[راجية العفو]

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ حفظكم الله
أغلب الأحيان عندما نطلق صقورنا المعلمة على صيد ما مثل (حباري , كروان , أرنب) لا ندرك تذكية المصيد أو الطريدة (نجدها بعد أن فارقت الحياة) وبعض الأحيان نجد الصقر أكل جزء منها
هل يحل لنا أكل ما صاد الصقر وإن لم ندرك تذكيته ؟
طبعا هذا الموضوع نتناقش به دائما وهو محل خلاف بين أكثر الصقاقير فبعضنا يقول يحل لأننا نذكر اسم الله عند إطلاق الصقر وبعضنا يقول لا يحل إذا لم ندرك التذكية لأن تذكية الصقر غير جائزة




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحفظك الله ورعاك .

إذا أطلق الصقّار صَقْره للصيد فَصَاد فيجوز أكل ما صَاده الصقر ، وإن أكَل منه .
ففي الصحيحين من حديث عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ ، وَإِنْ أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ .
وفي رواية لمسلم قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى أُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَىَّ وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ . قُلْتُ : وَإِنْ قَتَلْنَ ؟ قَالَ : وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا .

وروى الإمام مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول في الكلب الْمُعَلَّم : كُل ما أمْسَك عليك ، إن قَتَل وإن لم يَقْتُل .

قال الباجي : وَقَوْلُهُ : " وَإِنْ قَتَلَ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ " فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ ؛ لأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَكَاةٌ إِذَا أَخَذَهُ الأَخْذَ الْمُعْتَادَ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ صَاحِبِهِ ...
" وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ " مَعْنَى ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقْتُلْ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكَّيْتُهُ لأَنَّ ذَكَاةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ هِيَ الذَّكَاةُ الْمَعْهُودَةُ ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَكَاتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْكَلْبُ سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ ؛ لأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ذَكَاتُهُ ..
وقال : وَقَوْلُهُ : " وَإِنْ أَكَلَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ " هُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَذَلِكَ إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَتْلِهِ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ ذَكَاةٌ ، قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ : فَلا يَضُرُّ مَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِ ، كَمَا لا يَضُرُّ الذَّبِيحَةُ مَا طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَمَامِ ذَكَاتِهَا . اهـ .

وقال القرطبي في تفسيره : أعلم أنه لا بُدّ للصائد أن يقصد عند الإرسال التذكية والإباحة ، وهذا لا يُخْتَلَف فيه ؛ لقوله عليه السلام : " إذا أرْسَلْت كَلْبك وذَكَرْت اسم الله عليه فَكُل " ، وهذا يقتضي النية والتسمية . اهـ .

أما إذا صَدَم الصقر الصيد ، فمات مِن جرّاء ذلك ، فلا يؤكَل الصيد حينئذ .

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد