عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
افتراضي هل مِن الغيبة أن أقول عن أخي أنه يجب أن يحفظ ماله ولا ينفقه بإسراف ؟
قديم بتاريخ : 10-10-2016 الساعة : 09:10 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله عنا خير الجزاء وأرضاك في الدنيا والآخرة يا شيخنا الكريم
هل إذا قلت لأمي إن على أخي أن يدخر بعض نقوده وأنني لم أحب شراءه لساعة يد غالية الثمن وأنه ليس عليه أن يشتري لابنته ملابس جديدة كل مرة وأنه يريد شراء حذاء غالي الثمن هل يعد هذا الكلام من الغيبة ؟؟
علما أن أخي متزوج ولا يسكن معنا ولكني صراحة لا أحب قيامه بصرف نقوده على هذه الشاكلة وأحب أن يقوم بالادخار ولقد قمت بنصحه بذلك مرارا
بارك الله فيك وفي علمك شيخنا



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بِمثل ما دعوت .

بِحسب الدافع إلى ذلك ؛ فإن كان الدافع إلى ذلك النصح والحرص عليه ، فلا يُعتبر من الغيبة ؛ لأن القصد هو الإصلاح ، وتَنْبِيه مَن يستطيع أن يُكلّمه ويُناصِحه .
قال الإمام البخاري : باب من شكا إمامه إذا طول .
قال ابن أبي شريف :
القَدْح ليس بِغِيبةٍ في سِتةٍ *** مُتظلم ومعرّف ومحذّر
ولمظهر فِسْقاً ومُستفتٍ *** ومن طلب الإعانة في إزالة منكر

وأما إذا كان القصد غير ذلك ؛ كأن يكون القصد التشفّي أو الاستعلاء ونحو ذلك ، فهذا مِن الغيبة .

وعلى الإنسان أن يكون على حذر مِن أن يَصوغ الغيبة بقوالب شتّى بِحجّة النصح والإصلاح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أقسام الناس أمام الغِيبة :
مِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ شَتَّى . تَارَةً فِي قَالِبِ دِيَانَةٍ وَصَلاحٍ فَيَقُولُ : لَيْسَ لِي عَادَةً أَنْ أَذْكُرَ أَحَدًا إلاَّ بِخَيْرِ وَلا أُحِبُّ الْغِيبَةَ وَلا الْكَذِبَ ؛ وَإِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحْوَالِهِ .
وَيَقُولُ : وَاَللَّهِ إنَّهُ مِسْكِينٌ أَوْ رَجُلٌ جَيِّدٌ ؛ وَلَكِنْ فِيهِ كَيْت وَكَيْت . وَرُبَّمَا يَقُولُ : دَعُونَا مِنْهُ اللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ اسْتِنْقَاصُهُ وَهَضْمٌ لِجَانِبِهِ .
وَيُخْرِجُونَ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ صَلاحٍ وَدِيَانَةٍ يُخَادِعُونَ اللَّهَ بِذَلِكَ كَمَا يُخَادِعُونَ مَخْلُوقًا ؛ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمْ أَلْوَانًا كَثِيرَةً مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ غَيْرَهُ رِيَاءً فَيَرْفَعُ نَفْسَهُ فَيَقُولُ : لَوْ دَعَوْت الْبَارِحَةَ فِي صَلاتِي لِفُلانِ ؛ لَمَا بَلَغَنِي عَنْهُ كَيْت وَكَيْت لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ .
أَوْ يَقُولُ : فُلانٌ بَلِيدُ الذِّهْنِ قَلِيلُ الْفَهْمِ ؛ وَقَصْدُهُ مَدْحُ نَفْسِهِ وَإِثْبَاتُ مَعْرِفَتِهِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُ الْحَسَدُ عَلَى الْغِيبَةِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَبِيحَيْنِ : الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ . وَإِذَا أَثْنَى عَلَى شَخْصٍ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ تَنَقُّصِهِ فِي قَالِبِ دِينٍ وَصَلاحٍ أَوْ فِي قَالِبِ حَسَدٍ وَفُجُورٍ وَقَدْحٍ لِيُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ تمسخر وَلَعِبٍ ، لَيُضْحِكَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْزَائِهِ وَمُحَاكَاتِهِ وَاسْتِصْغَارِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ التَّعَجُّبِ ، فَيَقُولُ : تَعَجَّبْت مِنْ فُلانٍ كَيْفَ لا يَفْعَلُ كَيْت وَكَيْت ، وَمِنْ فُلانٍ كَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ كَيْت وَكَيْت ؟ وَكَيْفَ فَعَلَ كَيْت وَكَيْت ؟ فَيُخْرِجُ اسْمَهُ فِي مَعْرِضِ تَعَجُّبِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الاغْتِمَامَ فَيَقُولُ : مِسْكِينٌ فُلانٌ غَمَّنِي مَا جَرَى لَهُ وَمَا تَمَّ لَهُ فَيَظُنُّ مَنْ يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يَغْتَمُّ لَهُ وَيَتَأَسَّفُ ، وَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى التَّشَفِّي بِهِ ، وَلَوْ قَدَرَ لَزَادَ عَلَى مَا بِهِ ! وَرُبَّمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لِيَشْتَفُوا بِهِ .
وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِنْ أَعْظَمِ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْمُخَادَعَاتِ لِلَّهِ وَلِخَلْقِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ غَضَبٍ وَإِنْكَارِ مُنْكَرٍ ! فَيُظْهِرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْيَاءَ مِنْ زَخَارِفِ الْقَوْلِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ مَا أَظْهَرَ . وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . اهـ .

قال شعبة : الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " ثم قال :
وهذا صحيح ، فقد يُصيبه مِن جِهة غيره أذى فيشكوه ، ويَحكي ما جَرى عليه مِن الأذى فلا يكون ذلك حراما ، ولو صَبر عليه لكان أفضل ، وقد يكون مُزَكِّيا في رواة الأخبار والشهادات ، فيخبر بما يعلمه من الراوي أو الشاهد ليُتَّقَى خبره ، وشهادته فيكون ذلك مباحا . اهـ .


والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


رد مع اقتباس