|
|
المنتدى :
إرشـاد الأدعـيــة
حكم قول عظم الله أجرك يا وطن
بتاريخ : 18-09-2015 الساعة : 02:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم شيخنا الكريم ونفع بكم
كما تعلمون، فقد استشهد العديد من جنود الإمارات بالأمس، - رحمهم الله -، و معظم جهات الاتصال لدي يضعون صورة مكتوب فيها عبارة : (عظم الله أجرك يا وطن ) !
ما هو الحكم ؟ وإن كان لا يجوز ، ما هي الأدلة على عدم جوازه؟
و جزاكم الله كل خير
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
ولا يجوز العبث واللعب والاستهزاء بالدعاء .
ولذلك : لا تجوز عبارة : عظَّم الله أجرك يا وَطن ؛ لأن الوَطَن ليس ممن يُعزَّى ، بل الوَطَن هو التُّراب والمكان .
ولا يجوز أن يُدْعَى للجَماد والحيوان بالمغفرة ولا بالرَّحمة ، ولا بِتعظيم الأجر .
وليس كل الدعاء جائزا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ويَحْرُم الاعتداء في الدعاء ، لقوله تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ، وقد يكون الاعتداء في نفس الطَّلَب ، وقد يَكون في نفس المطلوب . اهـ .
بل بعض الدعاء قد يَكون كُفرا .
قال الإمام القرافي عن قَاعِدَةِ مَا هُوَ مِنْ الدُّعَاءِ كُفْر : فَاَلَّذِي يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ :
الْقِسْمُ الأَوَّلُ : أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي نَفْيَ مَا دَلَّ السَّمْعُ الْقَاطِعُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَة :
الأَوَّلُ : أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ لا تُعَذِّبْ مَنْ كَفَرَ بِك ، أَوْ اغْفِرْ لَهُ ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَوَاطِعُ السَّمْعِيَّةُ عَلَى تَعْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَاتَ كَافِرًا بِاَللَّهِ تَعَالَى ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا ؛ لأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَطَلَبُ ذَلِكَ كُفْرٌ ، فَهَذَا الدُّعَاءُ كُفْرٌ .
الثَّانِي : أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ لا تُخَلِّدْ فُلانًا الْكَافِرَ فِي النَّارِ ، وَقَدْ دَلَّتْ النُّصُوصُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَخْلِيدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ ، فَيَكُونُ الدَّاعِي طَالِبًا لِتَكْذِيبِ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَكُونُ دُعَاؤُهُ كُفْر ...
القسم الثاني : أن يَطلب الدَّاعي مِن الله تعالى ثبوت ما دلّ القاطع السمعي على نَفْيِه وله أمثلة :
الأول : أن يقول : اللهم خَلِّد فلانا المسلم عَدوّي في النار ، ولم يُرِد به سُوء الخاتمة ، وقد أخبر الله تعالى إخبارا قاطعا بأن كُل مُؤمن لا يُخلَّد في النار ولا بُدّ له من الجنة لقوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) ، فيكون هذا الدعاء مُسْتَلزِما لتكذيب خَبر الله تعالى ؛ فيكون كُفرا .
الثاني : أن يقول : اللهم أحيني أبدا حتى أسْلَم مِن سكرات الموت وكُرَبه ، وقد أخبر الله تعالى عن مَوته بِقَوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ، فيكون هذا الدعاء مُسْتَلِزما لتكذيب هذا الخبر ؛ فيكون كُفرا .
الثالث : أن يقول : اللهم اجعل إبليس مُحِبًّا ناصِحًا لي ولبني آدم أبدَ الدهر حتى يَقِلّ الفساد وتستريح العباد ، والله سبحانه يقول : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) ، فيكون هذا الدعاء مُسْتَلزما لتكذيب هذا الخبر ؛ فيكون كُفرا ...
القسم الثالث : أن يَطلب الدَّاعي مِن الله تعالى نَفْي ما دّل القاطع العقلي على ثبوته مما يُخِلّ بجلال الربوبية ، وله أمثلة :
الأول : أن يَسأل الله تعالى سَلْب عِلْمه أو عالميته القديمة حتى يَستتر العبد في قبائحه ويستريح مِن اطّلاع رَبّه على فضائحه ، وقد دلّ القاطع العقلي على وجوب ثبوت العِلم لله تعالى أزلاً وأبدًا ؛ فيكون هذا الداعي طالبا لقيام الجهل بِذات الله تعالى ، وهو كفر ...
القسم الرابع : أن يَطلب الداعي مِن الله تعالى ثبوت ما دلّ القاطع العقلي على نَفْيه مما يُخِلّ ثبوته بِجلال الربوبية ، وله مُثل : أن يَعظُم شوق الداعي إلى ربه حتى يسأله أن يَحِلّ في بعض مخلوقاته حتى يَجتمع به ، أو يَعظُم خَوفه مِن الله تعالى فيسأل الله ذلك حتى يأخذ منه الأمان على نفسه ، فيستبدل مِن وَحْشته أُنْسًا ، وقد دل القاطع العقلي على استحالة ذلك على الله ؛ فطلب ذلك كُفر . اهـ .
وسبق :
هل يجوز قول الشاعِر (وإن أنت مت يا معبودتي السبب) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11812
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|