عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : محب السلف المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي
قديم بتاريخ : 04-10-2015 الساعة : 06:33 PM

فهذا صريح في استثناء نفقة نسائه ومئونة عامله ، وهو ليس من الميراث الذي يُقْسم قِسمة الميراث ، بل هو صَدقة مِن الصدقات .

وقول الرافضي : (وإذا كانت نساءالنبي من أهل البيت كما يقول السنة فالصدقة عليهم حرام )
فالجواب عنه :
أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم مِن آل بيته ، ومِن أهله بنصّ القرآن .
فإن الله قال عن نوح : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) .
وقال في شأن زوجة إبراهيم : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) .
وقال عن لوط : ( إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) .

وقال في شأن زوجات نبيِّنا صلى الله عليه وسلم : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) .
فالخِطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن .
ونحن نُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعلى زوجاته .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
فإن ذُكِر آل البيت وحدهم دَخَل فيهم زوجاته صلى الله عليه وسلم .
والصيغة المشهورة :
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . رواه البخاري ومسلم .

وأما حديث الكِساء فقد رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مُرْط مُرَحّل مِن شعر أسود ، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء عليّ فأدخله ، ثم قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .
فهذا الحديث ليس فيه حصر آل البيت في هؤلاء ، فإن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، وهن من أهل بيته ، والآيات السابقة صريحة في ذلك .
والصلاة الإبراهيمية صريحة أيضا ، كما تقدّم في الرواية .

ثم إن آية ألأحزاب تَرُدّ ذلك الفَهْم المقتضي حَصْر آل البيت بِمن دَخَل تحت الكساء ، فإن الله عَزّ وَجلّ قال : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ثم قال بعد ذلك مباشرة : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ثم أعقبه بقوله : (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) .
فالحديث قبل وبعد عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن .
فهذا يَرُدّ مفهوم حصْر آل البيت بِحديث الكساء .

وأما الصدقة فإنها تَحرم على بني هاشم وبني المطّلب فحسب - على الصحيح - .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني هاشم وبني المطّلب ، ومَنَع بني عبد شمس وبني نوفل .
روى البخاري من طريق جبير بن مطعم قال : مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ، ونحن وهم منك بِمَنْزِلة واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد .
فهؤلاء هم الذين تَحرم عليهم الصدقة .
وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف .
وعثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف .
فأولاد عبد مناف بن قصي أربعة :
هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل .
فهؤلاء الأربعة يلتقون في عبد مناف ، ومع ذلك لا تَحرم الصدقة إلا على بني هاشم وبني عبد المطّلب .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
الصحيح أن المراد بذي القربى في الآية بنو هاشم وبنو المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل .
ووجهه أن بني عبد شمس وبني نوفل عادوا الهاشميين وظاهروا عليهم قريشا فَصَارُوا كالأبَاعِد منهم للعداوة وعدم النصرة . اهـ .

فتحريم الصدقة شيء ، وكَون زوجاته مِن أهل بَيته شيء آخر .
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم مَنَع بني عبد شمس وبني نوفل من سهم ذوي القُربى ؟ مع كونهم أبناء رَجُل واحِد .

وأما مسألة مِيراثه صلى الله عليه وسلم التي يُدندن حولها الرافضة ، وما يتعلّق بأرض فَدَك ، وقوله عليه الصلاة والسلام : لا نُورَث ما تَرَكْنَا فهو صدقة .

فالجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الأنبياء لا يُورَثون ، ومَن قال بِخلاف ذلك فعليه الدليل ، ولا دليل .

الوجه الثاني : أن آل البيت شهِدوا بصحة حديث : لا نُورَث ، ما تَركنا صدقة .
بل شهد به عليّ بن أبي طالب نفسه .
روى الإمام البخاري في صحيحه أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفَدَك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نُورَث . ما تَركنا فهو صدقة . إنما يأكل آل محمد مِن هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يَزيدوا على المأكل . وإني والله لا أغير شيئا مِن صدقات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأعمَلَنّ فيها بما عَمِل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتشهد عليّ رضي الله عنه ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وذَكَرَ قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم . فتكلم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إلي أن أصِلَ من قرابتي .

وفي حديث أبي الطفيل رضي الله عنه قال : لَمّا قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرْسَلَت فاطمة إلى أبي بكر : أنت وَرِثتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله ؟ قال : فقال : لا ، بل أهله . قالت : فأين سَهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طُعمة ثم قَبَضَه جَعله للذي يقوم مِن بعده " فرأيت أن أرَدّه على المسلمين . قالت : فأنتَ وما سَمِعتَ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

قال ابن كثير : أحسن ما فيه قولها : أنتَ وما سَمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو المظنون بها ، واللائق بأمْرها وسِيادتها وعِلمها ودِينها رضي الله عنها، وكأنها سألته بعد هذا أن يَجعل زوجها ناظرا على هذه الصدقة فلم يُجِبها إلى ذلك ; لِمَا قَدَّمناه ، فتَعَتَّبَتْ عليه بسبب ذلك ، وهي امرأة مِن بني آدم ، تأسَف كما يأسَفون ، وليست بِوَاجبة العِصمة مع وُجود نَصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومخالفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه تَرَضَّى فاطمة وتَلايَنَها قبل مَوتِها ، فَرَضِيتَ رضي الله عنها .
ثم ذَكر ابن كثير ما رواه البيهقي مِن تَرضِّي أبو بكر رضي الله عنه لِفاطمة رضي الله عنها . اهـ .

فأين هذا ممن زعم الظلم لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
أكان عليّ رضي الله عنه قال ذلك تقيّـة ؟
أو كان عليّ رضي الله عنه ضعيفاً لا يأخذ حقّـه ؟

وروى الإمام مسلم في صحيحه أن عمر رضي الله عنه كان في مجلسه فاستأذن عليه عباس وعليّ رضي الله عنهما ، فأذن لهما فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرِحهم .
فقال عمر : اتئِدا . أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ؟
قالوا : نعم .
ثم أقبل على العباس وعليّ فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟
قالا : نعم .
فقال عمر : إن الله جل وعز كان خصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره . قال : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) .
وفي رواية للبخاري أن عُمر قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، فَتَوَفَّى الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : أنا وَلِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها فَعَمِلَ بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تَوفى الله أبا بكر ، فقلت : أنا ولي وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، ثم جئتماني وكلِمتكما واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها . فقلتُ : إن شئتما دفعتها إليكما بذلك . فتلتمسان مني قضاء غير ذلك ؟ فو الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عَجِزتما فادْفَعاها إليّ فأنا أكْفِيكُمَاها .
فهذا عُمر رضي الله عنه يقول للعباس وعليّ رضي الله عنهما : إن شئتما دَفَعتها إليكما .
فلماذا لم يَقبضاها ؟ ثم يَقْسِمَانها على وَرَثة النبي صلى الله عليه وسلم كما تَزعم الرافضة ؟!
بل جاء في رواية لمسلم صريحة في أن عمر رضي الله عنه دَفَع بعض ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليّ والعباس رضي الله عنهما .
ففي صحيح البخاري ومسلم : فأما صدقته بالمدينة فَدَفَعَها عمر إلى عليّ وعباس ، فغلبه عليها عليّ ، وأما خيبر وفَدَك فأمْسَكَهما عمر .
فهذه الرواية الصحيحة تُثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دَفَع صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت بالمدينة إلى عليّ والعباس .
فأين هو الدليل أن علياً رضي الله عنه أعطى فاطمة نصيبها من ميراث أبيها ؟
فمن طَعَن في أبي بكر وعُمر بشأن ميراث فاطمة فيَلزمه أن يَطعن في عليّ لأنه عمِل كَمَا عَمِلا !

ومن طريف ما يُروى في هذا المقام ، وإلزام الرافضة بمثل هذا اللزوم ، ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي قال : أول خطبة خطبها السفاح في قرية يقال لها العباسية ، فلما صار إلى موضع الشهادة من الخطبة قام رجل من آل أبي طالب في عنقه مصحف فقال : أذكّرك الله الذي ذَكَرْتَه ألا أنصفتني من خصمي ، وحكمت بيني وبينه بما في هذا المصحف .
فقال له : ومَن ظَلَمَك ؟
قال : أبو بكر الذي مَنَعَ فاطمة فَدَكاً .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : مَنْ ؟
قال : عمر .
قال : فأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : مَنْ ؟
قال : عثمان .
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : ومَنْ هو ؟
قال : عليّ .
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : فأسكت الرجل ! وجَعَل يلتفت إلى ورائه .

فأثْبِتُوا لنا أن عَلِيًّا رضي الله عنه قَسَم ميراث النبي صلى الله عليه وسلم سواء فيما تولاّه زَمن عمر ، أو في زمان خلافته هو رضي الله عنه .
وأين إثبات ذلك ؟
فهل أعطى ورثة فاطمة حقّهم من فَدَك وسهم النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر ؟

فإن لم تأتوا به - وهو الحق - فلا أقل مِن مُعاملة أبي بكر وعمر كَمُعَامَلة عليّ رضي الله عنهم أجمعين .
ثم إن الرافضة تزعم أن أبا بكر وعمر ظَلَمَا فاطمة ميراثها .
وها هو العباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وها هو عليّ رضي الله عنه زوج ابنته يُقرّان بقول النبي صلى الله عليه وسلم ويتذكّرانه يوم ذكّرهما به عُمر رضي الله عنه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا نورث ما تركناه صدقة " .
فيلزم من تكذيبنا لهذا الخبر لانفراد أبي بكر به - كما يَزعم بعضهم - أن نُكذّب العباس وعليّ رضي الله عنهما ، لأنهما وافقا أبا بكر عليه ، وشهدا بِصحّة قول عمر .
وهما يشهدان عليه شهادة بعد أن نشدهما عمر رضي الله عنه فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتَعْلَمَان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نُورَث ما تركناه صدقة ؟
فهل شهدا على كذب وزور ؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
وعند أبي داود أن العباس وعلي دخلا على عمر وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وهما يختصمان فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل مال النبي صلى الله عليه وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لا نورث ؟ قالوا : بلى .
يعني كل هؤلاء شهدوا على صدق عمر رضي الله عنه وعلى صدق أبي بكر رضي الله عنه ثم تأتي الرافضة لتّكّذّب الأخيار الأبرار !!!
والحديث لم ينفرد به أبو بكر رضي الله عنه بل رواه عمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين .

