عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي ما الدليل على استثناء الشرك الأصغر من الآيات والأحاديث التي يُذكَر فيها الشِّرْك ؟
قديم بتاريخ : 01-11-2016 الساعة : 12:13 AM


فضيلة الشيخ
يقول تعالى :" إن الله لا يغفر أن يشرك به .."
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً"
قال العلماء رحمهم الله إن المراد بالشرك هنا الأكبر دون الأصغر
وسؤالي: ما الدليل على استثناء الشرك الأصغر مما سبق ، وكما هو معلوم بأن الفعل المضارع ( يشرك ) منسبك من زمن ومصدر ، والمصدر نكرة ، والقاعدة بأن النكرة تفيد العموم، وأيضاً القاعدة في الأصول بأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم.
فما الجواب بارك الله فيكم



الجواب :

وبارك الله فيك .

في المسألة خِلاف ، وذلك لأن لفظ " شيئا " في الحديث نَكِرَة في سِيَاقِ الشَّرْطِ تَعُمُّ ، كَالنَّفْيِ .
وما في معنى هذا الحديث .

وفي المسألة قولان :
القول الأول : أن الحديث يَعُمّ كل شِرْك ، الأصغر والأكبر .
وأصحاب هذا القول يَجعلون للشرك الأصغر حُكم الشرك الأكبر في عدم المغفرة .

والقول الثاني : أن المراد بالشرك في الآية وفي الأحاديث هو الشرك الأكبر ؛ لأدلّة منها :
1 – أن النبي صلى الله عليه وسلم فَسّر قوله تعالى : (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) بالشرك ، ففي الصحيحين أنه لَمَّا نَزَل قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّنَا لا يَظْلِمُ نَفْسَهُ ؟ قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ : (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ؟
2 - أن إطلاق الشرك في عُرف الشارع يُراد به الشرك الأكبر ، وهو ما يُقابِل التوحيد .
3 – أن الشرك الأكبر هو الذي يُحبِط العَمل ، وكذلك الرِّدَّة . لقوله تعالى : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، ولقوله عزّ وَجَلّ : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
فيبقى الشرك الأصغر تحت المشيئة ؛ لأن الشرك الأصغر يُحبِط ما داخله مِن العَمَل إن لم يُدافَع .
4 – أن الشرك الأصغر لا يُخرِج مِن الإسلام .
وفي حديث عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: " بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلاَ تَسْرِقُوا ، وَلاَ تَزْنُوا ، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ . فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ . رواه البخاري ومسلم .

قال النووي : فِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد :
مِنْهَا : الدَّلالَة لِمَذْهَبِ أَهْل الْحَقّ أَنَّ الْمَعَاصِي غَيْر الْكُفْر لا يَقْطَع لِصَاحِبِهَا بِالنَّارِ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا ، بَلْ هُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّه تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ خِلافًا لِلْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَة . اهـ .

وقال ابن حجر : قال النووي : عموم هذا الحديث مخصوص بقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ، فالْمُرْتَدّ إذا قُتِل على ارتداده لا يكون القَتل له كفارة . قلت وهذا بناء على أن قوله : " مِن ذلك شيئا " يتناول جميع ما ذُكِر ، وهو ظاهر . وقد قيل : يُحْتَمَل أن يكون المراد ما ذُكِر بعد الشرك بِقَرِينة أن المخاطَب بذلك المسلمون ، فلا يدخل حتى يحتاج إلى إخراجه ... فالصواب ما قال النووي . وقال الطيبي : الْحَقّ أن المراد بالشرك الشرك الأصغر ، وهو الرياء ، ويدل عليه تنكير " شيئا " ، أي : شِرْكًا أيًّا ما كان . وتُعُقِّب بأن عُرف الشارع إذا أَطْلق الشرك أنما يُريد به ما يُقابل التوحيد . اهـ .

ولا شك أن هذا الخلاف دالّ على أن الشِّرك الأصغر عظيم وخطير ، وأنه أكبر مِن كبائر الذنوب ، وأن على صاحبه أن يتوب إلى الله .
قال شيخنا العثيمين : والرياء خُلُق ذَميم ، وهو مِن صفات المنافقين ، قال تعالى : (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) . اهـ .

وسبق :
أخاف جدا مِن الرياء وأخاف أن أكون أول مَن تُسَعَّر بهم النار
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13515


والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


رد مع اقتباس