عرض مشاركة واحدة

*المتفائله*

مشرفة عامة


رقم العضوية : 17
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 706
بمعدل : 0.14 يوميا

*المتفائله* غير متواجد حالياً عرض البوم صور *المتفائله*


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
Lightbulb كيف نرد السلام على الكافر الذي يسلم علينا بالصيغة الشرعية
قديم بتاريخ : 26-03-2010 الساعة : 05:35 AM


شيخنا الفاضل
الموضوع مهم بالفعل ويثير الجدل
في حياتنا اليومية قد نضطر إلى معايشة أجانب غير مسلمين ونلتقي بهم طوال اليوم
وأننا نلاحظ إصرارهم على بدء السلام بصيغة السلام الإسلامي مع أنهم قد لا يتقنون إلا كلمات قليلة من العربية
فكيف لنا أن نتجنب سلامهم ؟ أو نغير صيغة السلام الأصلي؟
وحتى لو فعلنا ذلك قد نحسسهم بتعالينا عليهم أو نضع حواجز بيننا مع أن الإسلام ديانة سمحة ودين تعايش الثقافات .
أرجو أن لا أكون قد أطلت وأن أكون وفقت في طرح سؤالي
ننتظر من حضرتك أن تفيدنا في هذا الشأن
وجازاك الله خيرا عنا وأنار طريقنا وطريقك




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاك الله خيرا .

أولاً : إذا كان الكافِر هو من بَدَأ بالسَّلام ، فهذا خِلاف ما إذا بدأه الْمُسْلِم بالسَّلام .

فلا يَجوز للمسلم أن يَبْدأ الكَافِر بالسَّلام الشَّرْعي المعروف ، لِقوله عليه الصلاة والسلام : لا تَبْدَءُوا الْيَهُود وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ . رواه مسلم .

قال النووي : الصَّوَاب تَحْرِيم اِبْتِدَائِهِمْ . اهـ .

وذلك لأنَّ السلام تكريم ، والكافِر لا يستحقّ التَّكريم .

ويُمكِن أن يُسلَّم على الكافر بِمِثْل مَا سَلَّم به النبي صلى الله عليه وسلم : " السَّلام على مَن اتَّبَع الْهُدَى"

أو كَما جاء عن بعض السلف أن يُسلِّم الإنسان ويقصد نفسه بالسلام .

روى البخاري في الأدب الْمُفْرَد عن عقبة بن عامر الجهني ، أنه مَرَّ بِرَجُل هَيئته هَيئة مُسْلم ، فَسَلَّم ، فَرَدَّ عليه : وعليك ورحمة الله وبركاته ، فقال له الغُلام : إنه نصراني ، فَقام عُقبة فَتَبِعَه حتى أدْرَكَه ، فقال : إنَّ رحمة الله وبركاته على المؤمنين ، لكن أطال الله حَياتك ، وأكْثَر مَالك وولدك .

ثانيا : اخْتُلِف فيما إذا بدأ الكافر بالسلام . كيف يُرَدّ عليه ؟

مِن أهل العلم من قال : يُرَدّ عليه بـ ( وعليكم ) .

ومن أهل العِلم من يقول : يُرَدّ عليه بِمِثْل ما سَلَّم .

فلو سلّم الكافر فقال : السلام عليكم ، فإننا نَرُدّ عليه بـ وعليكم السَّلام .

قال ابن عباس رضي الله عنهما قال : رُدُّوا السَّلام على مَن كان يَهوديا ، أوْ نصرانيا ، أوْ مَجُوسيا ، ذلك بأنَّ الله يَقول : (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) . رواه البخاري في الأدب الْمُفْرَد .

ثالثا : قولك – وفّقك الله – : (لو فعلنا ذلك قد نحسسهم بتعالينا عليهم)

أقول : هذا أمْـرٌ مَطْلُوب !

كيف ؟

العِزَّة لله ولرسوله وللمؤمنين .

فالمؤمن يَعْتَزّ بِدِينه ، ويَعْلُو بإيمانه .

ومِِمَّا جاءت به الشَّرِيعة إهانة الكافر لِكُفْرِه ؛ لِيَشْعُر أنّ الكُفْر مذَلّة وخِزي في الدنيا وفي الآخرة .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لا تَبْدَؤوا اليهود ولا النصارى بالسَّلام ، فإذا لَقِيتم أحَدهم في طَريق فاضْطَرًّوه إلى أضْيَقِه . رواه مسلم .

ومِن هذا الباب ما كان فَرضَه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكُفَّار من التميُّز عن المسلمين ، وعَدم إظْهار الدِّين ، وذلك ليشعر الكافر – ِذمِّـيًّا كان أو غيره – أن الكُفْر مذَلَّـة ، فيحمله ذلك على طَلَب العِزَّة فيُسْلِم .

وعُرِفتْ شُرُط عمر رضي الله عنه على أهل لذِّمَّـة بالشُّرُوط العُمَرِيَّـة .

وقد أفاض ابن القيم رحمه الله في شرحها في كِتاب " أحكام أهل الذِّمَّـة " .

وكان مِن جُملة تلك الشروط التي أقَرُّوا بِها :

" وأن نَلْزَم زِيِّـنَا حيثما كُـنَّا ، وألاَّ نَتَشَبَّه بِالمسلمين في لِبس قُلنسوة ولا عِمامة ولا نَعلين ولا فَرْق شَعْر ، ولا في مَراكبهم ، ولا نَتَكَلَّم بِكَلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، وأن نَجِزَّ مَقَادِم رُؤوسنا ولا نَفْرِق نَوَاصِينا ، ونَشُدّ الزَّنَانِير على أوْسَاطِنا ، ولا نَنْقُش خَوَاتِمَنا بِالعربية ، ولا نركب السُّرُوج ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نَحْمِله ، ولا نَتَقَلَّد السُّيوف .. "

وأما أنَّ (الإسلام ديانة سمحة ودين تعايش الثقافات) فهذا صحيح ، لكنه ليس دِين مذَلَّـة وخُنُوع وخضوع لِغير الله .

ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه : خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لا تَكْلِمَنَّهُ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


رد مع اقتباس