عرض مشاركة واحدة

محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي رحمك الله .. وَعظت حيا وميتا
قديم بتاريخ : 23-03-2010 الساعة : 07:34 PM

رحمك الله .. وَعظت حيا وميتا

كنت كتبت مقالا بعنوان :
واعـظ على فـراش المـوت
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6074

واليوم سمعت آيات طالما سمعتها ، وكان الحديث فيها عن واعظ آخر
استوقفتني الآيات وما تحمله من نبأ عظيم
هزّتني وكأنني أسمعها لأول مرة
وما ذلك بمستغرب على كتاب لا كالكتب
( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد ) وهو كتاب لا تنقضي عجائبه ، ولا يَخلَق على كثرة الترداد .


ذلكم الواعظ هو مؤمن آل يا سين
الذي وعظ قومه حيا وميتا
أما حال حياته فقد جاء ساعياً مُسرعاً ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )
وأما بعد مماته فإنه لما قيل له : ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما أفضى إلى الجنة ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) تمنى أن يعلم قومه أن الله غفر له وأكرمه ليرغبوا في دين الرسل .


قال ابن الجوزي رحمه الله في قوله تعالى (بِمَا غَفَرَ لِي ) :
وفي " ما " قولان :
أحدهما : أنها مع غفر في موضع مصدر ، والمعنى : بغفران الله لي .
والثاني : أنها بمعنى الذي ، فالمعنى ليتهم يعلمون بالذي غفر لي به ربي فيؤمنون ، فنصحهم حيا وميتا . اهـ .


حَـمَلَ هـمّ الدعـوة حيّـاً وميّـتـاً
وأراد لقومه الهداية مع ما كادوه به حتى قتلوه


قال الزمخشري :
وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ ، والحلم عن أهل الجهل ، والترؤّف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ، والتشمر في تخليصه ، والتلطف في افتدائه ، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه ، ألا ترى كيف تمنى الخير لِقَتَلَتِه والباغين له الغوائل ؟ وهم كفرة عبدة أصنام ! ويجوز أن يتمنى ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره ، وأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة ، وأن عداوتهم لم تُكسِبه إلا فوزا ، ولم تُعقبه إلا سعادة ؛ لأن في ذلك زيادة غبطة له ، وتضاعف لذة وسرور ، والأول أوجه . اهـ .

وقال القرطبي رحمه الله :
وفي معنى تمنيه قولان :
أحدهما : أنه تمنى أن يعلموا بحاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته .
الثاني : تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله . قال ابن عباس : نصح قومه حيا وميتا . اهـ .


هذا واعظ وعَظَ قومه حيا وميتا

وآخر وَعَظ أمّـه حياً وميتا
وعزّاها في مصابها بعد موتها
ذلكم هو : ذو القرنين
فإنه كتب إلى أمه كتاباً قبل موته ، وكان في كتابه إليها :
يا أماه ! اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عليه من نساء أهل المملكة ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة ، فصنعت طعاما وجمعت الناس ، وقالت : لا يأكل من أصيب بمصيبة قط ، فلم يأكل أحد ، فعلمت ما أراد .
فلما حُمِل تابوته إليها تلقته بعظماء أهل المملكة ، فلما رأته قالت : يا ذا الذي بلغ السماء حلمه ، وجاز أقطار الأرض ملكه ، ودانت الملوك عنوة له . مَالَكَ اليوم نائما لا تستيقظ ؟ وساكتا لا تتكلم ؟
من بلّغك عَنِّي بأنك وعظتني فاتعظت ، وعزيتني فتعزيت ، فعليك السلام حيا وميتا ، ثم أمرت بدفنه .
وفي رواية لهذه القصة أنها قالت : فنِعْم الحيّ كنت ، ونِعْم الهالك أنت .


وعظوا أحياء وأمواتا
وعظوا وهم على فُرش الموت
ووعظوا وهم جثث هامدة
ووعظوا وهم تحت أطباق الثرى


فـ لله درّهـم !
لقد خُـلِّد ذِكرهم
وسُـطِّر خـبرهم


كتبه الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله

رد مع اقتباس