بها ؛ فأكثر العلماء على أنها طاهرة ، وأن ذلك لا يُنَجِّسها ، وممن قال بذلك مالك والشافعي وأصحابهما خلافاً للإمام أحمد . وقال ابن قدامة في المغني : وتَحْرُم الزروع والثمار التي سُقيت بالنجاسات ، أو سُمِّدت بها ، وقال ابن عقيل : يحتمل أن يُكره ذلك ولا يَحْرُم . ولا يُحْكَم بتنجيسها ، لأن النجاسة تستحيل في باطنها فتطهر بالاستحالة ، كالدم يستحيل في أعضاء الحيوان لحماً ، ويصير لبناً . وهذا قول أكثر الفقهاء ، منهم أبو حنيفة والشافعي ، وكان سعد بن أبي وقاص يَدْمل أرضه بالـعُـرّة ، ويقول : مكتل عرة مكتل بر ، والـعُـرّة : عَذرة الناس ، ولنا ما روي عن ابن عباس : كنا نُكري أراضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشترط عليهم ألا يَدملوها بِعذرة الناس ، ولأنها تتغذى بالنجاسات ، وتترقى فيها أجزاؤها والاستحالة لا تطهر ، فعلى هذا تطهر إذا سقيت الطاهرات . كالجلاّلة إذا حُبست وأطعمت الطاهرات . أ هـ من المغني بلفظه . اهـ .

وأما أكل المحاصيل التي سُقيت بالنجاسات ؛ فإن كان فيها ضرر فلا يجوز أكلها ، وإن لم يكن فيها ضرر فالجمهور على جواز أكلها .



ومتى زالت النجاسة لم يضرّ بقاء لونها أو ريحها ، ولذا قال الشيخ هنا : وَلَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ اَللَّوْنِ وَالرِّيحِ .

ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لخولة بنت يسار رضي الله عنها : يكفيك الماء ولا يضرك أثره . رواه الإمام أحمد .

وكانت قد سألته عليه الصلاة والسلام فقالت : يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد ، وأنا أحيض فيه . قال : فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم ، ثم صَلِّي فيه . قالت : يا رسول الله إن لم يخرج أثره ؟ قال : يكفيك الماء ، ولا يضرك أثره .

وفي رواية : فقالت : فإن لم يخرج الدم ؟ قال : يكفيك الماء ، ولا يضرك أثره .

يعني : لا يضرّك أثر الدم ، والأثر هنا يشمل اللون والرائحة بعد الغَسْل .

وفي الحديث دليل على نجاسة دم الحيض .

فإذا غُسِلتْ النجاسة وبقي أثر اللون أو أثر الرائحة فإنه لا يضرّ هذا الأثر لهذا الحديث .

وهذا من يُسر الشريعة الإسلامية ومن سماحتها .

وقد كان بنو إسرائيل إذا أصاب جِلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض . رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وفي رواية البخاري عنه رضي الله عنه : كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه .

أما هذه الأمّـة فقد وضع الله عنها الآصار والأغلال التي كانت على الذين من قبلها ، قال سبحانه وتعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) .



مسألة :

لو كَرِه المسلمُ الثوبَ الذي أصابته النجاسة ، أو كرِه أن تظهر فيه آثار النجاسة بعد غسله ، بحيث أراد خلع الثوب وغسله غسلا تاماً بحيث يذهب أثر النجاسة تماماً ، فَلَه ذلك إلا أن يكون هذا تنطّعاً وتشديداً ، فإنه يُمنع منه .

ويُقال مثل هذا في ترك الطيبات ، فإن تَرَك بعضها لأنه لا يشتهيه فلا حرج ، أما إذا تَرَكه تورّعاً أو تزهّداً فليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم .



وفي هذا الحديث أن للحائض أن تُصلي بملابسها التي كانت تلبسها أثناء الحيض ما لم يكن فيها نجاسة ؛ لأنها باقية على الأصل ، وهو الطهارة ، والطهارة في ثيابها قبل الحيض يقين ، فلا يزول هذا اليقين إلا بيقين مُماثِل .

بمعنى أن مُجرّد الشك في إصابة النجاسة للثوب لا تجعله نجساً .

أما لو أصاب الثوب شيء من النجاسة ، فإنه يُغسل القدر الذي أصابته النجاسة ويُصلّى فيه .

ولو أرادتْ تغيير الثوب فَلَها ذلك ، لكن لا تُؤمر بذلك ، وإنما تُؤمر بإزالة النجاسة .


والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس