عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الأمل بالله المنتدى : قسم الأسرة المسلمة
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2017 الساعة : 11:11 PM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانك الله .

إنما يكون صِدق البِرّ باحتمال خِلاف هوى النفس ، وبِمخالَفة رَغبات النفس في سبيل رضا الوالدين فيما ليس فيه معصية .
وقد بايَع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة في العُسر واليسر ، وفي الْمَنْشَط والْمَكْرَه . يعني : المحبوب والمكروه . كما يقول ابن الأثير .

وليس عليك تعليم والِديك إذا كانا مُتعلّمين ، ويُمكن إيصال المعلومة لهما بطريقة توصل المعلومة مِن غير أن يكون تعليما مُباشِرا .

ولا يجوز الانعزال عن الوالِدين بِحُجّة العصبية ؛ لأن هذا مما يُحبّه الشيطان ويُريده !
وأما العصبية فيُمكن علاجها والتحكّم بها وتهذيب الأخلاق السيئة .

وعلى الإنسان أن يُجاهِد نفسه لِيُغيِّر مِن طِباعِه السيئة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما العِلْم بالتَّعَلُّم ، وإنما الْحِلْم بالتَّحَلّم . مَن يَتَحَرّ الخير يُعْطَه ، ومَن يَتَّقّ الشَّرَّ يُوقَه . رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس : إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ. رواه مسلم .
وعند أبي داود : قال : يا رسول الله ، أنا أتَخَلَّق بهما أم الله جَبَلَنِي عليهما ؟ قال : بل الله جَبَلَك عليهما . قال : الحمد لله الذي جبلني على خُلّتَين يُحِبّهما الله ورسوله .
قال النووي : أما الْحِلْم فهو العَقل ، وأما الأناة فهي التَّثَبُّت وتَرْك العَجَلة . اهـ .

وأن يَحتسب الإنسان الأجر بِالجلوس إلى والِديه ، والتّحدّث معهما ، وإدخال السرور عليهما ، وعدم الانشغال والانعزال عنهما ؛ لِقوله عزَّ وجَلّ : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) .
قال ابن كثير : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) أي : تواضَع لَهُمَا بِفِعلِك . اهـ .
وقال ابن بطّال : أي كُن بِمَنْزِله الذليل المقهور ؛ إكراما لهما . وجَعَل تعالى شُكر الأبَوين بعد شُكْرِه ، فقال : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : لا تَمْشِ أمام أَبِيك ، ولا تَقعد قَبله ، ولا تَدْعُه بِاسْمِه . اهـ .

ويجب الدعاء للوالِدين ؛ لِقوله تبارك وتعالى : (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
قال ابن كثير : لَمَّا نَهَاه عن القول القبيح والفعل القبيح ، أمَرَه بالقَول الحسن والفعل الحسن ، فقال : (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) أي : لَيِّنًا طَيّبا حَسَنا بتأدّب وتوقير وتعظيم . اهـ .

قال ابن عبد البر : أمَر الله عز وجل الأبناء بِبِرِّ الآباء وإكرامهما في حياتهما ، والدعاء لهما بعد وَفاتِهمَا . اهـ .

وكل الخير والتوفيق في بِرّ الوالِدين .
وقد قَرَن الله حقّ الوالِدين بِحقِّه وتوحيده ؛ فقال تبارك وتعالى : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ، وقال عزَّ وجَلّ : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ، وقال سبحانه وتعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) .

ورِضَا الله في رضا الوالِدين .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رِضا الرب في رِضا الوالِد ، وسَخط الرب في سخط الوالِد . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .

وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مِن طُرُق أنه قال : سَمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن أصبح مُرضِيا لوالديه أصبح له بَابَان مفتوحان من الجنة . رواه أبو يعلى ، وِمن طريقه : الحافظ الضياء في " المختارة " ، وقال الحافظ ابن حجر : إسناد أبي يعلى حَسن ، وقد رُوي موقوفا . اهـ .
ورواه قوام السنة في " الترغيب والترهيب " .

والوالدان بابان مِن أبواب الجنة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوالِد أوْسط أبواب الجنة . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .

وكان الصالحون يَبكون لِفَقْد أحَد هَذين البابَيْن !
لَمّا وَلِي إياس بن معاوية القضاء أتاه الحسن ، فبكى إياس ، فقال له الحسن : ما يُبكيك يا أبا واثلة ؟ قال : كان لي بابان مفتوحان مِن الجنة ، فأُغْلِق أحدهما .

وأنت يا أُخيّه في نِعَم حُرِم منها أُناس كثير .
نِعمة وُجود وَالِدَيك بِقُربك ؛ فاحفظي هذه النعمة ، واعرفي قَدْرَها قبل أن تفقدي هذه النعمة ، وحِينها تعرفين قَدْر وُجود والِدَيك .

والفرائض بِخلاف مُراد الأنفس وهواها ، ولو أن كل إنسان ثَقُل عليه فَرْض تَرَكه ؛ لَمَا بِقي له مِن دِينه شيء ؛ لأن الشيطان يُبغّض إليه الطاعات .
ولكن المؤمن يصبر ويُصابِر ، ويُجاهِد نفسه على خِلاف مُرادِها وهَواها .
والصّبر والمصابَرة والتقوى مِن أعظم أسباب الفلاح .
قال الله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

وسبق الجواب عن :
ابتلاني الله بِوالِد لا يحب أهل الاستقامة ، فهل آثم إذا كرهتُه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6840

هل تُقبَل الأعمال الصالحة مِن إنسان بينه وبين أمّه خصومة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8877

لماذاأدخل أصبعه في جحر العقرب ؟!
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6343

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس