[محب السلف]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي بارك الله فيكم هو :..

هل ما يكتبه الشعراء من مبالغات في المديح كالتغني بالشجاعة والكرم وحسن الاخلاق وطيب المعشر وغيرها من صفات الإطراء والمديح يعتبر كذبا وخاصة ان كان المديح لا يطابق الواقع مئة في المئة .. بل يحتوي كثيرا من المبالغة التي يتطلبها الشعر

أفتنا يا شيخ بارك الله فيك وجزاك عنا وعن المسلمين خير الجزاء .. وبارك في علمك ووقتك وجهدك ورزقك وجميع القائمين على هذا الصرح الفردوس الأعلى ..اللهم آمين ..



الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

قال الله عزَّ وَجَلّ : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَاد يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) .

قال ابن قدامة في " المغني " : أَمَّا الآيَةُ ، فَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَبَ ؛ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَاد يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) ، ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : (إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) ؛ وَلأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الشُّعَرَاءِ قِلَّةُ الدِّينِ ، وَالْكَذِبُ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ ، وَهِجَاءُ الأَبْرِيَاءِ . اهـ .

والشعراء الذين على تلك الصِّفَة شبَّههم النبي صلى الله عليه وسلم بالشيطان !

ففي صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال : بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا الشَّيْطَانَ - أَوْ : أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ - لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُل قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا .

قال الإمام القرطبي : قال علماؤنا : وإنما فَعَل النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع هذا الشاعر لَمَّا عَلِم مِن حَاله ، فَلعل هذا الشاعر كان ممن قد عُرِف مِن حَاله أنه قد اتَّخَذ الشِّعْر طَريقًا للتَّكَسُّب ، فَيُفْرط في المدح إذا أُعْطِي ، وفي الهجو والذَّمّ إذا مُنِع ، فيؤذي الناس في أموالهم وأعراضهم .

ولا خلاف في أنّ مَن كان على مثل هذه الحالة فكل ما يَكتسبه بالشعر حرام ، وكل ما يقوله من ذلك حَرام عليه ، ولا يَحِلّ الإصغاء إليه ، بل يجب الإنكار عليه ... ولا يَحِلّ له أن يُعْطَى شيئا ابتداء ؛ لأن ذلك عَون على المعصية . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد