![]() |
ما هو الراجح في مسألة دم الاستحاضة هل هو نجس أم لا؟
السلام عليكم فضيلة الشيخ ما هو الراجح في مسألة دم الاستحاضة هل هو نجس أم لا؟
و هل خروجه ينقض الوضوء؟ ولو بالاختصار بارك الله في علمكم و جهدكم |
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبارك الله فيك . فَرّق العلماء بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة . قال النووي : قال الأزهري والهروي وغيرهما مِن الأئمة : الحيض : جَرَيان دم المرأة في أوقات معلومة يُرخيه رَحم المرأة بعد بلوغها . والاستحاضة جَرَيان الدم في غير أوَانِه . قالوا : ودم الحيض يَخرج مِن قَعر الرَّحم . ودم الاستحاضة يَسيل مِن العاذِل - بالعين المهملة وكسر الذال المعجمة - وهو عِرق فَمُه الذي يَسيل منه في أدنى الرَّحم دون قَعره . اهـ . وقد اخْتَلَف العلماء : هل دم الاستحاضة نَجِس أوْ لا ؟ قال الكاساني : وأما أنواع الأنجاس فمنها ما ذَكره الكرخي في مختصره : أن كل ما يَخرج مِن بَدن الإنسان مما يَجب بخروجه الوضوء أو الغُسل فهو نجس : مِن البول والغائط والوَدي والمذي والمني ، ودم الحيض والنفاس والاستحاضة والدم السائل مِن الجرح والصديد ، والقيء مِلء الفم . اهـ . والصحيح : أنه ليس بِنجس ؛ لأنه مما ابْتُلِيَت به عدد مِن النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمُرهنّ بِغَسل ما يُصيب الثياب مِن دم الاستحاضة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وقد أمَرَهنُ ّ بالوضوء مِن دم الاستحاضة ولم يأمُرهنّ بِغَسل ما يُصيب الثياب منه ، كما أمَرَهنّ بِغَسل ما يُصيب الثياب مِن دم الحيض . فَبيَّن حُكم دم الحيض ، وسَكَت عن حُكم دم الاستحاضة فيما لو أصاب الثياب ؛ فعُلِم أنه مما عُفِي عنه . وخروج دم الاستحاضة ينقض الوضوء في قول عامّة أهل العلم ؛ لِقوله عليه الصلاة والسلام للمُستحاضَة : تَوَضّئي لِكُلّ صلاة . رواه البخاري . وفي رواية أبي داود : ثمَّ اغتَسِلي ، ثمَّ تَوَضَّئي لكُلِّ صلاةٍ ، وصَلِّي . قال الخرقي : والذي ينقض الطهارة ما خَرج مِن قبل أو دبر وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما ... قال ابن قدامة : وجُملة ذلك : أن الخارج من السبيلين على ضَربين : مُعتاد ، كَالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح ؛ فهذا ينقض الوضوء إجماعا . قال ابن المنذر : أجمع أهل العِلم على أن خروج الغائط مِن الدُّبر وخروج البول مِن ذَكر الرجل وقُبل المرأة وخروج المذي ، وخروج الريح مِن الدُّبر أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة ، ويوجب الوضوء . ودم الاستحاضة ينقض الطهارة في قول عامة أهل العلم إلاّ في قول ربيعة . اهـ . ثم اخْتَلَفوا : هل تتوضأ المستحاضة ومَن حَدَثه دائم لكل صلاة ، أو تُصلّي ما لم تُحدِث ؟ قال النووي : مَذهبنا أن المستحاضَة لا تُصلي بِطهارة واحدة أكثر مِن فريضة واحدة مُؤدّاة كانت أو مَقْضِيّة ، وتستبيح معها ما شاءت مِن النوافل قَبْل الفريضة وبعدها ... وحُكي مثل مذهبنا عن عروة بن الزبير وسفيان الثوري وأحمد وأبي ثور . وقال أبوحنيفة : طهارتها مُقَدَّرة بِالوَقت ؛ فتُصلّي في الوقت بطهارتها الواحدة ما شاءت مِن الفرائض الفائتة . وقال ربيعة ومالك وداود : دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء ، فإذا تطهرت فلها أن تُصلّي بِطهارتها ما شاءت مِن الفرائض إلى أن تُحدِث بِغير الاستحاضة . والله أعلم . قال أصحابنا : ولا يَصحّ وضوء المستحاضة لفريضة قبل دخول وَقتها . وقال أبوحنيفة : يجوز . ودليلنا أنها طهارة ضرورة ، فلا تجوز قَبل وَقت الحاجة . اهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الواجب عليها أن تتوضأ عند كل صلاة مِن الصلوات الْخَمس عند الجمهور ؛ كأبي حنيفة والشافعي وأحمد . وأما مالِك فعنده ليس عليها وضوء ولا غُسل ، فإن دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء عنده ؛ لا هو ولا غيره مِن النادرات . وقد احتج الأكثرون بما في الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضَة أن تتوضأ لكل صلاة . اهـ . وقال ابن رجب : وقد رُوي الأمر للمُستحَاضة بالوضوء لكل صلاة عن جماعة من الصحابة ، منهم : علي ، ومعاذ ، وابن عباس ، وعائشة ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وعروة ، وأبي جعفر ، ومذهب أكثر العلماء ؛ كالثوري ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وغيرهم . لكن منهم مَن يُوجِب عليها الوضوء لِكل فريضة ؛ كَالشافعي . ومنهم مَن يَرى أنها تتوضأ لِوقت كل صلاة ، وتُصلي بها ما شاءت مِن فرائض ونوافل حتى يَخرج الوَقت ، وهو قول أبي حنيفة ، والمشهور عن أحمد ، وهو أيضا قول الأوزاعي والليث وإسحاق . وقد سبق ذِكر قَول مَن لم يُوجِب الوضوء بالكُلّية لأجل دم الاستحاضة ، كَمَالِك وغيره . وهكذا الاختلاف في كل مَن به حَدَث دائم لا يَنقطع ، كَمَن به رعاف دائم ، أو سَلس البَول ، أو الرّيح ، ونحو ذلك . وعن مالِك رواية بِوُجوب الوضوء ، كَقَول الجمهور . اهـ . قال ابن حجر عن المستحاضة : لا تُصَلي بذلك الوضوء أكثر مِن فريضة واحدة مُؤدّاة أو مَقْضِيَّه ، لِظاهر قوله : " ثم تَوضّئي لكل صلاة " ، وبهذا قال الجمهور . اهـ . وقال الصنعاني عن المستحاضة : مَتَى حَصَلَ ظَنُّ زَوَالِ الْحَيْضِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ ، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ ، أَوْ تَجْمَعُ جَمْعًا صُورِيًّا . اهـ . ودم الاستحاضة حُكمه حُكم رُطوبة فَرْج المرأة : وهي طاهِرة عند جمهور أهل العلم ، وناقضة للوضوء . ولا تلازُم بين كونِه ناقِضا للوضوء ، وبين كونه نَجِسًا ؛ فإن خُروج الرِّيح مِن الدُّبر تنقض ، وهي طاهرة بالاتفاق ، وخُروج المني ينقض الوضوء ويُوجِب الغُسل ، وهو طاهر في قول عامة أهل العِلْم . واخْتَلَفوا في وطء الزوج لِزوجته المستحَاضَة . قال ابن عبد البر عن دم الاستحَاضَة : حُكمه أن تكون المرأة فيه طاهرا لا يَمنعها من صلاة ولا صوم بإجماع من العلماء واتفاق مِن الآثار المرفوعة إذا كان مَعلوما أنه دم العِرق لا دم الحيض . وأما وطء الزوج أو السيد للمرأة هذه حالها فمُختَلف فيه مِن أهل العلم : جماعة قالوا : لا سبيل لزوجها إلى وطئها ما دامت تلك حالها ... واختُلِف فيه عن الحسن ، وروي عن عائشة في المستحاضة أنه لا يأتيها زوجها ، وبه قال ابن عُلَيَّة . وذُكِر عن شَريك عن منصور عن إبراهيم قال : المستحاضة تصوم وتصلي ولا يأتيها زوجها ... وقال جمهور العلماء : المستحاضة تصوم وتصلي وتطوف وتقرأ ، ويأتيها زوجها . وكان أحمد بن حنبل يقول : أحب إلِيّ ألاّ يطأها إلاّ أن يَطول ذلك بها . وقال ابن وهب وقال مالك أمر أهل الفقه والعلم على ذلك وإن كان دمها كثيرا وقال مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك عِرق وليس بالحيضة ". فإذا لم تكن حَيضة فما يَمنعه أن يُصيبها وهي تُصلِّي وتصوم ؟! قال ابن عبد البر : حُكْم الله عز وجل في دم المستحاضة بأنه لا يَمنع الصلاة وتُعبِّد فيه بعبادة غير عبادة الحائض ، أوْجَب ألاّ يُحكَم له بشيء مِن حُكم الحيض إلاّ فيما أجْمَعوا عليه مِن غَسْله كَسَائر الدماء . اهـ . وقال الصنعاني : للمستحاضة أحكام خمسة ، منها : جواز وَطئها في حال جَريان دم الاستحاضة عند جماهير العلماء ؛ لأنها كالطاهر في الصلاة والصوم وغيرهما ، وكذا في الجماع ، ولأنه لا يَحرم إلاّ عن دليل ، ولم يأت دليل بتحريم جماعها . قال " ابن عباس : " المستحاضة يأتيها زوجها إذا صَلَّت ، الصلاة أعظم " يُريد إذا جازت لها الصلاة ودمها جارٍ ، وهي أعظم ما يُشترط له الطهارة جاز جَماعها . ومنها : أنها تؤمر بالاحتياط في طهارة الحدث والنجس ... ومنها: أنه ليس لها الوضوء قبل دخول وقت الصلاة عند الجمهور ، إذْ طهارتها ضرورية ، فليس لها تقديمها قبل وقت الحاجة . اهـ . وسبق : سؤال على استحياء يخص النساء http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=236 شرح الحديث الـ 43 في الاستحاضة http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6822 شرح الحديث الـ 44 في الاستحاضة http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6823 رجل كبير مُصاب بالْخَرَف ويلبس حفّاظات تمنع النجاسة ، فهل يجوز له دخول الحرم ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12705 هل يجوز للمستحاضة الجمع على التراخي ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=366 مُستحاضَة جَمَعَت المغرب والعشاء في عرفة ، وطافَتْ دون تجديد وضوئها http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8644 أصابها جفاف في آخِر يوم من الحيض ثم رأت نقاطا بسيطة آخر الليل ، فمتى تغتسل ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8881 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 07:39 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى