عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي ما صحة حديث الرويبضة ، وما معناه ، ومتى زمان ظهوره ؟
قديم بتاريخ : 24-10-2016 الساعة : 10:23 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق ، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة . قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة .
ما صحة هذا الحديث ، وما تفسيره ، ومتى زمانهم ؟
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .

الحديث رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخَرِّجاه ، وقال ابن حجر : إسناده جيّد ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .

ومعناه : أن يتصدَّر للكلام في الشأن العام : الإنسان الذي لا قيمة له ! وأن تَنْقَلِب الموازين ، وتَنْتَكِس الفِطَر !

وهذا الحديث في معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : إذا أُسْنِد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . رواه البخاري .

وفي معناه : حديث حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ينام الرَّجل النّومة فتُقبض الأمانة مِن قَلبه ، فيظل أثرها مثل أثَر الوَكْت ، ثم ينام النومة فتُقْبَض فيبقى أثرها مثل الْمَجْل كَجَمْر دَحْرَجته على رِجْلك فنَفِط ، فتَرَاه مُنْتَبِرًا وليس فيه شيء ، فيصبح الناس يتبايَعون فلا يَكاد أحد يؤدي الأمانة ، فيُقال : إن في بني فلان رجلا أمينا ، ويُقال للرَّجل : ما أعقله ، وما أظرفه ، وما أجلده ، وما في قلبه مثقال حَبَّة خَرْدل مِن إيمان . رواه البخاري ومسلم .

قال ابن بطّال : حديث أبى هريرة وحذيفة مِن أعلام النبوة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ذَكَر فيها فساد أديان الناس وتغيّر أماناتهم ، وقد ظهر كثير مِن ذلك .
وقوله : " إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة " هو كلام مُجْمَل أحبّ الأعرابي السائل النبي صلى الله عليه وسلم شَرَحَه له ، فقال له : " كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : إذا أُسْنِد الأمر إلى غير أهله " ، فأجابه صلى الله عليه وسلم بِجَواب عام دَخَل فيه تضييع الأمانة ، وما كان في معناها مما لا يَجرى على طريق الحقّ ، كاتِّخاذ العلماء الجهّال عند موت أهل العِلم ، واتخاذ وُلاة الْجَور وحُكام الْجَور عند غَلَبة الباطل وأهله .
وقد ذَكر ابن أبى شيبة من حديث المقبري عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " سيأتي على الناس سَنوات خدّاعات يُصَدَّق فيها الكاذب ، ويُكَذَّب فيها الصادق ، ويُؤتَمن فيها الخائن ، ويُخَوّن فيها الأمين ، ويَنطق الرويبضة . قيل : وما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه في أمر العامة " وقد رأينا أكثر هذه العلامات وما بَقي منها فغير بعيد . اهـ .
وابن بطّال توفّي سنة 449 هـ والله المستعان .

وفي حديث أنس رضي الله عنه : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا . رواه البخاري ومسلم .

قال العيني :
قوله : " أن يُرْفَع العِلم " فيه إسناد مَجازي ، والمراد رَفعه بِمَوت حَمَلته وقَبض العلماء ، وليس المراد مَحْوه مِن صُدور الْحُفَّاظ وقلوب العلماء ، والدليل عليه ما رواه البخاري في باب كيف يُقْبَض العِلم عن عبد الله بن عَمرو قال : سَمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل لا يَقبض العلم انْتِزَاعا يَنْتَزِعه من العباد ، ولكن يَقبض العِلم بِقَبْض العُلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عَالِمًا اتخذ الناس رؤساء جهّالاً فيُسألُوا فأفْتَوا بِغير عِلم فَضَلّوا وأضَلّوا " ، وبَيَّن بهذا الحديث أن المراد بِرَفْع العِلم هنا قَبْض أهله ، وهُم العلماء ، لا مَحْوه مِن الصدور ، لكن بموت أهله ، واتِّخَاذ الناس رُؤساء جُهّالاً ؛ فيَحكُمون في دِين الله تعالى بِرَأيهم ، ويُفْتُون بِجَهْلهم .
قال القاضي عياض : وقد وُجِد ذلك في زماننا كمَا أخبر به عليه الصلاة والسلام .
قال الشيخ قطب الدِّين : قلت : هذا قوله مع تَوفّر العلماء في زمانه ، فكيف بزماننا ؟
قال العبد الضعيف : هذا قَوله مع كثرة الفقهاء والعلماء مِن المذاهب الأربعة والْمُحَدِّثين الكبار في زمانه ، فكيف بزماننا الذي خَلَت البلاد عنهم ، وتَصَدَّرت الجهال بالإفتاء والتعيّن في المجالس ، والتدريس في المدارس ؟ فنسأل السلامة والعافية . اهـ .

هذا والقاضي عياض رحمه الله مُتوفّى سنة 544 هـ
وقُطب الدِّين ، إن كان هو اليونيني ، فهو مُتوفّى سنة 640 هـ
والعيني مُتوفّى سنة 855 هـ

ودلّ هذا الحديث على انقلاب الموازين وانتكاس الفِطَر : فيُصدّق الكاذب ، ويُكذّب الصادق ، ويُؤتَمَن الخائن ، ويُخوّن الأمين ، ويتصدّر الإنسان التافه ليتكلَّم في أمْر المسلمين .
وقد ساهَمَت وسائل الإعلام في عصرنا هذا بِكثير من ذلك ؛ فيُصدّر مَن لا عِلْم له - بل وربما مَن لا عقل له – لِمُجرّد أنه يُحسن الحديث ، ويُجيد التَّفَيْهق ، ولو كان أحْمَقا !
وقد تُظهِر وسائل الإعلام بعض الناس على أنه مُصلِح كبير ، وهو ذو فساد عريض !
ويكون هذا بِحسب العلاقات مَع مُلاّك القنوات ، أو مع مُقدّمي البرامج !

وأذكر أن إحدى القنوات المحافظة أظهرت شخصًا على أنه مُصلح اجتماعي كبير ! وأنا أعرف ذلك الشخص ، وأعرف سِنَّه ومَبْلَغه مِن العِلم !

وربما أظهروا بعض المنشدين وأخذوا رأيهم في الشأن العام ، وربما تَكلَّم بعضهم في العِلْم والفَتوى !
ولا تستغرب أن تَسمَع فتوى مِن راقصة ماجنة !!

والله المستعان .

رد مع اقتباس