عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي ما صحة حديث ( فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة ) ؟
قديم بتاريخ : 08-09-2015 الساعة : 05:14 PM


ما صحة حديث : " الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة ، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة " ؟

الجواب :

رواه أبو داود عن محمد بن عيسى حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري ، به ، وقال عقبة : قال عبد الواحد بن زياد في الحديث : " صلاة الرجل في الفلاة تُضاعف على صلاته في الجماعة " ، وساق الحديث .
ورَواه ابن حبان .

والذي يظهر أن هذه الزيادة لا تصحّ ؛ لعدة اعتبارات ، منها :
أولاً : أن في حديث أبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد – في الصحيح – وَرَد ذِكْر فضل الجماعة ، دون ذِكر الصلاة في الفلاة .

ثانيا : أن البخاري رَوى الحديث مِن طريق عبد الواحد قال : حدثنا الأعمش ، قال : سمعت أبا صالح يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلاّ الصلاة لم يخط خطوة إلاّ رُفعت له بها درجة وحُط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه : اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة .
ورواه مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، بِنحوه .

وأبو معاوية هو : محمد بن خازم التميمي السعدي ، أبو معاوية الضرير ، أضبط لِحديث الأعمش مِن حديث غيره .
قال عبد الله بن الإمام أحمد : قال أبي : أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيدا .
وقال ابن حجر عن أبي معاوية الضرير : ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش ، وقد يَهِم في حديث غيره .
فلعل هذه الزيادة وَهم منه .

مع أن مدار إسناد تلك الزيادة على هلال بن ميمون ، وقد قال عنه النسائي : ليس به بأس .
وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، يُكتب حديثه .
وقال ابن حبان : هلال بن ميمون الجهني أبو المغيرة ، رَوى عنه أهل الشام وأهل المدينة والعراق ، مات بالشام ، وكان راويا لعطاء بن يسار يُخالف ويَهِم . اهـ .

وهلال بن ميمون الجهني أبو المغيرة يَروي عن عطاء بن يزيد الليثي .
والذي يَروي عن عطاء بن يسار هو : هلال بن علي وهو هلال بن أبي ميمونة . كما سيأتي في تعقّب الحافظ العراقي للحاكم .

وأما قول الشيخ الألباني : راوي هذا الحديث إنما هو هلال بن ميمونة ، ليس هو هلال بن أبي ميمونة ، وهذا محتج به في " الصحيحين " . اهـ . فغير صحيح .
فإنه - رحمه الله - قال في حديث عند أبي داود : عن مروان بن معاوية : أخبرنا هلال بن ميمون الجهَنِي عن عطاء بن يزيد الليثي ... وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات ، وفي هلال بن ميمون الجهني كلام لا يَضرّ ، وفي " التقريب " : " صدوق " . اهـ .

وهلال بن أَبي ميمونة تابعي ، يَروي عن أنس بن مالك ، وعطاء بن يسار .
ويَروي عنه : فليح بن سليمان ، ومالك بن أنس ، ويحيى بن أبي كثير .

وهلال بن ميمون أبو المغيرة رَوى عنه أبو معاوية ، وروى عن عطاء بن يزيد ، كما تقدَّم .، وهو متأخّر عن هلال بن أَبي ميمونة .

وقد تَعقَّب الحافظُ العراقيُّ الْحَاكِمَ في تصحيحه لهذا الحديث على شرط الشيخين . فقال الحافظُ العراقيُّ : وَقع للحاكم فيه وَهم ، وهو أنه قال بعد ذلك : فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال ، ويُقال : ابن أبي ميمونة ، ويُقال : ابن علي ، ويُقال : ابن أسامة ، كُلّه واحد ، انتهى كلامه . وهو وَهم ، فإن هلال بن ميمون المذكور في سند هذا الحديث ليس هو هلال الذي احتج به الشيخان ، ذاك أقدم مِن هذا ، وهو مدني قرشي عامري مولاهم مِن التابعين ، وراوي هذا الحديث مِن جُهينة ، ويُقال : مِن هُذيل ، فلسطيني رَمْلي مِن أتباع التابعين ، وقد فَرَّق بينهما البخاري في التاريخ ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، وابن حبان في الثقات ، فَذَكَر ذاك في طبقة التابعين ، وهذا في طبقة أتباع التابعين ، وذاك مُتفق على عدالته ، وهذا مُختلف فيه ، تَكَلَّم فيه أبو حاتم ووثَّقه الجمهور . اهـ .

وأحاديث الصحيحين أصحّ وأثبت مِن غيرها ، خاصة مع الاختلاف .

ثالثا : أن رواية ابن ماجه دون هذه الزيادة ، فقد رواه بِلفظ : " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته خمسا وعشرين درجة " ، وهو عنده بِنفس إسناد أبي داود مع اختلاف شيخه .
ورَواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، أخبرنا الليث ، حدثني ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري : أنه سَمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفَذّ بخمس وعشرين درجة " .
وهذا أصحّ وأثبَت إسنادا مِن إسناد أبي داود .

وعادة : الزيادات الْمُخالِفة لِمَا في الصحيحين تكون زيادات ضعيفة ، وما يُعرِض عنه أصحاب الصحيح مِن زيادات إنما هو لِضعفها عندهم .

فعلى هذا تكون هذه الزيادة شاذّة لِمخالفة الثقة مَن هو أوْثق منه ، إذا اعتمدنا التوسّط في حال هلال بن ميمون ، وقُلنا : إنه صدوق .
قال الإمام الشافعي : ليس الشاذ مِن الحديث أن يَروي الثقة ما لا يَرويه غيره ، هذا ليس بِشَاذّ ، إنما الشاذ أن يَروِي الثقة حديثا يُخالِف فيه الناس .

وبناء على هذا : لا يصحّ أن يُقال بِتفضيل صلاة المسافر في فلاة على صلاته في المساجد ؛ لعموم الأحاديث الواردة في تفضيل الجماعة ، وإن كانت الجماعة لا تَجب على المسافر ؛ ولأن الحديث – لو ثَبَت – لم يكن فيه ذكر للصلاة في السَّفَر ؛ فيُحمَل على مَن أقام الصلاة في الفَلاة ، كالذي يَعجب منه رب العزّة سبحانه ، كما في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : يَعجب ربك مِن رَاعي غنم في رأس الشظية للجبل يُؤذن بالصلاة ويُصلي ، فيقول الله : انظروا إلى عبدي يُؤذِّن ويُقيم الصلاة ، يخاف مِنِّي ، قد غفرت لعبدي ، وأدخلته الجنة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

ومِن هنا قال بعض العلماء بأن هذا التضعيف إذا صلاّها جماعة مع عدم وُجوبها عليه .

قال الحافظ العراقي : قوله في حديث أبي سعيد عند أبي داود : " فإذا صلاّها في فلاة " هل المراد منه صلاها في الفلاة في جماعة ، أو منفردا ، أو أعمّ مِن ذلك ؟ حَكَى أبو داود في سننه بعد تخريجه ما يقتضي أن المراد مع الانفراد ، فقال قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث : صلاة الرجل في الفلاة تُضاعف على صلاته في الجماعة " وساق الحديث .
قلت : وليس في الحديث ما يقتضي كونه منفردا ، أو في جماعة ، بل يَحْتَمِل كُلاًّ مِن الأمرين ؛ فإن كان المراد به الجماعة في الفلاة ، فإنما ضُعِّفَت على الجماعة في المسجد ؛ لأن المسافر لا يتأكد في حَقِّه الجماعة ، كما تتأكد على المقيم ، حتى ادّعَى النووي أنه لا يَجري في المسافر الخلاف الذي في كونها فرض كفاية أو فرض عين لِشغله بالسَّفر ، فإذا أقامها جماعة في السفر ومع وجود مَشقّة السَّفَر ضُوعِفت له على الإقامة ، فكانت بِخَمْسِين ، وإن كان المراد به فعلها منفردا ، فَلِمَا وَرَد أن " مَن أذّن في فلاة وأقام وصَلى صَلَّى معه صَفّ مِن الملائكة لا يُرى طرفاهم " ، فَضُوعِفَت صلاته لأفضلية الملائكة الذين صَلَّوا معه . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



رد مع اقتباس