الوجه الثالث : أن الله خصّ نبيّه بشيء لم يخصّ به غيره ، وهو الفـيء ، وهو الغنائم التي أُخِذت من غير قِتال .
وخصّ بني هاشم وبني المطّلب بسهم ذوي القربى ، فلا تحلّ لهم الصدقة - كما تقدّم - .

الوجه الرابع : هل ردّ عليّ رضي الله عنه هذا الميراث لورثته حينما تولّى الخلافة ؟!
الجواب : لا .
إذا يُقال في حق عليّ رضي الله عنه ما يُقال في حق أبي بكر وعُمر إذ لم يُعطيا فاطمة حقها من ميراث أبيها.
قد يقول قائل : فاطمة قد ماتت آنذاك .
والجواب : أن فاطمة رضي الله عنها وإن ماتت ، إلا أنه إذا كان لها حق في ميراث أبيها ، فهو لورثتها من بعدها .
فلماذا لم يَقسمه عليّ رضي الله عنه حينما تولّى الخلافة وصار الأمر له ؟!
بل لماذا لم يَقسِمه وقد وُكِل إليه ؟
وقد تقدم هذا .

الوجه الخامس : إذا كان رسول الله يُؤيِّد بالوحي - وهو كذلك - فلماذا لم يَقسِم أرض فدَك وسهمه في خيبر على ورثته ؟
فإن قيل : النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما يكون بعده .
فيُقال : فالله يعلم ما كان وما يكون ، ولم يأمر نبيّـه صلى الله عليه وسلم بأن يَقسم ميراثه قبل موته لئلا تُظلَم ابنته .
وهل يُتصوّر أن الله أقرّ نبيّه على ظلم ابنته ؟!
أما في ظل عقيدة ( البداء ) التي يَعتقدها الرافضة والمستمدّة من عقائد اليهود التي تَنْسِب الجهل إلى الله فقد يجوز مثل هذا !
هذا إذا قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يَعلم ما يكون بعده على معتقد أهل السنة والجماعة ، أما على اعتقاد الرافضة من الأئمة يعلمون الغيب - كما تقدّم - فيلزم على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم يَعلم الغيب عند الرافضة ! ويلزم من هذا أن يكون علِم ما سيكون بعده في شأن ابنته ، ولم يُنصِفها .
أقول هذا من باب إلزام الرافضة ، وإلا فإن عقيدة أهل السنة والجماعة أنه لا يَعلم الغيب إلا الله
وليُعلم أن أهل السنة هم أعفّ الناس ألسنة ، وهم أكثر الناس تأدّبا مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلا ينسبونه إلى الخطأ ، ولا إلى الجهل ، ولا إلى الظلم ، كما هو لازم دِين الرافضة وعقيدتهم وأقوالهم !

الوجه السادس : أن فاطمة رضي الله عنها ليست كَبَقِيّة النساء .
كيف ؟
سألني مرّة بعض الرافضة : لماذا كل بنت تَرِث مِن أبيها إلاّ فاطمة ؟
فأجبت : لأن كل بنت تَرِث مِن أبيها ليست بنت نبي غير فاطمة !
ولأن فاطمة هي بنت سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، فليست مثل سائر النساء ، ولا كَبقيّة البنات

وثمّة شُبهة يتمسّك بها الرافضة ، وهي قولهم : إن أبا بكر أنفذ وَعْد النبي صلى الله عليه وسلم لِجابر رضي الله عنه ، ولم يُورّث فاطمة مِن ميراث أبيها .
والجواب عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم وَعَد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، فقال : لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فلم يجئ مال البحرين حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مُنادياً فنادى : من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا . قال جابر : فأتيته فقلت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا ، فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة ، فقال : خُذ مثليها . رواه البخاري ومسلم .
فهذا من وفاء أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أن يُنفذ مُجرّد الوعد ، وهذا من حسنات أبي بكر ، والرافضة تَعُدّه مِن مَساوئه !

والرافضة تقول : لماذا صدّق أبو بكر جابر فيما قال ، ولم يُصدق فاطمة رضي الله عنها ؟
والجواب :
أن جابر بن عبد الله يُخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعَدَه ، ومن وفاء أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفذ وعده لجابر رضي الله عنه .
وأما فاطمة فإنها لم تقل وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل تُطالب بحقها من ميراث أبيها حيث فهمت أن لها الحق في ميراث أبيها ، فهي رضي الله عنها ما قالت : وعدني أبي صلى الله عليه وسلم .
فأبو بكر رضي الله عنه لم يُكذّب الزهراء رضي الله عنها ، وإنما أفهمها أن ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدَقـة بنصّ قولِه عليه الصلاة والسلام .
ويدل عليه ما رواه الترمذي عن فاطمة أنها جاءت إلى أبي بكر فقالت : من يرثك ؟ قال : أهلي وولدي . قالت : فما لي لا أرث أبي ؟ فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا نُورَث . ولكني أَعُول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله ، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنفِق عليه .

وثمّـة شُبهة يتشبّث بها الرافضة في هذا السياق ، وهي :
أن النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بَضْعَة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري .
تقول الرافضة : إن أبا بكر أغضب فاطمة رضي الله عنها ، فهو داخل في هذا الحديث .
وليس الأمر كما زعموا ، فإن أبا بكر رضي الله عنه عمِل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما سيأتي ، وعمِل بما اتفق عليه الخلفاء من بعده ووافقوه عليه بما في ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه .
فهل يُقال : إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة بهذا ؟

والجواب عن ذلك من وُجوه :

الأول : سبب وُورد الحديث ، وهو خِطبة عليّ رضي الله عنه ابنة أبي جهل .
وذلك أن ن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له : إن قومك يتحدثون إنك لا تغضب لبناتك ! وهذا عليّ ناكحا ابنة أبي جهل . قال المسور : فقام النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ثم قال : أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني فصدقني ، وإن فاطمة بنت محمد مضغة مني ، وإنما أكره أن يفتنوها ، وإنها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا . قال : فَتَرَكَ عليّ الخطبة . رواه البخاري ومسلم .

الثاني : أن أبا بكر عمِل بما عمِل به الخلفاء من بعدِه ، وهذا يعني أنه على الحق ، فالغضب الذي يُغضب فاطمة والذي يَغضب له النبي صلى الله عليه وسلم ما كان في حقّ ، أي ما كانت فيه مُحقّـة .
ونحن لا ندّعي العِصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفاطمة سيدة نساء العالمين ، وهي من بنات آدم تغضب كما يَغضبون .
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن نفسه ، فقال : اللهم إنما أنا بشر ، فأيّ المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا . رواه مسلم .

الثالث : أن عليا رضي الله عنه أغضَب فاطمة مرّة ، فهل يُمكن أن يُقال إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة فغضبت عليه ، أو غاضبها ثم خَرَج من عندها ، أنه بفعله ذلك أغضب النبي صلى الله عليه وسلم ؟
روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ قالت : كان بيني وبينه شيء ، فغاضبني ، فخرج فلم يَقل عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : انظر أين هو . فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُضْطَجِع قد سَقَط رِدَاؤه عن شِقِّه وأصابه تُراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قُم أبا تراب ، قَم أبا تراب .
فلو كان هذا الإغضاب من عليّ سبب في غضب النبي ما مسح عنه التراب ، ولا مازحه بقوله هذا .

الرابع : أن أبا بكر رضي الله عنه عَرَف لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقّهم ، وما كان يَسُرّه أن تَموت فاطمة وهي غَضْبى عليه . فقد طَلَب رضاها قُبيل مَوتها .
فقد حدّث الشعبي قال : لَمّا مَرِضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن ، فقال عليٌّ : يا فاطمة هذا أبو بَكر يستأذن عليك ، فقالت : أتُحِبّ أن آذن له ؟ قال : نعم . فأذِنَتْ له ، فدخل عليها يَتَرَضّاها ، وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلاّ ابتغاء مَرضاة الله ورسوله ومَرْضَاتِكم أهل البيت . قال : ثم تَرَضَّاها حتى رَضِيَتْ . رواه البيهقي في الكبرى وفي " الاعتقاد " .

قال الذهبي في سيرة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها :
ولَمّا تُوفي أبوها تَعَلّقت آمالها بميراثه ، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق ، فحدّثها أنه سمع من النبي يقول : لا نُورَث ما تركنا صدقة ، فَوَجَدَتْ عليه ، ثم تَعَلّلَتْ . اهـ .

ومما يدلّ على رضاها عنه أنها رضي الله عنها أوصَتْ أن تُغسِّلها أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر رضي الله عنها وعنه .
قال ابن كثير : ولَمّا حَضَرتها الوفاة أوْصَتْ إلى أسماء بنت عميس امرأة الصديق أن تُغَسّلها ، فَغَسّلتها هي وعلي بن أبي طالب وسلمى أم رافع ، قيل : والعباس بن عبد المطلب . وما رُوي من أنها اغتسلت قبل وفاتها وأوصت أن لا تُغَسّل بعد ذلك فضعيف لا يُعوّل عليه ، والله أعلم .

فلو كانت تَجِد في نفسها على الصدِّيق رضي الله عنه لَمَا أوصَتْ أن تُغسِّلها امرأته ، ولكانت بمنأى عن أهل بيت أغضبوها وغصبوها حقّها - كما تزعم الرافضة - .

قال الرافضي :
السؤال الثالث عشر :
أن الله سبحانه وتعالى أرسل 124000 نبي لهداية البشر .. فهل نقل عن أي نبي من هؤلاء أنصحابته لم يحضروا مأتمه ؟ وأنهم تنازعوا المنصب بعده ؟

الـردّ :
يُقال في هذا العدد ما قيل فيه سابقا .
ثم يُقال : وهل نُقِل عن نبي من الأنبياء أنه عُمِل له مَأتم ؟ كما هو دِين الرافضة !
الذي لا يكاد يخلو شَهر مِن الشهور مِن مأتم !
وهذا يدل على أن المآتِم ليست مِن دِين الأنبياء ، وإنما هي مِن دِين الرافضة الذين اتّخذوا الأئمة آلهة !

ولم يتنازَع الصحابة رضي الله عنهم المنصب بَعده .
ومَن تَعنيه بالانشغال بالمنصب هو مَن كان حَضَر دَفنه ، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يَدروا أين يَقْبُرون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لن يُقْبر نَبِي إلاّ حيث يموت . فأخّرُوا فِراشه وحَفَروا له تحت فِراشه . رواه الإمام أحمد .

وحدّث ابن عباس رضي الله عنهما قال : لَمّا أرادوا أن يَحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوا إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان يَضْرَح كَضَريح أهل مكة ، وبعثوا إلى أبي طلحة وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يَلْحَد ، فبعثوا إليهما رسولين فقالوا : اللهم خِر لِرسولك ، فوجدوا أبا طلحة فجيء به ولم يُوجد أبو عبيدة ، فَلَحَد لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فلما فَرَغوا مِن جهازه يوم الثلاثاء وُضِع على سريره في بيته ، ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يُصلّون عليه حتى إذا فرغوا أَدْخَلوا النساء حتى إذا فرغوا أدْخَلوا الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد . لقد اختلف المسلمون في المكان الذي يُحفَر له ، فقال قائلون : يُدفَن في مسجده ، وقال قائلون : يُدفن مع أصحابه ، فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما قُبِض نَبِيّ إلاّ دُفن حيث يُقبض . قال : فَرَفَعوا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه ، فَحَفَرُوا له ثم دُفِن صلى الله عليه وسلم وسط الليل مِن ليلة الأربعاء ، ونَزَل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقُثَم أخوه وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه ابن ماجه .

فهل الذين دَخَلوا عليه أرْسَالاً يُصلّون عليه كانوا يتنازعون المنصب آنذاك ؟!

ثم إن الأمم الماضية كانت تسوسها الأنبياء ، فليس ثم منصب خلافة .
قال عليه الصلاة والسلام : كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهم الأنبياء كلما هَلك نَبِيّ خَلَفَه نَبِيّ . رواه البخاري ومسلم .

والأمة قد افترقت رغم حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وِحدة الصف واجتماع الكلمة ، فكيف لو ضُيِّع هذا المنصب ؟

قال الرافضي :
السؤال الرابع عشر:
إذاكان عمر ابن الخطاب مُصيبا عندما رفض طلب النبي للدواة والقلم ليكتب كتابا لن يضل بهأحد بعده ... فما هي العبرة المستفادة من لا وعي النبي يومها كسنة لنطبقها لأن فعلالنبي سنة ؟
وما هو مصير من يتعرض للنبي بهذه الطريقة ؟

الـردّ :
وما مصير مَن يَسُبّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُسيء الأدب مع أصهاره صلى الله عليه وسلم ؟!
فعُمر رضي الله عنه هو والِد حفصة أم المؤمنين ، وهو زوج أم كلثوم بنت عليّ .
وعثمان رضي الله عنه هو زوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يُعرف عن أحد أنه جَمَع ابنتي نبيّ ، أي تزوّج بهما الواحدة بعد الأخرى ، سوى عثمان رضي الله عنه ، ومع ذلك لم يَسْلَم من أذى الرافضة وسبِّهم وشتمهم ولعنهم !
ومَن آذى أصهار النبي صلى الله عليه وسلم فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس مَن آذى عَمِّي فقد آذاني .
ونحن نقول : ومَن آذى أصهاره فقد آذاه صلى الله عليه وسلم .

وأما قول الرافضي إن عمر رَفض طلب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يَصِحّ ، وإنما قال عُمر رضي الله عنه ذلك مِن باب التأدّب مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعدم رَفْع الصوت عنده صلى الله عليه وسلم ، ولكراهته لِلّغط عنده صلى الله عليه وسلم .
ثم إن ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَكتبه قاله ونُقِل إلينا .
فإنه عليه الصلاة والسلام لما قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا . فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - ثم قال : دَعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه . وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجِيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزهم . قال الراوي : ونسيت الثالثة . رواه البخاري ومسلم .
وسَبَق أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة رضي الله عنها وهو في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أَكْتُب كِتَابًا ، فإني أخاف أن يَتَمَنّى مُتَمَنّ ويقول قائل : أنا أَوْلَى . ويَأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر . رواه مسلم .
فهذا مما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَقَولَه ويَكْتُبه .

وعُمر رضي الله عنه كان ينهى عن رفع الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مسجده في حياته وبعد موته .
روى البخاري من طريق السائب بن يزيد قال : كنت قائما في المسجد فَحَصَبَنِي رَجل ، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما . قال : من أنتما ؟ أو من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف . قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ! ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأنكر عمر رضي الله عنه رَفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، وأنكر رفع الصوت في مسجده صلى الله عليه وسلم بعد مماته .
وهذا الرافضي يعتبر ذلك مَنْقَصة في حق عُمر !

قال الرافضي :
السؤال الخامس عشر :
إذا كان الشيعة هم من خذل الحسين وقتله كما يجعجع بعض الجهلة ؟ فلماذا لم ينصره السنة ؟
وفي أي موقف كانوا يومها ؟
في أي معسكر ؟
هل كانوا جانيا فخذلوه أم كانوا فيمعسكر يزيد ؟
أم لم يكونوا موجودين أصلا ؟
أم كانوا في رحلة في جزر المالديف..؟

الـردّ :
لن أرد عليك بحقائق التاريخ الساطعة الناصعة ، وإنما سوف أرد عليك في جواب هذا السؤال بما أثبته أئمة الشيعة الرافضة مِن أن الذين زَعَمُوا مَحبة الحسين هم مَن خَذَله !

وقال الإمام الحسين رضي الله عنه في دعائه على شِيعته :
اللهم إن مَتّعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قِددا ، ولا تُرْض الولاة عنهم أبدا ، فإنـهم دعونا لينصرونا ثم عَدَوا علينا فَقَتلونا . (الإرشاد للمُفيد 241).
ودعا عليهم مرة أخرى ، فقال :
لكنكم استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدّبا ، وتـهافتم كتهافت الفراش ، ثم نقضتموها سفها ، وبُعْدًا وسُحْقا لطواغيت هذه الأمة وبَقية الأحزاب ونَبَذة الكتاب ، ثم انتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا ، ألا لعنة الله على الظالمين . (الاحتجاج للطبرسي 2/24) .
وقال السيد محسن الأمين :
بَايَع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا ، غَدروا به وخَرَجُوا عليه ، وبيعته في أعناقهم ، وقتلوه. (أعيان الشيعة/القسم الأول 34) .

وقال الإمام زين العابدين لأهل الكوفة :
هل تعلمون أنكم كَتبتم إلى أَبِي وخَدعتموه ، وأعطيتموه مِن أنفسكم العهد والميثاق ثم قَاتلتموه وخذلتموه ؟ بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول لكم : قاتَلتم عِترتي وانتهكتم حرمتي ، فلستم مِن أمتي . (الاحتجاج 2/32).
وقال أيضا :
إن هؤلاء يبكون علينا ، فَمن قَتَلَنا غيرهم ؟! (الاحتجاج 2/29).

وقالت فاطمة الصغرى في خطبة لها في أهل الكوفة :
يا أهل الكوفة ، يا أهل الغَدْر والْمَكْر والخيلاء ، إنا أهل البيت ابتلانا الله بكم ، وابتلاكم بِنا فجعل بلاءنا حسنا . فَكفرتمونا وكذّبتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نـهبا . كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تَقْطُر مِن دمائنا أهل البيت . تَـبًّا لكم ! فانتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حلّ بكم ... ألا لعنة الله على الظالمين . تَـبًّا لكم يا أهل الكوفة ، كم قرأت لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم ، ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب وجدي ، وبنيه وعترته الطيبين .
فَرَدّ علينا أحد أهل الكوفة [ ممن يدّعون محبة آل البيت ] فقال :
نحن قتلنا علياً وبني علي *** بسيوف هندية ورماحِ
وسبينا نساءهم سبي ترك *** ونطحناهمُ فأيُّ نطاحِ (الاحتجاج 2/28) .

وقالت زينب بنت أمير المؤمنين لأهل الكوفة :
أما بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر والخذل . إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، هل فيكم إلاّ الصَّلَف والعجب والشنف والكذب ؟ أتبكون أخي ؟ أجل والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلاً فقد ابتليتم بِعارِها . وأنى ترخصون قتل سَليل خاتم النبوة . (الاحتجاج 2/29-30).

هذا ما أثبتته مصادر الرافضة قبل غيرهم !

وقد علِم الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه بأن الذين يدّعون محبة الحسين إنما هم كَذّبَـة .
فقد قال لأخيه الحسين رضي الله عنه :
يا أخي إن أبَانَا رحمه الله تعالى لَمّا قُبِض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورَجَا أن يكون صاحبه ، فَصَرَفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حَضَرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فَصُرِفت عنه إلى عُمر ، فلمّا احْتُضِر عُمر جعلها شورى بَيْن سِتة هو أحدهم ، فلم يَشُكّ أنها لا تَعْدُوه فَصُرِفت عنه إلى عثمان ، فلما هَلك عثمان بُويِع ثم نُوزِع حتى جَرّد السيف وطَلبها ، فَما صَفَـا لَه شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يَجْمَع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفّك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك .

وأما أهل السنة فما أخرجوه مِن داره ولا وَعدوه بالنُّصرة ، ولا زعموا أن الكوفة بل العراق كلها تحت أمْره ..
ما كان أهل السنة أهل ثَورة وفِتنة !
وإنما كان ذلك في أهل الرفض ، فهم الذين يَزعمون أنهم أهل ثورة !
ويَنسبُون ذلك إلى بعض الصحابة ، كعمّار بن ياسر والحسين بن علي رضي الله عنهم .

فهل عَلِمْتَ الآن مَن قَتَل الحسين ؟ ومن الذي أخرجه ثم خذَله ؟
شهِد بهذه الحقيقة علماء الرافضة قبل غيرهم .

قال الرافضي :
السؤال السادس عشر:
إذا كان لا وجود لأي خلاف بين علي والخلفاء الثلاثة ممن سبقه ، فلماذا لم يحمل علي سيفه على عاتقه ويشارك في المعارك التي خاضها هؤلاء الخلفاء ضد الكفار خصوصا وأن الجهاد واجب عيني يومها في كثير من المعارك ... بينمانجده حينما استلم الخلافة وهو في سن متأخرة حمل سيفه على عاتقه في حربه في صفينوالجمل ؟

الـردّ :
ها أنت تُسيء إلى أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه المرّة تِلو الأخرى !
هل كان عليّ جبانا بحيث يَقْبَع في بيته ، ولا يُشارك في الجهاد ؟ ولا يأخذ بِحقّه المغصوب - بزعمكم - ؟
أحد أمرين :
إما أنه يَرى بيعة أبي بكر - وهذا ما تقدّم تقريره بقوله وفِعله - وإقراره أحكام أبي بكر .
وإما أنه لا يَراها . فلماذا انزوى وسَكَت - كما تدّعون - ؟!
إما أن يكون شُجاعا يقوم على رؤوس الناس ويُحرّضهم على أخذ حقّه
وإما أن يَنْزَوي ويكون جبانا .
فأيهما تختار ؟ طالما أنك تدّعي وُجود خلاف !
أما مَن أخذ بالقول الصحيح وهو أن عليّ بن أبي طالب كان يرى صحّة البيعة لأبي بكر ، فإنه لا يَلزمه شيء من ذلك !

نعم .. كان هناك خلاف يسير في أول الأمر ثم بايَع عليّ أبا بكر وانتهى الخلاف .
روى البخاري ومسلم عن عائشة حديثا طويلاً - وفيه - :
وكان لعلي من الناس وجْـه حياة فاطمة ، فلما تُوفِّيَت استنكر عليٌّ وُجُوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومُبَايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ... فدخل عليهم أبو بكر فتشهد عليٌّ فقال : إنا قد عَرَفْنا فَضْلك ، وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنا نَرى لِقَرَابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نَصِيبا ، حتى فَاضَت عينا أبي بكر ، فلما تَكَلّم أبو بكر قال : والذي نفسي بِيده لَقَرَابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ أن أصِل مِن قرابتي ، وأما الذي شَجَرَ بيني وبينكم مِن هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمْرًا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلاّ صنعته . فقال عليٌّ لأبي بكر : موعدك العشيّة للبيعة ، فلما صلى أبو بكر الظهر رَقي على المنبر فَتَشَهّد وذَكَر شأن عليّ وتَخَلّفه عن البيعة وعُذْره بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر وتشهد عليٌّ فَعَظّم حق أبي بكر وحَدّث أنه لم يَحْمِله على الذي صنع نفاسَة على أبي بكر ولا إنكارًا للذي فَضّله الله به ، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نَصيبا فاستبدّ علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فَسُرّ بذلك المسلمون ، وقالوا : أَصَبْتَ . وكان المسلمون إلى عليّ قريبا حين راجع الأمر المعروف .
فهذا عليّ رضي الله عنه قد شَهِد بِفضل أبي بكر وبإمامته ، بل وبَايعه بعد أشهر .
فهل يبقى بعد ذلك مَجَالاً لقائل أن يقول : إن عليا كان يرى أن أبا بكر غصبه حقّه ؟!
فلو كان كذلك لَمَا بايَعه ، ولَمَا اعترف بِفضله .

وأمّا أنه لم يَحمِل سيفه فقد كان الخلفاء يستشيرونه ، ويَعرفون له فَضْله ، ولهذا كان يبقى في المدينة .
وهذا ثابت في كُتب السنة والشيعة ( الرافضة ) .
فإن مما يُروى في كُتب الرافضة قول عُمر : أعوذ بالله مِن مُعْضِلة ولا أبو حَسن لها .
وهو مُثبت في كُتب أهل السنة .
قال ابن كثير : وكان عمر يقول : أعوذ بالله مِن مُعْضِلة ولا أبو حَسَن لها .
وذَكَر ابن حزم الظاهري أن هذا القول جاء عن معاوية رضي الله عنه .
وكذلك ذَكَره ابن الأثير في النهاية .

وكان عُمر رضي الله عنه يستشير عليّ بن أبي طالب وعمّه العباس .
قال ابن كثير في ذِكر نهاوند :
فصعد عُمر المنبر حتى اجتمع الناس فقال : إن هذا يوما له ما بَعده من الأيام ، ألاَ وإني قد هممت بأمر فاسمعوا وأجيبوا وأوجِزوا ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب رِيحكم . إني قد رأيت أن أسير بمن قبلي حتى أنزل مَنْزِلا وسَطا بين هذين الْمِصْرَين فأسْتَنْفِر الناس ، ثم أكون لهم ردءا حتى يفتح الله عليهم ، فقام عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف في رجال من أهل الرأي ، فَتَكَلّم كل منهم بانفراده فأحْسَن وأجاد ، واتفق رأيهم على أن لا يَسير مِن المدينة ولكن يبعث البعوث ويحضرهم برأيه ودعائه ، وكان مِن كلام عليّ رضي الله عنه أن قال : يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر لم يكن نَصْره ولا خُذلانه بِكثرة ولا قِلة ، هو دِينه الذي أظهر ، وجُنده الذي أعزّه ، وأمدّه بالملائكة حتى بَلَغ ما بَلغ ، فنحن على موعود مِن الله ، والله مُنْجِز وعْدَه ، وناصِر جنده ، ومكانَك منهم يا أمير المؤمنين مكان النظام مِن الْخَرز يَجْمَعه ويُمْسِكه ، فإذا انْحِلّ تفرّق ما فيه وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا ، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثير عزيز بالإسلام ، فأقِم مكانك واكتب إلى أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم فليذهب منهم الثلثان ويُقيم الثلث ، واكتب إلى أهل البصرة يُمِدّونهم أيضا . وكان عثمان قد أشار في كلامه أن يُمدّهم في جيوش مِن أهل اليمن والشام ، ووافق عُمر على الذهاب إلى ما بين البصرة والكوفة فَرَدّ عليّ على عثمان في موافقته على الذهاب إلى ما بين البصرة والكوفة ، كما تقدم ، وَرَدّ رأي عثمان فيم أشارّ بِهِ من استمداد أهل الشام خوفا على بلادهم إذا قلّ جيوشها مِن الروم ، ومِن أهل اليمن خوفا على بلادهم مِن الحبشة ، فأعجب عُمَر قول عليّ وسُـرّ به ، وكان عمر إذا استشار أحدا لا يُبْرِم أمْرًا حتى يُشَاوِر العباس . اهـ .

واستشار عُمر رضي الله عنه عليًّا رضي الله عنه في فتح بيت المقدس ، وفي فتح المدائن .
وكان عمر رضي الله عنه يستخلفه على المدينة إذا خَرج عُمر رضي الله عنه لِحجّ أو عمرة أو فتوحات .
وكانت علاقة عليّ رضي الله عنه بِعُمر علاقة الأخ بأخِيه .
أخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي السفر قال : رُئي على عليّ بُرْد كان يُكْثر لُبسه . قال فقيل له : إنك لتكثر لُبس هذا البرد . فقال : إنه كسانيه خليلي وصَفِيّي وصَديقي وخَاصّي عُمر . إن عُمر ناصَح الله فَنَصَحَه الله ، ثم بكى .
وأقطَع عمر علًّيا يَنبع .
وروى جعفر بن محمد ( الصادق ) عن أبيه أن عُمر جَعَل للحسين مثل عطاء عليّ ، خمسة آلاف

وهذا يدلّ أيضا على شرعية خلافة عمر رضي الله عنه ، وإقرار عليّ بذلك ، بل وإقرار أولاده مِن بعده .
فإن عُمر رضي الله عنه أعطى للحسين بن عليّ ابنةَ يزدجرد ، وهي مِن سَبي الفُرس ، فولدتْ له زين العابدين ، ومن هذا النسل تتابع الأئمة الذين اتّخذهم الرافضة أئمة مِن الأئمة الاثنا عشر .
فعِماد دين الرافضة قائم على هِبة وأُعْطِية أعطاها عُمر رضي الله عنه للحُسين بن علي رضي الله عنهما .

كما أن عليًّا رضي الله عنه كان يحضر مجلس الخلافة في زمن عثمان رضي الله عنه ، وكان عثمان يستشيره .
ولم يقتصر الحضور على عليّ رضي الله عنه بل إن الحسن كان يحضر مجلس عثمان رضي الله عنه

روى الإمام مسلم في صحيحه من طريق حُضَين بن المنذر أبو ساسان قال : شهدت عثمان بن عفان وأُتِيَ بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ، ثم قال : أزيدكم فشهد عليه رجلان - أحدهما حمران - أنه شرب الخمر ، وشَهِد آخر أنه رآه يتقيأ ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : يا علي قُم فاجلده ، فقال عليّ : قُم يا حَسَن فاجلده ، فقال الحسن : وَلِّ حارها من تولى قارّها ، فكأنه وَجَدَ عليه ، فقال عليّ : يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده ، فجلده وعليّ يَعُدّ حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسِك ، ثم قال : جَلَدَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ، وَجَلَدَ أبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكلّ سُـنَّـة ، وهذا أحب إليّ .

فهذا الحديث فيه ردود وليس ردًّا على الرافضة !
ففيه أن عليّا رضي الله عنه كان يحضر مجلس عثمان
وأنه كان يُقرّ عثمان على إقامة الحدود ، ولو كانت ولاية عثمان غير شرعية ، فهل كان يُقرّ أو يأمُر مَن يُقيم الْحَدّ ، والآمِر به عثمان رضي الله عنه ؟
وفيه إقرار عليّ عُمرَ على فعله في تحديد الجلد بـ 80 ، وقد تقدّم هذا في أول الإجابات .
إلى غير ذلك مما يجهله الرافضة ! أو تتجاهله !!

وكان في زمان الخلفاء من يُقاتِل ويَقود الجيوش ، أما في زمان عليّ رضي الله عنه فقد هَلَك كثير من القادة .
فسيف الله خالد بن الوليد مات قبل خلافة عليّ ، والنعمان بن مُقرّن استُشهد في نهاوند في خلافة عمر ، وغيرهم كثير ، مما جَعَل علي بن أبي طالب يحمل سيفه ويقود الجيوش بنفسه .
مع ما ناء به من أعباء الخلافة ، حيث كان يرى أن المسؤولية أُلقيَت على عاتقه .

فهذه من أسباب عدم كثرة خروجه للقتال في زمن الخلفاء الثلاثة قبله ، وخروجه للقتال في زمنه


رد مع اقتباس