[رولينا]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما معنى الخلوة بالنفس ؟ ومتى تكون ؟ وهل لائق أن نختلي بأنفسنا في مكان كالجامعة مثلا مع العلم أن هناك صديقات صالحات يمكنني الجلوس معهم ؟ وهل من اللائق إذا طلبت إحدى صديقاتي الجلوس معي فأردها لأجل الخلوة مع النفس ولأن حديث الناس في الأغلب لا فائدة فيه وإذا فعلت ذلك أشعر بأن الناس بالفعل يتضايقون من ردي لهم ذلك لأني أنا أتضايق إذا فُعل بي ذلك


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قال ابن القيم :
وذَكَر الإمام أحمد عن وهب قال : مكتوب في حكمة آل داود : حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات : ساعة يناجى فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يُخبرونه بِعيوبه ويصدقونه عن نفسه ، وساعة يُخلي فيها بين نفسه وبين لذّاتها فيما يَحِلّ ويجمل ، فإن في هذه الساعة عَونًا على تلك الساعات ، وإجماماً للقلوب" . اهـ .

وقال المبرد في " الكامل " : ومِن قول لقمان لابنه : يا بنيّ لعاقل أن يُخْلِي نفسه من أربعة أوقات : فَوَقْت منها يُناجي فيه ربّه ، وقت يُحاسب فيه نفسه ، ووقت يَكسب فيه لمعاشه ، ووقت يُخِْلي فيه بين نفسه وبين لذّاتها ، ليستعين بذلك على سائر الأوقات .

والخلوة بالنفس لا تكون دائمة ، بل تكون في وقت دون وقت ، والنفس تَمَلّ لو دامت على وتيرة واحدة ، فلا يكون الوقت كله في اللهو واللعب والعبث ، ولا يكون كله في الْجِدّ ؛ لأن الأول إضاعة للعُمر ، والثاني مَدْعَاة للملل .

وإذا حافظ الإنسان على وقته غَنِم وفاز بِخيري الدنيا والآخرة ، ووجد أثر ذلك في عبادته ومعاملته وعَمَله .

ولا بُدّ للإنسان مِن مُخالطة الناس ، والجلوس معهم ، والْتِقَاط أطايب حديثهم ، كما يُلتَقط أطايب الثمر ، كما قال عمر رضي الله عنه .
أما إذا لم يكن إلاّ قيل وقال والغيبة وأكل لحوم الغافلين والغافلات ، فالوحدة حينئذ خير مِن جليس السوء .

والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد