عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : طالبة علم المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-06-2016 الساعة : 04:52 AM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

يَفعل الإنسان ما هو أنفع لِقلبِه ، ولا يَهُذّ القرآن بحيث لا ينتفع به .
قال أبو جَمرة : قلت لابن عباس : إني سريع القراءة ، إني أهُذّ القرآن ، فقال ابن عباس : لأن اقرأ سورة البقرة فأرَتّلها أحَبّ إلي من أن اقرأ القرآن كله هَذرَمة . رواه البيهقي .
وقال عبد الله بن مسعود : لا تَهُذّوا القرآن كَهَذِّ الشِّعْر ، ولا تنثروه نَثْر الدَّقْل ، وقِفُوا عند عجائبه ، وحَرِّكُوا به القلوب . رواه ابن أبي شيبة .
ولَمّا قال له رجل : إني لأقرأ المفصَّل في ركعة ، قال له عبد الله : هَذًّا كَهَذّ الشِّعر ؟ إن مِن أحسَن الصلاة الركوع والسجود ، ولَيَقْرَأن القرآن أقوام لا يُجاوز تَرَاقيهم ، ولكنه إذا قرأه فَرَسَخ في القلب نفع . رواه الإمام أحمد .

قال ابن القيم : قراءة آية بِتفكّر وتفَهّم خير مِن قراءة ختمة بِغير تدبّر وتفهّم ، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن ، وهذه كانت عادة السلف يُردد أحدهم الآية إلى الصباح ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قام بآية يُردِّدها حتى الصباح .

وقال ابن القيم في تفضيل كثرة القراءة وقِلّتها مع التدبّر :
وقد اختَلف الناس في الأفضل مِن الترتيل وقِلّة القراءة ، أو السرعة مع كثرة القراءة ، أيهما أفضل ؟ على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبّر مع قِلّة القراءة أفضل مِن سرعة القراءة مع كَثرتها . واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود مِن القراءة فَهمه وتَدبّره والفقه فيه والعمل به وتلاوته ، وحفظه وسيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نَزَل القرآن ليُعمل به فاتّخذُوا تلاوته عملا . ولهذا كان أهل القرآن هُم العالِمُون به والعامِلون بما فيه ، وإن لم يَحفظوه عن ظهر قلب . وأما مَن حَفظه ولم يَفهمه ولم يَعمل بما فيه ، فليس من أهله ، وإن أقام حروفه إقامة السَّهم ...
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ، واحتجوا بِحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قرأ حَرفا مِن كِتاب الله ، فَلَه به حَسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الَم حَرف ، ولكن ألِفٌ حَرف ، ولامٌ حرف ، ومِيم حَرف . رواه الترمذي وصححه . قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير مِن السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال : إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجلّ وأرفع قَدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا ؛ فالأول : كَمَن تَصدّق بِجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا . والثاني : كَمَن تصدّق بِعدد كثير مِن الدراهم أو أعتق عددا مِن العبيد قيمتهم رخيصة . اهـ .

ورجّح ابن رجب القول الثاني ، فإنه قال : وكان السلف يَتلُون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ؛ كان الأسود يقرأ في كل ليلتين في رمضان ، وكان النخعي يَفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة ، وفي بقية الشهر في ثلاث ، وكان قتادة يختم في كل سبع دائما ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة و عن أبي حنيفة نحوه وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان ...
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال : فإنما هو تلاوة القرآن ، وإطعام الطعام .
قال ابن عبد الحكم : كان مالك إذا دخل رمضان يَفرّ مِن قراءة الحديث ومُجالسة أهل العلم ، وأقبل على تلاوة القرآن مِن المصحف .
قال عبد الرزاق : كان سفيان الثوري : إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن . وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان ، فإذا طلعت الشمس نامت . وقال سفيان : كان زُبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضَر المصاحف وجَمَع إليه أصحابه .
و إنما وَرَد النهي عن قراءة القرآن في أقلّ مِن ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة ، كَشَهر رمضان - خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كَمَكّة لِمَن دخلها مِن غير أهلها - فيُستحَبّ الإكثار فيها مِن تلاوة القرآن اغتناما للزمان و المكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما مِن الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم ، كما سَبق ذِكْره . اهـ .

وقال شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله : عامَّةُ أهل العلم ؛ بل جُمهُورهم على أنَّ القراءة على الوجه المأمُور بها أفضل وإنْ قَلَّت ، والشَّافعي رحمه الله وبعض العُلماء يَرَوْن أنَّ استغلال مثل هذا الوقت بالقراءة السّرَيعة مع تكثير الْحُرُوف أفضل ؛ لأنَّ لهُ بِكلّ حرف عَشر حسنات . اهـ .

وسبق الجواب عن :
حكم البدء بختمتين في وقت واحد : ختمة للتلاوة وختمة للتدبر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17308

هل يجب تدبر الآيات التي تُقرأ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5776

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس