عرض مشاركة واحدة

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
افتراضي ما الراجح في تعزية الكافر، وما قوة هذه العلة التي يحتج بها المعزِّي ؟
قديم بتاريخ : 03-11-2015 الساعة : 10:26 PM


السؤال
فضيلة الشيخ عبد الرحمن حفظه الله

الذي أعلمه أنه لايجوز تعزية الكافر ، ولكني كنت أقرأ منذ أيام كتاب تحفة الحبيب شرح نظم غاية التقريب في المذهب الشافعي فقال المصنف :
"وتعزية الكافر بالكافر غير مندوبة بل جائزة ، وصيغتها : أخلف الله عليك ولا نقص عددك ، لأن ذلك ينفعنا في الدنيا بكثرة الجزية وفي الآخرة بالغداء من النار "

فما رأي فضيلتكم بهذا القول وهل له دليل شرعي وما هو الراجح ؟!

أفتونا مأجورين ...
وجزيتم خيراً



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا وحفِظك .

لا تجوز تعزية الكافر إلاّ لِمصلحة .
والتعزية يُراد بها الإكرام والتسلية ، والكافر ليس أهلا لذلك .
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أبي كان يَصِل الرَّحِم ، وكان ، وكان .. فأين هو ؟ قال : في النار .
قال فكأنه وَجَدَ من ذلك ، فقال : يا رسول الله فأين أبوك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حيثما مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِك فبشِّره بالنار .
فأسلم الأعرابي بعد ، وقال : لقد كَلّفَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعباً ! ما مَرَرْتُ بِقَبْرِ كافرٍ إلاَّ بَشَّرْته بالنار . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .

والأصل أن التعزية للمُسلِم تسلية له ، وتخفيفا لِمُصابِه ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ما مِن مُؤمِن يُعَزِّي أخاه بِمُصِيبة إلاَّ كَسَاه الله سبحانه مِن حُلل الكرامة يوم القيامة . رواه عبدُ بن حُميد وابن ماجه والطبراني في " الأوسط " والبيهقي . وحسّنه الألباني .
وفي الحديث الآخر : مَن عَزّى أخاه المؤمن في مُصِيبَتِه كَسَاه الله حُلّة خَضراء يُحْبَر بها يوم القيامة . قيل : يا رسول الله ، ما يُحْبَر؟ قال: يُغْبَط . رواه البيهقي في " شُعَب الإيمان " .
وقال الألباني : أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ... وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعا .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ، وهو حديث حسن بمجموع الطريقين . اهـ .


وقد سُئل علماؤنا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة :
هل يجوز للمسلم أن يُعَزِّي الكافر إذا كان أباه أو أمه ، أو مِن أقاربه ، إذا كان يخاف إذا مات ولم يذهب إليهم أن يُؤذوه ، أو يكون سببا لإبعادهم عن الإسلام أم لا ؟
فأجابوا : إذا كان قَصده مِن التعزية أن يُرغبهم في الإسلام فإنه يجوز ذلك ، وهذا من مقاصد الشريعة ، وهكذا إذا كان في ذلك دفع أذاهم عنه ، أو عن المسلمين ؛ لأن المصالح العامة الإسلامية تُغْتَفر فيها المضار الجزئية .

وقال شيخنا العثيمين رحمه الله بالتفصيل : تعزية الكافر إذا مات له مَن يُعَزَّى به من قريب أو صديق . في هذا خلاف بين العلماء ؛ فمن العلماء مَن قال : إن تعزيتهم حرام ، ومنهم مَن قال : إنها جائزة . ومنهم مَن فَصَّل في ذلك ، فقال : إن كان في ذلك مصلحة ، كَرَجَاء إسلامهم، وكَفّ شَرّهم الذي لا يُمْكِن إلاَّ بِتَعزيتهم ، فهو جائز وإلا كان حرامًا .
والراجح : أنه إن كان يُفْهَم مِن تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حرامًا ، وإلاَّ فينظر في المصلحة . اهـ .

وما قيل مِن عِلّة التعزية في القول الذي نقلته في السؤال فيه إشكال .
قال النووي : وهو مُشْكِل ؛ لأنه دعاء بِبَقَاء الكافر ودَوام كُفْره ؛ فالمختار تَرْكُه . اهـ .


والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية



رد مع اقتباس