عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : همة داعية المنتدى : اكتب سؤالك هنا
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-01-2017 الساعة : 10:50 PM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

ليس هذا مِن سوء الأدب إذا كان المتعلِّم مُتأكِّدًا مِن صِحّة ما يَقوله ، خاصة إذا كان تصحيح الخطأ بأسلوب مُناسب ، ليس فيه سوء أدب .

وسيّد ولد آدم لم يأنَف مِن أن يُذكَّر فيما نَسِيَه .
روى الإمام أحمد وأبو داود عن المسور بن يزيد قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يَقرأه ، فقال له رجل : يا رسول الله تَرَكت آية كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا أذْكَرتَنيها ؟
قال الشيخ الألباني : حسن .

وروى أبو داود عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فَلُبِّس عليه ، فلما انصرف قال لأُبَيّ : أصلّيت معنا ؟ قال : نعم . قال : فما مَنعك ؟ يعني ما مَنعك أن تَفتَح عليّ .
قال الشيخ الألباني : حسن .

وجَرَى على ذلك الصحابة رضي الله عنهم .

حَدَّث عبد الرحمن بن أبْزَى أن رجلا أتى عُمر ، فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء ؟ فقال : لا تُصَلّ . فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين ، إذ أنا وأنت في سَريّة فأجْنَبْنَا فلم نَجد ماء ، فأما أنت فلم تُصَلِّ ، وأما أنا فَتَمَعَكّتُ في التراب وصَلَّيتُ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ، ثم تنفخ ، ثم تمسح بهما وجهك وكَفّيك . فقال عمر : اتق الله يا عمّار . قال : إن شئتَ لم أُحدِّث به . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلِم : فقال عُمر : نُولّيك ما تَوَلَّيت .
وفي رواية أبي داود : فقال عمّار : يا أمير المؤمنين ، إن شئت والله لَم أذْكُره أبدا ، فقال عُمر : كَلاَّ ، لَنُولّيَنّك مِن ذلك ما تَوَلَّيت .

ورَجَع أبو هريرة رضي الله عنه عمّا كان يُحدِّث به عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما .

فقد حَدَّث عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه أبي بكر ، قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يَقصّ ، يقول في قَصصه : مَن أدركه الفجر جُنُبًا فلا يَصُم ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِث ، لأَبِيهِ ، فأنكر ذلك ، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه ، حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما ، فسألهما عبد الرحمن عن ذلك ، قال : فكلتاهما قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصبح جُنُبا مِن غير حُلم ، ثم يَصوم قال : فانطلقنا حتى دخلنا على مروان ، فَذَكر ذلك له عبد الرحمن ، فقال مروان : عَزَمْتُ عليك إلاّ ما ذهبت إلى أبي هريرة ، فَرَدَدت عليه ما يقول : قال : فجئنا أبا هريرة ، وأبو بكر حاضر ذلك كله ، قال : فَذَكر له عبد الرحمن ، فقال أبو هريرة : أهما قالتاه لك ؟ قال : نعم . قال : هُمَا أعلم .
ثم ردّ أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس . فقال أبو هريرة : سَمعتُ ذلك من الفضل ولم أسمعه مِن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال : فرجع أبو هريرة عمّا كان يقول في ذلك . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ له .

ورُدّ على ابن عباس رضي الله عنهما قوله مع جَلالة قَدْره ومكانته .

حَدَّث سليمان بن يسار أن أبا سَلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة ، وهما يَذكُران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بِلَيال ، فقال ابن عباس : عِدّتها آخر الأجلين ، وقال أبو سلمة : قد حَلَّتْ ، فجعلا يتنازعان ذلك ، قال : فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، يعني أبا سَلمة ، فبَعثوا كُرَيبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة يَسألها عن ذلك ، فجاءهم فأخبرهم أن أم سلمة قالت : إن سُبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بِلَيال ، وإنها ذَكَرت ذلك لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمَرَها أن تتزوج . رواه البخاري ومسلم .

ورَجَع عمر بن عبد العزيز رحمه الله عن قَضاء قضى به .

قال الإمام الشافعي : أخبرني مَن لا أتّهم عن ابن أبي ذئب ، قال : أخبرني مَخلَد بن خفاف ، قال : ابتعت غلاما فاستغللته ، ثم ظهرتُ منه على عيب ، فخاصمت فيه إلى عمر بن عبد العزيز ، فقضى لي بِرَدِّه ، وقضى عليَّ بِردّ غَلّته ، فأتيت عروة فأخبرته ، فقال : أرُوح إليه العَشيّة ، فأُخبِره أن عائشة رضي الله عنها أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا : أن الخراج بالضَّمَان ، فعَجَّلتُ إلى عُمر رضي الله عنه ، فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال عُمر : فما أيسر عليَّ مِن قضاء قضيته ، والله يعلم أني لم أُرِد فيه إلاّ الحق ، فبلغني فيه سُنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرُدّ قضاء عُمر وأُنْفِذ سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فراح إليه عروة ، فقضى لي أن آخذ الْخَراج مِن الذي قَضى به عليَّ له . مسند الإمام الشافعي ومِن طريقه : البيهقي في " الكُبرى " .

قال ابن القيم :
قال الشافعي : وأخبرني مَن لا أتَّهم مِن أهل المدينة عن ابن أبي ذئب قال : قضى سعد بن إبراهيم على رجل بِقضيّة بِرأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، فأخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم بِخِلاف ما قضى به ، فقال سعدٌ لِرَبيعة : هذا ابن أبي ذئب وهو عندي ثقة يُخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم بِخلاف ما قَضيتَ به .
فقال له ربيعة : قد اجتهدتَ ومضى حُكمك ، فقال سعد : واعَجَبا ! أُنْفِذ قضاء سعد ابن أم سعد وأردّ قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! بل أردّ قضاء ابن أم سعد وأنفذ قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَدَعا بِكِتاب القضية فَشَقّه ، وقَضى للمَقْضِيّ عليه ...

وقال الشافعي : قال لي قائل : دلّنِي على أن عُمر عَمِل شيئا ثم صار إلى غيره لِخَبر نبوي . قلت له : حدثنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب أن عُمر كان يقول : الدية للعاقِلة ولا تَرث المرأة مِن دِية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَتَب إليه أن يُورِّث امرأة الضبابي مِن ديته ، فَرَجَع إليه عُمر . وأخبرنا ابن عيينة عن عمرو وابن طاوس أن عُمر قال : أُذَكِّر الله امرأ سَمِع من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئا ، فقام حَمَل بن مالك بن النابغة فقال : كنتُ بين جاريتين لي ، فَضَرَبت إحداهما الأخرى بِمِسطَح فألْقَتْ جَنِينا مَيّتا ، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بِغرّة ، فقال عُمر : لو لم نسمع فيه هذا لَقَضينا فيه بِغير هذا ، أو قال : إن كِدْنا لَنَقضي فيه بِرَأينا . فَتَرَك اجتهاده رضي الله عنه للنَّصّ .

وقد تقدم من ذكر رجوع عُمر رضي الله عنه وأبي موسى وابن عباس عن اجتهادهم إلى السُّنة ما فيه كفاية . اهـ .

وكذلك كان سبيل أهل العِلْم ؛ لا يأنَف أحدهم أن يُصحح له الخطأ ، ولا عُدّ هذا مِن سوء الأدب ، ولا مِن التشهير !

قال عبد الرحمن بن مهدي : كُنّا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن العنبري ، وهو يومئذ قاضي البصرة ، وموضعه في قومه ، وقَدْره عند الناس ، فتكلَّم في شيء فأخطأ ، فقلت ، وأنا يومئذ حَدَث : ليس هكذا يا أَبي ، عليك بالأثر ، فتزايد عليَّ الناس ، فقال عبيد الله : دَعُوه ، وكيف هو ؟ فأخبرتُه ، فقال : صَدَقت يا غُلام ، إذًا أرجِع إلى قولك وأنا صاغِر . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .

قال ابن القيم : وذَكَر البيهقي عن علي رضي الله عنه قال : خمس إذا سافَر فيهن رجل إلى اليمن كُنّ فيه عوضا مِن سَفَرِه : لا يَخشى عبدٌ إلاّ ربه ، ولا يخاف إلاّ ذَنْبه ، ولا يستحي مَن لا يَعلم أن يَتعلَّم ، ولا يَستحي مَن يَعلم إذا سُئل عما لا يَعلَم أن يقول : الله أعلم ، والصَّبر من الدِّين بِمَنْزِلة الرأس من الجسد .

ولا يَلزَم الرجوع عن القول إذا كان فيه مجال للاجتهاد ، أو كان مما يسوغ فيه الخلاف .

وسبق الجواب عن :
هل يختلف فقه الأقليات المسلمة عن الفقه الإسلامي العام ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19402

وبالله تعالى التوفيق .

رد مع اقتباس