|
رحمه الله وغفر الله له
|
|
|
|
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
|
|
|
|
|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
ما معنى حديث: الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار ؟
بتاريخ : 01-10-2016 الساعة : 10:15 PM
ما معنى حديث : الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ وبارك الله في جهودكم وجعلها في ميزان حسناتكم
ما معنى هذا الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء مِن الجفاء ، والجفاء في النار ؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
معناه : أن الحياء شُعبة مِن الإيمان ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : الحياء شعبة من الإيمان . رواه البخاري ومسلم .
ولأن الحياء لا يأتي إلاّ بِخير ؛ فقد مَرّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهُ ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : مَرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رَجُل وهو يُعَاتِب أخَاه في الْحَياء يقول : إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضَرّ بِك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دَعْه ، فإن الحياء من الإيمان .
قال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ .
وما كان مِن خِصال الإيمان ، وكان علامة على الإيمان ؛ فإنه يَقود صاحبه إلى الجنة ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : والإيمان في الجنة .
قال ابن الأثير : " الحياء مِن الإيمان " جَعل الحياء ، وهو غريزة ، من الإيمان ، وهو اكتساب ؛ لأن المستحيي ينقطع بِحيائه عن المعاصي ، وإن لم تكن له تَقيّة ، فصار كالإيمان الذي يَقطَع بينها وبينه ، وإنما جَعله بعضه لأن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به ، وانتهاء عمّا نَهَى الله عنه ؛ فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان . اهـ .
وقال الطِّيبِي : قوله : " والإيمان في الجنة " جَعَل أهل الإيمان عَيْن الإيمان ، دلالة على أنهم تَمَحَّضُوا منه ، وتَمَكّنوا مِن بعض شُعَبه الذي هو أعلى فَرْع منه ، كما جُعل الإيمان مَقَرًّا ومُبَوّأ لأهله في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) لتَمَكّنهم مِن الإيمان واستقامتهم عليه . اهـ .
ولأن الحياء يَحجُز عن كل فعل قبيح ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن مما أدرك الناس مِن كلام النبوة الأولى : إذا لم تَستح فاصنع ما شِئت . رواه البخاري .
قال ابن الأثير : فيه إشعار بأن الذي يردع الإنسان عن مُواقعة السوء هو الحياء ، فإذا انْخَلَع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة ، وتَعاطي كل سيئة . اهـ .
وقال ابن دقيق العيد : قوله صلى الله عليه وسلم : " الحياء من الإيمان" معناه : أنه لَمّا كان يمنع صاحبه مِن الفواحش ، ويَحْمِل على البر والخير ، كما يمنع الإيمان صاحبه مِن ذلك ويَحْمِله على الطاعات ؛ صار بِمَنْزِلة الإيمان ، لِمُسَاواتِه له في ذلك . اهـ .
وعكس ذلك : البَذاء الذي هو مِن الْجَفاء .
قال ابن الأثير : البَذاء بِالْمَدّ : الفُحش في القَول . وفلان بَذيّ اللسان .
وقال : والجفاء : ترك الصِّلة والبِرّ . اهـ .
وقال المناوي : أي : الطرد والإعراض ، وترك الصِّلة والبِرّ . اهـ .
وقال القاضي عياض : وفي حديث المتعة : " إنّك لَجِلْفٌ جَافٍ " هما بمعنى ، كَرّر اللفظ للتأكيد ، أي : مُتباعِد عن الصِّلَة ، وفَعل الجميل ، ورِقّة الطَّبْع . اهـ .
وقال النووي : والجافي هو الغليظ الطبع ، القليل الفَهم والعلم والأدب ؛ لِبُعْدِه عن أهل ذلك . اهـ .
وقال الملاّ علي قارئ : والبذاء : بِفتح الباء ، خِلاف الحياء ، والناشئ منه الفحش في القول ، والسوء في الخلق . " مِن الجفاء " : وهو خلاف البِرّ الصادر منه الوفاء . " والجفاء " أي : أهله التارِكُون للوفاء ، الثابتون على غَلاظة الطبع ، وقساوة القلب . " في النار " : إمّا مُدّة ، أو أبدا ؛ لأنه في مُقابل الإيمان الكامل ، أو مُطْلَقه ؛ فَصَاحِبه إمّا مِن أهل الكُفْران ، أو الكُفْر . اهـ .
فالفُحش في القَول ، وترك الصِّلة والبِرّ ؛ مِن القسوة والغِلْظَة ، وهذه تقود صاحبها إلى النار – نسأل الله السلامة والعافية - ، ولذا كان " الجفاء والغِلْظَة في النار " ، أي : صاحب الجفاء والملازِم له ؛ لا يُعطي مِسكينا , ولا يَعطِف على فقير ، ولا يَرحم صغيرا ، ولا يُوقِّر كبيرا ، ولا يَصِل قريبا ، ولا يَعرف لذي حقّ حقّه .
والله عزَّ وجَلّ لا يُحب الفاحش ولا بَذِيء اللسان .
وما اختار الله عزَّ وجَلّ لِنبِيِّه صلى الله عليه وسلم إلاّ أكمل الأخلاق وأفضلها وأعلاها .
قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : لم يَكُن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحِشا ولا مُتَفَحِّشا . رواه البخاري ومسلم .
وروى البخاري مِن طريق عطاء بن يسار قال : لَقيت عبدَ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قلت : أخبرني عن صِفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صِفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحِرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سَمّيتُك المتوكل ، ليس بِفَظّ ولا غَليظ ، ولا سَخّاب في الأسواق ، ولا يَدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر .
ولذا : كان أقرب الناس إلى صاحب الْخُلُق العظيم ، أصحاب الأخلاق الْحَسَنَة .
قال عليه الصلاة والسلام : إن مِن أحَبّكم إليّ وأقربكم مِنِّي مَجْلِسًا يوم القيامة أحَاسِنكم أخلاقا . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
وإنما تُمْدَح الأخلاق الفاضلة ، وتُذمّ الأخلاق المرذولة ؛ لِيَتخلّق المسلم بِكُلّ خُلُق فاضل ، ويتجنّب كل خُلُق مرذول .
قال ابن القيم : وهو سبحانه وتعالى رَحيم يُحب الرحماء، وإنما يَرْحَم مِن عباده الرحماء، وهو سِتِّير يُحب مَن يَستر على عباده ، وعَفوّ يُحِبّ مَن يعفو عنهم ، وغفور يُحِبّ مَن يَغفر لهم ، ولطيف يحب اللطيف من عباده ، ويُبغض الفظّ الغليظ القاسِي الجعظري الجوَّاظ ، ورفيق يحب الرفق ، وحليم يُحب الْحِلم ، وبَرٌّ يُحِب البِرّ وأهْله ، وعَدْل يُحِب العدل ، وقابل المعاذير يُحب مَن يَقبل معاذير عباده ، ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجودا وعدما ؛ فمَن عَفا عَفا عنه ، ومَن غَفَر غَفَر له ، ومَن سامَح سامَحه ، ومن حاقَق حاقَقَه، ومَن رَفَق بعباده رَفَق به ، ومَن رَحِم خلقه رَحِمه ، ومَن أحسن إليهم أحسن إليه ، ومَن جَاد عليهم جَاد عليه ، ومن نفعهم نفعه ، ومَن سَترهم سَتره ، ومَن صَفَح عنهم صَفَح عنه ، ومَن تَتَبَّع عورتهم تَتَبَّع عورته ، ومَن هَتَكَهم هَتكه وفَضَحَه ، ومَن مَنعهم خيره منعه خيره ، ومن شاق شاقّ الله تعالى به ، ومَن مَكَر مَكَر بِه ، ومَن خادَع خَادَعَه ، ومَن عامَل خَلْقَه بِصِفة عامَلَه الله تعالى بتلك الصفة بِعَيْنِها في الدنيا والآخرة .
فالله تعالى لعبده على حَسب ما يكون العبد لِخَلْقِه . اهـ .
ويَتّفِق العقلاء على أن خِصال الخير والبِرّ والصِّلَة والرحمة بالْخَلْق : مِن أعظم أسباب النجاة في الدنيا قبل الآخرة ، ولذا اسْتَدَلّت خديجة رضي الله عنها بِجَمِيل خِصال النبي صلى الله عليه وسلم على أن الله لا يُخْزِيه ، فهدّأت رَوعه بِقولها : كلا . أبشِر ، فو الله لا يُخْزِيك الله أبدا ، والله إنك لَتَصِل الرَّحم ، وتَصْدق الحديث ، وتَحمل الكّلّ ، وتَكْسِب المعدوم ، وتُقْري الضيف ، وتُعين على نوائب الحق . رواه البخاري ومسلم .
وسبق الجواب عن :
كلمة عن صِفة الحياء ومعناها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11992
ما معنى قوله تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14614
ما حكم تساهل المرأة في فُحش الكلام ؟ وما هي صفات المسلمة التقيّة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18454
ومقالات بعنوان :
تَمْـشِي عَلَى استِحيَـاء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6402
الآداب مع جناب الوهاب
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9250
ظاهرة الفُحش والتفحّش ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7660
لكن قلبك في القساوة جازَ حدّ الصخر والحصباء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7861
والله تعالى أعلم .
محرم 1437 هـ
|
|
|
|
|